"الفرصة أصبحت مواتية لفناء هذه المنظمة الإرهابية" .. هكذا وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتانياهو"، حزب الله اللبناني بعدما اتهمته "بلغاريا" بالمسئولية الجنائية عن الاعتداء ضد الإسرائيليين الذي وقع بمدينة "بورغاس" في 18 يوليو الماضي، وأدى لمقتل خمسة سياح إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري ومنفذ التفجير، بالإضافة إلى إصابة نحو ثلاثين آخرين، وتقدم وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" إلى المستشارة الإعلامية للمفوضية الأوروبية "كاثرين آشتون" بدراسة طلب الولاياتالمتحدة مع حكومات أخرى في العالم للقيام بتحرك لقمع حزب الله اللبناني، في الوقت الذي يواجه فيه الحزب اللبناني مخاطر الانهيار بعد سقوط الرئيس السوري "بشار الأسد"، كما أن الأمين العام السيد "حسن نصر الله" لم يدخر جهدًا في مساندة ودعم بقاء النظام السوري الذي عمل لمدة ثلاثة عقود على إيصال شيعة لبنان إلى مراكز السلطة وأروقة الحكم، بإسناد من حزب الله الذي تضاهي قوته النارية قوة جيوش تقليدية عديدة. مراقبون سياسيون عرب أكدوا ، أن قوات حزب الله تقوم بدور عسكري داخل سوريا بالتنسيق مع قوات الجيش السوري النظامي والحرس الثوري الإيراني؛ لحماية "الأسد" من مخاطر السقوط، والذي يعقبه انهيار للحزب وهروب قادته إلى "إيران أو العراق"؛ طلبًا للحماية والاختباء من الملاحقة الدولية. د. عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية قال: إن بقاء حزب الله اللبناني مرتبط ببقاء النظام السوري الحالي، ولذلك تبذل كافة الأطراف المستفيدة من بقاء الأسد جهودًا لبقائه في السلطة، ولا يمانع في قتل الرجال واغتصاب النساء، حتى وإن وصل الأمر إلى استخدام أسلحة محرمة دوليًّا لحماية مصالحهم السياسية والعسكرية، موضحًا أن حزب الله بدأ منذ بداية الثورة السورية في نقل أسلحته من مخازن سوريا إلى لبنان، بمعاونة أفراده العسكريين الذين يحاربون مع قوات الأسد النظامية في ساحات القتال في سائر أنحاء سوريا ضد الجيش السوري الحر، لافتًا إلى أن الضربة الجوية التي شنتها إسرائيل مؤخرًا واقتحامها المجال الجوي السوري، كانت مهمة لإسرائيل لعدة أسباب، أولًا: أنها تدرك أن دمشق لن تستطيع الرد العسكري، ثانيًا: وضح مدى الانهاك الذي تعرض له الجيش السوري، ثالثًا: إيصال رسالة لحزب الله أن الضربة القادمة ستكون على أفراد نظامه العسكريين، مؤكدًا أن قوات حزب الله المتمركزة قرب مستودعات الأسلحة الكيميائية جعل إسرائيل تهدد بالتدخل العسكري واجتياح بيروت في حال نقل هذه الأسلحة إلى مخازن حزب الله في لبنان، وهذا ما يجعل أصدقاء سوريا يساندون السد وبقوة للحفاظ على مصالحهم؛ خوفًا من احتمال تهور إسرائيل أو المقاومة اللبنانية، وتقام حرب في المنطقة. مسألة وقت وأشار د. جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إلى أن تصنيف حزب الله على أنه منظمة عسكرية إرهابية من دول أوروبا والغرب، يجعله منبوذًا من جميع قوى العالم، ولذلك لن يجد مساعدة؛ لأن من يأويهم ويساعدهم ويمدهم بالسلاح والمال "سوريا وإيران"، والأولى أصبح سقوط رئيسها مجرد وقت ولن يساند النظام السوري الجديد أياً كان توجهه السياسي أو المذهبي حزب الله اللبناني؛ بسبب غضب الشعب والمعارضة من مشاركة قادته وقواته العسكرية في الجرائم التي تحاك ضد أبناء الشعب السوري ومحاربتهم مع قوات الأسد، أما إيران فإن العقوبات السياسية والاقتصادية من الغرب أثقلت كاهلها الاقتصادي، ولن تستطيع دخول حرب للدفاع عن رجالها، ولكن ما تستطيع فعله هو إيواء أمين الحزب "حسن نصر الله" في طهران، أو يلجأ إلى "العراق" في حماية رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" ذي المرجعية الشيعية، موضحًا أن حزب الله بعد سقوط الأسد لن يستطيع البقاء في لبنان والتعايش مع المسئولين السياسيين، وستوجه الدولة اللبنانية أسلحتها عند عناصرها التي كانت تستقوى بالنظام السوري، خوفًا من توريط "بيروت" في حرب جديدة مع الدولة العبرية. وفي رأي د. محمد السعيد إدريس الخبير في الشأن الإيراني، أن طهران مصابة بحالة فقدات توازن سياسي وإقليمي؛ بسبب تخوفها من فقدان الحليف السوري أو حزب الله اللبناني، وسقوط الأسد معناه انحسار إيران وتقوقعها سياسيًّا، ولذلك هرولت إلى مصر مجددًا لبناء شراكة إستراتيجية باعتبارها حليفًا قويًا مع الإدارة الأمريكية، كاشفًا أن طهران تشتعل داخليًّا بسبب الفساد المالي والصراع على السلطة بين "رافنسجاني ولاريجاني"؛ نظرًا لأن "نجاد" يريد الانقلاب على الولي الفقيه، وبدأ يعصي الأوامر، ومجرد حدوث التغيير في سوريا، فإن التفكك والانهيار سوف يسودان القادة الشيعيين في "لبنان، العراق، إيران"، كما أن الغرب لن يترك حزب الله بعد سقوط الأسد وسيتم معاملة هذا التنظيم مثل "تنظيم القاعدة"، والذي يشبهه كثيرًا في سلوكه السياسي والعسكري ليلقى المصير نفسه، حتى لو أعلن قادته أمام العالم أنهم تخلوا عن أسلحتهم، كاشفًا أن حزب الله يمتلك جماهيرية لبنانية متجذرة في المجتمع اللبناني، ويشارك بفاعلية في صناعة القرار السياسي على المستوى الوطني بما يخدم المصالح الإيرانية والسورية، ولذلك من المتوقع عودة هذه القيادات إلى منشأها الأصلي داخل طهران. ويرى د.مصطفى علوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري سيتم تشكيل المنطقة سياسيًّا من جديد، ولكن ما يخيف البعض هو رد فعل حزب الله اللبناني على سقوط الأسد، كما أن قادة الحزب قد يوجهون بطريقة عشوائية صواريخهم التي تزيد عن 70 ألفًا، لافتًا إلى وجود عدة احتمالات لما بعد رحيل "الأسد" منها، أولاً: أن يفتعل حرباً مع إسرائيل وتوجيه رسالة للعالم أنه ما زال متماسكًا رغم سقوط أكبر حلفائه، ثانياً: يعلن تخليه عن أسلحته وينخرط في الدولة تحت سقف الدستور، ثالثًا: يحافظ حزب الله على وضعه السياسي والعسكري ويتعامل مع المعطيات الإقليمية التي تستجد بعد انهيار النظام السوري، مشيرًا إلى أن إيران تلعب الآن على الحليف اللبناني وتحاول وضع خطة محكمة للسيطرة على لبنان ينفذها عناصر الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع عناصر حزب الله لما بعد سقوط بشار الأسد حفاظًا على البلاد من الانقسام السياسي والشعبي، خاصة بعد انخراط قادة حزب الله في العمل السياسي بعد اتفاقه مع "14 آذار" الذي يضم الأحزاب والحركات السياسية التي ثارت على الوجود السوري داخل لبنان، والتي ستكون من خلال انتشار وسيطرة أمنية على المناطق اللبنانية، ومحاصرة المدن وأماكن تجمعات المعارضة والمناطق السنية، ضمانًا لسيطرته الكاملة على البلاد خوفًا من محاولة خصومه استرداد السلطة بعد سقوط الأسد. ومن جانبه رفض د. عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، الربط بين سقوط النظام في سوريا، وسقوط الحزب الشيعي؛ لأن سقوط "الأسد" ليس معناه انهيار حزب الله أو نزع سلاحه، بسبب وجود أطراف أخرى فاعلة في المعادلة اللبنانية السورية حليفة لسوريا، وتضمن دعم الحزب بالمال أو السلاح في مواجهة إسرائيل، بالإضافة إلى أن الشعب اللبناني ما زال متمسكًا ببقاء الحزب داخل البلاد لقوته القتالية وبسالة مقاتليه التي تستطيع مجابهة العدو الصهيوني، مرجحًا سقوط حزب الله من خلال أمريكا وأوروبا وليس بسبب سقوط الأسد، في حال تم إدراجه على قوائم المنظمات الإرهابية في العالم، مما يفتح الباب أمام القوى الخارجية لشن عمليات عسكرية على غرار ما حدث في أفغانستان للقضاء على "تنظيم القاعدة"، لافتًا إلى احتمالية انضواء أفراد التنظيم تحت جناح الشرعية اللبنانية والتخلي عن السلاح رغم عقيدته القتالية، وعلى صعيد القادة لن يكون أمامهم سوى الهرب لوجود احتمالية محاكمتهم بشأن تورطهم في أعمال قتل واغتيالات داخل لبنان وخارجها، متوقعًا قيام "الأسد" بتوجيه ضربة عسكرية ضد الدولة العبرية؛ ردًا على اختراق الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي السوري وضربها الحدود، وستكون آخر مرحلة من مراحل نظامه قبل السقوط، الذي سيشكل ضربة قوية ولكن ليست قاضية لحزب الله، وبلا شك سيكون هذا السقوط داعمًا للغرب وإسرائيل في شن حرب إقليمية ضد "سوريا وإيران وحزب الله".