تعرض مسلسل "أخت تريز" الذي عرض فى شهر رمضان المنقضى لهجوم شديد على صفحات الفيس بوك، التي دعت لمقاطعته، جاء هذا الهجوم من الجانبين المسلم والمسيحي، بدعوى أنه يثير الفتن الطائفية و والتحريض على تحول الأقباط للإسلام.. من ناحية أخرى كانت قنوات "الحياة" قد رفضت عرضه ، مما أثار الكثير من التساؤلات. وتدور أحداث المسلسل بقريتين بأسيوط عن أختين توأمتين مولودتين حديثا، إحدهما توضع أمام مسجد وهي خديجة التي تأخذها أسرة مسلمة وتربيها، أما توأمتها "تريز" فوضعت أمام إحدى الكنائس وأخذتها أسرة مسيحية، وبمرور السنوات تتزوج الأولى من أحمد عزمي "حربي" الإرهابي، أما تريز فتفضل الخدمة بالكنيسة، وتتوالى الأحداث لتعرف كل منهما أن لها أختا توأما من ديانة أخرى، ويتضمن المسلسل مذبحة نجع حمادي التي راح ضحيتها بعض الأقباط. يقول المخرج حسام الجوهري: "مشاهد معانقة الشيخ للقسيس لم تعد مقنعة، ولا تتناسب مع طبيعة العصر الحالي، وشعارات مثل "عاش الهلال مع الصليب" و"النسيج الواحد"، لم تعد مجدية على المستوى الاجتماعي؛ لأننا بالفعل نعيش في مشكلة طائفية، وهذا ما نرفضه تماما وعلينا مواجهته في الأعمال الفنية التي يشاهدها البسطاء، ليستوعبوا أن الفتنة الطائفية بمعناها العام غير موجودة في مصر، ولكن البعض يستغل الدين لتحقيق مصالح شخصية، وهذا ما يؤكده مسلسل "أخت تريز"، من خلال رصد الظروف الاجتماعية والسياسية للطرفين المسلم والمسيحي، مع التأكيد الكامل على القيم والتعاليم المشتركة بين الإسلام والمسيحية، والمسلسل مختلف تماما من حيث المضمون والقصة والتمثيل عن الأعمال السابقة التي تطرقت للفتن الطائفية، وإلا لما كنا قد تعرضنا للتهديد من الإسلاميين المتشددين وكذا المسيحيين المتشددين، ولا رفعت علينا قضايا من بعض المحامين الأقباط". ويضيف الجوهري: "لقد اخترقنا الخطوط والحواجز لنعرض تفاصيل حياة الأقباط والمسلمين، ليس من الناحية العقائدية وإنما الاجتماعية والإنسانية، فقد حرصت الفنانة حنان ترك على زيارة بعض الأديرة والجلوس مع رجال دين مسيحيين لمعرفة مفاتيح شخصية "المكرسة"، كما أن لها بعض الصديقات المسيحيات اللواتي كن يعدلن لها بعض المفاهيم، و كنت أتمنى أن يتابع المشاهد هذا العمل الفني بعين مختلفة، تسمح له بقبول وجود الآخر والتعامل معه بعيدا عن الخلفية الدينية، فالكثير من المسلمين لم يسمعوا ولو آية واحدة من "الإنجيل"، وسيكون المسلسل فرصة ليتأكدوا من تشابه التعاليم الدينية، والمسلسل ببساطة يحارب الفتنة الطائفية ولا ينسجها، وأقول للقنوات التي رفضت عرضه خوفا من ردود فعل الجمهور، أنتم أحرار ولكن ستندمون بعد مشاهدة المسلسل بالكامل". ويضيف: "لقد حصلت حنان ترك على موافقة مفتي الجمهورية د.علي جمعة قبل تقديم الشخصية، ولذلك أتساءل: هل الإسلاميون المتشددون الذين هاجمونا أثناء التصوير وبعد عرض المسلسل، أكثر علما منه في الأمور الدينية؟! أيضا الكثير من المشاهد التي تم تصويرها داخل الكنائس والأديرة الأرثوذكسية في سابقة هي الأولى من نوعها ، وبالتالي من المؤكد أنها وجدت أن هذا المسلسل يحمل رسالة نبيلة، وإلا لما وافقت على التصوير، ولما ساندنا الأنبا إبرام أسقف الفيوم". مشروع مؤجل ومن جانبه يقول المنتج خالد حلمي: "مسلسل "أخت تريز" هو مشروع فني قديم منذ أربع سنوات في البداية، كان فيلما وتوقف، وبعد تداعيات الثورة من انشقاق في الوحدة الوطنية تحمست من جديد لفكرة الفيلم، وتم تحويلها إلى مسلسل، وأحداث الفيلم هي أول 4 حلقات فقط من المسلسل، وبقية الحلقات تمت إضافتها من واقع المجتمع حاليا، وأنا سعيد بتحويل القصة لنتمكن من تناول الفتن الطائفية بشكل أوسع وأعمق يعالج تفاصيل العلاقات المتشابكة بين الأفراد، وفرد مساحات لعرض وجهة نظر المسلم ونظيره المسيحي، ووجهة نظر الإرهابي والمثقف.. إلخ.. وكل ما كتب عن المسلسل هو كلام مرسل بعيدا عن الموضوعية التي تنتقد نقاطا بعينها في العمل الفني، وبالنسبة لقنوات الحياة التي لن تعرض المسلسل في شهر رمضان فسيتم عرضه على شاشاتها قريباً ". على الجانب الآخر يقول معتز صلاح الدين، المتحدث الإعلامي لقنوات الحياة: " شبكة تليفزيزن الحياة تحرص في شهر رمضان الكريم على عرض أعمال النجوم الكبار فقط وأقوى المسلسلات، والكثير منها يعرض بشكل حصري، كما نحرص على وجود المسلسلات ذات المشاهدة العالية، والتي يقبل عليها جميع أفراد الأسرة ، أتساءل: ما الذي يضايق الإعلام في عدم عرض مسلسل "أخت تريز"على قنوات الحياة؟ فنحن لنا حق انتقاء الأفضل، فعلى سبيل المثال نحن انفردنا ببرنامج "أنا والعسل"، الذي يقدمه نيشان في بث مباشر من لبنان؛ بالإضافة لبرنامج جورج قرداحي.. فقط الحصرية والموضوع والنجم معيارنا في تحديد ما يعرض على شاشات الحياة في شهر رمضان". ويعلق الناقد الفني طارق الشناوي على مشكلة "أخت تريز" قائلا: "الهجوم على أي عمل فني نصفه يظلمه ويحبط القائمين عليه، فمناقشة جذور الفتنة الطائفية دون حرج أو حساسية أمر مطلوب في المرحلة الحالية، لأننا من الضروري أن نواجه مشاكلنا بحسم لنتمكن من حلها لنتفرغ لغيرها، وهكذا لتستمر الحياة، وينبغي التأكيد على هذا الاتجاه بعشرات العمال الني تواجه وتحاصر الفتن الطائفية لنتخلص منها، فمصر لم تكن كذلك أبدا. من ناحية أخرى – والكلام ل " الشناوى" - أنا أقدر جرأة الفنانة حنان ترك في تقديم هذا المسلسل رغم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها للانسحاب، فمن ناحية المظهر "كمكرسة" لم تجد حرجا في ارتداء الصليب وزي المكرسات، بل وقراءة نصوص من الكتاب المقدس تحث على المحبة والتسامح والمبادئ الدينية العامة التي تقرب بين الطرفين الإسلامي و المسيحي". ويضيف الشناوي: "على المتشددين من الناحيتين أن يشاهدوا العمل الفني قبل الهجوم عليه وقبل رفع دعاوى قضائية على صناعه، لأنه في الواقع بعض الأقباط يعتنقون الإسلام والعكس صحيح، وبالتالي فهو لا يحرض على ذلك، لكنه يعرض لواقع موجود بالفعل، خاصة أن الرقابة نفسها وافقت على عرضه، ولم تجد فيه ما يحرض على الفتنة الطائفية، وفيما يتعلق برفض قنوات الحياة عرض المسلسل، فالأمر في حاجة لتوضيح، وهل هذا الرفض متعلق بأسباب فكرية أو متعلق بالقيم؟ فهل مثلا العمل يضر بالأمن العام أو يثير الفتنة الطائفية أو يعرض أفكارا مغلوطة أم تم رفضه لأسباب دينية؟ وفي تلك الحالة الأخيرة، فالأمر غير منطقي إطلاقا، ولكن إذا كان الرفض لضعفه من الناحية الفنية فسيكون الحق معها.. والأيام بيننا، سنشاهد المسلسل بالكامل وسيتم بعد ذلك تقييمه من الناحيتين الفنية والفكرية". ومن جانبه، يقول الناقد الفني عصام زكريا: "التناول السطحي العابر للفتن الطائفية أصاب المشاهدين بالملل وأصبح أمرا غير مقبول نظرا للانقسام الذي يعيشه المجتمع الآن، وإذا كان مسلسل "أخت تريز" يناقش جذور الفتنة بشكل محايد وسليم، فأهلا به، ونحن في حاجة لمثل هذه الأعمال، وعلى الرقابة أن تجيزها، وعلى جميع القنوات أن تفتح لها الشاشات بعيدا عن الخوف من الإرهاب الفكري، ونحن في حاجة لرؤية جديدة عميقة عند مناقشة الفتن الطائفية دون خوف من المتشددين، ولكن لا بد أن يؤخذ في الاعتبار الدراسة الجيدة للبيئة الاجتماعية والثقافية والدينية للشخصية المسيحية أو الإسلامية، حتى لا يتم عرض معلومات مغلوطة تسمح للمتشددين بإشعال المزيد من نيران الفتن الطائفية، بمعنى أن المضمون مهم جدا؛ مثل الإطار الخارجي للشخصية، خاصة عند تقديم شخصية (مكرسة) أو راهبة".