انقسمت الآراء السياسية والحزبية وتباينت حول قرار محكمة القضاء الإداري بشأن وقف قرار رئيس الجمهورية بالدعوة إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر لها البدء في 22 إبريل القادم، وإعادة قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية بعد إقرار مجلس الشورى إلى المحكمة الدستورية العليا لعدم التزام المجلس بما قضت به الدستورية بشأنهما إعمالًا لحقها في الرقابة السابقة على دستورية القوانين، ومنها قانون الانتخابات، وذلك خلال الفترة التي تعقب موافقة مجلس الشورى على مشروع القانون والتي تتجاوز 45 يومًا، لإبداء رأيها في مشروع القانون. إلى أن أثار هذا القرار انقسامًا سياسيًا وحزبيًا بين معارضة تؤيد هذا القرار وتعتبره فرصة أخيرة أمام التيار الإسلامي لتصحيح المسار بعد، في ظل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتردية.. بينما وصفته قوى التيار الإسلامي بالضربة القاضية في وجه الديمقراطية وتعطيل الحياة السياسية في مصر بما يعطي فرصة أخرى أمام مزيد من التراجع والانفلات الأمني. أكد سيد عبد العال رئيس حزب التجمع، أن قرار محكمة القضاء الإداري بوقف الانتخابات البرلمانية وإحالة القانون الخاص بها إلى المحكمة الدستورية العليا مرة أخرى، دليل على عودة الحق إلى أصحابه وعودة القضاء المصري إلى مكانته الحقيقية، خاصة وأن هذه الانتخابات في حال إتمامها كاد الوطن أن يحترق بهذه اللعبة السياسية التي تعمل لنجاح فصيل سياسي دون غيره من الأحزاب الأخرى وذلك بمعاونة هذا القانون الذي يحوي بداخل نصوصه العديد من العوار غير القانونية، إضافة إلى عدم استجابة الرئيس مرسي وجماعته لمطالب المعارضة التي اعتاد التهاون بها ومنها إقالة الحكومة الراهنة لهشام قنديل وإعادة تشكيل أخرى من الائتلاف الوطني لضمان المحايدة والشفافية في مناقشة المواد الخلافية في الدستور. وأوضح رئيس حزب التجمع أن قرار القضاء الإداري يعد الفرصة أمام جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ككل في الاعتراف بالمشاركة الحزبية والسياسية في اتخاذ القرار الوطني.. والابتعاد عن فكرة التوحد في الهيمنة على الحكم للأبد. وأوضح د. محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي، أن حكم القضاء الإداري بإلغاء الانتخابات البرلمانية أصبح فرصة ذهبية أمام د. محمد مرسي رئيس الجمهورية وبين كافة القوى السياسية والمعارضة أيضًا لمراجعة المواقف من الانتخابات المقبلة عقب إعداد قانون آخر يتيح تطبيق الديمقراطية الحقيقية، نظرًا لتغيير مكونات العملية السياسية التي تطمئن كافة الأطراف السياسية وعلى رأسها أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني التي طالما طالبت بتغيير هذا القانون إضافة إلى إعادة تشكيل حكومة ائتلاف وطني أخرى بديلة عن الحكومة الحالية لضمان نزاهة المرحلة الانتخابية المقبلة من التزوير والاستغلال لصالح تيار سياسي دون غيره من الأحزاب. لذا أصبح حكم القضاء الإداري بوقف الانتخابات فرصة جيدة لجمع شمل قوى المعارضة من جديد على الساحة السياسية ومحاولة رأب كافة التصدعات، وتوحيدًا لصفوفها وإعادة النظر في كافة القرارات الخاصة بالانتخابات مجددًا بما يتفق والمصلحة الوطنية. ووصف د. عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية، حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء الانتخابات البرلمانية ب"المنقذ للحياة السياسية"، والمحاولة الجادة في إيقاف النزيف السياسي ووقف الهيمنة الإسلامية على الحكم، وإحالة قانون الانتخابات للدستورية، مطالبًا الرئيس محمد مرسي باستغلال تلك الفرصة في إعادة الأوراق والخضوع لصوت العقل والالتفاف حول جميع الأحزاب السياسية والمعارضة أيضًا، والبدء فورًا في التعديلات الدستورية على الدستور الجديد، وتشكيل حكومة محايدة تعتمد على الخبرات والكفاءات، وإقالة النائب العام. بينما أوضح د. طاهر عبد المحسن وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، أن إعادة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية يعد مخالفة دستورية لتعارضها مع المادة 177 من الدستور، والتي تنص على أن رقابة المحكمة الدستورية على قوانين مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية تكون رقابة سابقة على إصدارها. وبالتالي فإن إعادة القانون مرة أخرى للمحكمة الدستورية يعني تطبيق رقابة لاحقة على إصدار القانون، وهو الأمر الذي لا يستقيم ويحدث حالة غير مسبوقة على مستوى كافة دول العالم بإيجاد نوع من الازدواجية في عمل المحكمة الدستورية، والتي يجب أن تكون إما رقابة سابقة أو لاحقة. وأضاف وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ، أن مجلس الشورى أدى دوره كمشرع وأصدر قانون الانتخابات بعد أن عرضه على المحكمة الدستورية إعمالًا لنص المادة 177 من الدستور تطبيقًا للرقابة السابقة، وهذا ما أصدرت المحكمة الدستورية قرارها بشأن هذا القانون، والذي تضمن عددًا من الملاحظات التي وجب على المجلس إعمال مقتضاها، مشيرًا إلى أن مسئولية مجلس الشورى بشأن تنفيذ مقتضى تلك التوصيات هي مسئولية المجلس. واتفق معه محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وطالب الرئيس محمد مرسي بتحديد صلاحيات مجلس الشورى في عملية سن القوانين والتشريعات لعدم توفر القدرة الكافية والخبرة التي تؤهله للتعامل مع القوانين الجديدة، والتعجيل بإعادة تشكيل حكومة الائتلاف الوطني من عناصر الخبرة والكفاءة في التخصصات من كافة القوى السياسية لإدارة الأزمات الاقتصادية العاجلة وكذلك المشكلات الأمنية المتفاقمة وإدارة الانتخابات. وذلك ثم الجلوس مرة أخرى لعقد جلسة من الحوار الوطني التي تضع أولويات الأوضاع والمقترحات المختلفة لتحقيق المصالحة الوطنية. بطلان القانون وبدوره أشار د. أحمد البرعي نائب رئيس حزب الدستور والمتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني، إلى أن القضاء الإداري نفذت ما قالته وأكدته جبهة الإنقاذ الوطني ببطلان قانون الانتخابات الجديد الذي شرع خصيصًا لصالح حزب الحرية والعدالة والتيار الإسلامي ولإقصائه للمعارضة، وإن كان هذا الحكم جاء متأخرًا إلا أن العدالة لم تغب كثيرًا عن إعلان كلمة الحق في ظل الممارسات القمعية التي تتبعها أنصار الجماعة في إجهاض القانون وانتهاك مواده بداية من رئيس الجمهورية منذ صعوده لكرسي الحكم وحتى الآن. وأضاف البرعي: إن جبهة الإنقاذ عندما قررت مقاطعة الانتخابات وكذلك الحوار الوطني كان الهدف من ذلك وقف زحف الهيمنة الإخوانية على الدولة ومؤسساتها المختلفة، إن لم تقاطع الجبهة هذه العملية رغم العوار الدستوري بنصوص قانون الانتخابات الذي تم إصداره. واتفق معه د. عبد الله المغازي المتحدث باسم حزب الوفد، أن حكم الإلغاء جاء بمثابة الفرصة الأخيرة أمام مؤسسة الرئاسة لإعادة الموقف السياسي إلى الوضع الطبيعي وذلك بإعادة تشكيل حكومة جديدة، للنهوض بالوطن بعيدًا عن المصالح الخاصة من أجل إنقاذ الوطن بعد الانهيار الاقتصادي، الذي بدأ يضرب بقوة داخل البلاد وأدى إلى تفاقم حالة الفقر وانتشار البطالة في صفوف الكثيرين مما يهدد بثورة جياع تجتاح البلاد قريبًا حالة عدم التصدي لتفاقم الأوضاع الكارثية في مصر. وأضاف المغازي أن قرار المقاطعة للانتخابات البرلمانية قبل قرار القضاء الإداري بإلغاء القانون سيأتي بدوره الإيجابي على بعض الأحزاب الصغيرة التي ستعاني إذا عادت الجبهة إلى الانتخابات مشددًا على أنه يتصور أن جبهة الإنقاذ من الممكن أن تحصل على 40 % من مقاعد البرلمان القادم. بينما أوضح د .طارق الملط عضو مجلس الشورى عن حزب الوسط، بأن قرار محكمة القضاء الإداري يعد أزمة جديدة في نعش الحياة السياسية وإهدارًا لمزيد من الوقت في حالة الانفلات الأمني والتراجع الاقتصادي، حتى أصبح القضاء الآن عائقًا أمام استكمال بناء مؤسسات الدولة التشريعية وإحداث حالة من عدم الاستقرار السياسي، مشيرًا إلى أن هذا القرار يعيدنا مرة أخرى إلى أحداث ما بعد حل مجلس النواب السابق، خاصة وأن مشروع قانون الانتخابات الجديد إلى مجلس الشورى، يهدف لتقديم مشروع قانون آخر إلى المحكمة الدستورية لإبداء رأيها فيه خلال مدة 45 يومًا، وذلك من خلال مشروع القانون الذي تقدم به الحزب إلى المحكمة الدستورية العليا من خلال مجلس الشورى، مؤكدًا أن مشروع حزب الوسط سيعمل على تلاشي عوار القانون الذي أصدر مؤخرًا وأثار غضب القوى المعارضة للمشروع، وعلى رأس هذه التعديلات التي تقدم بها حزب الوسط للدستورية تعديل المادتين الخاصة بتقسيم الدوائر والاستثناء من التجنيد. وقال المهندس أبو العلا ماضي حزب الوسط، أن مشروع القانون الانتخابات المقدم من قبل الحزب أخذ في الاعتبار كل من قصر الفترة الزمنية للمحكمة الدستورية لكي تصدر حكمها بعد التعديلات خلال 45 يومًا، وكذلك مراعاة كافة الملاحظات التي أخذتها المحكمة الدستورية على قانون الانتخابات الحالي، وذلك بإلغاء القانون رقم 2 لسنة 2013 وإصدار قانون جديد للانتخابات يتم فيه تعديل المادة 18 مكرر في الفقرة التي تتحدث عن وجود مراقبين وممثلين عن المجتمع المدني في اللجان بإضافة فقرة عن منظمات دولية وفقًا لما جاء باجتماع الحوار الوطني بضرورة وجود رقابة دولية على الانتخابات. كما تضمن مشروع الوسط تعديل المادة الخامسة والخاصة باستبدال اسم مجلس الشعب بمجلس النواب والذي خرج بالخطأ إلى المحكمة الدستورية باسمه القديم مجلس الشعب. وأضاف المهندس أبو العلا، بأن مشروع الحزب يهدف إلى إنجاز الوقت المقرر ضياعه بين قيام محكمة القضاء الإداري بإرسال الطعون إلى المحكمة الدستورية، والتي تؤدي إلى الإضرار بالمصلحة الوطنية، لافتًا إلى أن مشروع قانون الوسط جاء حرصًا على منع فصيل سياسي واحد من الهيمنة على السلطات التنفيذية والتشريعية لمدة طويلة. ووصف المهندس أحمد بهاء شعبان القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني ومؤسس حزب الاشتراكي المصري، بأن قرار محكمة القضاء الإداري بوقف الانتخابات البرلمانية وإحالة القانون إلى المحكمة الدستورية ب"الحكم التاريخي"، كما أنه يعد بمثابة انتصار لصوت المعارضة التي اتهمت كثيرًا بإثارة الفوضى والخيانة للوطن عندما طالبت كثيراً بإلغاء قانون الانتخابات الجديد لما به من عوار قانوني ونصوص غير دستورية ستعمل على تغول وهيمنة الإخوان المسلمين من خلال مجلس الشورى الذي يعمل على سن تشريعات كثيراً ما تشوبها العيوب. وبالتالي يصبح إحالة قانون الانتخابات للدستورية درسًا قانونيًا يتم تلقينه لجماعة الإخوان المسلمين جراء الممارسات غير الديمقراطية.