لم تنجح الثورة فى محو الآثار السلبية للمفسدين بصورة تامة فى العديد من المجالات، خاصة الفنية والإبداعية منها، فمسلسل سرقة الإبداع والتميز مازال مستمرا، واغتصاب حقوق الملكية الفكرية أصبح مساغاً سهلا لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حقوق الآخرين دون احترام لقواعد فنية أو معايير اجتماعية. وأغلب ضحايا لهذه السرقة والسطو هم الطامحون من الشباب أصحاب الروح النشطة والحرة التى ترغب فى تقدم المجتمع نحو مستقبل مشرق، لكنهم اصطدموا بجدار صلب حد من طموحاتهم وقدراتهم الخلاقة، التى يسعون من خلالها لخدمة بلادهم. وإذا كان لبعض نجوم الفن دور كبير فى محاربة النظام السابق ومواقفهم ضد الفساد الذى طالما طوقنا بظلمه، فإنهم من خلال هذا التحقيق يرغبون فى إعادة الحقوق إلى أصحابها ونخص بهذ الحق جريدة "صوت البلد" التى اغتصبها رجل الأعمال وعضو الحزب الوطنى المنحل محمد أبو العينين الذى أطلق قناة فضائية جديدة حملت اسم "صوت البلد"، ولم يراعِ حقوق المليكة الفكرية لمن أنشأ الجريدة منذ خمس سنوات. ونحن ها هنا ننتظر أن تتغير العقول لنطهر مصر من طغيان العصر البائد، ولنضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه السطو وسلب أفكار الآخرين. فيقول عمرو واكد: إن مسلسل سرقة الملكية الفكرية المستمر كان يجب ان ينتهى بعد الثورة، إلا أن البعض استغل الحالة والظروف التى تمر بها البلاد وتحركوا بحرية وزادت عمليات السرقة الفكرية فى جميع المجالات وكان يجب ان يعتمدوا على ابداعهم الخاص لكن لغة الاستسهال هى التى اصبحت مسيطرة على الساحة الفنية والإعلامية وبالطبع ما اسهل السطو على ابداعات وافكار الاخرين. وفى اعتقادهم أن أحدًا سينتبه لهم أو سيهتم بسبب ما تشهده البلاد فى الوقت الحالى من أحداث، لكنهم فى حقيقة الأمر مخطئون، لأن بعد الثورة أصبحت الأمور واضحة ولم تعد ضبابية كما كان فى السابق، واختفت المحسوبيات ورجال النظام السابق يجب أن يختفوا من حياتنا نهائياً، لذلك فأنا أطالب القائمين على جريدة "صوت البلد" بأن يحاربوا بكل قوتهم فى إعادة حقهم المسلوب، فلم يعد الصمت هو لغتنا كما كان، فلا تتركوا من كان يستغل الظروف لصالحهم، أن يستمروا فى عرقلة مسيرة واستقرار هذه البلد بعد أن قام شعبها بثورة ضد الظلم والفساد. كذلك يقول خالد النبوى: البلد ما زالت تتعرض للسرقة فبعد سرقة الأموال والمنازل، تعاظمت سرقة الافكار والابداعات، لكن المؤسف فى الموضوع أن الكثيرين يغمضون أعينهم ويقولون (مفيش فايدة) وأنا أرى أن هذا الكلام لا يصلح بعد ثورة يناير فمن له حق يجب أن يقف وراءه حتى يحصل عليه هكذا علمتنا الثورة، لذلك يجب علينا أن نكون أكثر ايجابية وان نحافظ على حقوقنا ولا نتهاون فيها حتى لا يتهاون معنا الاخرون لان الشخص اذا فرط فى حقه وتهاون فيه سيخسر قضيته وسيتهاون الاخرون معه، وكلامى ليس موجهًا لجريدة "صوت البلد" وحدها بل لكل من له حق، يجب أن يسعى إلى رده وإن كان فى (فم الأسد) كما يقولون، وإذا كان محمد أبو العينين قد أخطأ فيجب محاسبته فلقد رحلت المحسوبية والظلم والفساد مع مبارك. ويؤكد المنتج والسيناريست ممدوح الليثى أن سرقة الملكية الفكرية ليست بالشىء الهين لكن الناس غير مدركين لهذا الأمر، فالاديب نجيب محفوظ كان يقول: إن الفكر والابداع جزء من الروح، ومن يسرق فكره وابداعه فكأنما سرقت روحه، وأنا شخصيا قد تعرضت لهذا النوع من السرقات، من خلال فيلم "المذنبون" الذى قدمته سنة 1973، فقد شاهدت قصته منذ أشهر على شاشة التلفزيون من خلال مسلسل نسخة بالكربون، وعندما تكلمت قيل إن من حقهم إعادة القصة وتقديمها، لكنى لم أجد بالمسلسل أى تغيير عن الفيلم، لذلك كان من المفترض أن يعاقب المسئولون عن المسلسل بعقوبة قوية لأنهم سرقوا ملكيتى الفكرية، ويجب أن يتم إصدار قانون قوي ليحمى هذه النوعية من الحقوق. لكن المشهد القائم فى مصر حاليأ هو أن هؤلاء السارقين نجوا من العقاب وتمتعوا بالنجاح السهل السريع على حساب غيرهم وهذا للاسف يصنع حالة عامة من الاحباط والركود بعد ذلك كأننا نقوم بقتل المبدعين بالبطىء وتلك مشكلة كبيرة لأن المبدعين هم عصب الحياة فى مصر. ثغرات القانون أما المخرج سمير سيف، فيقول: المشكلة الاساسية التى تجعل هؤلاء السارقين ينجون هى التحايل على القانون واستغلال ثغراته لصالحهم حيث يتلاعبون بالألفاظ ويعدلون المقاطع لينفوا عن انفسهم المسئولية القانونية ولايقعوا تحت طائلة القانون وهذا موجود بصورة كبيرة مع المبدعين الشباب فهم جدد لايعرفهم احد ولم يحققوا الانتشار على مدى واسع فيستغل هؤلاء السارقون الفرصة وينشرون ابداعاتهم تحت مسمى اخر ويتم التلاعب بالمحتوى وعندما يلجأ المبدع للقضاء لايحصل على حقه لان القانون للاسف يحمى السارق ويفلت بفعلته مما جعل الكثيرين من الشباب يصيبهم اليأس والاحباط، وهذا الأمر ينطبق على جريدة "صوت البلد" فقد سهل هذا الأمر إلى البعض أن يستولى على اسمها ويطلقه على قناته الفضائية دون أى مراعاة لحقوق الجريدة الأدبية والمعنوية والفكرية، وأنا أنصح كل من له حق ألا يتركه حتى يحصل عليه، ومن خلال تجاربي الحياتية وجدت أن سرقة الابداع والملكية الفكرية أصبح فى مجالات كثيرة، لذلك يجب أن نقف جميعا ضد هذا الوباء.