نائب وزير المالية للبوابة نيوز: دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج المصرى مع "النقد الدولي"غير مقلق    روسيا: اعتراض 13 مسيرة أوكرانية أُطلقت نحو موسكو    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 19 يوليو 2025    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    أنغام تغني «أشكي لمين» وتوجه رسالة لمحمد منير بمهرجان العلمين    زينة.. عام سينمائي غير مسبوق    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 برقم الجلوس في الشرقية فور اعتمادها (رابط الاستعلام)    سوريا.. اتفاق بين الحكومة ووجهاء السويداء يضمن دخول قوات الأمن العام وحل الفصائل المسلحة    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز «رفيع وعريض الحبة» اليوم السبت 19 -7-2025 ب أسواق الشرقية    زوج البلوجر هدير عبد الرازق: «ضربتها علشان بتشرب مخدرات»    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق نوي شبين القناطر بالقليوبية    حضور الخطيب وظهور الصفقات الجديدة.. 15 صورة لأبرز لقطات مران الأهلي الأول تونس    هدنة 72 ساعة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس وموعد انخفاض درجات الحرارة    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    35 عرضًًا تتنافس في الدورة ال 18 للمهرجان القومي    الحرف التراثية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية ضمن فعاليات ثقافية بسوهاج    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    استعلم عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال ب الجيزة 2025.. الرابط الرسمي والمستندات المطلوبة    تنسيق الثانوية العامة 2025 الجيزة للناجحين في الشهادة الإعدادية (رابط التقديم)    مستقبل وطن بسوهاج يطلق خطة دعم مرشحيه لمجلس الشيوخ ب9 مؤتمرات    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    كيف تضمن معاشا إضافيا بعد سن التقاعد    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    تحت شعار كامل العدد، التهامي وفتحي سلامة يفتتحان المهرجان الصيفي بالأوبرا (صور)    من المستشفى إلى المسرح، حسام حبيب يتحدى الإصابة ويغني بالعكاز في موسم جدة 2025 (فيديو)    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    الكرملين: تسوية الأزمة الأوكرانية وتطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن موضوعان مختلفان    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    انتهت.. عبده يحيى مهاجم غزل المحلة ينتقل لصفوف سموخة على سبيل الإعاراة    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    انتشال جثة شاب غرق في مياه الرياح التوفيقي بطوخ    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية ببداية الأسبوع السبت 19 يوليو 2025    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    أبرزها الزنجبيل.. 5 طرق طبيعية لعلاج الصداع النصفي    ب37.6 ألف ميجاوات.. الشبكة الموحدة للكهرباء تحقق أقصى ارتفاع في الأحمال هذ العام    "الدنيا مريحة" .. أسعار السيارات المستعملة مستمرة في الانخفاض| شاهد    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي فرط صوتي    ما حكم رفع اليدين بالدعاء أثناء خطبة الجمعة؟.. الإفتاء توضح    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندى: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    خبير اقتصادي: رسوم ترامب تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتفاقم أزمة الديون    كسر بماسورة مياه الشرب في شبرا الخيمة.. والمحافظة: عودة ضخ بشكل طبيعي    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    أصيب بنفس الأعراض.. نقل والد الأشقاء الخمسة المتوفين بالمنيا إلى المستشفى    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناصرة.. عاصمة العرب في إسرائيل
نشر في صوت البلد يوم 28 - 01 - 2016

الناصرة.. مدينة فلسطينية قديمة وتاريخية، وتقع حالياً تحت اللواء الإسرائيلي وأكبر مدينة في منطقة شمال إسرائيل، ويعرف عن الناصرة أنها "عاصمة العرب في إسرائيل"، نظراً لأن غالبية سكانها من عرب إسرائيل.
ويرجع تسمية البلدة إلى الكنعنانية القديمة، وكان يطلق عليها "آبل"، وكان يطلق عليها المسيحيون "عصا أو غصنا"، نسبة إلى كون يسوع المسيح ينتمي إلى بيت داوود، ويُقال إن الاسم مشتق من كلمة عبرية بمعنى برج الحراسة، وذلك لوجود جبل مرتفع تقع عليه البلدة، ومع ذلك لم يستدل على أصل ومصدر تحور اسم البلدة إلى "الناصرة"، فالبعض يقول إن أصل التسمية كنعانية أو سريانية أو عبرية أو عربية.
وقد كشفت الحفريات القديمة وجود آثار تعود إلى ما قبل عصر الفخار أو العصر الحجري الحديث، وقد عثر على بقايا هياكل لحوالي 65 فردا، بالإضافة إلى ثلاثة أطنان من الجص الأبيض، كما تم اكتشاف أوان من الفخار يعود تاريخها إلى العصر البرونزي الأوسط (2200- 1500 ق. م)، وأيضاً آثار وحفريات قديمة من السيراميك والصوامع والمطاحن من العصر الحديدي (1500- 586 ق. م)، ولم يتم العثور على أدلة أثرية كافية لمدينة الناصرة من الحقبات الآشورية والبابلية والفارسية والعصر الروماني الهلنستي، خلال أعمال التنقيب الكبرى في الفترة من 1955 و1990.
وخلال العصر المسيحي المبكر ووفقاً لإنجيل لوقا، كانت الناصرة قرية بيت مريم العذراء، وكذلك موقع البشارة عندما أبلغ الملاك جبرائيل مريم بأنها ستلد يسوع المسيح، كما كانت الناصرة موطناً للقديس يوسف النجار ومريم بعد عودتهم من الرحلة المقدسة من بيت لحم إلى مصر.
ووفقاً للكتاب المقدس، فإن يسوع ترعرع في الناصرة خلال طفولته، وخلال العهد الصليبي أصبحت الناصرة مدينة مقدسة بالنسبة للمسيحيين، وبدأت الروايات الدينية من المسيحيين المحليين عن مريم العذراء تثير اهتمام الحجاج، حيث تم تأسيس الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية "البشارة" في موقع نبع المياه العذبة، ولا تزال بقايا كنيسة البشارة باقية وصامدة حتى الآن، وكان الصليبيون معادين تماماً لفكرة الوجود اليهودي في الناصرة، وقد انتهى الوجود اليهودي في الناصرة عند نهاية هذه الحقبة من الزمن.
وفي عام 1099، ترسخ الوجود الصليبي في الجليل والناصرة، وأنشأ الصليبيون عاصمة لهم في الناصرة، وباتت واحدة من المطرانيات الأربعة في مملكة القدس، ولكن عادت المدينة لسيطرة المسلمين في عام 1187، بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين، واضطر الصليبيون ورجال الدين الأوروبيين إلى مغادرة المدينة، وتمكن الإمبراطور فريدريك الثاني من التفاوض مع القائد صلاح الدين، على فتح ممر آمن بشكل متواصل للحجاج المسيحيين يمر من عكا في عام 1229.
وفي عام 1263، قام القائد المملوكي الظاهر بيبرس، بتدمير المباني المسيحية في الناصرة كجزء من محاولته طرد الصليبيين المتبقين من فلسطين، بينما واصلت الأسر المسيحية العربية العيش في الناصرة، وفي القرن الرابع عشر الميلادي، سمح العثمانيون للرهبان الفرنسيسكان في العودة والعيش داخل البلدة، كما نظمت جولات الحج إلى الأماكن المقدسة المحيطة بها الفرنسيسكان، ولكن الرهبان عانت من مضايقات القبائل البدوية، حتى عاد الاستقرار مع حكم ظاهر العمر الزيداني – أحد الحكام الفلسطينيين على فلسطين في فترة الحكم العثماني – وقام بتحويل الناصرة من قرية صغيرة إلى مدينة كبيرة عن طريق تشجيع الهجرة إليها، حيث لعبت الناصرة دوراً استراتيجياً في السيطرة على المناطق الزراعية في الجليل المركزي.
ومع بداية فترة الانتداب البريطاني سيطرت المملكة المتحدة على فلسطين في عام 1917، حيث تزايدات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وفي عام 1922، تم تأسيس جمعية بين المسلمين والمسيحيين في البلدة، وكانت بمثابة جبهة موحدة دينية عربية فلسطينية لمواجهة التمدد اليهودي، ومع الثورة الكبري في فلسطين عام 1930، لعب أبناء الناصرة دوراً رئيسياً في مواجهة العصابات اليهودية، وكانت الناصرة منصة انطلاق للاحتجاج على الاقتراح البريطاني لتحويل محافظة الجليل إلى دولة يهودية في المستقبل.
وبحلول عام 1946، توسعت مدينة الناصرة، وتم إنشاء وحدات سكنية جديدة وبساتين وحقول زراعية، كما تم إنشاء اثنين من مصانع السجائر، ومتجر التبغ، واثنين من دور السينما، ومصنع البلاط، وهو ما عزز بشكل كبير اقتصاد وازدهار الناصرة، وقد بنيت محطة جديدة للشرطة في جنوب تل الناصرة، ونصبت أبراج المراقبة على بعض التلال المحيطة بالمدينة.
وكانت الناصرة من أراضي المخصصة للدولة العربية في إطار خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947، وفي الأشهر التي سبقت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، أصبحت المدينة ملاذا للفلسطينيين الفارين من المراكز الحضرية في طبريا وحيفا وبيسان، قبل وأثناء سقوط هذه المدن تحت سيطرة عصابات الهاغانا، حيث كانت الناصرة بعيداً عن ميدان المعركة خلال حرب 1948، لكن بعض القرويين انضموا إلى الجيوش العربية في الحرب، لكن المقاومة الشعبية لم تصمد كثيراً أمام القصف الإسرائيلي، الأمر الذي استدعى قائد شرطة الناصرة إلى رفع راية بيضاء على مركز الشرطة في المدينة، واستسلمت الناصرة للقوات الإسرائيلية خلال عملية ديكل يوم 16 يوليو/تموز عام 48، بعد رفض كبار البلدة حث الناس على المقاومة تجنباً لتدمير المدينة، وضعف التسليح في مواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي.
وتم رسمياً تسليم الناصرة في اتفاق مكتوب، حيث وافق زعماء المدينة على وقف الأعمال العدائية في مقابل وعود من الضباط الإسرائيليين بعدم قيام عمليات عسكرية أو أضرار إلى المدنيين في البلدة، ولكن بعد فترة وجيزة من توقيع الاتفاق، أمر القائد العسكري حاييم لاسكوف قواته إخلاء العرب من المدينة بالقوة، ولكن مع التخوفات الإسرائيلية من أن يسبب طرد المسيحيين العرب غضباً في جميع أنحاء العالم المسيحي، لم يتم تنفيذ القرار وتدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين من المراكز الحضرية الكبرى والقرى الريفية في الجليل بعد انتهاء الحرب، وبقيت المدينة تحت الأحكام العرفية حتى عام 1966.
ويقول د. وائل الشهاوي، الخبير الأثري: تعد مدينة الناصرة مركزا إداريا وثقافيا والبقعة الرئيسية لعرب 48 في إسرائيل، ومع ذلك تقف الدولة العبرية في وجه أية مشروعات اقتصادية عربية، تجنباً لعدم قيام كيانات عربية اقتصادية مستقلة في الناصرة.
ويوضح أن البلدة تعدّ مركزاً حيوياً للطوائف المسيحية المختلفة، حيث توجد العديد من الأماكن المقدسة المسيحية هناك، ويشير إلى أن البلدة تشتهر بزراعة أشجار الزيتون والأشجار المثمرة والخضراوات، بالإضافة إلى انتشار أعمال التجارة والحدادة والدباغة والخياطة، ومصانع الزيتون والطحينة والصابون، وتعمل نساء الناصرة في أشغال الإبرة وأعمال النسيج.
ويقول: إنه في السنوات القليلة الأولى من تأسيس دولة إسرائيل، تمت مصادرة الأراضي وحظر التجول، وفرض قيود على سفر وتنقل السكان المحليين، ورغم أن الناصرة تعدّ موطناً للأغلبية العربية في إسرائيل، قامت الدولة العبرية في عام 1957، ببناء مدينة الناصرة العليا أو "نتسيرت عيليت" اليهودية لتكون وسيلة لموازنة الأغلبية العربية في الناصرة، وجاءت التوترات بين سكان الناصرة والدولة العبرية عام 1958، حيث طالب المتظاهرون السماح للاجئين بالعودة إلى قراهم، ووضع حد لمصادرة الأراضي، وتقرير المصير للفلسطينيين، حتى انتهت الأحكام العرفية في عام 1966.
الناصرة.. مدينة فلسطينية قديمة وتاريخية، وتقع حالياً تحت اللواء الإسرائيلي وأكبر مدينة في منطقة شمال إسرائيل، ويعرف عن الناصرة أنها "عاصمة العرب في إسرائيل"، نظراً لأن غالبية سكانها من عرب إسرائيل.
ويرجع تسمية البلدة إلى الكنعنانية القديمة، وكان يطلق عليها "آبل"، وكان يطلق عليها المسيحيون "عصا أو غصنا"، نسبة إلى كون يسوع المسيح ينتمي إلى بيت داوود، ويُقال إن الاسم مشتق من كلمة عبرية بمعنى برج الحراسة، وذلك لوجود جبل مرتفع تقع عليه البلدة، ومع ذلك لم يستدل على أصل ومصدر تحور اسم البلدة إلى "الناصرة"، فالبعض يقول إن أصل التسمية كنعانية أو سريانية أو عبرية أو عربية.
وقد كشفت الحفريات القديمة وجود آثار تعود إلى ما قبل عصر الفخار أو العصر الحجري الحديث، وقد عثر على بقايا هياكل لحوالي 65 فردا، بالإضافة إلى ثلاثة أطنان من الجص الأبيض، كما تم اكتشاف أوان من الفخار يعود تاريخها إلى العصر البرونزي الأوسط (2200- 1500 ق. م)، وأيضاً آثار وحفريات قديمة من السيراميك والصوامع والمطاحن من العصر الحديدي (1500- 586 ق. م)، ولم يتم العثور على أدلة أثرية كافية لمدينة الناصرة من الحقبات الآشورية والبابلية والفارسية والعصر الروماني الهلنستي، خلال أعمال التنقيب الكبرى في الفترة من 1955 و1990.
وخلال العصر المسيحي المبكر ووفقاً لإنجيل لوقا، كانت الناصرة قرية بيت مريم العذراء، وكذلك موقع البشارة عندما أبلغ الملاك جبرائيل مريم بأنها ستلد يسوع المسيح، كما كانت الناصرة موطناً للقديس يوسف النجار ومريم بعد عودتهم من الرحلة المقدسة من بيت لحم إلى مصر.
ووفقاً للكتاب المقدس، فإن يسوع ترعرع في الناصرة خلال طفولته، وخلال العهد الصليبي أصبحت الناصرة مدينة مقدسة بالنسبة للمسيحيين، وبدأت الروايات الدينية من المسيحيين المحليين عن مريم العذراء تثير اهتمام الحجاج، حيث تم تأسيس الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية "البشارة" في موقع نبع المياه العذبة، ولا تزال بقايا كنيسة البشارة باقية وصامدة حتى الآن، وكان الصليبيون معادين تماماً لفكرة الوجود اليهودي في الناصرة، وقد انتهى الوجود اليهودي في الناصرة عند نهاية هذه الحقبة من الزمن.
وفي عام 1099، ترسخ الوجود الصليبي في الجليل والناصرة، وأنشأ الصليبيون عاصمة لهم في الناصرة، وباتت واحدة من المطرانيات الأربعة في مملكة القدس، ولكن عادت المدينة لسيطرة المسلمين في عام 1187، بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين، واضطر الصليبيون ورجال الدين الأوروبيين إلى مغادرة المدينة، وتمكن الإمبراطور فريدريك الثاني من التفاوض مع القائد صلاح الدين، على فتح ممر آمن بشكل متواصل للحجاج المسيحيين يمر من عكا في عام 1229.
وفي عام 1263، قام القائد المملوكي الظاهر بيبرس، بتدمير المباني المسيحية في الناصرة كجزء من محاولته طرد الصليبيين المتبقين من فلسطين، بينما واصلت الأسر المسيحية العربية العيش في الناصرة، وفي القرن الرابع عشر الميلادي، سمح العثمانيون للرهبان الفرنسيسكان في العودة والعيش داخل البلدة، كما نظمت جولات الحج إلى الأماكن المقدسة المحيطة بها الفرنسيسكان، ولكن الرهبان عانت من مضايقات القبائل البدوية، حتى عاد الاستقرار مع حكم ظاهر العمر الزيداني – أحد الحكام الفلسطينيين على فلسطين في فترة الحكم العثماني – وقام بتحويل الناصرة من قرية صغيرة إلى مدينة كبيرة عن طريق تشجيع الهجرة إليها، حيث لعبت الناصرة دوراً استراتيجياً في السيطرة على المناطق الزراعية في الجليل المركزي.
ومع بداية فترة الانتداب البريطاني سيطرت المملكة المتحدة على فلسطين في عام 1917، حيث تزايدات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وفي عام 1922، تم تأسيس جمعية بين المسلمين والمسيحيين في البلدة، وكانت بمثابة جبهة موحدة دينية عربية فلسطينية لمواجهة التمدد اليهودي، ومع الثورة الكبري في فلسطين عام 1930، لعب أبناء الناصرة دوراً رئيسياً في مواجهة العصابات اليهودية، وكانت الناصرة منصة انطلاق للاحتجاج على الاقتراح البريطاني لتحويل محافظة الجليل إلى دولة يهودية في المستقبل.
وبحلول عام 1946، توسعت مدينة الناصرة، وتم إنشاء وحدات سكنية جديدة وبساتين وحقول زراعية، كما تم إنشاء اثنين من مصانع السجائر، ومتجر التبغ، واثنين من دور السينما، ومصنع البلاط، وهو ما عزز بشكل كبير اقتصاد وازدهار الناصرة، وقد بنيت محطة جديدة للشرطة في جنوب تل الناصرة، ونصبت أبراج المراقبة على بعض التلال المحيطة بالمدينة.
وكانت الناصرة من أراضي المخصصة للدولة العربية في إطار خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947، وفي الأشهر التي سبقت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، أصبحت المدينة ملاذا للفلسطينيين الفارين من المراكز الحضرية في طبريا وحيفا وبيسان، قبل وأثناء سقوط هذه المدن تحت سيطرة عصابات الهاغانا، حيث كانت الناصرة بعيداً عن ميدان المعركة خلال حرب 1948، لكن بعض القرويين انضموا إلى الجيوش العربية في الحرب، لكن المقاومة الشعبية لم تصمد كثيراً أمام القصف الإسرائيلي، الأمر الذي استدعى قائد شرطة الناصرة إلى رفع راية بيضاء على مركز الشرطة في المدينة، واستسلمت الناصرة للقوات الإسرائيلية خلال عملية ديكل يوم 16 يوليو/تموز عام 48، بعد رفض كبار البلدة حث الناس على المقاومة تجنباً لتدمير المدينة، وضعف التسليح في مواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي.
وتم رسمياً تسليم الناصرة في اتفاق مكتوب، حيث وافق زعماء المدينة على وقف الأعمال العدائية في مقابل وعود من الضباط الإسرائيليين بعدم قيام عمليات عسكرية أو أضرار إلى المدنيين في البلدة، ولكن بعد فترة وجيزة من توقيع الاتفاق، أمر القائد العسكري حاييم لاسكوف قواته إخلاء العرب من المدينة بالقوة، ولكن مع التخوفات الإسرائيلية من أن يسبب طرد المسيحيين العرب غضباً في جميع أنحاء العالم المسيحي، لم يتم تنفيذ القرار وتدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين من المراكز الحضرية الكبرى والقرى الريفية في الجليل بعد انتهاء الحرب، وبقيت المدينة تحت الأحكام العرفية حتى عام 1966.
ويقول د. وائل الشهاوي، الخبير الأثري: تعد مدينة الناصرة مركزا إداريا وثقافيا والبقعة الرئيسية لعرب 48 في إسرائيل، ومع ذلك تقف الدولة العبرية في وجه أية مشروعات اقتصادية عربية، تجنباً لعدم قيام كيانات عربية اقتصادية مستقلة في الناصرة.
ويوضح أن البلدة تعدّ مركزاً حيوياً للطوائف المسيحية المختلفة، حيث توجد العديد من الأماكن المقدسة المسيحية هناك، ويشير إلى أن البلدة تشتهر بزراعة أشجار الزيتون والأشجار المثمرة والخضراوات، بالإضافة إلى انتشار أعمال التجارة والحدادة والدباغة والخياطة، ومصانع الزيتون والطحينة والصابون، وتعمل نساء الناصرة في أشغال الإبرة وأعمال النسيج.
ويقول: إنه في السنوات القليلة الأولى من تأسيس دولة إسرائيل، تمت مصادرة الأراضي وحظر التجول، وفرض قيود على سفر وتنقل السكان المحليين، ورغم أن الناصرة تعدّ موطناً للأغلبية العربية في إسرائيل، قامت الدولة العبرية في عام 1957، ببناء مدينة الناصرة العليا أو "نتسيرت عيليت" اليهودية لتكون وسيلة لموازنة الأغلبية العربية في الناصرة، وجاءت التوترات بين سكان الناصرة والدولة العبرية عام 1958، حيث طالب المتظاهرون السماح للاجئين بالعودة إلى قراهم، ووضع حد لمصادرة الأراضي، وتقرير المصير للفلسطينيين، حتى انتهت الأحكام العرفية في عام 1966.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.