أكد الخبير القانوني وأستاذ القانون الدولي العراقي فراس الجبوري، أن الثورة في أي مكان يخطط لها الأذكياء وينفذها الأغبياء ويستغلها الجبناء .. وأوضح أن الولاياتالمتحدة تسقط ورقة أي حاكم لم تعد في حاجة إليه وأدي دوره.. "صوت البلد" التقت فراس الجبوري لمعرفة تحليله لما حدث في تونس ومصر، وهل ما حدث ممكن الحدوث في أي بلد عربي آخر .. وعن الأوضاع الأخيره بالعراق كان نص الحوار . - ما تعليقك علي ما يحدث بمصر في الفترة الحالية من ثورة شباب؟ الجيل الحالي شعر بأنه بائس وأن خيره لغيره ولذلك انتفض وحاول أن يأخذ حقه لكي يعيش، وكان علي الرئيس مبارك أن يحل الأزمة من البداية بأن يعلن انتخابات رئاسية مبكرة يتم الترشح فيها بأكثر من شخصية، والشعب يختار فيها من يري أنه الأصلح حتي يتجنب الشعب الأضرار الكثيرة الواقعة عليه الآن؛ وبذلك يتم نقل السلطة سلميا وتحل المشكلة . - وما تعليقك عما حدث في تونس من ثورة أخيرة؟ ما حدث في تونس كان عفويا بأن أحد الشباب بحث عن عمل ولم يجد وأصيب بخيبة أمل ووصل الشعب إلي مرحلة الاحتقان بسبب الضغط المستمر علي الشعب من السلطة، وهذا الشعب كان يبحث عن بصيص نور فعندما رأي أن كل الأبواب قفلت في وجهه قام بما قام من انقلاب شعبي أطاح بكرسي الرئاسة، وكانت ردة الفعل قوية أدت إلي انهيار الرئيس وكرسي الرئاسة وليست الحكومة، فما كان منه إلا أن يتنحي عن هذا الكرسي، وحاول البعض أن يكرر هذا الحادث في دول أخري في المغرب والجزائر حتي امتدت الثورة إلي الخليج وبعض الدول الخليجية وأحد الخليجيين حاول إحراق نفسه أيضا، وهذا الامتداد يثبت أن الوضع في الحكومات المستبدة والاستغلالية في البلدان العربية أصبحت مؤشرات نهايتها قريبة جدا بسبب تصرفاتها مع أبناء الشعب والتصرفات القمعية، وأتوقع أن تحدث ردة فعل أقوي، والآن أغلب الحكومات حاولت استدراك الأمر مثل ليبيا التي أصدرت قرارًا برفع الضريبة عن المواد الغذائية، والجزائر أيضًا طالبت بإحصائية كاملة عن عدد البطالة والعاطلين عن العمل، وملك المغرب نزل إلي السوق ليري حقيقة الأوضاع، وفي الكويت صدر قرار بمنح رواتب في جميع الوظائف الكويتية .. وكل هذا خوف من أن تتكرر المأساة في هذه الدول . - هل هناك تشابه فيما حدث في تونس ومصر؟ لا تشابه بينهما؛ ففي مصر ثورة، أما في تونس فانقلاب أطاح بكرسي الرئاسة، وما حدث في تونس علي الرغم من امتداد السخط الشعبي إلي دول أخري ولكن لم تتعدَ أحداث تونس إلا الإطاحة بكرسي الرئاسة فقط، ولم يحدث شيء في الحكومة وكل ما تغير هو الرئيس، والرئيس فقط من شد رحالة إلي بلد ثانٍ، ولو تقدمنا قليلا في الأحداث التي سبقت ما حدث في تونس سنجد الضجة الإعلامية كبيرة علي قضية انعقاد القمة العربية في بغداد وكانت هناك ردود فعل متفاوتة بين الحكومات العربية وتصريحات الرؤساء، فقال رئيس تونس إن حضورنا إلي القمة معناه أن العراق بلد خاضع للاحتلال أي حكومة احتلال وحضورنا إلي القمة العربية في بغداد معناه تشريع الاحتلال أو الاعتراف بحكومة الاحتلال. وهذا لا يمكن أن يحدث أبدا ولم تمضِ علي قوله أيام حتي حدث له ما حدث، بمعني أنه لو كانت أمريكا هي اليد الخفية التي تدخلت في هذا الموضوع، وأن أي رئيس لا ينفذ ما أرادته الولاياتالمتحدة، فإن مصيره سيكون أن يخلع من كرسيه؛ بدليل أن الوزراء باقون كما هم، والوزير الأول هو الذي تسلم السلطة في البداية، وأتوقع أن الولاياتالمتحدة حركت منظماتها والتابعين لها وما لهم يد طولي عندهم وأحدثت ما رأيناه . ولا ننسي أيضا أن الرئيس بن علي كان ظالمًا وكانت حكومته حكومة ديكتاتورية مستبدة؛ فمن الممكن أن نجد ديكتاتورًا عادلًا يبيح حرية التعبير ولم يكن هناك سجون سرية وانتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن في تونس كانت انتهاكات من كل الأنواع وانتهاكات سياسية ومعنوية، ولكل أنواع الحقوق التي نصت عليها القوانين الدولية وغير الدولية ولكن تصريحه جاء عليه بالبلاء . ومن المعروف أن الثورة في أي مكان يخطط لها الأذكياء وينفذها الأغبياء ويستغلها الجبناء فكان هناك استغلال واضح لهذه الأحداث فأقرب المقربين الذين استغلوا هذا الفعل هو الوزير الأول، ولا تزال نفس الحكومة مستمرة، وهذا يدل علي شيئين؛ الأول: إما أن تكون أعضاء الحكومة قد خططوا لهذا، أو أن تكون أيادٍ خارجية خطتت وأعطت لهم الفرصة، أو أن يكونوا هم الأذكياء الذين سيطروا علي الموقف، وقالوا إنهم يرتكبون جرائم لحقوق الإنسان إذن الذي تغير هو وجه واحد فقط وليس السياسة أو الحكومة . - وهل تربط ما حدث في تونس ومصر بما حدث في العراق؟ بالتأكيد؛ فأحد الأسباب أن الرئيس التونسي أغضب الولاياتالمتحدةالأمريكية . - ولماذا لم تستقبل الدول الأوروبية الرئيس التونسي مع أنه صديق لهم؟ لأن اللعبة انتهت، وانتهي دور هذا الرجل فأدي ما عليه وورقته سقطت وأخذ ما أخذ من أموال ومارس السياسة حول ما يسمي الرئيس، ولم يعد الغرب في حاجة إليه حتي يستقبلوه في بلادهم فاستقبلته السعودية . - هناك من يؤكد أن الحكماء العرب لابد أن يرحلوا .. فما تعليقك؟ لا أجزم بهذا الشيء؛ فهناك فرق بين أن يحدث التغير في المجتمع، وأن تحدث مأساة فلا نريد أن تتكرر مأساة العراق بأي بلد عربي أو لا تكون هناك مأساة عراقية جديدة في بلد عربي آخر . - حدثنا عن الوضع الحالي في العراق؟ حقيقة الوضع في العراق أن الاحتلال لا يزال موجودًا، وكل ما يقال إن العراق استلم السلطة وأن الاحتلال إنسحب كذب؛ فالولاياتالمتحدة لا تزال هي الحاكمة والمحتلة، ولا تزال هي التي تمارس السلطة الفعلية، وهي التي تمارس السلطة التنفيذية، ولا يستطيع أحد أن يرد الولاياتالمتحدة، وكل الموجودين علي الساحة هم مجرد آلة تحركها أمريكا كما تشاء؛ الوضع الأمني في أتعس حالاته فلا يوجد وضع أمني مستقر نهائيا في العراق، كما أن لإيران اليد الطولي في عمليات الاغتيال .. وهذه الحقائق لها دليل؛ فكل فترة يحدث تفجير، ويتم الحصل علي أشلاء ونجد أن إيران هي صاحبة الصنع؛ فإيران هي التي تتلاعب الآن في المسألة الأمنية والولاياتالمتحدة هي التي تمارس السلطة الفعلية، أما الباقي فهم جهة أو شماعات ينشر عليها الغسيل.