ويفسد الوجدان•• والصحافة شأنها شأن أي جسد شديد الحساسية يؤثر بقوة ويتأثر أيضًا بقوة• وقد يقاس التقدم والوعي الثقافي للأمم بقدر ما تصدره من مطبوعات، لكن العبرة لابد أن تكمن في الكيف وليس في الكم• والقارئ بوصفه المستهدف الأول، فلابد أن تخضع المادة التي يقرأها لمعايير وضوابط، بحيث تشكل تلك المادة الجرعة المفيدة ولا تصبح كالدواء الذي فسد وانتهت صلاحيته، وياليت الفرد يكون ماديًا بحيث يمكن آنذاك تفادي المرض ومن ثم علاجه•• لكن الأدهي أن يكون الضرر معنويًا ذا أثر علي العقل والفكر والوجدان• وما تشهده الآن أمكنة بيع الصحف والمجلات من فوضي الإصدارات التي لا تعبر في الواقع عن ثورة فكرية أو طفرة أدبية وإعلامية وإنما هي تعبر في الواقع أيضًا عن كبوة وسقطة كبري في تاريخ الإصدارات المصري• ورغم وجود لوائح وضوابط منظمة لتراخيص إصدار المطبوعات التي تعد رغم ما يحدث نموذجًا حديثًا قد لا يتوافر في العديد من دول المنطقة وفي دول أخري أجنبية، رغم هذا لكن دروب الظلام ومسالك الاحتيال باتت تربة صالحة لأناس لا مصلحة لهم سوي التربح، وياليتهم تربحوا، بل هم في واقع الأمر يمارسون لعبة إفساد العقل والوجدان•• ومنهم من يخسر بالفعل ويساعده علي الاستمرار في هذه اللعبة المدمرة بئر التمويل الذي يغترف منه أموالاً طائلة بهدف زرع هذه الجراثيم في عيون ووجدان القارئ، أي الضحية ومن ثم تنال هذه المفاسد من عقل ووجدان الأمة وقواها البشرية• العمل الصحفي له أسس وقواعد إنه علم بكل ما تحمل الكلمة من معان، ومن ثم لا ينبغي أن يشتغل به إلا من تنطبق عليه شروط تلك المهنة الراقية بوصفها مهنة تتعامل مع العقل والوجدان والحس -وهنا لابد أن ينعم ممتهنوها أولاً وقبل كل شيء بالضمير- فمهما كانت القوانين واللوائح المنظمة للنشر والعمل الصحفي•• فهناك دائمًا الأفعال المشبوهة•• نعم هناك صحف لا عنوان لها ولا هوية، وتلك أبسط المعلومات التي يجب علي المطلع عليها أن يعرفها، لم نسمع من قبل عن صحيفة رقمها هاتف محمول، لم نسمع أو نر صحيفة تصدر دون ترويسه، وهي جزء تكتب فيه كل المعلومات الخاصة بالمطبوعة من حيث الترخيص وجهة الإصدار وتاريخ التأسيس ومقار المطبوعة ومكاتبها إقليمية كانت أو دولية أو محلية وأرقام الهواتف والفاكسات••• إلخ• والخطر لا يقف عند هذا الحد إذ تنشر هذه الصحف والمجلات أو بالأحري تنفث سمومًا من شأنها العمل علي بلبلة الداخل، فضلاً عن تشويش القارئ والعمل علي أن يفقد المصداقية فيما تكتبه العديد من الصحف التي تصدر أيًا كانت انتماءاتها أو توجهاتها•• فهناك صحف معارضة كما اصطلح علي تسميتها لها قراؤها ومثقفوها ومفكروها، وبالتالي فهي تلقي قبولاً واحترامًا من العديد من القراء• فالقارئ الواعي يقرأ هذا وذاك إلا أن الصحف محل الذكر لا تعدو كونها من أربع أو خمس صفحات وتحمل أسماء تخجل أي صحيفة مدرسية أن تضعه عليها•• علي سبيل المثال كتبت إحدي هذه الصحف أن 80% من بنات مصر يتعرضن للتحرش الجنسي•• والتحرش الجنسي ظاهرة تحدث في كل المجتمعات، وهو مرض نفسي ينتاب العديد من الأشخاص أيًا كانت مراكزهم، ومنهم من كان بطلاً رياضيًا، ومنهم من احتل أعلي المناصب في دولته، وهذا لا يعني بالطبع أن كل المجتمع يعاني من هذا المرض أو هذه الظاهرة أو أن هذا المجتمع يعيش في غابة من الشهوات دون ضوابط، ومثل أخلاقية أو دينية وقانونية!!، لمصلحة من تكتب وتنشر هذه الهلوسات، كثيرة هي الأنباء التي تنال من أخلاق وقيم مجتمعنا وتعمل علي الإقلال من شأنه•