خطابات عسكرية وتهديدات واستفزازات، مزيد من التجارب النووية وكوريا الشمالية تبقى على هذا النهج على مر العقود، هي التي تتبنى النظام الشمولي. ولكن لنتذكر سوياً سجل الأحداث الأخيرة. قطعت كوريا الشمالية آخر قنوات الاتصال مع كوريا الجنوبية، وأعلنت أن الحرب يمكن أن تندلع في أي لحظة. يوم الثلاثاء الماضى نشرت صور للزعيم الشيوعي كيم جونغ أون، وهو يشرف على تدريبات عسكرية دون أن يتم تحديد الموقع، على القناة الرسمية التابعة للدولة تم تحذير مجلس الأمن من أن شبه الجزيرة الكورية هي الآن في حالة نشوب حرب نووية وشيكة بسبب استفزازات الولاياتالمتحدة وعمليتها كوريا الجنوبية على حد تعبير القناة. وضعت بيونغ يانغ قواتها في حالة الجهوزية، وأكدت أن صواريخها موجهة نحو القواعد الأمريكية في المحيط الهادئ. كل ذلك في سياق تجاوب إيجابي من قبل السكان. كما أن وزارة الدفاع الامريكية ستعزز قدراتها بقبة صاروخية اعتراضية سيتم وضعها في ألاسكا بحلول عام 2017. وقد تم اخذ تهديدات بيونغ يانغ في واشنطن على محمل الجد كما تحدث باتريك فنتريل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: الولاياتالمتحدة قادرة تماما على الدفاع عن نفسها وعن حلفائها ضد هجوم كوريا الشمالية ونحن ملتزمون التزاما راسخا بالدفاع عن جمهورية كورية الجنوبية واليابان. هذه الأزمة تتزامن مع الذكرى الثالثة لحادث غرق سفينة تشيونان الكورية الجنوبية. وكانت قد اتهمت سيول جارتها بيونغ يانغ بنسف السفينة ما تسبب في وفاة 46 بحارا. وقد نفت كوريا الشمالية تورطها، وقد طلبت من رئيسة وزراء الجارة الجنوبية جيون هاي على “عقد لسانها،” بسبب تصريحاتها. في الوقت الراهن، يمكن للصواريخ متوسطة المدى أن تطال القواعد الامريكية في اليابان وكوريا الجنوبية، غير أن بعض المحللين يرون الامور بعين مغايرة. تهديدات النظام الكوري الشمالي، اعتدنا عليها خاصة بعد كل مناورة مشتركة بين الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية، لكن التهديدات المباشرة ضد العدو الأمريكي جديدة . هو أمر جديد ويمكن القول بأن التهديدات قد ارتفعت وتيرتها هذا العام. أي أن كوريا الشمالية منذ سنوات تناوبت على خطابين الأول استفزازي والثاني هادئ ، لا سيما خلال الفترة التي وافقت فيها كوريا، وبناء على مبادرة من الصين، على العودة إلى طاولة التفاوض، مع الدول الست وهي مفاوضات نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة، الآن يمكن القول حقا بأن الخطاب زادت حدته، لعدة أسباب: أولا لأن الزعيم جديد كما أن جميع القادة في المنطقة أتوا مؤخراً. قيادة جديدة في الصين، رئيسة جديدة في كوريا الجنوبية، وأيضا رئيس وزراء جديد في اليابان لذلك من المهم بالنسبة ل كيم أن يثبت مكانته، ما زاد من حدة التوتر، كما ان كيم يجيد أيضا استخدام وسائل الإعلام وأؤكد لكم مجدداً أنه بحاجة لتثبيت كرسي سلطته، لذلك ذهب بعيداً جدا، يبقى أن نعلم ما إذا كانت المواجهة ستحصل أم كوريا الشمالية معزولة دوليا، حتى الصين شاركت في العقوبات الاقتصادية فما الذي يسعى له نظام كيم جون أون؟ بالنسبة للصين، هذا الحليف المضطرب وضعها مؤخراً في كثير من الحرج، لأن الصين تساير التوجه العالمي لكنها لن تتخلى عن حليفتها التاريخية كوريا الشمالية. ومن ناحية أخرى، كوريا لن تقبل الإملاءات الصينية، لذلك اعتقد ان الصين يمكنها أن تتدخل، ربما بإمكانها أن تتدخل لتخفيف حدة كيم جون لكنها غير قادرة على وضع إملاءات على نظام بيونغ يانغ. السؤال هنا ما الذي سيكسبه كيم من هذه الاستفزازات؟ الهدف مزدوج بالتأكيد وهو. من جهة نحو كوريا الشمالية، أي لأغراض الداخلية، فبعد عام من وفاة كيم جونغ إيل، كيم جون أون الزعيم الجديد لابد وأن يثبت سلطته حتى يلتف الشعب وراءه في نضاله ضد الإمبريالية الأمريكية. أما امام العالم فإن كيم يسعى في شكل او في آخر للحوار. وأعتقد أن كيم ومن ورائه كوريا الشمالية يسعى للبقاء في السلطة، ويلعب على التوازن في المنطقة لإبقائه كما هو ويسعى للحوار مع الولاياتالمتحدة. وعندما أتحدث عن الوضع الراهن، أي أن ما من أحد من مصلحته توحيد الكوريتين. كوريا الجنوبية ترى أمامها المثال الألماني ولا تريد أن تخسر مستوى الرفاه لديها، وأخيرا الصين لن ترغب في توحيد الكوريتين، وأن ترى دولة نووية ديمقراطية على أبوابها، كما ان اليابان لا تريد جارة هي كوريا الموحدة التي يجمعها بغض اليابانيين، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا ترغب بخسارة مواقعها في مواجهة القوة العسكرية المتزايدة للصين. وهي مواقع اليوم تحت التهديد، أي قواعدها في أوكيناوا وغوام وكوريا الجنوبية. كيم يضع كل هذه العناصر على المسرح، الوضع أشبه بنوع من لعبة خداع دولية.