يعاني التجمع أقدم الأحزاب العاملة فى مصر، من أزمة طاحنة، لعل أهم مظاهرها تتمثل في العضوية الشكلية أو الخاملة، وضآلة النشاط الحزبي سواء كان ممثلا في اجتماعات قليلة وغير منتظمة أو غياب خطط عمل توجهها، إضافة لفقدان الهوية الاشتراكية للحزب، وضعف الموارد المالية مع عجز متزايد عن تنميتها، وكثرة المقرات المغلقة، وتواضع الدورين الجماهيري والتنويري، وترهل الكيان التنظيمي للحزب، مع تعدد الاستقالات لقيادات الحزب، وطغيان الخلافات والصراعات الشخصية إلى حد تشويه صورة الحزب لدي كل من الجماهير والنخبة على حد السواء.. فيما فشل الحزب فى عقد اجتماع الامانة العامة الذي كان مزمعًا عقده هذا الأسبوع، لنظر باقي إجراءات المؤتمر العام، بل واتهمت قيادات بالحزب رئيس الحزب رفعت السعيد، ونائبه سمير فياض، والامين العام سيد عبدالعال، بالتواطؤ لمنع اجتماع الأمانة العامة المنوط به فتح باب الترشيح للمواقع القيادية المركزية، واتخاذ كل الإجراءات لعقد المؤتمر العام فى موعده المحدد يوم 27 من الشهر الجاري، والذي سيتم فيه انتخاب رئيس جديد للحزب خلفا للدكتور رفعت السعيد الذي انتهت مدة رئاسته الثانية، حيث لم يحضر الاجتماع سوى 25 عضوا من أصل 56 هم أعضاء الأمانة. بينما أوضحت مصادر داخل الحزب، أنه لوحظ بأن الأعضاء الذين صوتوا ضد عقد المؤتمر فى الاجتماع السابق للأمانة العامة لم يحضروا، كما أن عادل الضو أمين الشئون النيابية، وسيد أبوزيد رئيس لجنة الانضباط الحزبي، حضرا إلى الحزب، وتحدث معهما "السعيد" فانسحبا على الفور ولم يحضرا الاجتماع.. ويتعرض رئيس الحزب لأعنف هجوم يشهده من قبل شباب الحزب تحديدا من بعد الثورة، متهمين "السعيد" باتخاذه موقفا معاديا ضد الحركات الاحتجاجية بدءا من حركة كفاية التي أشاعت ثقافة الاحتجاج، وإصراره على استخدام أساليب شكلية في المعارضة، ومستأنسة ترضخ للقيود المفروضة على الحزب، بل امتد هذا الموقف ليشمل كل الحركات الاحتجاجية التي نشأت بعدها، وصولا إلى الجمعية الوطنية للتغيير وشباب 6 ابريل الذين وصفهم مرة بأنهم "شوية عيال لاسعين"، ورفض التنسيق معها جميعا في المسيرات السلمية والوقفات الاحتجاجية، حتى أثبتت ثورة الشعب في 25 يناير أنها جاءت ثمرة لنضال وكفاح هذه الحركات، وفضح خطأ رئيس الحزب الفادح وإصراره على هذا الموقف المشين، مما أساء إساءة بالغة الى سمعة حزب التجمع في الشارع.. إلا أن هناك محاولات لتفكيك الحزب وتفريغه من الداخل، خاصة بعد انشقاق العديد من قياداته وسعيهم لتأسيس أحزاب يسارية جديدة، فيما لا يزال "السعيد" يتعمد مواجهة تيارات التجديد التي تنادي بالإصلاح من الداخل، التي تطالب بإقصاء رئيس الحزب الحالي والمتهم بمعاداة الثورة ومحاباة نظام مبارك البائد. ويعلق عبد الغفار شكر القيادي السابق بحزب التجمع ووكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، بأن أزمة التجمع تتمثل في ضرورة أن يعيد الحزب النظر في برامجه السياسية حتى تتلاءم مع أهداف ثورة يناير، خاصة أن أمامه تحديدات كبيرة في المرحلة المقبلة، مطالبا قياداته بحتمية تغيير ممارساتهم القديمة، فيما يتعلق بتحكم رئيس الحزب وأقلية من القيادات، باتخاذ جميع القرارات بشكل منفرد معبرين عن وجهة نظرهم، دون أي اكتراث بإرادة الأغلبية من قواعد الحزب، وأعضائه خاصة من الشباب، وإعطاء الفرصة لهؤلاء الشباب لإعادة صياغة القرارات والتأثير عليها. ويضيف "شكر" بأنه يجب على حزب التجمع السعي لكسب عضويات جديدة، من شباب الثورة والقوى المجتمعية التي اجتذبتها الثورة للعمل السياسي، لأنهم من سيشكل القاعدة الأساسية للعمل السياسي والحزبي مستقبلا، مشددا على ضرورة تغيير طريقة ومنهجية العمل داخل الحزب الذي عانى من التضييق والحصار، وغلق المقرات إبان النظام البائد، وعلى التجمع أن ينزل الشارع مجددا، لجذب الجماهير بأساليب مختلفة، وتطوير آلياته لتحسين أوضاعه الداخلية لتكون أكثر ديمقراطية.