عرض الأثري السوري دكتور وليد عبدالرحمن الأخرس للتدمير الذي طال واقع المنشآت الأثرية الإسلامية في مدينة حلب السورية، جراء قصفها من قبل الجيش السوري على خلفية الثورة السورية، ولفت الباحث إلى أهمية حلب التي تشتهر بقلعتها الشهيرة وأبوابها وأسواقها التي تعد من أعرق أسواق الشرق وبكنائسها ومساجدها ومدارس العلم وبصناعاتها الشهيرة منذ زمن بعيد وبما تمتلكه من تراث عريق في كافة المجالات العلمية والفنية والأدبية والثقافية. جاء ذلك في الجلسة الأولى من فعاليات الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه منظمة الايسيسكو لدراسة حماية التراث الحضاري في مدينة حلب السورية. لفت الأخرس إلى أن القصف دمر أجزاء كبيرة من أسواق حلب الأثرية المسقوفة التي تعد من أطول أسواق العالم، وأدى إلى احتراقها، وهي الأسواق التي وصفتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" بأنها "تحفة التحف". كذلك تم تدمير جزء كبير من قلعة حلب والباب التاريخي والأثري بها، لافتاً إلى أن قصف هذه الأماكن التاريخية الهامة هو أمر متعمد لم يحدث نتيجة قتال لكنها قذائف وجهت لاستهداف هذه المناطق.
واستشهد الباحث بقول الشاعر الداغستاني رسول حمزتوف حين قال أن "من يطلق مسدسه على الماضي، فكأنما يطلق مدفعاً على المستقبل" في إشارة إلى أن من يهدم ماضيه يهدم مستقبله كذلك.
استعرض الأثري كذلك معالم حلب الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة، فمثلاً يوجد بها سبعة مساجد تعود إلى العصر الزنكي، وخمس مدارس، واثنان من الخوانق، ومن العصر الأيوبي يوجد بها 11 مسجد، وحمسة حمامات أثرية، واستعرض الآثار الباقية في حلب من العصور المختلفة.
لم يقتصر عرض الأثري على ما تحتويه مدينة حلب من كنوز، لكنه تناول كذلك بالصور التدمير الذي لحق بالمدينة جراء القصف، فعرض لأجواء من باب انطاكية في أسواق حلب تعرض للقصف، وكذلك "باب القناة"، ومآذن جوامع حلب العتيقة التي دمرت مثل مئذنة جامع "الأطروش"، وجامع "الحاج سليمان"، وجامع "الميداني"، كذلك عرض لآثار تخريب البرج الول الأمامي لقلعة حلب جراء القصف، وأيضاً باب القلعة وما لحق به من دمار على يد النظام السوري، لافتاً إلى ان احد أبواب البرج يعود إلى العصر الأيوبي، والباب الآخر يعود إلى العصر المملوكي، مضيفاً أن الكتابة التي تعلو باب البرج الول من قلعة حلب تعرضت للتشويه.
أيضاً من ضمن المواقع التي تعرضت للتخريب جراء القصف المدرسة الكلتاوية، وكذلك الجامع الأموي الذي كما يقول الأثري تعرض للقصف كما ذكرت مصادر لكن لا صور له إلى الآن، كذلك دمرت مئذنة جامع المهمندار التاريخي الذي لا يوجد له مثيل في مملكة الشام، أيضاً عرض صور توضح تدمير المباني السكنية التي تقع في حلب جراء قصفها.
وأوصت ورقة الباحث الأثري بضرورة إجراء إحصاء لجميع الآثار الموجودة في حلب، وتشكيل لجنة من دول الجوار السوري للمساعدة في ضبط الآثار التي قد تهرب من سوريا عن طريقهم، وكذلك تشكيل لجنة خبراء عسكريين وأثريين لدراسة أنواع الأسلحة المستخدمة في الصراع السوري الأمر الذي يفيد في عملية الترميم المستقبلية لهذه المواقع، واخيراً تشكيل لجنة علمية مقرها كلية الآثار جامعة القاهرة لجمع الدراسات والأبحاث التي تخص آثار مدينة حلب.
من جانبه علّق د.عاطف عبداللطيف أستاذ الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة قائلاً أن التوصيات غير فعالة، والأهم من ذلك هو تسجيل الآثار في كل البلدان العربية لأن هذا هو الضمان الوحيد لاستردادها إذا فقدت أو تمت سرقتها.
يذكر أنه للأهمية التاريخية والعمرانية التي تتمتع بها مدينة حلب فقد اعتبرتها منظمة اليونسكو مدينة تاريخية هامة لاحتوائها على تراثٍ إنساني عظيم يجب حمايته خاصة وأن فيها أكثر من 150 أثرًا هامًا تمثل مختلف الحضارات الإنسانية والعصور.
وفي عام 1986 أدرجت اليونسكو مدينة حلب على لائحة مواقع التراث العالمي، وسلت مدينة حلب القديمة بالسجلات الأثرية ووضعت إشارة على صحائفها العقارية تثبيتًا لعدم جواز هدمها أو تغيير معالمها أو مواصفاتها حتى من قبل بلديتها إلا بعد أخذ موافقة الجهات الأثرية العالمية وسجلت على لائحة التراث العالمي
وفوق أرض حلب تجتمع أهم الشواهد المعمارية الخالدة عبر التاريخ ولحضارات كثيرة متنوعة، وتتنوع الآثار في مدينة حلب منذ عصور ماقبل الميلاد إلى العصور الإسلامية ،ولحلب دور حضاري متميز في كافة العصور والحضارات التي قامت في شمال سوريا وبلاد ما بين النهرين منذ الألف الثالث قبل الميلاد في حضارات مثل الأكادية والحيثية والآرامية والأمورية واليونانية والرومانية.