المستندات المطلوبة للتقديم في الجامعات الأهلية 2025 وخطوات التسجيل    تتبع رئيس الوزراء، الحكومة توافق على إنشاء اللجنة الدائمة لمتابعة وتحليل المؤشرات الدولية    وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "صواري" بالإسكندرية    رئيس أركان جيش الاحتلال: نخوض حربا غير مسبوقة على عدة جبهات    زيزو يكشف أول رسالة من الشناوي بعد انضمامه للأهلي    هل توجد نية لبيع الأصول التاريخية؟ رد حاسم من رئيس الوزراء    أحمد سعد يطلق "اتحسدنا" من ألبوم "بيستهبل" (فيديو)    حالة الطقس غدا الخميس 24-7-2025 في محافظة الفيوم    طريقة عمل الحواوشي زي الجاهز، لغداء سريع التحضير    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يضم السلوفاكي دافيد هانكو لتعزيز دفاعاته    البابا تواضروس الثاني: اثبتوا في الإيمان    بسبب لهو الأطفال .. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بالجيزة    السفير رياض منصور: البيت الأبيض قادر على وقف النار خلال 24 ساعة    راغب علامة بعد أزمة الساحل: "عاوز أحمد فتوح يروح معايا النقابة"    د أحمد شلبي: المطورون العقاريون يطالبون بحوار عاجل مع الحكومة بعد فرض رسوم وعلاوات جديدة    رسميًا.. برشلونة يُلغي جولته التحضيرية في اليابان بسبب خرق تعاقدي    يعاني من متلازمة المحتال الخفية.. أكبر نقاط القوة والضعف لبرج الحمل    «متحف مجلس قيادة الثورة» .. ذاكرة وطنية على ضفاف النيل    مدبولى يعلن بدء إجراءات تطبيق قانون الإيجار القديم: «لن يضار أي مواطن» (فيديو)    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يقر تعويضات لعملاء شركة فودافون مصر المتأثرين من العطل الذي وقع في شبكة الشركة مساء الثلاثاء    الثالثة من الدوري الألماني.. ليفربول يتعاقد مع هوجو إيكيتيكي    التحاق مروان حمدي بمعسكر بيراميدز في تركيا.. واستمرار غياب جودة    أبو ريدة يتابع معسكر وتدريبات الحكام على تقنية ال VAR    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    مدبولي يبحث مع وكلاء ماركات عالمية ضخ استثمارات في مصر ودعم سياحة التسوق    رغم التخرج- لماذا تطاردنا كوابيس الثانوية العامة في أحلامنا؟ "فيديوجرافيك"    تأييد سجن مدرس 7 سنوات بتهمة هتك عرض تلميذته داخل مدرسة بالعمرانية    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    إيران توافق على زيارة فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    أحمد سعد يطرح أغنية «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    الكنيست يصوت لصالح فرض السيادة على الضفة وغور الأردن    بدء طرح الوطنية للطباعة بالبورصة 27 يوليو بسعر 21.25 جنيه للسهم    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    «إنجازات» إسرائيل.. جرائم نازية!!    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"احتفاء بصباحات شاغرة" .. جدلية الاحتفاء والرفض
نشر في صوت البلد يوم 05 - 09 - 2015

تبنى استراتيجية الإبداع على المغايرة المقنعة والمدهشة في الآن نفسه, تلك المغايرة التي تلتزم حيثيات الوعي والإدراك من دون اتكائية كاملة على نصوص سابقة، فضلاً عن الاستناد إلى الرؤية التي تنص على أن الفن للفن لا للحياة، لأن الشعرية في هذه الرؤية هي المبتغى لا المعنى المحكوم بالتغيير والثبات والتداولية غير الخارج عن صفرية التمايز ومعلوم أن جدلية الثبات والمغايرة جدلية ملتبسة بحكم تنازع بين التراث والحداثة اللذين اشتغلا على الشكل واللفظ - على الأغلب – دون المعنى, وللمعنى مستويات عديدة منها:
ا - المستوى التداولي الصفري المشهور الذي يعرفه الداني والقاصي – بحسب الجاحظ – وهو مبتغى شعراء رؤية الفن للحياة الذين أثقلوا المنجز الشعري بنصوص اتسمت بالترهل والفظاظة.
ب- المستوى الاتساعي.
ج – المستوى التحديدي.
حين يميل النص إلى الإبداع يجول في المستويين الثاني والثالث مع مراعاة مبدأ المغايرة.
سقت هذه المقدمة كي تكون مدخلا لقراءة المجموعة الشعرية "احتفاء بصباحات شاغرة" للشاعر العراقي طلال الغوّار الصادرة من دار بعل في دمشق عام 2014, فقد كانت قصائد المجموعة تجول في المستويات الثلاثة.
ستبنى القراءة نفسها على بيان الصيرورة الإبداعية للمجموعة الكاشفة دون تصريح عن جماليات النص الشعري.
ضمن المجموعة 122 نصا شعريا مختلفا في الشكل الشعري وفي الموضوع, حيث يتجاذب في المجموعة ركنان رئيسان هما: الذاكرة والخيال وهناك فرق بينهما, فالذاكرة تحمل في طياتها ماضيا لا يشترط أن يحمله الخيال, والذاكرة تنتمي السير ذاتية والخيال يجول بين الذاتية والغيرية حيث تعمل المخيلة على العام والخاص في الوقت نفسه.
ظهرت مهيمنات في ركن الذاكرة منها الفضاء بما يحوي من مكان وزمان, فالجسد (الشاعر) مرتبط ارتباطا وثيقا بالمكان المخزون في ذاكرته, متشبث حد الاندماج بقريته وما تمثله من فضائل شعورية, وسمة معنوية لهويته الشخصية, ويبدو هذا التعلق بارزا من العنوان "احتفاء" – إنه احتفاء معنوي بالمكان المقرون بالزمان "صباحات" والديمومة لما يمثله الصباح من انجلاء للظلام وبدء حياة جديدة وحركة مقترنة بالنشور.
يقول:
هل لي
أن استبدل ذاكرتي
بحديقةٍ
وأحفادٍ
يطاردون فراشات أحلامهم
وهم يحصون الزمن
بالضحكات
يشي الخطاب الإنشائي في هذا النص بالرغبة في العودة إلى الفضاء الأرحب للمكان الايجابي (الحديقة) الضام للأحلام والأطفال والفراشات على الرغم من التجاوز اللغوي في علاقة المبدل بالمبدل به، وحققت هذه الرغبة وظيفة نفسية إذ كان القول هو المتنفس لحالة الضيق التي تدور بالباث دوران المهيمن، فكان القول منجياً له.
وكانت آلة الذاكرة عند الشاعر طلال الغوّار (المرايا) إذ استند إليها كي يطابق بين مكان الذاكرة ومكان الواقع, ولكنها مطابقة أسى وشجن ولم تكن هذه الذاكرة منتمية إلى الزيف أو الوهم.
يقول:
في مرايا صباحكِ
ما عدت أراكِ
لكنّي رأيت وجوها
تعبرني
كأنها قبورٌ تمشي
إنه أسى التحوّل في ذاك المكان الايجابي ذي الفراشات والأحلام صار ذا القبور الماشية, ويحمل المقطع أسلوبية تعبيرية متأتية من التناقض بين مكان الذاكرة ومكان التغيير الزمني, وكان لأداة النفي (ما) أثرٌ واضح ٌ في بيان هذا التمايز وعلوم أن وظيفة هذا الأداة هي نفي الحال لكن الشاعر استطاع أن يوظفها توظيفا مقاربا من خلال القلب الصوري, وأضفت (ما) النافية بعدا صوتيا مع ألفها المتلائم مع عمق الأسى الدائر في نظام الاسترجاع لصورة المكان الايجابي، وأعطى لفظ القبور بعداً سيميائياً للبون الشاسع بين الزمنين أو حيزي التكوين الاجتماعي وما طرأ عليه من تغييرات.
وكانت الطفولة ذات مغزى زماني في ذاكرة الشاعر النصية, فضلا عن المغزى النفسي في زاوية "المسكوت عنه" المتمثل برغبة الشاعر في أن يبقى طفلا, ويتضح لنا من خلال المجموعة الشعرية أن الطفولة صيغة حميمية من صيغ الزمن عند الشاعر, لذالك فهو مشدود إليها، ونجد أن اغلب مقاطع الطفولة شابهت الشاعر وورد زورث المعبرة عن الطاقة التجديدية أو العودة إلى الفردوس, وكانت الرؤية الشعرية الراغبة بالعودة إلى الفردوس مستندة إلى الزهور والورود بوصفها رمزا للإيجاب المفقود.
وحضرت الابيجراما الشعرية بوصفها إبداعا شعريا في المجموعة "احتفاء...." ومن ذلك قول الشاعر:
أكتافهم محدّبةٌ
لكثرة ما امتهنوا
الانحناء
أيقونة الانحناء خلقت الدهشة المطرزة بالعلية الاستهجانية في هذه الابيجراما التي انتمت إلى المستوى الاتّساعي, إذْ اتسعت دلالة الانحناء من الوظيفة الجسدية إلى الوظيفة المعنوية لتمنح النص سمة الشعرية استندت إلى المشهدية الخالقة للدراما الموحية أو الدراما الحاملة لثيمة الرفض.
لقد خالفت هذه الأبيجراما الاحتفاء لفظياً لكنها عضّدته ضمنيا بوساطة التلازم بين الاحتفاء والرفض المحكوم بالعلاقة الدلالية التي أسسها السياق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.