أكد مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والسياسية، أن هناك عدة عوامل أدت إلى عجز الشباب العربى، لاسيما فى مصر عن مسايرة الاستحقاقات السياسية للمرحلة الانتقالية، وأن أول العوامل تتمثل في تلاطم وتعارض المجموعات الشبابية التي تتحدث باسم الثورة، وبالتالي غياب الرؤية الموحدة والواضحة للعمل السياسي أو المشاركة في نقاشات حول المرحلة الانتقالية.. وثاني العوامل: بروز القوى السياسية والأحزاب التقليدية على الساحة من جديد، وسيطرتها عليها، إضافة إلى بروز القوى أو التيارات الإسلامية أيضاً، مما أدى إلى الخصم من رصيد شباب الثورة.. وثالث العوامل: عدم تعاطف السلطات وبعض المصريين مع تلك التجمعات الشبابية.. ورابعها: عودة ما يسمون ب"الفلول للساحة السياسية من جديد، ومحاولة فرض رؤيتهم الخاصة على المشهد السياسي الحالي".. وحول المزيد من القضايا المهمة دار معه مجمل حوارنا التالي. - من حين لآخر، يطلق بعض النشطاء اتهامات للسعودية بمحاولة إجهاض الثورة المصرية.. في اعتقادك ما مدى صحة تلك الأقاويل؟ هذه الاتهامات ذائعة، ولكن لا توجد أدلة ملموسة عليها، بل تدخل في إطار الصراع بين القوى السياسية المختلفة في مصر، فالإسلاميون يتهمون الليبراليين بالحصول على تمويلات من أمريكا وأوروبا ويرد الليبراليون باتهام الإسلاميين بالحصول على تمويلات من دول الخليج. - لكن أين الحقيقة في هذه القضية؟ لا يمكن للباحثين الجزم بها، ومع ذلك فهناك حقيقة سياسية واضحة للجميع، وهي أن السعودية يهمها بالمقام الأول أن تكون مصر دولة مستقرة لكن لا تتصادم معها، أكرر هنا أن العرب لا يمكن أن يكونوا فاعلين في محيطهم الإقليمي أو على المستوى الدولي دون أن تكون مصر والسعودية رقماً فاعلاً في تلك المعادلة، وأعتقد أن هناك تعاطفا سعوديا مع الرئيس السابق حسني مبارك، لكن هذا التعاطف لا يجب أن يؤثر بالنهاية في السياسة السعودية الثابتة تجاه مصر ومصالحها معها، فهذه علاقات دول لها طابع الثبات والاستقرار النسبي وليست علاقات أفراد، ومع ذلك قد يكون هناك تنافس على النموذج القيمي في المستقبل بين البلدين في حالة وصول الإخوان للسلطة على حسب تقدير بعض الخبراء. - وماذا تعني بتنافس قيمي بين مصر والسعودية؟ في حالة وصول الإخوان للسلطة في مصر، سيقدمون نموذجاً مغايراً للنموذج السعودي في الإسلام السياسي، وهو ما قد يقلل من زعامتها السياسية في العالم الإسلامي. لذلك فالسعودية ربما تخشى صعود الإخوان سياسياً، وتتمنى لو كان الصعود السياسي من نصيب التيار السلفي؛ لأن التيار السلفي يعتبر نفسه امتداداً للنموذج الذي تقدمه السعودية، وليس مغايراً له. - بعد نجاح الثورة فى تونس وصعود الأحزاب الإسلامية.. هل ترى تشابه مع مصر؟ هناك تشابهات بين التجربة التونسية والمصرية، منها أنهما من أوائل الدول في ثورات الربيع العربي، لكننا في مصر من ناحية تجربة الأحزاب لم نصل بعد إلى مستوى حزب النهضة التونسي ولا حزب الحرية والعدالة التركي، لأن المشروع الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية التركي واضح بشكل سليم، ولكن التيارات الإسلامية حتى هذه اللحظة لم يتبلور لها أي رؤية اقتصادية في مصر. - وما الفارق بين العدالة والتنمية التركى والحرية والعدالة المصرى؟ حزب العدالة والتنمية التركي لا يرى نفسه على أنه حزب ديني، كما أنه يستطع أن يجمع المواطنين حوله كافة، ولكن جماعة الإخوان المسلمين ما زالت تغرق في الاعتقاد الديني، وأيضًا "الاختلاف بين تونس ومصر أنه لا يمكن المقارنة بين حزب النهضة الإسلامي في تونس وبين الجماعة الإسلامية الأقوى في مصر جماعة الإخوان المسلمين". - وهل تعتقد أن فكرة "فزاعة" التيار الإسلامى ما زالت قائمة؟ هناك تخوفات في مصر من العديد من التيارات السياسية من السيناريو الإسلامي على العكس تمامًا من الوضع القائم في تونس، قائلاً: "لا أعتقد أن أحدًا يريد وجود دستور مصري يتعارض مع الشريعة الإسلامية".. وأحذر من أن "المنافسة بين التيارات الإسلامية ستفتت العديد من الأصوات في الانتخابات القادمة، كما أن جماعة الإخوان المسلمين لا نستطع القول بأنها قادرة على الارتقاء لما وصل إليه حزب النهضة التونسي من مكانة"، كما أنه كان من الضروري تطور الأفكار بشكل عملي يصلح للمجتمع، وكان من المفترض أن نتحدث في مصر عن دستور في إطار الشريعة وليس العكس.. مضيفًا: "استغرب كثيرًا حينما أتذكر كيف ذهبت الجماهير إلى المطار لاستقبال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أثناء زيارته للقاهرة، وتهتف خلافة إسلامية". - وماذا عن الفارق بين النموذج التركي والمصرى؟ عند المقارنة بين النموذج التركي والمصري، فرغم وجود تشابه ما بين مصر وتركيا إلا ان هناك اختلافات متعددة ومنها اختلاف في الموقع الجغرافي، والمؤسسات العسكرية؛ فالموسسة العسكرية التركية أكثر تطورا عنها في مصر، لما لها من اخراط واضح في التنمية، اضافة الى ان حزب الشعب الجمهوري المعارض بتركيا يمثل الديمقراطية الاشتراكية أكثر تطورا من نظيره في مصر، فإن النموذج التركي أقرب إلى الاستلهام في التجربة المصرية، فتجربة تركيا جديرة بالتفكير فيها. - وكيف ترى التجربة الأصلح فى الاوقات الراهنة لمصر لعبور المرحلة الانتقالية؟ تجربة ايران وتركيا اكتسبت ابعادها في السنوات الاخيرة واصبحت دائما بمحك نقاش دائم في مصر، خاصة بعد ان اصبح هناك حضور لإيران في الشرق العربي وتراجع تركيا منذ خمس اعوام، لكن الفارق بين التجربتين، أن النموذج السياسي الايراني منذ أكثر من ثلاثين عاما وتقدم ابران النموذج الديني للدولة وهذا النموذج له جوانب من القوة واخرى من الضعف، ظهر التيار الديني وبقوة منذ الثورة الايرانية 1979 هذه الثورة التي حولت ايران من نظام ملكي يحكمه الشاه (محمد رضا بلهوي) الى جمهورية إسلامية يحكمها آية الله (الخميني) الذي يعد مؤسسًا للجمهورية الإسلامية الايرانية، وان الثورة الايرانية لم تكن ثورة دينية في البداية بل كانت ثورة تشارك فيها جميع اطياف الشعب ولكن سيطرت عليها التيارات الدينية تحت عباءة "الخوميني".