وبين القضاء بعد حكم المحكمة الإدارية العليا بإلزامها إعطاء تصريح زواج ثان للمطلقين، وهو ما ترفضه الكنيسة بالنسبة للمطلقين لغير علة الزنا طبقاً لتعاليم السيد المسيح الواردة في الإنجيل. مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين واحد من أقدم وأطول مشاريع القوانين دراسة؛ حيث مضي علي طرحه حوالي 30 عاماً فقد قدمه البابا شنودة لأول مرة في عام 1980 للدكتور صوفي أبو طالب، رئيس مجلس الشعب، وقتها بعد أن وافق علي المشروع قادة الكنائس الثلاثة "الأروثوذكسية، والكاثوليكية، والبروتستانتية"، بعد حوالي عامين من المناقشة، ثم أعيد تقديمه مرة أخري إلي وزارة العدل في عام 1999 في عهد وزيرها السابق المستشار فاروق سيف النصر، بعد أن تم تعديله والاتفاق عليه مرة أخري بين مختلف الكنائس في مصر، ولكنه لم ينظر طوال أكثر من 30 عاماً، حتي نشبت الأزمة الأخيرة التي أظهرت مدي الحاجة إليه. قرار وزير العدل، حدد مدة 30 يوماً للانتهاء من مشروع القانون، غير أن بعض أعضاء اللجنة رأوا أن المدة قد تمتد لأكثر من ذلك إلا أنهم أكدوا أن المشروع يمكن أن يكون جاهزاً لينظره مجلس الشعب في دورته المقبلة في نوفمبر المقبل. الغريب في الأمر المفاجآت والمفارقات التي شهدتها الساحة، والتي من أهمها التضارب حول ممثل الكنيسة البروتستانتية في اللجنة التي ستقوم بإعداد القانون، هل هو المستشار مكرم لمعي؟ .. أم هو القس د. إكرام لمعي، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الإنجيلية؟ .. خاصة مع اتجاهات العلمانية التي جعلت البعض في الكنيسة الأرثوذكسية يتخوف من وجوده في اللجنة حتي حسم القس د. صفوت البياضي، رئيس الطائفة الإنجيلية، الأمر.. وأكد أن المستشار مكرم لمعي هو الذي اختارته وزارة العدل ليكون ممثل الإنجيليين في اللجنة، وأن إكرام لمعي هو أيضاً ممثل الكنيسة الإنجيلية في اللجنة، وأن كليهما يعبران عما تتفق عليه الكنيسة الإنجيلية.. مؤكداً أن إكرام سيلتزم برأي الكنيسة الإنجيلية مهما كان رأيه الشخصي. قداسة البابا شنودة - من جانبه - يجري اتصالاته لتوحيد مواقف الكنائس المسيحية الثلاث في مصر؛ لدعم مشروع القانون وحل أي مشكلات قد تعرقل الطريق أمام إصداره. الأنبا مرقس، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية، أكد أنه بالنسبة للبنود التي تقترحها الكنيسة لكي يتضمنها المشروع، فإنه علي اللجنة التي شكلها وزير العدل أن ترجع وتستعين بمشروع القانون الموحد للأحوال الشخصية لغير المسلمين الذي قدم لوزارة العدل في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، والذي وافقت عليه جميع الطوائف المسيحية وقتها. كما أن كل الأمور الخلافية المتعارض عليها يمكن تأجيلها ودراستها فيما بعد، ولكن نحن الآن في حاجة ماسة إلي البنود المتفق عليها لسرعة إصدار القانون . المستشار منصف سليمان، أحد أعضاء لجنة إعداد القانون، يري أن القانون سوف يلتزم تماماً بأحكام الطلاق الواردة في الإنجيل، وهو ما سينهي أي احتمالية للصدام بين أحكام القضاء وبين موقف الكنيسة.. وأضاف أن المشروع وافقت عليه جميع الطوائف مع تحفظ وحيد من الكنيسة الكاثوليكية، بأنهم لا يعترفون بالطلاق إطلاقاً حتي لعلة الزنا، وإنما تستبدله بالتفريق المدني بين الزوجين. وعن النقاط التي كان يعترض عليها البعض في المشروع القديم، وكانت السبب في عرقلة إصداره طوال أكثر من30 عاماً، فقد أكد المستشار منصف أن جميع النصوص التي لا أصل لها في الإنجيل لن يتم التمسك بها، كما تم حذف المواد الخاصة بالتبني في المشروع الجديد ليكون متماشياً مع النظام العام في مصر ومع سائر القوانين وكذلك تم توحيد كلمة الزواج بما يتفق مع أحكام قانون الطفل، وبالتالي فلا توجد عوائق أمام مشروع القانون، وكذلك سن الحضانة الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أحكام لائحة 38 فيما تضمنته في شأنه تم استبعاده، ومما يذكر في هذا الشأن أن المحكمة قبل أن تقضي في مسألة سن الحضانة استطلعت رأي الكنيسة، وأخذت مما ارتأته الكنيسة بأن هذا النص ليس له أصل في الإنجيل، وإنما هو استحسان من مشرعي لائحة 38 والحكم. وألمح إلي أن شريعة الزوجة الواحدة وتحريم الطلاق إلا لعلة الزنا، هو أصل من أصول المسيحية، وهذا أيضاً دليل علي أن الكنيسة هي المرجعية في المسيحية في المسائل الدينية، كما أن الأزهر هو المرجعية في كل ما يتعلق بالمسائل الدينية الإسلامية، وفقاً لما أفتت به الجمعية العمومية لمجلس الدولة. ونفي أن تكون هناك خلافات بين الأرثوذكس والبروتستانت بشأن القانون .. مشيراً إلي أنه حتي الآن لم تحدث أي خلافات مع البروتستانت بشأن مواد القانون. وقال القس صفوت البياضي إنه لا يوجد قانون وحده يحل كل المشكلات، فحتي قانون العقوبات لم يمنع الجريمة، فالزواج ليس متعة بين شخصين، ولكنه كيان أسري، وبالتالي فأي تفكك في العلاقة الزوجية، يؤثر تأثيراً سلبياً في المجتمع ككل ويكفي ما لدينا من أطفال الشوارع وتشرد الأبناء والبنات والمحاكم المكتظة بقضايا الأحوال الشخصية، ومع احترامنا لتشدد الكنيسة - وهذا حقها - فنحن نرجو أن تكون أيضاً أكثر تشدداً في مسئوليتها عن تكوين الأسرة وذلك بتوعية ليس فقط المتقدمين للزواج، ولكن أيضاً آبائهم عن كيفية الاختيار السليم لشريك الحياة المبني علي الأخلاق والمبادئ، وليس علي المظاهر والماديات فقط، وهذا أقوي من أي قانون للحفاظ علي استقرار الأسرة المصرية بصفة عامة.