لكن المسئولين اكتفوا بسن القوانين دون تفعيلها رغم تحذيرات الخبراء من الخطورة التي تسببها بقع الزيت والبترول وإلقاء السفن بمخلفاتها في المياه، الكثيرون أكدوا وجود كارثة فعلية تستوجب التوقف عندها حتي لا يحدث ما لا يحمد عقباه ونخسر ثروات بحرية لا يوجد لها مثيل في الكثير من دول العالم المحيطة بنا• يؤكد اللواء محمد هاني متولي محافظ جنوبسيناء يؤكد أن بقعة الزيت التي تسببت في تلوث بعض الشواطئ في المحافظة بلغ حجمها ما يقرب من 10 أطنان من بترول وقامت الأجهزة المختصة بالمحافظة بجمع هذه الرمال الملوثة ووضعها في محجر قديم بمدينة طور سيناء وردمها ولم تقرب البقعة من الشعب المرجانية نهائيا، لكنه للأسف مازال المصدر موجودًا بما يعني استمرار الخطورة لذا قامت وزارتا البيئة والبترول بأخذ عينات من البقعة وقامتا بتحليلها وأثبتت أن بقعة الزيت قادمة من حقل بترول بلاعيم وهذا ما تم كشفه خلال افتتاح المؤتمر الدولي السادس حول آفاق التنمية في الوطن العربي• و يقول صالح عودة رئيس المجلس الشعبي بجنوبسيناء: إنه يحتمل وجود كارثة بيئية حقيقية ناتجة من تلوث شواطئ مدينة طور سيناء ببقع الزيت مما نتج عنه تعرض العشرات من الصيادين لخسائر مادية فادحة بسبب نفوق كميات كبيرة من الأسماك وتمزق شباك محمية رأس محمد مطالبا بضرورة أن يتحرك المسئولون وجميع الأجهزة، خاصة أن المشكلة بدأت منذ فبراير الماضي، مشيرًا إلي أن مركز مكافحة التلوث البيئي بشرم الشيخ قد أنفق 33 مليون جنيه خلال 13 شهرا علي مساحة تتراوح من 3 إلي 4 كيلو مترات من التلوث وكان يجب تخصيص مليوني جنيه منها تعويضًا للصيادين• وأوضح أن البرنامج الإقليمي التابع للمفوضية الأوروبية قد منح المحميات الطبيعية أدوات ومعدات لمكافحة التلوث، لكن المحمية توقفت عن العمل ولا أحد يعرف السبب وراء ذلك• وفي غضون ذلك كشفت محافظة جنوبسيناء في تقريرها أن تكرار حدوث ظاهرة تلوث شواطئ المحافظة بزيت البترول، خصوصًا شواطئ خليج السويس، جعل التلوث يمتد من منطقة عيون موسي شمالا وحتي محمية رأس محمد جنوبًا• وأوضح التقرير أن حوادث التلوث البحري لم تتوقف منذ عام 2004 حيث بدأت البلاغات بخمس حوادث في ذلك العام زادت إلي 8 بلاغات أو حوادث تسرب الزيت في البحر عام 2005 وتقلصت إلي 3 في العام التالي وبلغت ثلاث حوادث تسرب زيت في عام 2007 وانخفضت لحادثة واحدة عام 2008، وفي عام 2009 وحتي الآن بلغت حوادث تسرب الزيت في البحر 7 حوادث قابلة للزيادة في باقي أشهر العام• ويؤكد د•محمود إسماعيل مدير الكوارث البيئية بوزارة البيئة أن تلوث البحر ينتج عن أسباب أهمها حركة النقل البحري حيث يبلغ عدد السفن المبحرة في خليج السويس ما يزيد علي20 ألف سفينة سنويا، وجزء بسيط يدخل الموانئ المصرية وأن هناك ميناء العين السخنة التابع لشركة أنابيب البترول العربية وهذا الميناء يستقبل سنويا حوالي 100 مليون طن من الزيت الخام القادم من دول الخليج حيث يتم نقل الزيت عبر خطوط أنابيب تعبر الصحراء المصرية حتي تصل إلي ميناء سيدي كرير غرب الإسكندرية ويعاد شحنها مرة أخري إلي دول أوروبا• ويضيف إسماعيل أن كمية البترول الخام ومشتقاته التي تعبر قناة السويس سنويا تصل إلي 120 مليون طن والتلوث بخليج السويس نتيجة أنشطة إنتاج البترول يمثل إنتاج البترول البحري بنسبة 85 % في مصر وهذه الحقول تضم شبكة خطوط أنابيب مغمورة طولها يبلغ 450 ميلاً بحريا ومنشأة منذ أكثر من 20 عاما ، إن التلوث البحري مصادره عديدة منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر والتأثير يكون، بشكل مباشر وطويل الأمد فينتج عن التلوث البحري إعاقة الأنشطة البحرية المختلفة وتغيير خواص مياه البحر مما يفقد صلاحيتها للاستخدام في الأغراض المختلفة وتقليل الأماكن الترفيهية• وأشار إلي ضرورة مضاعفة الجهود في مجال الصيانة الوقائية وخطط التجديد والإحلال لشبكة أنابيب البترول بخليج السويس مع ضرورة مضاعفة نظم رفض ومراقبة السفن المبحرة بخليج السويس وضرورة وضع أجهزة اكتشاف البقعه الزيتية في مناطق إنتاج البترول بخليج السويس، وهي عبارة عن أجهزة مستشعرات يتم تثبيتها بالبحر بمنطقة الحقول، مما يؤدي إلي سرعة اتخاذ إجراءات السيطرة ومكافحة هذه البقع بالبحر قبل انتشارها• ومن جانبه يؤكد د• محمد عطية شريدح رئيس المعهد القومي لعلوم البحار أن للبيئة البحرية أهمية كبيرة حيث تمتد سواحلها لعدة آلاف من الكيلو مترات من البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة، بالإضافة إلي البحيرات الشمالية وبحيرة البردويل والمنزلة والبرلس وإدكو مريوط، وتتمثل أهمية البيئة البحرية في أنها ممر ملاحي عالمي ينقل مليارات الأطنان من التجارة العالمية والتي تعجز عن نقلها الوسائل البرية بالإضافة إلي أهميتها في توفير الأسماك والكائنات البحرية والتي زادت أهميتها بعد انتشار أمراض إنفلونزا الخنازير والطيور كما تمثل البيئة البحرية مصدرًا مهمًا من مصادر الطاقة• ويضيف : "إن البيئة البحرية توفر الملايين من فرص العمل في قطاع النقل البحري مستنكراً ما يتم من عمليات صرف مخلفات الصناعة والصرف الصحي غير المعالج بالبحر لأنه يؤثر علي الكائنات البحرية"• ويشدد علي أن أكثر المناطق تلوثًا هي المنطقة الشمالية لخليج السويس نتيجة قربها من قناة السويس وما ينتج في هذه المنطقة من حوادث لناقلات البترول، وبالتالي عمليات التسرب لكميات هائلة من النفط مما يؤثر علي مناطق خليج السويس وبحيرة التمساح والبحيرات المرة وقد تمتد إلي البحر المتوسط لشدة التيارات البحرية وذلك بالرغم من عمليات مكافحة التلوث• وردا علي ما سبق يؤكد المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة أن الوزارة مستعدة جيدًا لمثل هذه الحوادث وأنها اتخذت بعض الإجراءات في مجال التفتيش البحري علي السفن المصرية وكذلك تكثيف سلطة رقابة دولة الميناء علي السفن الأجنبية الواردة للموانئ المصرية وأيضًا زيادة الرقابة الجوية والبحرية للمسطحات البحرية لافتا إلي أن المخالفين لقواعد البيئة البحرية يلاحقهم القانون وهناك مطاردات للسفن المخالفة التي تقوم بالتصريف غير القانوني للمخلفات الزيتية• وقال جورج: إن التلوث البحري لا يقل أهمية عن التلوث النهري والبري وستكون هناك إجراءات وقائية للحفاظ علي البيئة البحرية لما تتمتع به مصر من بحيرات وبحار نقية ويجب الحفاظ عليها ولا نعرضها للإهمال•