والمشاكل المصرية والعربية والقومية بأسلوب ساخر خفيف. صحيح أن الطنطاوي لا يخبر القارئ بالفترة الزمنية التي كتب خلالها هذه المقالات، إلا أن عناوينها تشي بزمن معاصر لا يزال يعيشه العالم العربي عموما ومصر علي وجه الخصوص، ويستدل علي ذلك من سمة التنوع التي تتسم بها المواضيع المطروقة تحت تلك العناوين، فهو تنوع تفرضه البيئات والاهتمامات المختلفة التي يتناولها الكاتب بعمق، وهذا لا يخفي علي أحد رغم الجانب الساخر المسيطر علي لغته ومفرداته. ومقالة "فك المربوط وربط السايب"، التي اختارها المؤلف عنوانا لكتابه، تلخص سمة مواضيع مجموع المقالات في هذا الكتاب المؤلف من 116 صفحة، إذ يتناول قضية السحر والشعوذة في عالمنا العربي ولجوء الناس لقراءة طوالعهم، والكاتب هنا يأخذ مثالا شريحة الرياضيين الذين انغمسوا في هذه العادة فراحوا يستعينون بالدجالين لإحراز النصر بمبارياتهم. ويسلط الكتاب الجديد الضوء علي قضايا عدة فرضتها أحداث مصرية، ويتعرض في الآن ذاته لأحوال إنسانية عامة، وهموم عربية وقومية. وتتميز مقالات كتاب "فك المربوط وربط السايب" بأن بعضها يتصدي لأزمات لم تنته توابعها بعد، مثل مشكلة مباراة مصر والجزائر، والتي أفرد لها الكاتب أكثر من حديث، منكتاً علي ما حدث ولا يزال يحدث من بعض المتعصبين، وتلك السخرية كانت تصاحب قلم الكاتب في أغلبية معالجاته، وهو ما يؤشر إليه بداية عنوان الكتاب الظريف. ويأخذ الطنطاوي قارئه في سياحة مع شخصيات عدة، بداية من الفنان عمر الشريف، والعالم د. أحمد زويل، مروراً بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمطرب تامر حسني، وصولاً إلي رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون. ويستهل الطنطاوي مقالاته التي نشرت في جريدة "صوت البلد" المصرية المستقلة، بمقالة ذاتية بعنوان "البعكوكة لا تزال في يدي"، ويتحدث فيها عن أمنيات والده، وكيف كان الأب ينزعج حين يري ابنه يمسك بالمجلات والقصص والروايات والكتب المتنوعة، تاركاً كتبه الدراسية، مقارناً بين ذلك الموقف وموقف المؤلف من أولاده، إذ يحرص علي إعطائهم المجلات التي كان يؤنب بسببها، ومع ذلك يصرّ الصغار علي البحث عن رغباتهم الخاصة في فضائيات الأطفال أو الإنترنت، متسائلاً: هل كان والدي معذورا؟.. وهل أنا معذور فيما أقوم به أم أولادي هم المعذورون؟