نقابة الصحفيين المصرية تصدر قرارا بمنع بلوجر من دخول النقابة.    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    محافظ مطروح يناقش استعدادات الاشتراك في المبادرة الرئاسية للمشروعات الخضراء الذكية    تراجع جديد لسعر الدولار في البنوك خلال التعاملات المسائية    عاجل| الحكومة تزف بشرى سارة للمصريين بشأن أسعار السلع    مصر للمقاصة تفوز بجائزة أفضل شركة للمقاصة في الوطن العربي    البيت الأبيض: احتمال تغيير سياستنا في حال اقتحام رفح الفلسطينية دون تأمين المدنيين    «بلومبرج»: «تركيا تعلّق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل»    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 Tom and Jerry لمشاهدة حلقات توم وجيري الكوميدية    "برنامج علاجي لتجهيزه".. الأهلي يكشف حجم إصابة أحمد عبدالقادر    «أكثر لاعب أناني».. مدرب ليفربول السابق يهاجم محمد صلاح    ظاهرة جوية تضرب البلاد خلال ال72 ساعة المقبلة.. 10 نصائح للتعامل معها    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    أحمد السقا عن مشهد الرمال بفيلم السرب لفاطمة مصطفى: كنت تحت الأرض 4 ساعات    ارسم حلمك ب«الكارتون».. عروض وورش مجانية للأطفال برعاية «نادي سينما الطفل»    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    «مايلستون» تنطلق بأول مشروعاتها في السوق المصري باستثمارات 6 مليارات جنيه    الصلاة والقراءات الدينية والتأمل في معاني القيامة والخلاص أبرز أحداث خميس العهد    بالصور.. كواليس حلقة "مانشيت" من داخل معرض أبوظبي الدولي للكتاب غدًا    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة فرضت عقوبات ضد 280 كيانا روسيا    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    نادي الأسير الفلسطيني يعلن استشهاد معتقلين اثنين من غزة بسجون الاحتلال    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    إمام الحسين: كبار السن يلاقون معاملة تليق بهم في مصر    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    كريم بنزيما يغادر إلى ريال مدريد لهذا السبب (تفاصيل)    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سولاف هلال تبحث عن الحب والحرب
نشر في صوت البلد يوم 10 - 07 - 2009

وجعلته يدور إلى الوراء، بعد أن كان يمثل لكثير من العرب بادرة أمل في طريق التقدم.
ولا تحكي (المشهدُ الأخير) عن زمن حرب صريحة، ولكنها تصور مشهداً أخيراً في حياة استشهادي يفجِّرُ نفسَه في آلية عسكرية لجنود الاحتلال بأحد شوارع بغداد. أما القصة الأخيرة، فهي سيرة مليئة بالمرارة لشاب عراقي صغير، انتهكت رجولتُه وهو يُقتَادُ إلى حرب لا يعرفُ لها معنىً، فيصابُ بلوثة عقلية، ويُخلى من الميدان ليعيش في مستشفى للأمراض العقلية، معتقداً أنه نجح في التمارض والتظاهر بالخلل العقلي؛ وهو يحكي لنا التجربة من خلال رغبة في الإفضاء تمكنت منه.
ولا تهتم سولاف هلال بالحرب في مجموعتها "إلى الوراء در" اهتماماً صريحاً مباشراً في غير هاتين القصتين من مجموع قصص الكتاب البالغ أربعا وعشرين قصة، غير أن ظلال الحرب تلوحُ من بعيد في ثلاث قصص أخرى، تحكي عن جوانب من التداعيات التي كابدها الإنسان العراقي جرّاء الحرب وإفرازاتها المرضية.
في قصة (لصوص من نوع آخر)، يختطفُ اللصوص إنساناً ضائعاً لدرجة أنه يفتعل مشكلة ليتمكن من المبيت في سجن المخفر؛ وينتزع اللصوصُ كليتيه، بعد أن انتزعت الحربُ حقه في العيش كآدمي.
وفي قصة ثانية، وعنوانها (خُطىً)، تخيِّمُ على أجوائها ظلالُ سنوات الحصار الاقتصادي، ويمتدُ تأثيرُ العقوبات الاقتصادية، التي فرضت على نظام الحكم العراقي، إلى أسرة كانت تعيشُ في يُسر، فينحدرُ حالُها إلى العُسر، لدرجة اضطرار الأم إلى التسوُّل في الطريق العام.
وتتبدى تداعيات الحرب في قصة ثالثة، تبدأ اشتباكها مع الموضوع الذي تتصدى لمعالجته منذ العنوان (اطمئن)؛ حيث الاطمئنان هو الهدفُ العزيز المنشود، على المستويين الشخصي والعام، في ظل متتالية كئيبة من الحصار والدمار والدماء، دامت سنوات طويلة. وتقدم لنا القصة شخصية امرأة أربعينية – وهي تظهرُ في قصص أخرى من المجموعة – باحثة دوماً عن شكل لحياتها، متطلعة إلى حب حقيقي، محملة بأثقال من تجارب سابقة موجعة. وما إن تلتقي بشيخ يقاربها سنّاً، تقتحمُها شخصيتُه، ويحرك فيها الأنثى، فتحسَبُ أنها قد وصلت إلى بَرِّ الأمان، وآن لقلبها أن يطمئن، فلا يلبث الشيخُ، وهو من كوادر المقاومة الدينية، أن يسقط في ساحة الجهاد من أجل الأمة.
وهكذا، صممت سولاف هلال كتابها القصصي ليبدأ وينتهي بقصتين عن الحرب، ونثرت في وسطه ثلاث قصص تتردد فيها أصداء بعيدة للحرب. ولنفترض أن نصيبَ الحرب في هذه المجموعة خمسُ قصص، فهل هو نصيبٌ مناسب لأحداث حرثت الأرض حرثاً، واستمرت لما يقربُ من ربع قرن من الزمان؟
إن خبرة سولاف هلال بفداحة الحرب وآثارها على البشر واضحة تماماً في قصتي البداية والنهاية من المجموعة، فهل اختارت كاتبة على هذه الدرجة من الخبرة أن تتجاهلَ زمناً كانت الصواريخ فيه تغتال الآمنين في مخادعهم، في حرب دامت لما يقرب من عشر سنوات، هي حرب القادسية؟ هل كان اختيار سولاف هو ألاَّ تستقبلَ قرَّاءها بكتابها الأول مليئاً بدخان القذائف وأشلاء الضحايا؟
وبالطبع، فإن أحداً لا يملك أن يصادرَ حقّ كاتب في اختياراته، فالفن في أصله اختيار؛ ولكن حدثاً بحجم الحرب، وبملابسات وأحوال متتالية الحروب التي خاضها العراقُ، لا يمكن تجاهله، إلاَّ إن كان ذلك عن عمدٍ، وتعبيراً عن موقف محدد.
لقد ثار سؤال مشابه: أين أدب الحرب بمصر؟ في أعقاب حرب أكتوبر 73، ولا يزال يتردد حتى الآن؛ وثمة نقاد يرون أن حجم إنتاج الكتّاب المصريين عن هذه الحرب لا يتناسبُ وحجمها وقيمتها والآثار التي ترتبت عليها؛ وثمة نفر آخر من النقاد يرى أن الكتابة عن شأن ما لا ترتبط بوقت بعينه، وقد تأتي بعد انتهائه بزمن طويل.
على أي حال، لننتظر كتب سولاف التالية – فهذا هو كتابها الأول – فقد نجد فيها ما يسجل تجربتها في معايشة حروب وطنها.
إن بحثنا عن الحرب في قصص سولاف لا يعني أننا نقلل من قيمة ما قدمته لنا من قصص عالية الجودة في كتابها "إلى الوراء در". قصص تؤكد لنا أننا أمام كاتبة عالية القامة، تعتمد كثيراً على المعالجة النفسية في بناء قصصها، وتجيد اختيار زاوية القصّ؛ وهي ساردةٌ من الطراز الأول، يصعبُ أن يفلت منها انتباه القارئ؛ كما أنها تجيدُ اختيار عناوين قصصها بحيث تكون جزءاً من البناء القصصي وليست زائدة أو عبئاً عليه. وتمتلك سولاف لغة قصصية خاصة بها.
إنني أدخُلُ تجربة قراءة القصة القصيرة وفي ذهني نموذج مسبق لها، كما أحبها، وكما أكتبها، يوجهني اعتقادٌ راسخٌ لديَّ بأن تجربة كتابة القصة القصيرة هي تجربة تعامل مع اللغة بالدرجة الأولى. ومن هذه الناحية يجيئ تفرُّدُ كتّاب القصة الذين ينجحون في إيجاد صيغهم اللغوية الخاصة بهم. وأعتقدُ أن سولاف هلال قد نجحت في الوصول إلى صيغة متميزة للغتها القصصية؛ لغة تنشُدُ البساطة، وكما جاء على الغلاف الأخير للكتاب، لغة مسالمة، لا تزعجُ القارئَ، ولكن تصل إليه، أو تجعله يتواصل معها، من أقرب طريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.