واعتمدت الاستراتيجية علي التراكم العلمي المستمر في دراسة ظاهرة ادمان المخدرات في مصر علي مدي ما يقرب من 50 عاما، وتم طرح ومناقشة ومراجعة الاستراتيجية لمواجهة ظاهرة المخدرات خاصة بعد التغيرات الاجتماعية التي طرأت علي المجتمع والتحولات الاجتماعية المتسارعة التي كان لها أثرها علي جميع العمليات المرتبطة بظاهرة المخدرات لوضع استراتيجية قومية متكاملة لمواجهة الظاهرة الخطيرة والمدمرة للمجتمع لتطوير الاستراتيجية القومية القائمة لمكافحة وعلاج الادمان. وتهدف الاستراتيجية الجديدة التي تنبه المجتمع بجميع مؤسساته الي خطورة مشكلة المخدرات وتأثيرها علي الجوانب الصحية والاقتصادية والاجتماعية والامنية وتحديد أدوار كل مؤسسات المجتمع بمسئولياتها تجاه المشكلة في محاولة لكسب شركاء جدد في معركة مواجهة المخدرات سواء داخل المؤسسات الرسمية في الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية. تقوم الاستراتيجية علي محورين الأمني والتشريعي ويتمثل المحور الامني في العمل علي الحد من مكافحة زراعات المخدرات والتصدي لعمليات تهريب المخدرات عبر الحدود والموانئ واستمرار منع عمليات تصنيع وتحويل المواد المخدرة واستمرار جهود متابعة الثروات غير المشروعة الناتجة عن انشطة المخدرات وتكثيف الجهود من اجل تفكيك التحالف بين تجارة المخدرات وبين تمويل الانشطة الارهابية. ويتمثل المحور التشريعي في ايجاد منظومة تشريعية متكاملة تهيئ مناخا ملائماً لخفض العرض غير المشروع بالنسبة للمواد المخدرة وضمان تطبيق التشريعات المتعلقة بالتداول المشروع للمنشطات وكذلك ضمان المعالجة العلاجية للمدمنين وتحقيق الردع اللازم في شأن التحريض علي تعاطي المخدرات وتحقيق المواجهة التشريعية في حالة مخالفة احكام قانون تنظيم مهنة الصيدلة وتهيئة المناخ التشريعي لزيادة العمل التطوعي في هذا المجال و إقامة قضاء متخصص وسلطات تحقيق متخصصة في مجال المخدرات والتشجيع علي الابلاغ عن جرائم المخدرات وكفالة الحماية اللازمة للمبلغين والشهود وتنظيم تعاون جنائي دولي محكم في مجال المكافحة. وتفيد الدراسات الميدانية التي أعدتها وزارة الداخلية في مصر تزايد زراعات نبات الحشيش غير المشروعة واحتلال البانجو المرتبة الاولي بين المواد الادمانية رغم حملات الابادة شبه اليومية وكذلك تراجع مضبوطات المواد السائلة شبه اليومية وكذلك تراجع مضبوطات "الماكستون فورت" والاقراص "ابو صليبة" والمؤثرة علي الحالة النفسية مع تنامي ظاهرة العنف من قبل عصابات المخدرات. ولمواجهة تلك المشكلة التي تتزايد خطورتها يقترح رجال مكافحة وعلاج الادمان والتعاطي اجراء تعديلات تشريعية لجميع القوانين والقرارات الخاصة بمواجهة المشكلة وتشكيل لجنة لدراسة واجراء تعديل علي احكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة وتعديل قانون الاجراءات الجنائية واستحداث مواد قانونية جديدة ودراسة امكانية تمليك او تخصيص الاراضي التي تستخدم في زراعات غير مشروعة والمملوكة للدولة والاشخاص من مناطق اخري ولاسيما شباب الخريجين لخلق مجتمعات جديدة واعية واستمرار تنظيم الحملات علي مناطق تجمعات الشباب في النوادي والكافيتريات والمدراس والجامعات. وعن البعد التشريعي للاستراتيجية يؤكد المستشار سري صيام أنه مضت فترة طويلة من الزمن تصل الي 20 عاما علي صدور معظم تشريعات جرائم المخدرات دون اية تعديلات جذرية خاصة علي القانون 122 لسنة 1989 وقانون الصيدلة الصادر عام 1955. ولتطوير الاستراتيجية اقترح تشكيل لجان خاصة لمراجعة التشريعات بمساعدة مراكز البحوث والدراسات المتخصصة واجراء استطلاعات للرأي وعقد ندوات وورش ودعم الكيانات الموجودة مثل المجلس القومي لمكافحة الادمان. وحول دور العمل الاهلي في تفعيل الاستراتيجية تقول د. هويدا علي خبير بالمركز القومي للبحوث بضرورة مساهمة وشراكة المجتمع المدني لمواجهة المشكلة لخلق بيئة داعمة للمواطن ويقصد بالمجتمع المدني المنظمات الوسيطة مثل الاحزاب والنقابات العمالية والمهنية خلال تقديم جهود توعية وخدمات علاجية وتأهيل. وتقترح أيضاً انشاء عيادات متخصصة في بعض منظمات المجتمع المدني وربطها بمصحات العلاج واقتراح بانشاء ادارة داخل وزارة الصحة لمنظمات المجتمع المدني العاملة في المجال والبحث عن مصادر تمويل من رجال الاعمال والجمعيات الكبري ومراكز استشارات للمساهمة في العلاج الفردي. ويوضح د. طارق عبد الجواد أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أنه لابد من ادخال العلاجات النفسية كمكون اساسي في العلاج وادخال اساليب علاج الادمان كمكون اساسي في الدراسات الجامعية بكليات الطب وانشاء دراسة متخصصة في الادمان في مستوي الدراسات العليا وكذلك انشاء معاهد للتدريب علي العلاجات النفسية والتأهيلية الخاصة بالادمان والتأهيل والتنسيق مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل وتدريب للمدمنين المتعافين. وتري د. مني الحديدي أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة أنه لابد من تفعيل دور الاعلام بجميع وسائله شريكاً اساسياً في مواجهة المشكلة عن طريق التعريف بالقضية وابعادها ومردودها علي كل الاطراف وتشجيع العمل التطوعي او الكسب عبر ترويج المخدرات وغرس القيم والسلوكيات الايجابية لمواجهة المشكلة وعلاجها، ولا يتم ذلك الا بالانتاج المتميز الذي يخدم القضية وتدريب وتشجيع القائمين بالاتصال ماديا ومعنويا.