أثار حكم محكمة النقض المصرية بقبول الطعن على الحكم الصادر بالمؤبد عقب محاكمة القرن، وإعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك في قضية قتل متظاهرين عن ثورة 25 يناير أمام دائرة أخرى، ردود أفعال متباينة، وانقسامًا بين جميع القوى السياسية والثورية على حد سواء، خاصة بعد أن تم إصدار الحكم السابق ببراءة عدد من رموز هذا النظام؛ نظرًا لغياب الأدلة الكافية لإدانة رجال النظام السابق بقتل المتظاهرين، لطمسها عبر العامين الماضيين.. كما طالبت جميع الجهات المسئولة بالدولة بسرعة حسم الموقف بتقديم الأدلة الكافية للإدانة.. وذلك باعتبارها المحاولة الأخيرة للقصاص للمتظاهرين.. في حين أكدت القوى الإسلامية بأن فتح وإعادة المحاكمة في التوقيت الراهن فرصة أمام د. محمد مرسي رئيس الجمهورية، لتنفيذ مطالب الثوار وأسر الشهداء، والتأكيد على موقف الرئيس من القصاص لشهداء الثورة. بينما أشار آخرون بأن هذه المحاكمة الهزلية محاولة من جماعة الإخوان المسلمين لتهدئة الشارع المصري خاصة في المرحلة الراهنة التي تشهد استعدادات للانتخابات البرلمانية المقبلة. ومن جانبه حذر نبيل زكي، المتحدث باسم حزب التجمع، من محاولة الجماعة بإشغال الرأي العام بقضية تفتح من جديد، رغم عدم وجود أدلة جديدة تدين هؤلاء ؛ فإعادة محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في التوقيت الراهن بالتحديد تعد محاولة ممنهجة للهيمنة الإخوانية والإسلامية على مؤسسات الدولة بشكل كامل خاصة البرلمان المرتقب إجراء الانتخابات البرلمانية خلال أيام. وأوضح أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحرجة التي تمر بها مصر، تعد أزمة ملحة لا تحتاج إلى تأجيل أو مماطلة فاشلة من قبل القائمين على إدارة الأوضاع في مصر، وعلى رأسها النظام الحاكم. مطالبًا القوى السياسية والثورية وجميع أفراد الشعب المصري بعدم الانشغال والاهتمام بقضايا فرعية لا جديد فيها خاصة قضية الرئيس السابق ورجاله بعد أن أصدر الشعب الحكم ونطق به قبل أن تنطقه محاكم يديرها الأهواء والمصالح.. وترك القضايا المتعلقة بالانهيار الاقتصادي والأمني وإعادة بناء الوطن وإقامة النظام الديموقراطي. وصف د. عبد الله المغازي, أستاذ القانون الدستوري، والمتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، قرار محكمة النقض بإعادة محاكمة الرئيس مبارك ورموز النظام السابق ب" الطبيعي", خاصة وأن هذا الحكم جاء استجابة لطلب المتهمين والنيابة بما لديهم من أسباب لنقض الحكم, والحكم الجديد لن يأتي كما يتوقع البعض بإعدام مبارك في حال إدانته، بل على العكس من ذلك فإن تخفيف الحكم أو الحصول على البراءة أمر شديد التوقع؛ نظرًا لضعف الأدلة التي تثبت إدانة هؤلاء جميعًا خلال تقرير لجنة تقصي الحقائق، وإخفاء الأدلة. بينما أشارت د. كريمة الحفناوي، أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، إنه يجب أن يصاحب قرار إعادة المحاكمة تقديم أدلة جديدة تستند إلى لجان تقصي الحقائق، إضافة لإعادة محاكمة جميع المتورطين في قضايا قتل المتظاهرين في أحداث الخامس والعشرين من يناير بالكامل دون إقصاء أو إعفاء لأحد، وعلى رأسهم رجال حبيب العادلي الذين حصلوا على البراءة من قبل باعتبارهم مشتركين في هذه القضية. بينما غياب العدالة وإخفاء الحقائق وطمسها على أيدي رجال الحزب الوطني السابق وأعوانهم في الخارج كان سببًا في إهدار تلك الفترة الطويلة في مهاترات وتضليل للعدالة على حد تعبيرها. وأضافت الحفناوي: أنه حان الوقت لكي يفي الرئيس مرسي بوعوده لأسر وضحايا الثورة والقصاص لهم، وذلك بفتح القضية كاملة وبالأدلة الجديدة التي قامت لجنة تقصي الحقائق بجمعها مؤخرًا حول تلك القضية. احترام أحكام القضاء بينما طالب د. فريد زهران، نائب رئيس حزب المصري الديمقراطي، باحترام أحكام القضاء في جميع الأحوال التي يصدر عليها الحكم على الرئيس السابق جراء إعادة المحاكمات مرة أخرى وعودة القضية إلى نقطة الصفر، والتي من المقرر أن يتم إصدار حكم بتشديد الحكم أو تأييده أو تخفيفه أو حتى البراءة التي يتوقعها البعض.. مشددًا على ضرورة تكاتف جميع الأطراف من أفراد ومؤسسات في إثبات الإدانة أو البراءة، وذلك بتوافر آليات تحقيق المحاكمة العادلة من شفافية وعلانية. وتابع زهران: قرار إعادة محاكمة مبارك يعد اختبارًا جديدًا أمام الرئيس محمد مرسي, ووفاء بوعده للثوار بإعادة المحاكمات والقصاص العادل للشهداء، بتقديم الأدلة والتسجيلات الجديدة التي أعلن الرئيس وعدد كبير عنها من قيادات مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين في قضية قتل المتظاهرين. قضية جديدة وأكد د. بهاء أبو شقة نائب رئيس حزب الوفد أن إعادة محاكمة الرئيس السابق ورموز النظام، يعني أننا أمام قضية جديدة وأدلة جديدة وفقًا لأحكام القانون، موضحًا أن لمحكمة الطعن الحق في تغليظ العقوبة المقررة على الرئيس ورجاله بعد قبول طعن النيابة العامة والسماح لها بإعادة المحاكمة قانونيًا، لافتًا إلى أن الحكم بالإعدام متوقع إصداره في حالة إثبات إدانتهم. وفي سياق متصل وصف محمد مصطفى منسق اتحاد الثوار المصريين قرار محكمة النقض بقبول الطعن بإعادة محاكمة الرئيس السابق ورموزه، بالصفقة الممنهجة وإدارتها من قبل النظام الحاكم، والتي بدأت من الخروج الآمن للمجلس العسكري كاملًا بدون محاكمات جراء أعمال الاعتداء على المتظاهرين أمام مجلس الوزراء وشارع القصر العيني، وكذلك أحداث محمد محمود، وكذلك عدم التدخل في شئون القوات المسلحة أو المساس بكبار القيادات العسكرية، على الرغم من اشتراكها في العديد من الصفقات مع النظام السابق، إلا أن موقف الرئيس مرسي كان مخذلًا لذلك بإقرار الدستور.. بينما كانت الصفقة الثانية بين النظام الحالي والنظام السابق في الإفراج عن قتلة المتظاهرين منذ بداية اندلاع الثورة وهم قيادات وزارة الداخلية باستثناء العادلي، لافتًا إلى أن إبرام الصفقة الثالثة يتحقق في الضغوط الأمريكية على النظام الحالي بالإفراج عن الرئيس مبارك باعتباره من عملائها المميزين، إلا أن الشعب لن يقبل بمثل هذه المؤامرات التي تصعد فوق جثث الشهداء على أيدي نظام ديكتاتوري لا يختلف كثيرًا عن السابق عليه. وأضاف منسق اتحاد الثوار المصريين، أنه في حال الحكم بالبراءة على الرئيس السابق ورجاله ستشهد مصر ثورة جديدة أشد قوة وبطشًا على الفاسدين.. وسيتم فتح جميع الملفات بالكامل. الرئيس وفَّي بوعده! وعلى صعيد آخر أكد د. عبد الخالق الشريف، عضو مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين، بأن إعادة محاكمة قتلة المتظاهرين والقصاص منهم أمر لا محال ولا جدال فيه، وهذا ما وعد به الرئيس محمد مرسي منذ صعوده لمنصب رئاسة الجمهورية، مستنكرًا ما يردده البعض من أنصار الأحزاب السياسية المعارضة التي تروج شائعات ببراءة المحكمة لهؤلاء المتهمين كما يتوهمون، وذلك لعدم وجود أدلة جديدة تدين المتهمين.. كما أن الأدلة الجديدة التي سيتم تقديمها في هذه المحاكمة ستكون قاسمة وحاسمة لنصرة المتظاهرين وللقصاص لشهداء ثورة يناير المجيدة. بينما انتقد د. مختار العشري رئيس اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، فرحة أنصار الرئيس السابق والتعبير عن الفرحة عقب إعادة المحاكمة وقبول الطعن، أملًا في حصول هؤلاء المتهمين جميعًا على الحكم بالبراءة، مؤكدًا أن هذه الأوهام لن تحدث، خاصة وأن الأدلة الجديدة التي سيتم تقديمها وفق تقرير لجنة تقصي الحقائق، خلال هذه المحاكمة ستكون كافية بإصدار الحكم بالإعدام على كل من الرئيس السابق ورموز النظام. وأوضح د. خالد الشريف المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، أن قبول محكمة النقض بفتح وإعادة محاكمة الرئيس السابق ورجال النظام التابع له، أمر طبيعي ونتيجة حتمية للجريمة التي ارتكبها النائب العام السابق الذي أهدر حقوق الشهداء ومصابي الثورة؛ لعدم تقدمه بالطعن في الحكم على مبارك والعادلي، والتستر على الأدلة التي تدين هؤلاء جميعًا، الأمر الذي تسبب في قبول محكمة النقض الطعن، والذي يترتب عليه عدم قدرة المحكمة على تشديد العقوبة على المتهمين. مؤكدًا على ضرورة تجنب الأخطاء الجسيمة التي شابت المحاكمات الأولى لهم، وكذلك تحمل أجهزة الأمن المسئولية الكاملة عن مقتل المتظاهرين.