وأن البنك بوضعه الحالي لم يعد بنكاً زراعياً بل تحول إلي بنك تجاري هدفه الربح ويستخدم أدوات البنوك التجارية وهي الإقراض وقبول الودائع وشهادات الإدخار ، فالبنك بوضعه الحالي هو بنك تجاري في ثوب زراعي وهذا لا يمكنه من أن يكون عوناً للفلاحين، فنظام الفوائد المطبق حالياً علي الفلاحين يتم وفق نظام عشوائي يسير في طريق واحد فقط وهو إيقاع الفلاح في فخ القروض وتمهيد الطريق إلي سجنه. الجدير بالذكر أن مشاكل الفلاح حجر الزاوية لحل مشاكل المجتمع، فمن حقه الحصول علي التمويل اللازم لزراعته وتسويقه ،ففي الوقت الذي أكد فيه أمين أباظة وزير الزراعة أن أساليب الزراعة تغيرت، وأرجع أسباب انخفاض أسعار القطن المصري علي رأسها إلي عدم زيادة الطلب ورفض بعض البنوك تمويل شراء القطن لعدم قيام مصانع الغزل والنسيج بسداد القروض وهو ما جعل الحكومة تسدد66% من مديونيات الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والتي تقدر بحوالي 5 مليارات جنيه. يتزامن ذلك مع تعيين مصرفي لقيادة البنك الزراعي الوحيد بمصر الذي يمثل 87% من سوق الاتحاد الزراعية ، وليست لديه خبرة زراعية كافية لإدارة البنك ورئيس الوزراء ومحافظ المركزي ووزير الزراعة ليسوا بهذه السذاجة لتعيين مصرفي لبنك زراعي لكنهم علي دراية بما يفعلونه، فتم تعيين لتحويله إلي بنك يغلب عليه الطابع المصرفي إلي جانب نشاط زراعي بسيط والذي من شأنه تخلي الدولة عن دورها تجاه صغار المزارعين لتفتح الباب بذلك أمام احتكار السلع الزراعية وتهميش المزارع البسيط وعدم القدرة علي ضبط الأسعار وتحويل البنك إلي الأعمال المصرفية. وعن ذلك يري د.شريف فياض، خبير اقتصادي زراعي، أن تحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي من بنك يهتم بالجانب الزراعي يهدف إلي تمويل صغار المزارعين ودعمهم وحمايتهم إلي بنك تجاري يستهدف الربح يجعل المزارع الصغير ليس لديه ضمان اقتصادي لمنتجه .. رافضا عملية تحويله إلي بنك تجاري، مضيفاً أن الدولة بذلك تتخلي عن دورها في حماية المزارع الصغير وتتركه في سوق مفتوحة دون حماية وليس هناك أي قانون يحميه وحتي المؤسسات التعاونية دورها ضعيف جدا ولا يفيد المزارع الصغير في شيء والذي من شأنه احتكار الكبار للسوق وعدم القدرة علي ضبط الأسعار ، مشيرا إلي أن مشاكل المزارعين ظهرت بقوة هذا العام ومنها أزمة الأسمدة وأيضا القطن الذي لا يجد أحدا يشتريه .. مضيفا أن المنتج الصغير هو الذي ينتج القطن والذي تتركز زراعته في الوادي والدلتا ولا أحد يحمي هذا المنتج وبالتالي أي إنتاج زراعي لا يدعمه أحد لا يستطيع أحد أن يضمن أسعاره ، وأن المشكلة لن تتوقف علي القطن أو تمويل شرائه فحسب، بل سيحدث ذلك مع كل المحاصيل•• مشيرا إلي أن ذلك بسبب تخلي الدولة عنهم ولا يوجد أي نوع من أنواع الحماية ولا حتي مؤسسة تعاونية تهتم لأمرهم. وأوضح أنه لابد من تدخل الدولة لحل هذه الأزمة وذلك من خلال قانون تعاوني جديد ومؤسسات تعاونية لضمان حقوق المزارعين والدفاع عن مصالحهم ولابد أن تتخلي الدولة عن تحويل البنك الزراعي إلي بنك تجاري أو تطرحه للاكتتاب العام علي أن تكون المشاركة الأكثر لصغار المزارعين ، مضيفاً أن هناك العديد من المشاكل التي ستواجه الرئيس الجديد للبنك هي ديون صغار المزارعين والتي لا يستطعيون تحملها خاصة في ظل سياسة الإفقار التي تتبعها الدولة والتي أدت إلي زيادة الفقراء فقرا إلي جانب الأصول الخاسرة التي يمثلها البنك ولا تتم الاستفادة منها ، منوها بأن إصرار الدولة علي تحويل البنك إلي بنك تجاري قد تكون الخطوة الأولي لطرحه للبيع وبذلك ستكون الدولة قد تخلت عن دورها الاجتماعي ودمرت الزراعة وصغار المزارعين. ومن ناحيته يري د.إمام الجمسي، خبير اقتصادي بمعهد البحوث الزراعية، أن تولي مصرفي لرئاسة البنك يخرجه عن الدور المنوط به وهوخدمة الزراعة والمزارعين خاصة أن 87% من سوق الائتمان الزراعية يتم تمويلها من بنك التنمية والائتمان الزراعي .. متسائلا: هل يعقل أن يكون رئيس هذا البنك مصرفيا ليس لديه خبرة بالأمور الزراعية؟ وأضاف: إن الرئيس الجديد لن يستطيع تنفيذ السياسة الزراعية المطلوبة من البنك لأسباب عديدة، أهمها: أن بنك التنمية الزراعي كل اهتماماته بالزراعة والمزارعين وذلك أمر غريب علي مصرفي والذي سيكون كل اهتماماته مصرفية إلي جانب أن هناك أولويات التنمية الزراعية لأن الزراعة أسلوب حياة فلو تم الإقرار من رئيس البنك بأهمية الزراعة ولا يدري أنها أسلوب حياة فسيكون الخطأ حليفه ، مشيراً إلي أنه لابد من التركيز علي المحاصيل المميزة للتسويق وقضايا التنمية الريفية وهذه القضايا مهمة جدا وتحتاج إلي خبير زراعي إلي جانب أن التشكيل الأساسي لإدارة البنك كان يضم الرئيس وهو خبير زراعي إلي جانب اثنين من الوكلاء المصرفيين فلا تكون هناك حاجة لأن يكون رئيسهم مصرفيا وتعيينه يعكس ضعف القيادات الزراعية في مصر. وأضاف أن هناك مشاكل عديدة ستواجه الرئيس الجديد للبنك منها معالجة مشاكل الفلاحين مع البنك وزيادة المدخرات والودائع التي تحتاج إلي جذب لاستثمارها، وأيضا كيفية الحصول علي خطوط ائتمان من الخارج بفائدة بسيطة وإخراجها بهامش ربح بسيط للمزارعين ، مشيراً إلي أن كل شيء وارد طرحه للبيع فقد وعدت الحكومة من قبل بعدم المساس ببنوك القطاع العام الأربعة وقد تم بيع اثنين منها إلي الآن. من ناحيته يري طارق حلمي ، رئيس بنك المؤسسة العربية المصرفية سابقا، أن الحكومة لديها النية منذ فترة حول تحويل البنك إلي بنك تجاري، ويتطلب ذلك أن يكون رئيسه مصرفيا وعلي شاكر مصرفي قدير ولديه الخبرة الكافية لإدارة هذا البنك وحل مشاكله ، كما أن البنك لن يتخلي عن دوره في تمويل النشاط الزراعي وتقديم المساعدات للمزارعين ولكنه سيعتمد علي النشاطين معا المصرفي والزراعي والبنك لديه فروع في كل مكان ويستطيع برئيسه الجديد تحقيق المعادلة الصعبة. وأشار إلي أن عدم تمويل البنك لشراء السلع الزراعية ومنها القطن يرجع إلي المشاكل التي تمر بها هذه السلع المعروض كثير والمطلوب قليل، وعلي سبيل المثال محصول الأرز فقد تمت زراعة مليون فدان هذا العام بالمخالفة فلن يدخل أحد لتمويل هذا المحصول لأنه سيكون سلعة خاسرة والبنوك لا تسعي إلي الربح ولا تريد الدخول في مشاكل وديون مشكوك في تحصيلها مرة ثانية. وأضاف أن هناك الكثيرمن المشاكل التي ستواجه الرئيس الجديد للبنك أهمها كيفية المزج بين النشاطين التجاري والزراعي فإنه يحتاج إلي تغيير أفكار وربط النشاط المصرفي بالزراعي لكي يتم توحيد الثقافات داخل البنك .. أيضا الديون المتعثرة خاصة أنه بنك حكومي وكانت السياسة المتبعة إسقاط الديون لكن في الفترة المقبلة سيتم تحصيلها وتسويتها وستحتاج إلي جهد كبير.