استقلال القضاء، هو الضمان للوطن بالحرية التامة . فالوطن الذي لا يقوم علي استقلال القضاء غير التابع، لا يضمن فيه حق، ولا تحفظ فيه حرمة، ولا تصان فيه كرامة من خلال هذه المبادئ، طالب رجال القضاء والقانون بضرورة إنشاء جهاز قضائي مستقل لمحاربة الفساد في ظل التعديلات الجديدة التي اقتضتها المرحلة الراهنة والتي تقضي بمحاسبة كل الفاسدين من خلال قوانين خاصة بذلك، طالبت بها ثورة يناير التي كشفت عن العديد من قضايا الفساد والاستيلاء وإهدار المال العام . ويطالب المستشار عادل الشوربجي نائب رئيس محكمة النقض، بسرعة انشاء جهاز مختص لمحاربة الفساد، أمام هذه الظروف التي تتعرض لها البلاد من قضايا استيلاء واهدار للمال العام و أن يضم الاجهزة الرقابية المختصة بالمال العام ويكون جهازًا قضائيا مستقلا يبعد كل البعد عن السلطة التشريعية والتنفيذية ويتبع مجلس القضاء الأعلي . وردا علي المطالبات الاخري بتغليظ وتعديل العقوبات في قضايا الفساد يقول المستشار مصطفي ياسين سليمان رئيس محكمة طنطا السابق: ان العقوبات في جرائم المال العام لا تحتاج إلي تعديل لأن العقوبات الواردة في قضايا الأموال العامة من رشوة واضرار عمدي بالمال العام والتربح والاستيلاء عليه تصل فيها العقوبات إلي المؤبد والغرامة والعزل والرد . وعن كيفية تعقب المتهمين باهدار المال العام، يؤكد ان ذلك يكون من خلال اقرار الذمة المالية التي يحررها الموظف فور التحاقه بالوظيفة ومتابعته لحين خروجه من الخدمة سواء بالاستقالة أو الاقالة أو المعاش وبيان عام إذا كانت هناك زيادة غير مشروعة في ثروته من عدمه هو وزوجته وأولاده والغاء عبارة "أولاده القصر" بالاضافة إلي التحريات الجدية والبعيدة عن تصفية الحسابات . ويضيف المستشار ياسين ان القانون يحتاج إلي تعديل مهم في مواد ملاحقة الاضرار بالمال العام وذلك بأن مسئولية الموظف العام في جرائم المال العام لا تسقط عنه بمضي المدة مثل قضايا التعذيب؛ لأن القانون الحالي بمواده حدد سقوط المساءلة الجنائية للموظف العام بمضي 5 سنوات من تركه الوظيفة . ويواصل المستشار مصطفي ياسين حديثه قائلا: "انه آن الأوان وبعد ثورة شباب 25 يناير وما كشفته من فساد في النظام السابق والاضرار العمدي الجسيم بالمال العام التأكيد علي ضرورة الاسراع بإنشاء جهاز رقابي قضائي مستقل يجمع بين جميع الأجهزة الرقابية . ويتجاذب المستشار صلاح حريز رئيس محكمة جنايات المنصورة أطراف الحديث قائلا: ان العقوبات في قضايا اهدار المال العام سواء الاضرار العمدي به أو التربح أو الاستيلاء عليه والتي تصل فيها العقوبة إلي المؤبد والغرامة المماثلة والرد والعزل من الوظيفة كافية ولا تحتاج إلي تعديل أو تغليظ لأنه في تغليظ العقوبة تكون الدرجة التالية وهي الاعدام .. لكن في مثل هذه المرحلة الطارئة علي البلاد نحتاج إلي إجراءات استثنائية لمحاسبة الفاسدين . ويري انه من الضروري تكاتف رجال القضاء في مصر لاتخاذ كل ما يلزم من إجراءات تضمن محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال التي تعرضت للضرر ولضمان الاستغلال الأمثل وعدم تكرار ارتكابها مرة أخري . ويؤكد انه وعددا من القضاة مستعدون للندب إلي نيابة الأموال العامة لمعاونة زملائهم في التحقيقات لما لهم من خبرات دون مقابل وعلي أن يكون ذلك خلال الأسابيع التي لم تنعقد خلالها الحاكم التي يعملون بها حتي لا تتأثر القضايا المعروضة عليهم . ويضيف ان الظروف والأحداث التي طرأت علي مصر مؤخرا، أكدت ضرورة الاسراع في إنشاء جهاز قضائي تكون مهامه محاربة الفساد ومواجهة المفسدين بقوة ويتمتع بالاستقلالية التامة وتكون مهمته محاربة الفساد الاداري والحفاظ علي المال العام . ويقول مصدر قضائي بوزارة العدل - رفض نشر اسمه - ان العقوبات في قضايا المال العام كافية وقد أوضح المشرع في قانون العقوبات في قضايا المال العام من اضرار واضرار عمدي والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء والتربح والرشوة 16 مادة من المادة 103 وحتي المادة 119 والتي تصل العقوبات فيها إلي السجن المشدد المؤبد، وهذه عقوبة مقيدة للحرية بالاضافة إلي العزل من الوظيفة واسترداد المبالغ التي شملها الضرر والغرامات المماثلة لتلك المبالغ .. وأكد المصدر ضرورة تفعيل دور هيئة الرقابة الادارية واطلاق يدها لملاحقة الفاسدين دون وجود سقف معين لأي مسئول وتفعيل دور مباحث الأموال العامة بمختلف اختصاصاتها والجهاز المركزي للمحاسبات والأخذ بالتقارير التي يقدمها.