أتذكرون مؤسسة (بت الجيران العاطفية) وصبية الحارة يرشفون منها رحيق (الحب) وتجاريب المراهقة ويستلفون منها مجلة ميكي وسوبرمان و(أمي قالت لكم سلفونا شوية ملح)؟! يقولها الصبي وأصابع عينيه تبحث عن (بت حارتنا)، لعلها تبادله (ملحاً) بشوق، وما أسعده لو أن الأم نادت لإبنتها ملهمة (أولاد الحارة) وهي تقول: (يا سعاد شوفي أخوكي عايز أيه). ربما أوجعتك أيها المسكين كلمة (أخوكي) التي إنزلقت من فم الأم بأمومة زادت على (البنت)، وفاضت عليك. أتحسر على مؤسسة (بت الجيران) التي إنهارت، وتوارت الأغنيات التي مجّدتها بعد أن صارت (الحبيبات) أكثر من متظاهري (ميادين) التحرير. من منكم يذكر آخر زيجة تمت بين جار وجارته في الحارة، ومن منكم يذكر آخر كتاب إستلفه من (بت الجيران)، ودسّ في كرش صفحاته رسالة بريئة استهلها ب (سلام إليك يذيب الجليدا)؟! رحم الله أبي، كان يسخر من خطاباتي التي أكتبها لجارتنا الأمية وهي تطلب مني شتم زوجها المغترب الذي لم يكن يرسل لها المصروفات إلّا في الأعياد الرسمية، وحين أزعم شتمي لزوجها بما يكفي سكان الجزيرة العربية، تقول وهي تنتزع الخطاب مني: (هات أشوف شتمت الراجل إزاي). تقولها في ثقة رغم كونها أمية، لا تعرف الفرق بين جورج الأول وكانون الثاني، حينها كان أبي يقول لي: (أشتم لها الراجل كويس، أصلو حُب العجايز ليه ركايز)..! نقطة وسطر جديد قالت امراة لزوجها: لم تعد تحبني بعد زواجنا مثل أيّام الخطوبة. قال: هل رأيت صياداً يطعم السمكة بعد صيدها؟! ----- * كاتب وصحفي سوداني