مع انتشار الأمراض الخطيرة والمعدية في الآونة الأخيرة ظهر تساؤل خاص حول مرضي الجذام، خاصة بسبب اتجاه بعضهم للتسول سواء في وسائل المواصلات المزدحمة أو في الشوارع والطرقات، مما يدعو إلي التساؤل هل من الممكن أن يتسببوا في نقل العدوي لغيرهم من الأصحاء؟ ( صوت البلد ) توجهت الي مستشفي الجذام بأبو زعبل وحاولت التعرف علي المرض وكيفية علاجه والوقاية منه. في البداية قال أحد المرضي: أصبت بالمرض وأنا في الثانية عشر من عمري، وظللت أبحث عن العلاج لمدة 4 سنوات حتي نصحني البعض بالذهاب إلي مستشفي أبو زعبل، وبالفعل ذهبت وتم شفائي بحمد الله، وأمارس حياتي حاليا بشكل طبيعي، وأعمل في مجال الكهرباء، كما أنني تزوجت وسوف أرزق بمولود قريبا". وأضاف "لا أعرف من الذي نقل إلي عدوي المرض، ولكنني أشك فيمن أرضعتني، فقد توفيت أمي وعمري عامان فأوكلوني لإحدي النساء لترضعني، وقد لاحظت عليها بعد ذلك بعضا من الأعراض التي أصابتني". مريض آخر أكد انه خلال تواجده في المستشفي استطاع الحصول علي احصائية تؤكد أن حالات الإصابة الجديدة بالمرض لا تتعدي 5% ، وأرجع ذلك إلي التقدم الطبي، مشيرا إلي أن أغلب المتعافين من المرض يعيشون في عزبة "الصفيح" التي أطلقت عليها الحكومة اسم عزبة "الشهيد عبد المنعم رياض" وذلك لتخوف الناس منهم، ولأن أسعار الأراضي متدنية في هذه المنطقة.وأوضح أن 90% ممن يعيشون في العزبة من الأصحاء ،وهم إما أبناء المصابين ولكنهم أصحاء أو مواطنون عاديون اختاروا العزبة لرخص الأسعار بها . وأوضح أنه لا خطورة علي الإطلاق من سكان العزبة لأنهم تلقوا العلاج، ولكن الخطورة تكمن فيمن يأتون من قراهم ولا يعالجون بالمستشفي، مشيرا إلي أن العدوي قد تنتقل عن طريق الاحتكاك المباشر، والبصاق، ونقل الدم. وحول المعيشة بعزبة الصفيح، قال محمد عبد العال عضو أحدي الجمعيات الخيرية :أزور أهل عزبة الصفيح منذ أكثر من 20 عاما وبحمد الله لا يوجد منهم أي خطورة". وأوضح أن أغلب "العشش" التي يسكنها المواطنون لا يوجد بها دورات مياه، وأنه قام بمساعدة أهل الخير ببناء العديد من دورات المياه لأهل العزبة. وأضاف أن أبناء المرضي الأصحاء يخرجون من العزبة ويعملون لإعالة أسرهم، كما يعمل الكثيرون منهم في الزراعة داخل العزبة وفي أعمال البناء. ويقول د. أحمد راشد مدير مستشفي الجذام بأبو زعبل : إن هؤلاء المتسولين لا يمثلون أي خطر وإن التشوهات الظاهرة لديهم ما هي إلا آثارجانبية للمرض. وأوضح أنه لا يسمح لأي مريض لم يستكمل العلاج بالخروج من المستشفي، مشيرا إلي أن مريض الجذام بعد 15 يوما من العلاج لا ينقل العدوي لأي شخص، وبعد شهرين يتحول المرض إلي "سلبي". وأضاف د. راشد أنه يعالج بالمستشفي حاليا 750 مريضا، منهم نحو 60 أو 70 حالة جديدة، وباقي الحالات أغلبها مقيمة في المستشفي منذ فترة طويلة. وأكد أن أي حالة جديدة تأتي للمستشفي تحجز في العنبر" الإيجابي" حتي يتم الشفاء الكامل. وأوضح أن البلاد الأوروبية منعت حجز مرضي الجذام في المصحات مادام قد توافر العلاج فيحصل عليه المريض ويعود لمنزله. وحول كيفيه انتقال العدوي أوضح د. راشد أنه قد يكون أحد الأشخاص حاملا لفيروس المرض، ولكنه يتمتع بمناعة قوية ولا تظهر عليه أعراض المرض، فينقل العدوي لأي من المخالطين له الذين تكون مناعتهم ضعيفة، مشيرا إلي أن المرض قد لا يظهر عند من أصيب بالعدوي إلا بعد سنين، حيث إن فترة حضانة المرض طويلة. ويقول د. حاتم عبد الستار بمستشفي الجذام بأبو زعبل : إن الجذام مرض بكتيري تسببه بكتيريا تسمي "مايكو باكتيريام ليبراي" تصيب الجلد والأعصاب بصفة انتقائية، ومن أعراض المرض ظهور أورام وعقد في الوجه، خاصة حيث تمحي معالمه، وتؤدي إلي سقوط شعر الأهداب والحاجبين، وتآكل الأغشية المخاطية في العينين والفم والأنف، كما يسبب أوراما في اليدين والقدمين مؤدية إلي سقوط الأصابع - بعضها أو كلها - وحدوث تشوهات أخري في الأطراف والجلد والأذن وغير ذلك. ويسمي مرض الجذام أيضا باسم مرض هانسن نسبة إلي د. أرمور هانسن أول من اكتشف الباكتيريا المسببة للمرض ، والمرض غير وراثي والعدوي تحدث بالمخالطة والمعايشة لفترة طويلة مع مصاب الجذام، مع ملاحظة أن مريض الجذام الذي يكون تحت العلاج الطبي لا يكون معديا.