لم تفلح نداءات علماء الآثار حول العالم في وقف عملية التدمير الممنهجة التي تعرضت لها آثار مدينة حلب، في ظل استباحة المواقع الأثرية في المدينة على يد تجار ومهربي الآثار الذين يستبيحون الآثار السورية، مستغلين حالة الانفلات الأمني التي تسود المدينة وسط سطوة الميليشيات المسلحة التابعة لجماعات دينية متشددة. وتظهر ما تتعرض له الآثار التي لا تقدر بثمن في المناطق الخاضعة لنفوذ جماعات دينية متشددة، حالة من العداء الشديد بين هذه الجماعات والتراث الحضاري والإنساني بصفة عامة، وهو ما جعل مسؤولين في اليونسكو يطالبون بتدخل مجلس الأمن لإنقاذ ما تبقى من آثارها. وفي إشارة لما تعرضت له المناطق الأثرية في مدينة حلب السورية من تدمير، يشير د. عمار علي حسن، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إلى أن ما قامت به هذه الجماعات من تدمير ممنهج للآثار وللتراث الإنساني في كل منطقة تسيطر عليها يعبر عن عدائها غير المحدود للحضارة والتراث الإسلامي، معتبرا أن ما تتعرض له المناطق التراثية والآثار في حلب السورية وغيرها يعد دليلا على حالة العداء بين هذه الجماعات وبين التراث الإنساني والحضارة بصفة عامة. وتمثل حلب نموذجاً للمدن الإسلامية التي توصف في الأدبيات العربية بأنها "المدينة الأنثى"، بعماراتها الإسلامية عبر العصور منذ عام 16ه حتى اليوم، مروراً بالعصر الأموي والعباسي بما فيه من فترات حمدانية وسلجوقية وزنكية وأيوبية، ثم العصر المملوكي، ثم العصر العثماني، بما تشكله تلك العمارة من وظائف متنوعة، كالقلعة والأبواب والأسواق والخانات والجوامع والكنائس والحمامات والبيمارستانات والبيوت الأثرية. ومن ناحية ثانية، قدمت حلب في تاريخها تراثاً فكرياً غنياً من خلال بلاط سيف الدولة الحمداني الذي عرف أوائل أعلام الفكر، كالفارابي والخوارزمي والمتنبي والأصفهاني، وبلاط الظاهر غازي الأيوبي، وخلال أكثر من ألفي عام كانت حلب أهم محطة تجارية على طريق الحرير الدولي وطريق كل الفعاليات الاقتصادية الأخرى. وتستعد حلب للاحتفال بكونها عاصمة الثقافة الإسلامية من خلال الندوات العلمية، والمحاضرات، والمعارض، وترميم وتأهيل المباني، والمهرجانات الفنية والمسرحية والسينمائية، وطباعة الكتب والنشرات، والنشاط الإعلامي المواكب لذلك كله. حلب في سطور أقدم مدينة مأهولة في التاريخ، عرفت الاستيطان البشري منذ الألف الحادي عشر قبل الميلاد، من خلال المساكن المكتشفة في (تل القرامل). فقد كانت حلب ملتقى الحضارات، وتعاقبت عليها الحضارات والشعوب والدول منذ الألف الرابع قبل الميلاد، فعرفت السومريين، والأكاديين، والعموريين، والبابليين، والحيثيين، والميتانيين، والآشوريين، والكلدانيين، والأخمينيين، والإغريق، والرومان، والبيزنطيين، وقد سكنتها مع جوارها القبائل العربية منذ الألف الأولى قبل الميلاد حتى إذا جاء الفتح الإسلامي كان تحريراً للبلاد من الاحتلال الأوروبي البيزنطي وإعادة التوازن الإنساني، والحضاري للسكان الأصليين. وشكلت الحضارة الإسلامية بمرونتها واتساعها أفقاً استوعب سائر الحضارات، وصاغها في شكلها الإنساني الرفيع المتسامح الداعي إلى المحبة والسلام. تقع حلب في الجزء الشمالي من سوريا، وهو الجزء الذي تتقاسم السيطرة عليه حاليا فصائل إسلامية متشددة، وتبعد حلب عن دمشق بحدود 350 كم، وتعتبر واحدة من أقدم المدن في العالم التي مازالت مأهولة، وتتميز بموقع جعلها تصبح حلقة وصل بين الطرق التجارية التي تربط الشرق بالغرب والشمال، ويعود أول ذكر لها إلى ما قبل القرن الخامس والعشرين ق. م في عهد ريموش بن سارغون الأكادي مؤسس الإمبراطورية العربية، وكانت حلب آنذاك مدينة مزدهرة قوية. وتشير أغلب المصادر إلى أن باني حلب الأول هو بلوكوش الموصلي أحد ملوك آشور، وثمة آراء أخرى تعيد بناء حلب إلى الحيثيين. وعن تسميتها تشير بعض المصادر إلى أن اسم حلب استند إلى معطيات أسطورية وأخرى أثرية، ومن هذه المعطيات الأسطورية قول الزجاجي الوارد في معجم البلدان لياقوت الحموي: "سميت حلب لأن نبي الله إبراهيم – عليه السلام – كان يحلب غنمه في الجمعات ويتصدق به، فيقول الفقراء حلب". تضم مدينة حلب تراثاً حضارياً كبيراً يعود إلى مختلف العصور الإسلامية، ويتمثل في الآثار والمساجد والمدارس والأسبلة التاريخية والقلاع، ومن أهم القلاع على الإطلاق قلعة حلب التي تعد من كبرى قلاع العالم وأقدمها، وتقع وسط المدينة القديمة، وهذه القلعة هي أضخم معلم إسلامي في المدينة، ومرت عليها اثنتا عشرة حضارة، وقد خربت أكثر من مرة وأعيد بناؤها، وهي على هذا الشكل الذي نشاهدها عليه اليوم منذ عام 1902 أيام حكم غازي بن صلاح الدين الأيوبي. وتتميز القلعة بالمدخل الرئيسي الذي يأخذ شكل منبر المسجد، وتتضمن حمامات ومساجد وأسواقاً وخزانات للمياه وقصراً للملك، وقد غادرها أهلها بعد زلزال عام 1822، ويتم الآن ترميمها بمناسبة الاحتفالية. وتم افتتاح الجامع الأموي الكبير بعد الانتهاء من ترميمه وإعادة تأهيله، بناه الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك، وهو واسع بصحنه ومصلاه، وفيه ثلاثة أروقة محمولة على دعائم حجرية ضخمة، ويضم الصحن الحوض الكبير المعد للوضوء، أما مئذنته فهي مربعة شأن المآذن الأموية، طولها خمسة وأربعون متراً وتزينها المقرنصات والكتابة الكوفية. أما البيت الحلبي القديم فهو روعة في البناء والهندسة، ويتألف عادة من طابقين: الأرضي ويضم عدداً من الغرف التي تواجه الفسحة السماوية للدار، والعلوي الذي يحتوي على غرف أخرى تسمى "المربعات"، ويصعد إليها عن طريق سلم حجري، وتعود أقدم البيوت الحلبية الموجودة حالياً إلى أواخر القرن الخامس عشر، وتتمركز معظمها في الأحياء القديمة ووراء البوابات الضيقة المغلقة. "لامع كوراني" المهتم بالعمارة الحلبية، يقول: إن جمال البيت الحلبي القديم داخلي فقط، أما من الخارج فهو جدران مصممة بما يتناسب مع الحياة الاجتماعية السائدة، وتتوزع ممراته الداخلية وغرفه لتؤمن الراحة لسكن أكثر من أسرة واحدة، حيث يسكن جميع الإخوة مع عائلاتهم، ولم تعرف البيوت الحلبية الواجهات الجميلة إلا بعد دخول النمط المعماري الأوروبي أثناء الاحتلال الفرنسي. ولمدينة حلب تسعة أبواب بعضها مازال قائماً، وهي باب قنسرين، المقام، النيرب، الأحمر، الحديد، النصر، الفرج، الجنان، وباب إنطاكية، وهي تحيط بالمدينة القديمة التي تحتوي سوق حلب القديم الذي يعرف بسوق المدينة، وهو مجموعة من الأسواق المتخصصة المتلاصقة متوازية ومتعامدة، وتضم تسعة وثلاثين سوقاً، يختص كل سوق بنوع من البضائع، ويحمل اسماً يتناسب مع هذا الاختصاص كسوق العطارين، والحبال والذهب، والزرب، ويبلغ طول سوق المدينة حوالي أحد عشر كيلو متراً، ويعتبر من أجمل أسواق مدن الشرق العربي والإسلامي بما تمتاز به من طابع عمراني جميل، حيث توفر سقوفه الضخمة جواً معتدلاً يحمي من حر الصيف وبرد الشتاء. لم تفلح نداءات علماء الآثار حول العالم في وقف عملية التدمير الممنهجة التي تعرضت لها آثار مدينة حلب، في ظل استباحة المواقع الأثرية في المدينة على يد تجار ومهربي الآثار الذين يستبيحون الآثار السورية، مستغلين حالة الانفلات الأمني التي تسود المدينة وسط سطوة الميليشيات المسلحة التابعة لجماعات دينية متشددة. وتظهر ما تتعرض له الآثار التي لا تقدر بثمن في المناطق الخاضعة لنفوذ جماعات دينية متشددة، حالة من العداء الشديد بين هذه الجماعات والتراث الحضاري والإنساني بصفة عامة، وهو ما جعل مسؤولين في اليونسكو يطالبون بتدخل مجلس الأمن لإنقاذ ما تبقى من آثارها. وفي إشارة لما تعرضت له المناطق الأثرية في مدينة حلب السورية من تدمير، يشير د. عمار علي حسن، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إلى أن ما قامت به هذه الجماعات من تدمير ممنهج للآثار وللتراث الإنساني في كل منطقة تسيطر عليها يعبر عن عدائها غير المحدود للحضارة والتراث الإسلامي، معتبرا أن ما تتعرض له المناطق التراثية والآثار في حلب السورية وغيرها يعد دليلا على حالة العداء بين هذه الجماعات وبين التراث الإنساني والحضارة بصفة عامة. وتمثل حلب نموذجاً للمدن الإسلامية التي توصف في الأدبيات العربية بأنها "المدينة الأنثى"، بعماراتها الإسلامية عبر العصور منذ عام 16ه حتى اليوم، مروراً بالعصر الأموي والعباسي بما فيه من فترات حمدانية وسلجوقية وزنكية وأيوبية، ثم العصر المملوكي، ثم العصر العثماني، بما تشكله تلك العمارة من وظائف متنوعة، كالقلعة والأبواب والأسواق والخانات والجوامع والكنائس والحمامات والبيمارستانات والبيوت الأثرية. ومن ناحية ثانية، قدمت حلب في تاريخها تراثاً فكرياً غنياً من خلال بلاط سيف الدولة الحمداني الذي عرف أوائل أعلام الفكر، كالفارابي والخوارزمي والمتنبي والأصفهاني، وبلاط الظاهر غازي الأيوبي، وخلال أكثر من ألفي عام كانت حلب أهم محطة تجارية على طريق الحرير الدولي وطريق كل الفعاليات الاقتصادية الأخرى. وتستعد حلب للاحتفال بكونها عاصمة الثقافة الإسلامية من خلال الندوات العلمية، والمحاضرات، والمعارض، وترميم وتأهيل المباني، والمهرجانات الفنية والمسرحية والسينمائية، وطباعة الكتب والنشرات، والنشاط الإعلامي المواكب لذلك كله. حلب في سطور أقدم مدينة مأهولة في التاريخ، عرفت الاستيطان البشري منذ الألف الحادي عشر قبل الميلاد، من خلال المساكن المكتشفة في (تل القرامل). فقد كانت حلب ملتقى الحضارات، وتعاقبت عليها الحضارات والشعوب والدول منذ الألف الرابع قبل الميلاد، فعرفت السومريين، والأكاديين، والعموريين، والبابليين، والحيثيين، والميتانيين، والآشوريين، والكلدانيين، والأخمينيين، والإغريق، والرومان، والبيزنطيين، وقد سكنتها مع جوارها القبائل العربية منذ الألف الأولى قبل الميلاد حتى إذا جاء الفتح الإسلامي كان تحريراً للبلاد من الاحتلال الأوروبي البيزنطي وإعادة التوازن الإنساني، والحضاري للسكان الأصليين. وشكلت الحضارة الإسلامية بمرونتها واتساعها أفقاً استوعب سائر الحضارات، وصاغها في شكلها الإنساني الرفيع المتسامح الداعي إلى المحبة والسلام. تقع حلب في الجزء الشمالي من سوريا، وهو الجزء الذي تتقاسم السيطرة عليه حاليا فصائل إسلامية متشددة، وتبعد حلب عن دمشق بحدود 350 كم، وتعتبر واحدة من أقدم المدن في العالم التي مازالت مأهولة، وتتميز بموقع جعلها تصبح حلقة وصل بين الطرق التجارية التي تربط الشرق بالغرب والشمال، ويعود أول ذكر لها إلى ما قبل القرن الخامس والعشرين ق. م في عهد ريموش بن سارغون الأكادي مؤسس الإمبراطورية العربية، وكانت حلب آنذاك مدينة مزدهرة قوية. وتشير أغلب المصادر إلى أن باني حلب الأول هو بلوكوش الموصلي أحد ملوك آشور، وثمة آراء أخرى تعيد بناء حلب إلى الحيثيين. وعن تسميتها تشير بعض المصادر إلى أن اسم حلب استند إلى معطيات أسطورية وأخرى أثرية، ومن هذه المعطيات الأسطورية قول الزجاجي الوارد في معجم البلدان لياقوت الحموي: "سميت حلب لأن نبي الله إبراهيم – عليه السلام – كان يحلب غنمه في الجمعات ويتصدق به، فيقول الفقراء حلب". تضم مدينة حلب تراثاً حضارياً كبيراً يعود إلى مختلف العصور الإسلامية، ويتمثل في الآثار والمساجد والمدارس والأسبلة التاريخية والقلاع، ومن أهم القلاع على الإطلاق قلعة حلب التي تعد من كبرى قلاع العالم وأقدمها، وتقع وسط المدينة القديمة، وهذه القلعة هي أضخم معلم إسلامي في المدينة، ومرت عليها اثنتا عشرة حضارة، وقد خربت أكثر من مرة وأعيد بناؤها، وهي على هذا الشكل الذي نشاهدها عليه اليوم منذ عام 1902 أيام حكم غازي بن صلاح الدين الأيوبي. وتتميز القلعة بالمدخل الرئيسي الذي يأخذ شكل منبر المسجد، وتتضمن حمامات ومساجد وأسواقاً وخزانات للمياه وقصراً للملك، وقد غادرها أهلها بعد زلزال عام 1822، ويتم الآن ترميمها بمناسبة الاحتفالية. وتم افتتاح الجامع الأموي الكبير بعد الانتهاء من ترميمه وإعادة تأهيله، بناه الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك، وهو واسع بصحنه ومصلاه، وفيه ثلاثة أروقة محمولة على دعائم حجرية ضخمة، ويضم الصحن الحوض الكبير المعد للوضوء، أما مئذنته فهي مربعة شأن المآذن الأموية، طولها خمسة وأربعون متراً وتزينها المقرنصات والكتابة الكوفية. أما البيت الحلبي القديم فهو روعة في البناء والهندسة، ويتألف عادة من طابقين: الأرضي ويضم عدداً من الغرف التي تواجه الفسحة السماوية للدار، والعلوي الذي يحتوي على غرف أخرى تسمى "المربعات"، ويصعد إليها عن طريق سلم حجري، وتعود أقدم البيوت الحلبية الموجودة حالياً إلى أواخر القرن الخامس عشر، وتتمركز معظمها في الأحياء القديمة ووراء البوابات الضيقة المغلقة. "لامع كوراني" المهتم بالعمارة الحلبية، يقول: إن جمال البيت الحلبي القديم داخلي فقط، أما من الخارج فهو جدران مصممة بما يتناسب مع الحياة الاجتماعية السائدة، وتتوزع ممراته الداخلية وغرفه لتؤمن الراحة لسكن أكثر من أسرة واحدة، حيث يسكن جميع الإخوة مع عائلاتهم، ولم تعرف البيوت الحلبية الواجهات الجميلة إلا بعد دخول النمط المعماري الأوروبي أثناء الاحتلال الفرنسي. ولمدينة حلب تسعة أبواب بعضها مازال قائماً، وهي باب قنسرين، المقام، النيرب، الأحمر، الحديد، النصر، الفرج، الجنان، وباب إنطاكية، وهي تحيط بالمدينة القديمة التي تحتوي سوق حلب القديم الذي يعرف بسوق المدينة، وهو مجموعة من الأسواق المتخصصة المتلاصقة متوازية ومتعامدة، وتضم تسعة وثلاثين سوقاً، يختص كل سوق بنوع من البضائع، ويحمل اسماً يتناسب مع هذا الاختصاص كسوق العطارين، والحبال والذهب، والزرب، ويبلغ طول سوق المدينة حوالي أحد عشر كيلو متراً، ويعتبر من أجمل أسواق مدن الشرق العربي والإسلامي بما تمتاز به من طابع عمراني جميل، حيث توفر سقوفه الضخمة جواً معتدلاً يحمي من حر الصيف وبرد الشتاء.