كل شيء هناك معد ومهيأ لاستقباله وحضانته وتعليمه، أما مستقبله فيظل غامضا خاصة مع النظرة الأمريكية للعرب ووضع الأقليات العربية هناك التي يتم اتهامها علي جميع الأشكال. لكن ظاهرة الفنانين وغيرهم من صفوة المجتمع الذين يصرون علي أن يحصل أبناؤهم علي الجنسية الأمريكية بأسهل طريقة وهي أن يولد هناك تشير إلي أن هؤلاء يتطلعون إلي أشياء كثيرة فهل يحلمون مثلا بأن ينال الابن حظ "أوباما" ويصبح رئيس العالم. أخر تلك الحالات الفنانة اللبنانية "نور" التي أكدت استعدادها لاستقبال مولودها الأول ومن أجل هذا الغرض قررت السفر إلي أمريكا لتضعه هناك، و نور ليست الأولي ولا الوحيدة ولن تكون الأخيرة التي فكرت بهذا المنطق وتحلم بمنح مولودها الجنسية الأمريكية التي تمكنه من التمتع بمزايا عديدة.. فقد سبقتها الفنانة المصرية لوسي قبل 41 عاماً.. حين قامت بوضع ابنها الوحيد فتحي الشهير ببندق من زوجها سلطان الكاشف في أمريكا.. وكذلك المطربة المغربية سميرة سعيد التي أنجبت ابنها شادي هناك. وكذلك الممثلة المصرية إيمي وزوجها الفنان اللبناني غسان المولي قررا أن يولد ابنهما الأول في أمريكا. فيما فكرت المطربة المصرية شيرين أثناء فترة حملها قبل عامين لمولودتها الأولي "ريم" أن تكون عملية الوضع بأمريكا إلا أن ظروفها الصحية حالت دون إمكانية هذا السفر فقامت بالوضع في مصر لكنها أكدت آنذاك أنها كانت تهدف بالطبع لأن يتمتع مولودها بمزايا الحصول علي الجنسية الأمريكية وأن هذا لا يتنافي أبدا مع انتمائها ومولودها إلي مصريته وعروبته التي تجري في دمه. ولم يعد ذلك التوجه مقصورة علي أهل الفن بل أصبحنا موجوداً لدي مواطنين عاديين. ولكن ماذا سيكون مستقبل هؤلاء الأطفال حين يصبحون شبابا ومواطنين أمريكيين يستطيعون الإسهام بدورهم في صناعة الرئيس الأمريكي أو يمكن لأحدهم أن يكون هو نفسه رئيس أمريكا. في البداية يقول لبيب السباعي، رئيس تحرير مجلة الشباب: طالما أن هذا الشاب يحمل الجنسية الأمريكية فهو إذن مواطن أمريكي وبالتالي من حقه أن يرشح نفسه لكرسي الحكم.. هذا بالطبع أمر وارد.. وهل كنا نتصور أن يأتي رئيسا لأمريكا مثل أوباما من أصول كينية أفريقية. ويضيف: أما مسألة أن يكون الصوت العربي أو المصري مؤثرا في صناعة القرار الأمريكي فهي مسألة غير محققة بالفعل.. لأننا نجد أن هناك ثلاثة ملايين عربي.. يحملون الجنسية الأمريكية ويعيشون هناك لا تشعر بتأثير وفعالية أصواتهم، فهي مسألة تحتاج إلي توحد لتجميع أصواتهم المبعثرة علي طريقة وقوة اللوبي اليهودي مثلا، إنما نحن العرب مازلنا أقليات.. وأصوات الأقليات لا تأثير لها مادامت مفتتة ولا يعمل لها في حسابات القوي هناك لأنها لا تشكل كتلة بالمعني المطلوب. ويري الكاتب يعقوب الشاروني، أن هذا الأمر يعود لافتقاد الانتماء وعدم تربية الأولاد علي الزهو ببلادهم وحضاراتهم وأبطالهم، ومن خبرتي وما رأيته في أمريكا أن أحدا من أصول مصرية أو عربية لم يفكر في هذا الاتجاه أو ذلك المنطق، وأحلامهم هناك تبتعد عن مسألة السياسة، الطامحون منهم يكون هدفهم متركزاً في أهمية وجودة التعليم هناك، أو خلق فرص عمل أفضل وتوفير مستوي معيشة أحسن بعيدا عن أي تطلعات سياسية. وتلتقط الحديث هالة يعقوب الشاروني، المتخصصة في علم النفس التعليمي وتقول: هؤلاء الأطفال ينشأون دون استقرار نفسي، أولا لديهم دائما إحساس بالتميز نظرا لهذه الجنسية التي يحملونها دون الآخرين من أقرانهم فضلا عن كونهم أساسا أبناء لفنانين فهم بدورهم في بؤرة الأضواء مما قد يدفعهم أحيانا للتكبر علي الآخرين.. وأحيانا يلجأ الأهل لذلك بحسن نية أملا في إيجاد فرصة تعليم أفضل أو من باب الاستسهال في منح أولادهم خبرات بمجهود أقل منهم لا يوفره نظام التعليم هناك، وبالطبع إذا كبر هؤلاء الأطفال ورغبوا في استكمال حياتهم هناك فلا أحد يستطيع منعهم وآنذاك يحق لهم التواجد في المناخ السياسي والمشاركة في صناعته بالطبع كما يتراءي لهم دون أي خط رجعة لأصولهم المصرية أو العربية. المنتجة مي مسحال تتحدث عن الأمر من خلال تجربتها الشخصية حيث لديها ابن عمره 15 عاماً.. يعيش الآن ويدرس في مصر ولكنها تهدف إلي أن تسفره إلي أمريكا التي ولد بها ليكمل دراسته هناك خاصة أنه هاوي لدراسة السينما التي تجد بالطبع أن دراستها في أمريكا أفضل بكثير من مصر. وتقول مي: بشكل عام لا أتحدث عن ابني ولكن عن كل طفل وشاب عربي يعيش هناك.. هو مواطن بدون كرامة!! ربما يكون للمواطن المنتمي لأصل خليجي بعض الكرامة إنما العرب بشكل عام فلا، وذلك بالتحديد بعدما تغيرت النظرة إلي العرب مؤخرا.. وكنت من أيام أتابع فيلم "أنا اسمي خان".. وباقي الاسم.."وأنا مش إرهابي" وكأنها التهمة الموازية لكونه عربيا.. وحتي لو الشعب الأمريكي معظمه طيب إلا أن توجهات الحكم والسياسة والنظرة للعرب تحدد بالتالي اتجاه معاملة الشعب لنا ومن ثم أري أن سيناريو وصول مواطن من أصل عربي حتي إذا ولد في أمريكا إلي الحكم هو سيناريو بعيد..