تبدو كبرى الشركات الأمريكية مرشحة لإيراد مبيعات ربع سنوية تعد هي الأكثر انخفاضًا للمرة الأولى خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما سيلقي بظلاله على أداء الاقتصاد العالمي. ووردت أحدث البيانات السيئة عن شركة "ماكدونالد" التي أكدت أن إيراداتها قد انخفضت في الربع الثالث؛ بسبب الضغوط التي تعرضت لها جميع الأسواق الكبرى المعروف عنها تسويق الأطعمة السريعة، وذكرت شركة IBM العالمية مؤخرًا، أن إيراداتها قد تراجعت بنسبة 5.4%، وكشفت عن أن الحكومة وكبرى الشركات التي تعتبرها ضمن الجهات المستهلكة لمنتجاتها قد قررت تقليص الإنفاق. وصدرت ردود فعل فورية على الإيرادات الضعيفة التي أوردتها الشركات، حيث سجلت الأسهم الأمريكية مؤخرًا أكبر تراجع يومي يتم تسجيله خلال الأشهر الأربعة الماضية، وخسر متوسط داو جوئز الصناعي نحو 205.63 نقطة، أو نسبة 1.5%، ولحقت أكبر الأضرار بأسهم شركات التكنولوجيا، حيث فقد مؤشر ناسداك المركب ما يزيد على 2% من قيمته. وذكرت صحيفة وول ستريت أن ضعف إيرادات الشركات يندرج ضمن المؤشرات السلبية بالنسبة للمستثمرين الذين يستخدمون بيانات الإيرادات لمعرفة حجم الطلب وقدرة الاقتصاد العالمي على النمو. وذكرت الشركات الأمريكية متعدددة الجنسيات التي تبيع منتجات متعددة تشمل المشروبات حتى شرائح الكمبيوتر والمعدات الصناعية، أن الطلب لا يزال ضعيفًا، وهو ما يعكس الوضع الصعب الذي يمرُّ به الاقتصاد العالمي حاليًا، وكذلك تباطؤ وتيرة التعافي. وقال مديرون تنفيذيون في الشركات: إن صعوبة تعزيز المبيعات يمكن إرجاعها إلى عدة عوامل مثل تصاعد أزمة الديون السيادية في أوروبا، وتباطؤ النمو في الصين، وعدم تسارع وتيرة التعافي الأمريكي، ولحقت أضرار جسيمة بشركة إنتل وميكروسوفت بسبب انهيار مبيعات الحواسب الشخصية، كما تضررت شركة جوجل بسبب تحول أجهزة المحمول لتصبح مصدر جذبٍ للمعلنين. وتسبب ارتفاع قيمة الدولار في إلحاق أضرار بمبيعات الشركات في الخارج جراء تناقص قيمة المبيعات عند تحويل العملات للدولار، ولعل أحدث مثال على هذا، تراجع إيرادات شركة IBM بنحو مليار دولار في الربع الثاني. وذكرت وكالة رويترز أن ما يزيد على 100 شركة من الشركات المدرجة في مؤشر ستاندر أند بورز 500 قد أوردت نتائج أعمالها عن الربع الثالث. حيث تبيّن أن إيراداتها تقل بنسبة 1% مقارنةً بنفسها من العام الماضي، كما أن نحو 6 من كل 10 شركات، قد أورد تحقيقها مبيعات أكثر ضعفًا مقارنةً بتوقعات المحللين في حي المال في وول ستريت، ومن المتوقع أن تتراجع بفارق طفيف إيرادات الشركات المدرجة في مؤشر ستاندر أند بورز مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي عند إصدار جميع النتائج. وقال العديد من المديرين التنفيذيين في الشركات: إن الظروف قد ازدادت سوءًا في شهر سبتمبر ورجحوا استمرار الضعف حتى العام المقبل، ويعني هذا أن الشركات ستتعرض لضغوط متزايدة تدفعها لاقتطاع التكاليف وتقليص الإنفاق حتى يتسنى لها تحقيق أرباحها المستهدفة، وهو ما سيؤدي إلى تخفيض معدلات النمو. وذكرت شركة ماكدنالد أن الأرباح قد انخفضت بنسبة 3.5% في الربع الثالث مقارنةً بأسعار الغذاء وضعف ثقة المستهلكين. وأورد العديد من الشركات الأخرى تباطؤ النمو، حيث ذكر مارك لوجريدج ، المدير المالي في شركة IBM التي تبيع خدمات استشارية وبرمجيات وأجهزة كمبيوتر عملاقة، أن مبيعاتها قد تراجعت في شهر سبتمبر جراء تباطؤ النمو في اقتصادات سريعة النمو مثل المكسيك، والبرازيل، وكندا. وذكرت شركة باركر هانيفين المختصة بصناعة مكونات وأنظمة السيارات ومعدات الإنشاء والطائرات أن تراجعًا مفاجئًا في الطلب قد تحقق خلال شهر سبتمبر، وقال دون كاشكيوكس، المدير التنفيذي للشركة: إن العملاء قد قرروا إلغاء طلبيات عندما خابت توقعات تحسن الطلب في أمريكا اللاتينية، والصين، وأوربا. وذكرت شركة دوفر المختصة بصناعة الميكروفونات المستخدمة في إنتاج التليفونات المحمولة، ومعدادت التنقيب عن البترول، وثلاجات السوبر ماركات، وأنظمة الطاقة الشمسية، أن الطلب على منتجاتها كان الأضعف في شهر سبتمبر، ويتوقع لذلك بوب ليفينجستون، المدير التنفيذي للشركة تراجع أرباحها وانخفاض مبيعاتها خلال العام الحالي. وأوردت شركة جنرال إلكتريك تراجع مبيعاتها مقارنة بالتوقعات، وعلى الرغم من نمو إيراداتها بنحو 3% لتصل إلى 36.3 مليار دولار لكنها تقل بنحو نصف مليار دولار عن التوقعات. ويمكن إرجاع سبب تراجع مبيعاتها إلى تزايد قوة الدولار، وخطة تقليص حجم ذراع تمويلية تابعة لها يحمل اسم "جي آي كابتل". وقامت شركة جنرال إليكتريك بتقليص توقعاتها للنمو خلال العام الحالي لتصل إلى 3%، بينما كانت قد بلغت نحو 5% منذ ثلاث أسابيع سابقة، وقام كيت شيرين المدير المالي للشركة بإرجاع سبب تقليص توقعات الشركة إلى تعجل تقليص حجم جي أي كابتل. وكانت أرباح وإيرادات كبرى الشركات الأمريكية قد شهدت تحسنًا ملحوظًا بداية من الربع الثالث من عام 2009، لكن موجة التحسن هذه بيدو أنها مرشحة لبلوغ نهايتها في الربع الثالث، وكان النمو في المبيعات قد بدأ يتجه للتباطؤ في النصف الثاني من العام الماضي واقترب من التوقف التام في الربع الثاني، وتتوقع وكالة طومسن رويترز انكماش الأرباح بنسبة 1.8% في الربع الثالث. تجئ نتائج المبيعات الضعيفة في الوقت الحالي الذي يشهد بلوغ الأسهم أعلى مستوياتها، وذلك بسبب تزايد ثقة المستثمرين في قدرة الشركات على المحافظة على زخم نتائجها أو في إقبال بنك الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ تدابير تحفيزية سيكون من شأنها تحسين أداء أسهم الشركات. ونجحت بعض الشركات في تحسين معدلات نموها، حيث أكدت شركة يونيون باسيفيك تحقيقها زيادة بنسبة 5% في إيراداتها، وذلك بالاعتماد على الزيادات التي لحقت بالسعر وارتفاع صادراتها من السيارات والوقود، كما أكدت شركت يونيتد هيلس للتأمين صعود أرباحها بنسبة 23%. وحذرت شركة يونيتد هيلس من الضغوط التي ستتعرض لها الميزانيات على مستوى الولايات الاتحاد الفيدرالي وضعف التوظيف، كما وصفت شركة يونيون باسيفيك الأوضاع الاقتصادية بأنها غير يقينية. ولابد أن انعدام اليقين سيدفع الشركات لشد الحزام عن طريق تقليص النفقات والتكاليف، حيث قال لاري كيلب، المدير التنفيذي لشركة داناهار: إنها ستعمل على زيادة الاستقطاعات في ميزانيتها بنسبة 20% بغج أن قلصت توقعات أرباحها للربع الثاني على التوالي، ليعني أن الشركات ستحتاج لتقليص التكاليف عن طريق تسريح العمالة أو إغلاق المصانع. وقال مايكل لاماش، المدير التنفيذي لشركة انجرسول راند، إن بطء تعافي الاقتصاد الصيني قد أحبط توقعات نمو العديد من الشركات خلال عام 2013، مما دفعها لإدراج تعديلات على إستراتيجيات نموها لتراعي تقليص النفقات. وكشفت شركات مثل إنتل و IBM وأميركان اكسبريس عن ورود إشارات على تباطؤ إنفاق الشركات من جراء أقبالها على وقف النفقات وتقليص المشتريات بغرض التصدي لتباطؤ النمو في مبيعاتها، وذكرت شركة أميركان اكسبريس المختصة بتقديم بطاقات الائتمان أن إنفاق عملائها الأكثر ثراءً لم يرتفع إلا بنسبة ضئيلة تقدر نسبتها بنحو 6% في الربع الماضي، وصدرت تصريحات عن دان هنري، المدير المالي للشركات، للتحذير من أن إنفاق حملة البطاقات التي تصدرها الشركة يتجه نحو الانخفاض.