قبل نحو عامين، أطلق مجموعة من الكتاب العرب المهتمين بالأعمال المرعبة وكتابات الخيال العلمي مجلة إلكترونية هي الأولى من نوعها لتخاطب الجمهور المهتم بهذه النوعية من المحتوى الذي يصور عوالم غرائبية وما ورائية ومرعبة في أوقات كثيرة.. ولكن التحدي الذي تواجهه المجلة هو أن تتمكن من منافسة واقع عربي أكثر رعباً وتفوقاً على الخيال. تحمل المجلة اسم "ومضات" وهي تسعى أن تصبح قبلة أدباء الخيال العلمي، وتجمع بجهود كتاب مخضرمين وشباب أوجدوا لأنفسهم في فضاء النشر الإلكتروني مساحة "مرعبة وخيالية". لدواعٍ يبدو أنها تتعلق بالميزانية فإن المجلة تصدر بصيغة pdf شهرياً، وهي نتاج مبادرة شبابية تدعى "لأبعد مدى"، وهي تحتفل هذا الشهر بإتمامها عامها الثاني ويؤكد مصدروها أنها حققت نجاحاً. ياسين سعيد، رئيس تحرير المجلة أكد ل "هافينغتون بوست عربي" أن الدورية الشهرية تقوم على جهود الكتاب التطوعية، وتضم في طياتها إنتاجات فكرية وأدبية لكتاب من 9 دول مختلفة منهم مصطفى جميل، الذي يتخصص في الخيال الغيبي الخوارقي. ويوضح أنها تضم كذلك "فرساناً من كل الأجيال، فهناك من يمثل الجيل الأكبر المتحقق، أي فوق 36 عاماً، والذي ينشر فى كبرى الصحف والمجلات العربية، مثل السوري د.سائر بصمة جي، واليمني عبد الحفيظ العمري، والمصري د.هاني حجاج". وأضاف: "هناك أيضاً جيل الوسط صاحب الإصدارات العديدة التى تعلو رفوف المكتبات، مثل داليا مصطفى، منال عبد الحميد، عمرو المنوفي، عصام منصور. ومنهم من أضاف بجوار إصداراته، جوائز رفيعة في الخيال العلمي على مستوى الوطن العربي كجائزتي "نبيل فاروق" و"نهاد شريف" مثل محمد عبد العليم، محمود عبد الحليم، ياسين أحمد". كما توجد أقلام شبابية أمثال أحمد مسعد وندى محسن، وكلاهما لا يتجاوز عمره 18 سنة. وتعتبر ومضات جزء من استراتيجية متكاملة تستهدف مخاطبة الجمهور الورقي والإلكتروني، على أمل تغذية خيال القراء العرب. ويوضع سعيد "المجتمعات المتقدمة هى دائماً المجتمعات التي تشجع قيمة التخيل، فالولايات المتحدة على سبيل المثال، شكلت لجنة تخطط لمستقبل بلادها خلال ال50 عاماً القادمة، واختارت ضمن عضويتها اثنين من مؤلفي الخيال العلمي. وكانت وكالة ناسا أعلنت أنها تتابع أعمال الخيال العلمي، لتستوحي منها". ويضيف "لم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل ذهب البعض بعيدًا ونسبوا ل"التخيل" دورًا في منع اندلاع الحرب النووية إبان الحرب الباردة، حيث استشرت موجة أفلام وروايات تتخيل شكل الأرض فيما بعد المحرقة، وهو ما ولد رأياً عاماً عالمياً مضاداً، شكل ضغطاً على حكوماتهم لإيقاف الحرب". وأشار إلى تخصيص ميزانيات كاملة في الدول الغربية لفن التخيل، سواء مجلات أو دراما أو أفلام. ويتجسد ذلك بعشرات الجوائز والجمعيات المتخصصة، فى حين لم توجد سوى مجلة مطبوعة واحدة يتيمة في العالم العربي، هى مجلة "الخيال العلمي" السورية، بالإضافة لرابطة أدباء الخيال العلمي العرب، التي تصدر عنها المجلة. أسس الرابطة طالب عمران ونهاد شريف وغيرهم، "لكن للأسف -باستثناء المجلة- فإن نشاط الرابطة شبه غائب بسبب الظروف السياسية بسوريا"، على حد قوله. مبادرات شبابية أما في مصر فلفت رئيس تحرير "ومضات" إلى تعثر انطلاق الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي منذ سنوات في إجراءات إشهارها. لتصدر بين الحين والآخر مبادرات شبابية مستقلة هنا وهناك، مثل مجلة "علم وخيال" الإلكترونية، لمديرها م.ياسر أبو الحسب، ومبادرة "يتخيلون" بالسعودية، التي تحولت لاحقًا إلى دار نشر، فضلاً عن دار "فيرن" المصرية المتخصصة في ترجمات الخيال العلمي. واعتبر سعيد أن استمرار المجلة على مدى عامين أكبر دليل على نجاحها، مشيرا إلى أن أدب الخيال عانى طويلًا، "فقد ظل العموم يصنفونه على أنه أدب درجة ثانية، أو موجَّه بالضرورة للأطفال، أما الآن، فأستطيع القول إن الوضع تحسن كثيرا، والفضل يعود للجيل السابق، نهاد شريف، نبيل فاروق، أحمد خالد توفيق، رؤوف وصفي، هؤلاء هم الجرافات التي مهدت لنا الطريق، وصنعت شعبية لأدب الخيال والرعب". واستشهد سعيد بإطلاق شعبة جديدة فى اتحاد كتاب مصر، باسم "الخيال العلمي"، ونجاح روايات الرعب في تحقيق أعلى المبيعات لأسماء ك"تامر إبراهيم وحسن الجندى ومحمد عصمت وسالي عادل وبسمة الخولي". كما تم ترشيح روايتي فانتازيا فى القائمة القصيرة الأخيرة لجائزة البوكر، هما (الفيل الأزرق)، و(فرنكشتاين فى بغداد)، لتحصد الأخيرة الجائزة. المبادرة بجميع إصداراتها لا تستهدف الربح كما يقول سعيد، فحتى النسخة الورقية توزع مجاناً، ولدينا آمال أن تتحول المجلة يوما ما لسلسة كتب مطبوعة، إضافة إلى خلق جسور تعاون مع الفنون البصرية المختلفة، وإنتاج مطبوعات تتنوع بين القصص المصورة والمواد الإذاعية والأفلام القصيرة وما إلى ذلك.