محافظ الدقهلية يشارك في احتفالية تكريم الطلاب المتفوقين من أبناء المهندسين    في جولة ليلية.. وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة المخالفات بالممشى السياحى بمدينة دهب    إدانة مواطن أمريكي بتهمة محاولة اغتيال ترامب في فلوريدا    ماكرون: الذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر ويستدعي تنسيقًا دوليًا    ترامب: سنواصل بيع الأسلحة لدول الناتو لتفعل «ما يحلو لها»    هاني رمزي: الموهبة وحدها لا تكفي وحدها.. والانضباط يصنع نجمًا عالميًا    وزير الرياضة يهنئ نادي بيراميدز بتتويجه بكأس القارات الثلاث    انهيار سد في تايوان بسبب إعصار راجاسا المدمر ووقوع إصابات    مصرع ربة منزل سقطت من شرفة منزلها بالبحيرة    فيديو | استقبال تاريخي لأنغام في «حفل لندن».. والفنانة ترد بالقبلات    نقابة المهن التمثيلية تنعي مرفت زعزع: فقدنا أيقونة استعراضات مسرحية    «القاهرة السينمائي»: الدورة 46 تحمل مفاجآت.. ونحافظ على روح المهرجان الكلاسيكية    «أوقاف أسوان» تكرم 114 من حفظة القرآن فى ختام الأنشطة الصيفية    هشام حنفي: القمة فرصة ذهبية لعودة الأهلي والزمالك مطالب بتحسين الأداء    «احمديات»: لماذا ! يريدون تدميرها    ميلان يحجز مقعده في ثمن نهائي كأس إيطاليا بثلاثية نظيفة أمام ليتشي    رابطة الأندية تخطر استاد القاهرة بنقل المباريات بعد القمة دعمًا للمنتخب الوطني    أحمد الشرع: على إسرائيل العودة إلى ما قبل 8 ديسمبر 2024.. ولن نكون مصدر خطر لأحد    كوريا الجنوبية: ندرس الاعتراف بدولة فلسطين في إطار حل الدولتين    حبس مطرب المهرجانات "عمر أى دى" 4 أيام بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء بالإسكندرية    تفاصيل توزيع أعمال السنة للصفين الأول والثاني الثانوي 2025-2026    قرارات جديدة من وزارة التربية والتعليم بشأن الصف الأول الثانوي 2025-2026 في أول أسبوع دراسة    وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة الإشغالات والمخالفات بالممشى السياحي بدهب.. صور    عيار 21 يسجل أعلى مستوياته.. ارتفاع كبير في أسعار الذهب اليوم بالصاغة محليًا وعالميًا    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    مسلم يفجر أسرار عائلته: «من 15 سنة سبت البيت والجيران كانوا بيسمعوا عياطي»    وفاة النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي «ملكة جمال تونس 1957»    هل تدخل الخطيب لحذف منشور تهنئة سراج الدين لبيراميدز؟ مصدر يكشف الكواليس    «وريهم العين الحمرا.. واللي مش عاجبه يمشي».. رسالة خاصة من إبراهيم سعيد ل وليد صلاح الدين    مثمر للغاية، بيان مرتقب من أردوغان بعد اجتماع ترامب مع قادة إسلاميين حول غزة    القبض نزل، بدء صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للعاملين بالدولة    رئيس الوزراء يؤكد لرئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمنى دعم مصر للحكومة الشرعية فى عدن    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 سبتمبر في محافظة الغربية    نتيجة وملخص أهداف مباراة ليفربول ضد ساوثهامبتون في كأس الرابطة الإنجليزية    حماية المستهلك يضبط 46 مخالفة في حملة ليلية مفاجئة بالمقطم لمتابعة مبادرة خفض الأسعار    ماكرون يحذر إسرائيل من أي إجراءات انتقامية: «فرنسا لن تقف مكتوفة الأيدي»    رسميًا.. موعد الإجازة المقبلة للقطاع العام والخاص والبنوك (يومان عطلة في سبتمبر)    عاجل- وزير التعليم العالي يطمئن معيد آداب سوهاج: التعيين محفوظ والدعم الصحي كامل    إهماله يجذب الحشرات والبكتيريا.. خطوات تنظيف سيراميك المطبخ من الدهون    جامعة قناة السويس تكرم الدكتورة سحر حساني والدكتورة شيماء حسن في حفل التميز العلمي    بمقدم 25 ألف جنيه تقدر تشترى قطعة أرض.. اعرف التفاصيل    عضو شعبة السيارات: أسعار السيارات انخفضت بسبب استقرار العملة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تدعو الطلاب للإسراع بالتقديم الإلكتروني قبل انتهاء المهلة    بعد اعتراض الرئيس، هل يعيد مجلس النواب مناقشة قانون الإجراءات الجنائية؟ (فيديو)    تمسك برأيك.. حظك اليوم برج الدلو 24 سبتمبر    مندوب مصر بالأمم المتحدة: مصر حرصت على تجنب العديد من الاستفزازات    ترامب: نريد إنهاء الحرب في غزة واستعادة المحتجزين.. صور    النائب محمد زكي: ملفات التعليم والصحة والاقتصاد تتصدر أولوياتي    مصرع 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين على صحراوى البحيرة    رئيس شركة «غازتك» ينتقل إلى موقع تسريب الغاز بمحطة القصر العينى.. صور    حملات موسعة لإزالة التعديات بشوارع المجزر الآلي واللبيني وزغلول وكعبيش    إجراء جراحة ناجحة استمرت 17 ساعة لاعتدال عمود فقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    مدير فرع الرعاية الصحية بالأقصر يطلق مبادرة "اليوم المفتوح".. صور    بعد انطلاق موسم الدراسة.. 5 أطعمة لا تضعيها لأطفالك في «اللانش بوكس»    ما حكم الحصول على مال مقابل "لايكات" على فيديوهات المنصات؟ أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    ما حكم الاستثمار فى صناديق الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    اليوم العالمي للغة الإشارة.. 4 خطوات أساسية لتعلمها وإتقانها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الستار ناصر.. صراخ لايمنعه الضجيج
نشر في صوت البلد يوم 27 - 04 - 2010

أيقنت بعد كلام ناصر أن عمرنا بدأ يذوي كما النخلة التي اصابها مرض ، بسبب هذا الاهمال الذي يتعرض له أصحاب القلم من أصحاب القرار! يا أهل القرار عبد الستار ناصر يموت على مهل في غربته ،الاتعرفون من هو هذا العملاق أو كأنكم تقولون لنا : ( كفاكم كلاما ، فقد مللنا من قصصكم ، ورواياتكم ، ودواوين شعركم ) ، هوذا قولكم لناصركما المسه ، ناصر حبيس الدار والمرض ، وهو ما ستقولوه لنا حينما تجدون أننا بدأنا نخط بأيدينا نعينا الآتي يوما بعد يوم .
لم تعد أصابع كاتبنا تعينه على الكتابة بسبب تلك الأزمة القلبية والدماغية التي داهمته قبل شهور ونجا منها باعجوبة ، تلك الاصابع التي خطت لنا مأثرته " الطاطران " ، و " حياتي في قصص " ، و " سوق السراي " ، و " باب القشلة " ، و " حمار على الجبل " ، و " على فراش الموز " ، و " الحكواتي " ، و " سوق الوراقين " ، و " كتابات في القصة القصيرة والشعر " ، و " الهجرة نحو الامس " ، وعشرات اخرى من القصص والكتابات الادبية والنقدية ، ومع انه لايستطيع الفكاك من هوس ووسوسة القراءة والكتابة فقد تركها منذ ستة شهور وحتى اليوم بسبب ما أصابه إلا ان رفيقة دربه الاديبة والروائية السيدة هدية حسين أخذت على عاتقها كتابة وطبع ما يمليه عليها ليكون على تواصل مع قرائه الذين لم ينسوه في حبوره ومرحه ، صحته ومرضه ، غير ان الذي يستفزه هذا الصمت الذي يعيشه أو هكذا يقول : ( لاشيئ يستفزني غير الصمت الذي أنا فيه .. ماكنت أصدق يوما أنني سأكف تقريبا عن القراءة والكتابة ؟ ) .فاذا أردت ان تحكم على الكاتب بالموت فامنع عنه هذه الوسائل ، فقد قالها الاديب الروسي سولجينتسين مرة وهو يغادر روسيا منفيا بسبب آراؤه وكتاباته : ( ليس بامكانكم قتلي بسهولة ، لكنكم إذا اردتم ان تنفذوا موتي سريعا فامنعوني عن القراءة والكتابة ) .
عبد الستار ناصر وبعد ان كان مالئ المكتبات بكتبه ، والصحف والمجلات بمقالاته ، وشغل النقاد بهم ، مسافر لم تتعب قدماه من السفر ، هاهو يمضي يومه بين النوم والنوم ، لا انشغالات ولا قراءات ولا زيارات ، انها شكوى يبوحها ناصر بعد ان كان لا ينام إلا سويعات قليلة ، ويومه مليئ بوجوه يلتقيها وأخرى يودعها ، كان لايعرف شيئا أسمه الفراغ ففي قلب الزحمة يولد العمل كما يتوهج الابداع .
هذه الشكوى قالها ويقولها عشرات المبدعين الذين سكنوا الغربة فلم يسأل عنهم أحد ، واختيارات المنافي لم تكن ترفا سعوا اليه بقدر ما هو محض تجني طالما كانت هناك قسوة ، ففي ضل " جمهورية الخوف " * راح العشرات من مبدعي العراق يتوسدون المنافي بحثا عن الأمان والحرية ، حطوا فيها ولم يك في جيوبهم إلا دراهم معدودة ، فسكنوا حيطانا مهدمة واعشاشا متهرئة ، لكنهم سرعان ما قاموا كما العنقاء فأعادوا البريق لاسمائهم وشغلوا تلك المنافي بكتاباتهم وفنونهم ، انها صنعة لايقدر عليها إلا من عركته الحياة وعجنته الآلام ، وناصر أحد هؤلاء . ، فهو ما إن وطأت قدماه أرض الغربة حتى شمر عن ساعديه وامسك القلم بعد ان هجره سنوات ، ففي كتابه " الهجرة نحو الأمس " يعطينا ناصر صورة مجسمة لواقعه الذي بدأ يتفتح من جديد فيقول : ( هي فكرة خطفت مثل نيزك ذات ليل ، أن أجمع بعض النصوص وأربطها بما جرى في حياتي ، زائدا ما أملكه من معلومات عن أدباء العراق وما حل بهم من هجرة وموت وشتات وأسرار ، الكتاب حزمة حقائق عن زمن أسود ما كان من أحد يصدق يوما بأنه سينطمر ويمضي الى الجحيم بعد أن تحررنا منه ... منذ الثالث والعشرين من تشرين الاول / أكتوبر 1999 حتى الثالث والعشرين من شباط / فبراير 2007 نشرت عشرين كتابا في الرواية والقصة القصيرة والنقد والمسرح ، بينما كتابي هذا - نشر عام 2008 - وحده الذي لاأعرف ماذا سيقال عنه ، فهو دون هوية معقولة وبلا نسب أو أب أو عائلة أو عشيرة .
كونوا أنتم عشيرته إن شئتم ، والمهم أنه جاء الى الدنيا بعد ولادة عسيرة وليس من الرحمة أن يعود إلى الرحم ) . *
كان لايفتأ يتذكر الاحباب والاصدقاء وقد كتب عنهم مع أول وصوله دار اغترابه كتابا اسماه " باب القشلة " نشره في العام 2003 يقول فيه : ( هذا الكتاب يتمم كتابي السابق " سوق السراي " اجمع فيه شلة رائعة من الشعراء والروائيين وكتاب المذكرات احكي فيه عن اصدقائي واساتذتي واقراني من المبدعين افتح باب بيتي وقلبي امام فاضل العزاوي ، و عدنان الصائغ ، و عبد الرحمن الربيعي ، و دنيا ميخائيل ، و عبد الرزاق الربيعي ، و سعد جاسم ، و حسن النواب ، كما احكي فيه قصة قراءات مهمة في اعمال ادوارد سعيد ، و هرمان هسه ، و جوردن توماس ، و خالد محمد غازي ، و سلام عبود ، و نقاش مفتوح مع لنا عبد الرحمن ، و فاطمة المحسن ، و احلام مستغانمي وباقة ورد في ذكرى جان بول سارتر الكبير ، الى جانب مجموعة من المقالات استذكر فيها همومنا وشجون حياتنا - داخل العراق وخارجه - عن مغلق للتحسينات لايتحسن فيه اي شيئ ، عن الف جلجامش يبكي صاحبه انكيدو ، وما من احد يلتفت اليه ، سأقول في كتابي هذا : الشجاعة لاتشترى ولا تباع فلا تأسف على ما فات ، احكي عبر مئات الصفحات عن لغة الخراب التي نحياها تحت سلطة الاعلانات ، كما ارثي عبر سطورها احبة واصدقاء فارقونا لم يكن اولهم " حسين مردان " ولن يكون اخرهم الروائي " مؤنس الرزاز ، هكذا يرحل الاحبة والنوارس والعشاق في كل زمان ومكان ، مبكرين دائما وعلى حين غفلة ) .*
هذا الكلام لم اجد اجمل واروع منه حتى اضعه في برواز كلماتي هذه ، انه صراخه وصراخي وصراخ العشرات ممن يبحثون عن وطنهم في احلامهم ويقظتهم ،لكنه الضجيج الذي يبدد أصواتنا ويجعلنا مبحوحيه ، ولكننا لن نيأس فعندنا الف صوت وصوت هو انتم يامن ستتذكرون كل الذين مر عليهم ناصر وستصرخون معنا عاليا أن انصفونا وبددو ذلك الضجيج ؟
---------
* من لقاء معه اجرته صحيفة الدستور الاردنية مؤخرا .
* جمهورية الخوف ، كتاب شهير للمغترب العراقي كنعان مكية يتحدث فيه عن سنوات القمع الدكتاتوري في العراق .
* الهجرة نحو الامس ، احد كتب عبد الستار ناصر الذي صدر عام 2008 .
* باب القشلة ، احد كتبه الصادرة عام 2003 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.