غادر إيكر كاسياس الفريق الأبيض بعد 16 موسما قضاها في صفوف الفريق الأول توج فيها بجميع الألقاب الممكنة سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية. وكان كاسياس العنصر الوحيد بالفريق الملكي الذي عايش العصر الذهبي للريال، عصر المجرات أو “الغالاكتيكوس” الذين توجوا بلقب دوري الأبطال 2002، وهو الوحيد أيضا الذي كان يتفاخر بفوزه باللقب الثامن للتشامبيونزليغ في العام 2000، من بين لاعبي الجيل الحالي. وعاصر كاسياس كلا من فرناندو هييرو ومانولو سانشيز، آخر عضو في “النسور الخمسة”، وكان العامل الرابط بين أسلوبي لعب مختلفين، كان لهما أخطاءهما ونجاحاتهما وكان البطل الأساسي فيهما، فما بين 1999 و2015، أصبح كاسياس يمثل التاريخ الأبدي داخل ريال مدريد. وداخل الفريق الحالي الذي يترك شارة قيادته، يعد سرجيو راموس هو الوحيد القادر على قص حكايات عن زين الدين زيدان وديفيد بيكهام ورونالدو نازاريو الذين عاصرهم، لكن رغم ذلك فقد عاش المدافع مع هؤلاء النجوم فترة انحدار الغالاكتيكوس، وكان وقت دخوله الفريق هو بداية رحيلهم عنه في 2005. وبهذا فإن رحيل كاسياس يعني نهاية جيل عاش البعث الأوروبي لريال مدريد، فبعد التتويج بالتشامبيونزليغ الثامنة، ظهر من اللاشيء ليصبح واحدا من أبرز لاعبي الجيل التالي للمدريديين إلى جانب راؤول غونزاليس وخوسيه ماريا غوتييريز “غوتي”. ورحل كلا اللاعبين منذ فترة عن القلعة الملكية، ولكن ليس من الباب الكبير، فجغوتي ودع الفريق في مؤتمر صحفي وبعدها بعدة سنوات خاض الملكي مباراة تكريم لراؤول على كل ما قدمه للريال. ورغم أن كاسياس كان آخر من انضم لتلك الحقبة، إلا أنه استمتع كثيرا منذ أول يوم له مع الفريق، عندما استدعي للانضمام إلى تشكيلة الفريق الأول في مباراة دوري الأبطال أمام روزونبرغ بالنرويج نظرا لتعدد الإصابات بين حراس الفريق في ذلك الحين. كان هذا يوم 27 نوفمبر 1998 وكان عمر كاسياس وقتها 16 عاما، وهنا بدأ تاريخ إيكر مع الريال، والذي انطلق فعليا عندما خاض أول مباراة له بالليغا أمام أتلتيك بلباو يوم 12 سبتمبر 1999 بملعب سان ماميس، ومنذ ذلك التاريخ وحتى وداعه اليوم، تمر 16 سنة. وخلال هذه السنوات تذوّق كاسياس طعم الانتصار والهزيمة، كانت هناك لحظات كثيرة له لا تنسى، مثل أدائه الكبير في نهائي دوري الأبطال 2002 عندما فاز الريال على باير ليفركوزن الألماني 2-1، والكل يتذكر بكاءه عندما توج الملكي باللقب، لم يلعب سوى 23 دقيقة فقط وكان بديلا لإصابة سيزار سانشيز، لكنه قام بثلاث تصديات حاسمة خلالها. القديس يعتقد أن قراره في الرحيل عن ريال مدريد جاء مدفوعا بالوصول المتوقع لديفيد دي خيا حارس مانشستر يونايتد وأتلتيكو مدريد السابق الذي يتم تجهيزه أيضا لتولي مهمة حراسة أسبانيا خزائن مليئة بالألقاب بعدها حقق إيكر المزيد من الألقاب، وفي الإجمالي فإن خزائن ألقابه مع النادي مليئة بالإنجازات، خمسة ألقاب للدوري ولقبين لكأس الملك، وثلاثة لدوري أبطال أوروبا، وأربعة لكأس السوبر الأسباني، ولقبين لكأس السوبر الأوروبي، وكأس إنتركونتيننتال ومونديال للأندية. وكانت سعادته لا توصف حتى جاء العام الأخير للمدرب البرتغالي جوزيه مورينيو (2013)، وحتى ذلك العام كانت مشاكله ببساطة رياضية فقط. فقد تعرض لهزائم كبيرة وعاش أوقات مظلمة، مثل المواسم الستة المتتالية التي فشل فيها الفريق في اجتياز الدور ثمن النهائي بدوري الأبطال، ونهائي الكأس في مارس 2002 أمام ديبورتيفو لاكورونيا الذي كان الريال يرغب في التتويج به في ذكرى “مئوية النادي” لكنه فشل رغم كونه المرشح الأوفر، أو في العام 2004 عندما خسر كل البطولات في أشهر قليلة، الليغا ونهائي الكأس أمام ساراغوسا وكأس أوروبا من ربع النهائي أمام موناكو. وبدت المواسم الثلاثة الأخيرة لكاسياس وكأنه ينازع فيها من أجل البقاء في الريال والحفاظ على عرشه، وبدأ كل شيء مع مورينيو، الذي تعامل بشكل جيد مع قائده في أول موسمين، لكنه انقلب عليه عقب الصراعات المتوترة مع برشلونة وتدخل كاسياس لخفض التوتر بين الفريقين واتصاله بقائد الفريق الكتالوني حينها تشافي هرنانديز، كي لا تؤثر التنافسية بينهما على مردودية المنتخب الأسباني. وأسهمت هذه الواقعة إلى جانب انخفاض مستواه الملحوظ، في ترك المدرب لكاسياس على مقاعد البدلاء في مباراة أمام ملقة في الليغا بملعب روساليدا والدفع بأنطونيو أدان كأساسي، لكن سرعان ما استعاد “القديس” مكانه في التشكيلة الأساسية عقب إصابة أدان، ليطلب بعدها المدرب التعاقد مع ديية ولوبيز، الذي أصبح أساسيا في باقي الموسم وفي الموسم التالي مع وصول كارلو أنشيلوتي. خلال الموسمين الماضيين، بدأ قطاع واسع من الجماهير بإطلاق الصافرات ضد كاسياس الذي بدا وكأنه لا يمكن المساس به، بعد إعادته للتشكيل الأساسي والاستغناء عن لوبيز وجلب الكوستاريكي كيلور نافاس ليكون بديلا ل”القديس”. ووضع كاسياس تحت المجهر خلال هذه العامين، كل خطأ كان يرتكبه كان يتم التركيز عليه، وأحد هذه الأخطاء كان في نهائي دوري الأبطال موسم 2013-2014 أمام أتلتيكو مدريد، وكاد يكلف الملكي اللقب، قبل أن يعدل سيرجيو راموس الأوضاع بتسجيل هدف التعادل في الوقت المحتسب بدلا من الضائع قبل أن يتوج الريال باللقب بالفوز 4-1. الفريق الأبيض سيبدأ مرحلة جديدة ما بعد كاسياس وكان هذا آخر لقب كبير يحرزه كاسياس مع الريال، بعد أكثر من عام على هذا اللقب وبعد موسم فشل فيه الملكي في التتويج بأي لقب كبير، يرحل كاسياس عن ريال مدريد.. يرحل الرجل الذي عايش العديد من الأجيال، وكان أكثر من حيّته الجماهير وأكثر من انتقدته أيضا. يرحل كاسياس ويترك تاريخه مع الغالاكتيكوس وآخر “النسور الخمسة”، وآخر لاعبين من كبار من تأهلوا داخل صفوف النادي راؤول وغوتي، عن الفريق الكبير الملتف حول كريستيانو رونالدو، انتهت حقبة كبيرة له مع ريال مدريد. والآن يفتح النادي حقبة أخرى دون إيكر كاسياس والعداد سيبدأ من الصفر.. ستبدأ مرحلة جديدة، مرحلة ما بعد كاسياس. فدونه ستكون هناك مرحلة ما قبل وما بعد. “انتهى الأمر” بهذه العبارة القصيرة بالفرنسية ودع إيكر كاسياس باكيا عشاق ريال مدريد بعدما قضى الحارس والقائد 16 موسما مع الفريق الأول في العملاق الأسباني. وجلس وحيدا في مواجهة ممثلي وسائل الإعلام في قاعة المؤتمرات الصحفية بملعب برنابيو. وغلبت الحارس البالغ من العمر 34 عاما الذي سيرحل إلى بورتو البرتغالي الدموع عدة مرات وهو يوجه الشكر لجماهير ريال مدريد على “منحي كل شيء”. وأضاف كاسياس الذي انضم إلى أكاديمية كرة القدم في ريال مدريد وهو في سن التاسعة وخاض أول مباراة له مع الفريق الأول وهو في سن 18 “ساعد هذا النادي في تكوين شخصيتي وتطوري”. وتابع “بعيدا عن تصنيفي كحارس جيد أو كحارس سيئ، أتمنى أن يتذكرني الناس بأني إنسان جيد”. وعبر كاسياس عن سعادته بالانضمام إلى بورتو الذي يدربه حارس أسبانيا السابق يولين لوبيتيجي، مؤكدا أنه سيقاتل من أجل الفوز بأكبر عدد ممكن من الألقاب. ويعتقد على نطاق واسع أن قراره بالرحيل عن ريال مدريد جاء مدفوعا بالوصول المتوقع لديفيد دي خيا حارس مانشستر يونايتد وأتلتيكو مدريد السابق الذي يتم تجهيزه أيضا لتولي مهمة حراسة أسبانيا. وقد يسمح اللعب بشكل منتظم في بورتو لكاسياس بالاستمرار في اللعب دوليا على الأقل حتى بطولة أوروبا التي ستحتضنها فرنسا العام المقبل. بيريز تحت النار تعرض فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد الأسباني لهجوم ضار بعد السماح للحارس المخضرم إيكر كاسياس بالرحيل إلى بورتو البرتغالي. وينضم كاسياس (34 عاما) إلى بورتو بعقد لمدة عامين، لينهي بذلك مسيرة استمرت 25 عاما في سانتياغو برنابيو، حيث دخل النادي لأول مرة وهو في التاسعة من عمره. ربما أقام ريال مدريد مراسم وداع متوهّجة نسبيا ولكن القرار تعرض لانتقادات لاذعة في مدريد لأن كاسياس هو أسطورة حاضرة في سانتياغو برنابيو، حيث قاد الملكي ل19 لقبا خلال 16 عاما، كما ساعد منتخب أسبانيا على التتويج بلقب يورو 2008 و2012 ولقب مونديال 2010. كما لم ينج بيريز من الانتقادات اللاذعة أيضا لسماحه برحيل كاسياس قبل التعاقد مع حارس بديل له، حيث أن الحارس الكوستاريكي كيلور نافاس سيغيب عن الملاعب حتى أغسطس بسبب الإصابة التي لحقت به مع منتخب بلاده الشهر الماضي. كاسياس يرحل ويترك تاريخه مع "الغالاكتيكوس" و"النسور الخمسة"، وآخر لاعبين من كبار من تأهلوا داخل صفوف النادي راؤول وغوتي، والآن عن الفريق الكبير الملتف حول كريستيانو رونالدو، انتهت حقبة كبيرة للقديس مع ريال مدريد وأشاد بيريز بالحارس إيكر كاسياس خلال حفل تكريمه، قائلا “لقد حاز على احترامنا طوال 25 عاما كما استطاع أن يكتسب تعاطفنا وحبنا له بسلوكياته الرائعة.. سيرحل الحارس الأفضل في تاريخ ريال مدريد والحارس الأفضل في تاريخ أسبانيا أيضا”. وأضاف “إيكر سيرحل عنا لأن هذه كانت رغبته.. لم يطلب أحد منه داخل ريال مدريد أن يترك النادي.. لقد كان لديه عرض وطلب منا أن نقيّمه.. أدرك أن إيكر يبحث عن مرحلة جديدة.. كنت آمل أن ينهي مسيرته في ريال مدريد ولكنني أتفهم موقفه”. وأردف رئيس ريال مدريد قائلا “جماهير ريال مدريد ستعتبر كاسياس من أهم اللاعبين في تاريخ هذا النادي.. إيكر كان يرغب في وداع بسيط وغير مكلف.. لقد ثمّن التكريم الذي تلقاه.. نعمل على إقامة مباراة تكريمية له”. واختتم قائلا “تعودت على تلقي الانتقادات. كنت أفضّل أن يكون حفل التكريم بحضور جميع اللاعبين ولكن إيكر كان يرغب في وداع بسيط.. تجمعني علاقة طيّبة بكاسياس.. لم يثر أي مشكلة في هذا النادي وكان دائما مثالا يحتذى به”. ومن جانبه، أعرب كاسياس عن شكره وامتنانه لكلمات بيريز ووجه شكره مجددا لجماهير النادي المدريدي. وقال “هذا يومي الأول كلاعب في نادي بورتو.. أثق بأنني.. سأحظى بالمزيد من اللحظات في هذا الملعب.. أشكر جميع مشجعي ريال مدريد الذين ساندوني دائما.. أعتذر لكل من جمعتني بهم بعض الخلافات.. سأتذكر دائما الأشياء واللحظات الجميلة والألقاب التي حققناها”. وتابع “أنا مشجع لريال مدريد وسآتي لمساندة الفريق كلما استطعت.. سأسعى إلى أن أحمل انتمائي للنادي أينما ذهبت”.
