أكد خبراء سياسيون وإسلاميون مصريون أن الخلاف السياسي بين أحزاب وقادة تيار الإسلام السياسي مجرد خلاف عابر لن يتوقفوا أمامه في حال وقوع مكروه لجماعة الإخوان أو الرئيس "مرسي"، من قبل التيار الليبرالي، وما يحدث حالياً على الساحة السياسية من تشويه وإبعاد لن يستمر كثيراً، في حال حدوث جلسة مصالحة بين التيارات المختلفة، نظراً لأن تفرقهم جاء نتيجة خلاف حول المناصب وليس حول الشريعة أو إدارة الدولة. باسل عادل عضو الهيئة العليا لحزب الدستور قال: إن التيار الإسلامي يمر بحالة فقدان توازن سياسي، نظراً لتراجع شعبيتهم في الشارع بعد فشل الرئيس "محمد مرسي" في تجربته المحسوب على التيار الإسلامي في الحكم، بجانب حالة السخط الشعبي من حزب النور السلفي لأنه كان أداة سهلة ومطيعة بين أيدي جماعة الإخوان المسلمين تحركهم متى وأينما شاءوا، حتى أصبح السلفيون ومن يمثلهم تابعين سياسياً لأوامر وتعليمات مكتب الإرشاد، لافتاً إلى أن الإخوان تلاعبوا بالسلفيين كثيراً منذ استفتاء مارس 2011 على التعديلات الدستورية التي أصدرها المجلس العسكري السابق، مروراً بانتخابات رئاسة الجمهورية حيث وعودهم بالمناصب وتخلوا عنهم فور تنصيب الرئيس على حكم البلاد، وأيضاً في معركة الدستور الإخواني كان السلفيون تابعين بطريقة أثارت سخرية المراقبين والشارع، لكن في الوقت نفسه فور احتياج الجماعة للتيار السلفي وعقد جلسة صلح مع مشايخهم سيكونون أول من يلبي واجب النداء الديني لنصرة حليفهم الدائم. ومن جانبه أضاف عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الخلاف بين الإخوان والسلفيين أثبت أن مكتب الإرشاد هو الذي يدير البلاد بطريقته ويتجاهل حلفاءه، كما أن الخلاف أوضح فشل المشروع الإسلامي لأنه لم يقم على أسس مدنية وسياسية وعلمية، لأنهم اتحدوا على استجلاب عواطف الناس بالدين دون أدنى رؤية سياسية أو تقديم الكفاءات حتى وإن كانت على خلاف أيديولوجي معهم، مطالباً التيار المدني باستغلال هذا الخلاف سياسياً وشعبياً لأن السلفيين قوة شعبية يستطيعون مجابهة الإخوان ومؤيديهم، وخلافهم مع الإخوان خطوة إيجابية في التحرر من هيمنة مكتب الإرشاد على عقول تيار الإسلام السياسي. بينما أوضح د. صفوت عبد الغني عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، أن فجوة وانشقاق التيار السلفي تعد بمثابة انهيار لشعبية السلفيين في الشارع، مما يضر كثيراً بالإسلاميين عامة ويجعل القوى المعارضة في موقع أفضل شعبياً من تيار الإسلام السياسي، مؤكداً أن الأطماع الشخصية لبعض القيادات السلفية في تولي المناصب ظهرت منذ صعود الرئيس "محمد مرسي" إلى الحكم رداً على وقوفهم بجوار الإخوان في الانتخابات الرئاسية وجميع معاركهم مع المعارضة، كما أن تزايد الخلاف يخدم أعداء المشروع الإسلامي والتيار السلفي هو الخاسر، ولابد من المصالحة العاجلة والحوار للخروج من هذه الأزمة. مؤامرة سياسية في حين أشار د. صلاح حامد عضو مجلس شورى الجماعة السلفية، إلى أن الإسلاميين يتعرضون لمؤامرات سياسية خارجية، بهدف إضعاف صورتهم وشعبيتهم أمام الرأي العام، حتى يفقد المواطن الثقة في كل ما هو إسلامي سياسي، وللأسف نجحوا في مخططهم وتشعب التيار الإسلامي إلى سلطة الإخوان ومعارضة السلفيين، لافتاً إلى أن مكتب الإرشاد هو الذي أحدث هذا الشرخ بعد وعوده الزائفة في عدم عودة العلاقات مع "إيران"، وللأسف تنصل "مرسي" وجماعته من وعودهم وفتحوا الباب على مصراعيه أمام الشيعة لضرب السنة والمصريين في عقيدتهم، بالإضافة إلى جلوسه مع قاتلي الشعب السوري ووضعه يديه في أيديهم مثل "روسيا والصين وإيران" واستقبل قادتهم بالأحضان، بعد أن استبشر المصريون خيراً في رئيسهم الذي اعترف بالمعارضة السورية وطالب بإسقاط الرئيس "بشار الأسد"، لكنه التف حول الإرادة الشعبية وهرول إلى الأموال حتى تبدلت موافقه ومبادئه. وفي السياق نفسه أوضح نبيل نعيم مسؤول جماعة الجهاد الإسلامي، أن هناك خلافًا بين جماعة الإخوان والسلفيين منذ بداية ظهور الدعوة السلفية بعد الثورة مباشرة، نظراً لوجود حالة صراع بين الطرفين لكيفية الاستحواذ على الشارع المصري، موضحاً أنه عندما شعرت جماعة الإخوان المسلمين حينما شعروا بحاجة إلى التيار السلفي في معاركهم مع القوى المعارضة والمجلس العسكري السابق أقاموا معهم تربيطات وتحالفات سياسية، ولكن بعدها اكتشف السلفيون الطبيعة الحقيقية لجماعة الإخوان أنها تستخدم التيار الإسلامي ومؤيديه كوسيلة لتحقيق أهدافها دون أي مقابل سياسي، كما أن ازدواجية الإخوان ستتغلب على مبادئهم وسيأتون زحفاً إلى السلفيين طمعاً في بعض الكراسي البرلمانية في الانتخابات القادمة. ومن جانبه أوضح محمد القاضي عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، أن جماعة الإخوان المسلمين يريدون من الأحزاب الإسلامية أو الليبرالية التي تتعامل معهم أن يسيروا على مبدأ السمع والطاعة، وخلاف ذلك يكون مصير المختلفين معهم الطرد أو التشويه من النعيم الإخواني، لافتاً إلى أن الإخوان تحرص على المناصب والكراسي وتدفع ثمنها باستغلال الدين والشريعة ونصرتها، وتتعامل مع الأحزاب الإسلامية كأنها جزء من التنظيم الإخواني، ورغم نصائح السلفيين المتعددة بضرورة مراعاة الأولويات التي ينبغي أن يتبناها الرئيس وجماعته، مثل التوافق السياسي وتحقيق مطالب المواطنين وتقديم تنازلات للمعارضة، وللأسف تنظر لنفسها على أنها صاحبة المشروع الإسلامي وعلى باقي الحركات الإسلامية أن يكونوا جزءاً من هذا المشروع، أو على الأقل تكون مؤيدة وطاعية، وإلا اعتبرتها الجماعة عقبة في طريق المشروع الإسلامي لابد من إزالتها وإقصائها. وفي رأي د. محمد إبراهيم منصور عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفي، أن السلفيين اكتشفوا خداع الإخوان وكذبهم بعد انفرادهم بالسلطة، حيث فطنوا بأن الجماعة تحتاج إليهم لتحقيق مصالحهم وأغراضهم السياسية فقط، وبعدها يصبح التجاهل التام سيد الموقف بين الطرفين، وهو ما جعل السلفيين يرغبون في الاستقلال السياسي بعيداً عن جناح الإخوان خاصة بعد تزايد الشعور العام أنهم أصبحوا أداة الغلبة للإخوان في التأييد والرفض، لافتاً إلى أن امتلاك السلفيين قبولًا شعبيًا سياسيًا من كافة القوى الليبرالية يجعلهم الفصيل الجاهز لخلافة الإخوان، نظراً لأن هاجس الجماعة يكمن في كيفية التمكين وأخونة من الدولة وتقديم أهل الثقة وإبعاد أهل الكفاءة خلافاً للسلفيين الذين يريدون الاستقرار وتقديم الكفاءات. ويرى د. ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، أن جزءاً كبيراً من الخلاف السياسي الموجود بين الإخوان والسلفيين تاريخي، لكن ظهرت آثاره بعد الثورة مباشرة بعد الظهور والاحتكاك السياسي، لافتاً إلى أنه أثناء الانتخابات الرئاسية كانت هناك مخاوف من السلفيين من فوز "محمد مرسي" بالرئاسة خشية أن يسيطر فصيل إسلامي واحد على السلطة، لكنهم يستخدمون ملف الأخونة في تدمير البلاد، منوهاً أن السلفيين يسعون إلى الاشتراك مع فصائل المعارضة الأخرى لإنقاذ البلاد من التوغل الإخواني.