أكد إقتصاديون ومصرفيون أن هناك فرصة كبيرة لتطوير سوق أدوات الدخل الثابت في مصر على الأجل الطويل .. في ظل إقبال كبير من المستثمرين الأجانب على الإستثمار في السوق المصري ؛ ولكن تنشيط هذه السوق يتطلب إصلاحات قد تستغرق قرابة عشر سنوات . وقال "سايمون كيتشن" - الخبير الإقتصادي في المجموعة المالية هيرميس - في مؤتمر ناقش دوات الدخل الثابت .. نظمته وكالة "رويترز" في القاهرة ، أن هناك فرصاً للقيام بإصلاحات إقتصادية كبيرة بعد الإنتفاضة الشعبية التي أطاحت بالنظام السابق ، وأن هذه الإصلاحات ستساهم في تنشيط سوق الدخل الثابت . وأضاف "كيتشن" أن إعتماد الحكومة على الإقتراض من البنوك المحلية عن طريق أذون وسندات الخزانة لسد العجز في الميزانية يؤثر سلباً على سوق الإئتمان بوجه عام وعلى سوق أدوات الدخل الثابت بوجه خاص ، وإذا أرادت الحكومة المصرية أن ترى تحسن .. يجب أن تحد من الإقتراض . وقال "كريم هلال" - الرئيس التنفيذي لمجموعة "سي آي كابيتال" - إن وظيفة البنوك ليست تمويل العجز في الميزانية ، وإنما هي إستخدام هذه السيولة لتمويل النشاط الإقتصادي . جدير بالذكر ، أن د.سمير رضوان - وزير المالية - قد أكد في مطلع مايو الجاري أنه من المتوقع أن يرتفع عجز الموازنة الذي تضخم بعد الإضطرابات السياسية إلى 9.38% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2011-2012 مقارنةً مع عجز متوقع بنحو 8.5% للسنة المالية 2010-2011 التي تنتهي في 30 يونيو المقبل ، وكان عدد من الخبراء قد أكدوا أن المساعدات التي تعهدت عدة جهات بتقديمها لمصر في الاونة الاخيرة والتي تبلغ مليارات الدولارات يمكن أن تساهم في سد عجز الميزانية كحل عاجل ، وأن ذلك قد يخفض أسعار الفائدة ، ويعود بالنفع على السوق المصرية . وقال أحمد مختار - رئيس المشتقات في بنك بي إن بي باريبا مصر - إن المستثمرون الأجانب لديهم ثقة في مصر ، وأعتقد أن الأداء سيكون ممتازاً في السنوات المقبلة ، ف "الناس يطرقون الباب ويريدون الدخول" . وسئل سامح خليل - العضو المنتدب لشركة التجاري الدولي لإدارة الأصول - إن كان يعتقد أن هناك شهية لسندات الشركات المصرية والحكومة من عدمها ؟ فقال : "بالطبع نعم ، ولذلك تراجعت تكلفة إقتراض الحكومة .. وعندما نرى السعر يتراجع في أحد المزادات نعرف أن هناك طلباً أجنبياً وراء ذلك . يجدر بالذكر ، أن الخبراء كانوا قد أشاروا إلى عدة عقبات رئيسية تحول دون تنشيط سوق الدخل الثابت في مصر ، ومن بينها : "السيولة الزائدة في النظام المصرفي التي تجعل الشركات تحجم عن سوق السندات ، وسوق رأس المال بوجه عام" . وتواجه سوق "الدخل الثابت" عقبة أخرى تتعلق بضعف السيولة ، إذ يشكو متعاملون في السندات ورجال أعمال من أن البنوك التجارية المسموح لها بالتعامل في السوق الأولية "سوق الطرح" ، وعددها 15 بنكاً تميل إلى الإحتفاظ بالسندات حتى موعد الإستحقاق كإستثمارات آمنة وسهلة . وأشار "خليل" - العضو المنتدب لشركة التجاري الدولي لإدارة الأصول - أن هناك بعض الخطوات التي يجب أن تتخذ لتنشيط السوق الثانوية للسندات ، ومن بينها : "إستخدام نظام البيع على المكشوف ، وإطلاق مزيد من الصناديق التي تستثمر في أدوات الدخل الثابت" ، ولكنه أبدى تفاؤلاً بإنجاز هذه الخطوات خلال عامين على الأكثر . وسئل "كيتشن" عن الفترة التي قد تستغرقها الإصلاحات اللازمة لتنشيط سوق أدوات الدخل الثابت في مصر ؟ فقال : "عشر سنوات" ، ولا بد من خفض العجز وأسعار الفائدة ، وإيجاد مستثمرين محتملين غير البنوك في أدوات الدخل الثابت . وتابع "كيتشن" أنه من المثير أننا في منطقة الخليج رأينا أسواقاً نشطة للدخل الثابت ظهرت في السنوات القليلة الماضية ، وأحد أسباب ذلك هو أن نسب القروض إلى الودائع مرتفعة جداً لدى البنوك .. لذلك لاتجد الشركات بديلا عن السندات . وفيما يتعلق بطرح أدوات مالية جديدة مثل السندات الإسلامية "الصكوك" أكد سامح خليل أنه يعتقد أنه في ظل الظروف الراهنة لن يتمكن أحد من توقيع أو إقرار طرح أي منتجات جديدة في الوقت الراهن .. سواء البنوك أو الجهات التنظيمية . جدير بالذكر هنا ، أن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية كان قد أعلن العام الماضي أن مصر ستصدر أول لوائح تنظم إصدار "الصكوك" في النصف الثاني من 2010 ثم أرجئت إلى الربع الاول من 2011 ولكن إنقضت المهلة دون صدورها . وقال أحمد مختار - رئيس المشتقات في بنك بي إن بي باريبا مصر - أعتقد أنه من المهم جداً لنا كإقتصاديين أن نفكر في هذه الأدوات "الصكوك" ، وعلينا إجتذاب المستثمرين العالميين ولاسيما جيراننا في المنطقة ليأتوا ويستثمروا في هذه الأدوات ، وعلينا أن ندع الشركات تصدر صكوكاً والحكومة تصدر صكوكاً أخرى، فنحن بلد إسلامي ويجب أن يكون لدينا تمويل إسلامي .