لا يكاد يمر موسم رمضانى درامى مؤخرا إلا ويشهد مسلسلاً أو أكثر يناقش محاولات ذرع الفتنة الطائفية فى مصر، راصدا العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، إلا أن أغلب تلك الأعمال تتناول الفتنة بشكل تقليدى لا يخرج عن إطار شخصين أحدهما مسلم والآخر مسيحى يحاربان الجميع ليثبتا أن مصر مازالت تحافظ على هويتها ونسيجها الوطنى، حيث يعرض فى رمضان الحالى مسلسلان يتعرضان للفتنة الطائفية، هما "الأخت تريز" لحنان ترك و"عرفة البحر" لنور الشريف. فمسلسل "أخت تريز" يلقى الضوء على العديد من الأسباب التى تتسبب فى الفتنة ومن بينها دور رجال أمن الدولة وما كانوا يفعلوه قبل ثورة 25 يناير، والتحريض الذى يقومون به على الكنيسة من أجل إلهاء الناس عما يطلبونه. يلقى المسلسل الضوء على فكرة "التعصب الدينى" سواء من الجانب المسلم أو من الجانب القبطى خاصة فى القنوات الدينية الخاصة بهم. الناقدة ماجدة موريس أوضحت لليوم السابع، أن مقدمات المسلسل حتى الآن جيدة واستطاع المؤلف أن يصنع جذور الفتنة الموجودة فى الواقع، فالمسلسل يرصد الخلافات الطائفية فى الصعيد وهى من أكثر المناطق فى مصر التى تعانى من الفتنة دون تسليط الضوء عليها، فأى طرف من الاثنين لا يتقبل فكرة الطرف الآخر وهى مشكلة موجودة حاليا وتجلت بشدة فى شخصية تريز الأخت المسيحية، وحول المستوى الفنى للمسلسل قالت لا أستطيع التعليق عليه إلا بعد انتهاء المسلسل تماما. ويأمل النقاد فى أن يروا أعمالا تتناول الفتنة الطائفية بشكل أعمق، حيث يقول الناقد الفنى عصام زكريا، إن المشاهدين بشكل عام أصيبوا بالملل من تكرار المسلسلات وتشابهها، وكذلك الحال بالنسبة للدراما التى تتناول الفتنة الطائفية بشكل مباشر وصريح وفى تابوهات ثابتة، ويجب أن نستعرض الأرضية والعوامل التى تودى لحدوث هذا الاحتقان الطائفى مثل التحريض المتعمد لبعض المشايخ والقساوسة ضد كل دين وأتباعه. وعن أفضل الأعمال التى رآها تتناول الفتنة الطائفية بشكل مختلف وغير تقليدى، قال أعتقد أن فيلم الخروج من القاهرة هو من أفضل الأفلام التى تناولت فكرة الفتنة ولكن مع الأسف تمت محاربة الفيلم والدليل على ذلك منعه من دخول مهرجان الأقصر السينمائى والذى أقيم من عدة شهور. من جانبه، قال الناقد فتحى العشرى إن صناع الأعمال الفنية التى تمس الفتنة لابد أن يكونوا ملمين ببعض الملاحظات وكذلك يملك أسرارها، وبالتحديد فى مسألة مسلسلات الفتنة لابد ألا يخشى الكاتب من أى عناصر تحاول إرهابه وخصوصا أن المجتمع أصبح به قوة تعمل على إرهاب أصحاب الرأى والفكر وهى القوى المتشددة والمتعصبة ضد الإبداع. وأضاف العشرى، أن هناك مشكلات أكبر من التى تخرج على الشاشة بين المسلمين والمسيحيين ولكن الكتاب يسلطون الضوء على بعض النقاط المحفوظة والمكررة فلا بد من رؤية جديدة فى تلك النوعية من الأعمال الفنية، وشدد العشرى على وجود فتنة أخرى لا يلتفت إليها البعض وهى الفتنة بين السلفيين والمتأسلمين والذى يرفعون شعار "الإسلام" ويطالبون بالتغيير. وتمنى العشرى، أن يطرح أحد الكتاب فى أعماله الفنية فكرة إزالة خانة الديانة من البطاقة الشخصية للمصريين حتى نبتعد عن التعصب والتميز إلا أننى أدرك كم المخاطر التى تحوم بمن يطالبون بتلك الفكرة.