يعيد بلا أي مناورات قوانين شريعة الغاب، حيث البقاء للأقوي. حقا.. من الضحية؟! قد يبدو سؤالا هزليا دراماتيكيا في آن واحد، لو طرحناه عن هوية الضحية في جريمة قتل "كتر مايا" اللبنانية• لأن القصة كما تبدو معقدة جدا، مقارنة بالجرائم المتداولة في صفحات الحوادث، فجريمة قتل "مسلم" وسحله والتمثيل بجثته من قبل أهالي كتر مايا، قامت بناء علي جريمة مسبقة قام بها (مسلم) في قتل طفلتين وجدتهما، فقامت البلدة كلها جماعيا للثأر في جريمة بدت أيضا أكثر رعبا من الجريمة الأولي. وخلال زمن الجريمتين دخلت الحرب الإعلامية للصور، وسائل الإعلام أضاءت علي الحدث بشكل كاف جدا، واليوتيوب تطوع بعرض فيديو لجريمة قتل مسلم والتنكيل بجثته، ثم تم حذف الفيديو بعد أيام، وانشغل الإعلام المصري واللبناني بالحديث عن الجريمة الثانية (قتل مسلم)، في تجاوز للجريمة الأولي (قيام مسلم بقتل أربعة أشخاص بينهما طفلتين). فالجريمة الثانية، أي قيام أهالي كترمايا بقتل مسلم والتمثيل بجثته هي حدث مصور ومعروض شاهده آلاف الأشخاص عبر اليوتيوب، وحظي إثره مسلم بتعاطف الناس معه، وهذا أمر طبيعي جدا، في المقابل لا يوجد تصوير لجريمة القتل الأولي المتهم بها مسلم، الذي تم الانتقام منه بناء عليها، بالتالي يغيب هنا (مسلم) كشخص مجرم في أذهان الناس، ولن يحضر منه إلا صورته وهو منكل بجثته من قبل أهالي بلدة كتر مايا. لم يتحدث الإعلام عن أسباب الجريمة الأولي أو وقائعها، أي أن السؤال ببساطة الذي لم نحظ بإجابة عنه: "ما أسباب قتل مسلم للطفلتين وجدتهما؟".. ألا يحتاج الرأي العام أن يلم بأسباب كلتا الجريمتين، قبل حدوث أي تعاطف للتفضيل بين أحداهما، في حين ليس هناك أي تفضيل في عرف القتل. من هنا يبدو الكلام عن الجريمتين خاليا من التسلسل المنطقي للأحداث، جريمة أولي مروعة، تتبعها جريمة أكثر إجراما ورعبا، وتظل كلتا الجريمتين في كفة ميزان واحد، من الصعب أن ترجح إحدي الكفتين علي الأخري لنعرف من الضحية. لكن ما يبدو أكثر رعبا في كلا الجريمتين، هو أنهما تكشفان عن كم دفين من العنف الذي تم التعبير عنه بوضوح سافر، فالاحتمال القوي لو أن مسلم لم يكن مصريا، وكان لبنانيا من بلدة مجاورة، حينها ما من شك في قيام حرب أهلية جديدة بين البلدتين، لذا تبدو الصورة شديدة السواد في حدوث جريمة قتل أولي، لتواجهها جريمة قتل ثانية، في تسلسل إجرامي لا يرحم، يعيد بلا أي مناورات قوانين شريعة الغاب، حيث البقاء للأقوي.