نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    شهادة تقدير ودرع المحافظة.. أسوان تكرم الخامسة على الجمهورية في الثانوية الأزهرية    تنفيذي الشرقية يُناقش خطة استثمارية ب1.14 مليار جنيه لتحسين الخدمات بالمراكز والمدن    وزير البترول يلتقي وفدا رفيع المستوى من شركة شل العالمية    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    انقسام بين قادة الاتحاد الأوروبي بعد إعلان ترامب عن الاتفاق التجاري الجديد    أطباء بلا حدود: حالات الإسهال المائي ترتفع مجددا في جميع أنحاء اليمن    «أكسيوس»: مسؤولان إسرائيليان يصلان واشنطن لبحث ملفي غزة وإيران    حجز محاكمة متهمين بوفاة لاعب كاراتيه بالإسكندرية لجلسة 22 سبتمبر للنطق بالحكم    أحمد حسن يكشف مفاجأة بشأن مستقبل حسين الشحات مع الأهلي    دون خسائر.. السيطرة على حريق بمحل مأكولات شهير في المنتزه بالإسكندرية    تكريم 30 طالبًا من أوائل الثانوية العامة في القاهرة بديوان عام المحافظة    انهيار لطيفة بالبكاء أثناء تقديم واجب العزاء ل فيروز في نجلها زياد الرحباني (فيديو)    فى يومه ال 11.. "برنامج اليوم" يتابع فعاليات مهرجان العلمين بدورته الثالثة    "فتح" تُثمن دعوة الرئيس السيسي ومواقف مصر الداعمة لفلسطين    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض الوضوء؟ الإفتاء تُجيب    هل وجود مستحضرات التجميل على وجه المرأة يُعد من الأعذار التي تبيح التيمم؟ الإفتاء تجيب    في اليوم العالمي لالتهاب الكبد.. الوشم والإبر يسببان العدوى (الأعراض وطرق الوقاية)    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    البحيرة: قافلة طبية مجانية بقرية الأمل وأرياف أبو المطامير ضمن جهود العدالة الصحية غدا    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون مع دوبيزل لدعم خدمات التمويل العقاري    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    تجديد حبس متهم بقتل سيدة وسرقة 5700 جنيه من منزلها بالشرقية بسبب "المراهنات"    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    الهلال الأحمر المصري يواصل دعمه لقطاع غزة رغم التحديات الإنسانية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    طرائف الانتقالات الصيفية.. الزمالك وبيراميدز كشفا عن صفقتين بالخطأ (صور)    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مذلّون مهانون" قراءة جديدة
نشر في صوت البلد يوم 11 - 04 - 2020

في عام 1846 كان دوستويفسكي في الرابعة والعشرين من العمر، حين نشر روايته الأولى "الفقراء"، وقد لقيت الرواية رواجًا عظيمًا، ورحب بها أشهر النقاد الروس من التيار الثوري الديمقراطي وعلى رأسهم، ناقد روسيا الكبير فيساريون بيلينسكي (1811-1848). ودفعت هذه الرواية بدوستويفسكي إلى الصف الأول بين أدباء روسيا. ولكن رواياته القصيرة اللاحقة "الشبيه"، و"ربة البيت"، و"نيتوشكا نزفانوفا"، و"حلم العم"، و"قرية ستيبانتشيكوفو" التي صدرت كلها قبل اعتقاله عام 1849، لم تلق رواجا كبيرا، ولم تبلغ المستوى الرفيع لرواية "الفقراء".
قضى دوستويفسكي أربع سنوات في معتقل للأشغال الشاقة، وست سنوات لاحقة في الخدمة العسكرية الإجبارية في المنفى في منطقة نائية بأقاصي سيبيريا، في ظروف بالغة القسوة. ويمكن القول إن هذه السنوات العشر من عام 1849 إلى عام 1859 كانت سنوات ضائعة في حياته الأدبية، وإن كان قد استخلص منها دروسًا عظيمة في الحياة. لم يكن بوسعه في تلك الظروف البائسة أن يواصل عمله الإبداعي، رغم أن خياله الخصب كان زاخرًا بأفكار ومشاريع لأعمال أدبية جديدة. ولكن غيابه الطويل عن الساحة الأدبية، أدى إلى خفوت نجمه.
" مذلون مهانون" أول رواية كبيرة، متعددة الأصوات لدوستويفسكي، بعد سنوات السجن في سيبيريا وعودته من المنفى، حيث أصبح على قناعة تامة بالعزلة المأساوية للمثقفين الثوريين الروس عن الواقع، والشك في مدى قدرتهم على تحقيق الأهداف التي ينادون بها.
الفكرة الرئيسية لرواية "مذلون مهانون" شغلت بال الكاتب أكثر من ثلاث سنوات. ففي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 1857 كتب دوستويفسكي من منفاه في بلدة سيميا بالاتينسكا رسالة إلى شقيقه ميخائيل يبلغه فيها عن نيته كتابة رواية عن الحياة في بطرسبورغ شبيهة برواية "الفقراء". وأن فكرة الرواية الجديدة ستكون أفضل من روايته الأولى.
بعد عودته إلى بطرسبورغ في ربيع عام 1860 باشر دوستويفسكي على الفور بكتابة روايته الجديدة. ويقول في رسالة إلى الممثلة المسرحية الكساندرا شوبرت في 3 مايو/آيار عام 1860 :
" عدت إلى بطرسبورغ وأنا في غمرة الحمّى. وروايتي الجديدة هي السبب. أريد أن أكتب على نحو جيد. أشعر أن ثمة في ما أكتبه شعر. فأنا أدرك أن مستقبلي الأدبي سيتوقف على مدى نجاح روايتي الجديدة. ينبغي لي أن أواظب على كتابتها ليل نهار لمدة ثلاثة أشهر. ولكن يا لها من مكافأة حين أنجزها: الهدوء، وصفاء الذهن، والوعي بأنني قد أنجزت - عن سبق إصرار - ما أردت القيام به.
ومع ذلك فإن العمل في الرواية كان يجري على نحو بطيء. وكتب في رسالة مؤرخة في العاشر من سبتمبر/أيلول 1860 إلى صديقه الكاتب والناقد الكساندر ميليوكوف يشكو فيها من بطأ العمل في الرواية: "لقد شرعت بكتابة الرواية، وما زلت لا أعرف، ماذا سيحدث، لكني قررت أن أعمل من دون كلل أو ملل".
نشرت رواية "مذلون مهانون"، لأول مرة، في مجلة "فريميا" عام 1861 في سبع حلقات متسلسلة تباعًا. وكانت مجلة "فريميا" وتعني بالروسية "الزمان" مجلة يصدرها دوستويفسكي بمعونة شقيقه ميخائيل. وكان الكاتب ملزمًا بكتابة حلقة جديدة في وقت محدد يتزامن مع التحضير لإصدار عدد جديد من المجلة.
أهدى دوستويفسكي روايته هذه إلى شقيقه ميخائيل. وحملت الرواية عند نشرها في المجلة عنوانًا فرعيًّا "من مذكرات كاتب فاشل". ذلك لأن دوستويفسكي بحلول الوقت الذي بدأ فيه بكتابة هذه الرواية، كان النقاد لا يتوقعون منه أن يكون قادرًا على خلق رواية بمستوى روايته الأولى "الفقراء". ولكن دوستويفسكي كان مصممًا على إنجاز رواية رائعة ومميزة. من أجل استعادة مكانته السابقة في الساحة الأدبية. وقد تعمّد إضافة هذا العنوان الفرعي، من أجل إثبات أنه قد تغلّب على الفشل - المزعوم - من قبل النقّاد الحاقدين. والذي بات جزءاً من الماضي. والحقيقة أن كل أعمال دوستويفسكي رائعة حتى ما نشر منها قبل اعتقاله.
استغرقت كتابة الرواية أكثر من عام واحد، حيث انتهى من كتابتها في التاسع من يوليو/ تموز 1861، كما جاء في خاتمة الحلقة الأخيرة من الرواية المنشورة في مجلة "فريميا".
عناصر السيرة الذاتية
الراوي في "مذلون مهانون" هو إيفان بتروفيتش، الكاتب الناشيء، وهو في الوقت نفسه أحد شخوص الرواية. وما يسرده إيفان عن نفسه هو في الواقع سيرة دوستويفسكي الشاب، ونظرته إلى الحياة والوجود في هذه المرحلة من حياته، حيث يتحدث إيفان عن ظهور روايته الأولى "الفقراء" والترحيب الحار والحماسي الذي قوبل به من قبل بيلينسكي، وعلاقة إيفان بناشر كتبه. هذه الحقائق وبعض الحقائق الأخرى هي من حياة دوستويفسكي نفسه.
لم يلتزم دوستويفسكي بالخلفية الزمنية أو التاريخية لأحداث الرواية. فعلى سبيل المثال تجري أحداث الرواية في فترة لا تزيد على سنة ونصف السنة منذ منتصف الأربعينيات، ولكن الراوي يذكر وقائع تاريخية واجتماعية وأدبية لاحقة حتى نهاية خمسينيات القرن التاسع عشر.
الانزياح الزمني سمح لدوستويفسكي بإنشاء عمل أدبي بتغطية أوسع من المقصود أصلًا للحياة الخاصة والعامة في روسيا في تلك الحقبة، وكذلك التعبير عن فكرة الاستمرارية في الحياة الأيديولوجية والثقافية الروسية.
إن المناقشات النظرية حول المشاكل ذات الطبيعة الفلسفية المجردة في رابطة "ليفينكا وبورينكا" التي كان يتردد عليها اليوشا - وهو أحد أبطال الرواية - تذكرنا برابطة "بتروشيفسكي" التي كان يزورها دوستويفسكي الشاب في أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر. مناقشات أصدقاء اليوشا حول القضايا الحديثة: "نحن نتحدث عن الانفتاح وعن الحب للإنسانية، وعن الشخصبات المعاصرة". كانت أيضاً سمة من سمات بيئة ديمقراطية روسية غير متجانسة في أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن التاسع عشر.
إن موقف أبطال "مذلون مهانون" من رواية دوستويفسكي الأولى "الفقراء" يمكن أن يكون بمثابة معيار لطبيعتهم الأخلاقية. والطابع الإنساني للرواية قريب من الرجل الطيب اخمينيف، ولكنه غريب تمامًا عن الأمير فالكوفسكي الأناني، الذي لا يمكنه إلا أن يشعر بالتعالي على الفقراء وازدرائهم. وهذا الشعور كان متأصلًا في الوسط الأرستقراطي الروسي.
الإشارة إلى رواية "الفقراء" وبيلينسكي وعصر الأربعينيات من القرن التاسع عشر أكثر من مرة، لم يكن مجرد صدفة. فقد كان الاتجاه الإنساني للأدب الروسي في أربعينيات القرن التاسع عشر مبنيًّا على الاعتقاد بأن آخر شخص منسي ومهمش في المجتمع الذي يعيش فيه، هو أيضًا إنسان، أخ لنا في البشرية. ويشكل هذا الاعتقاد أيضًا، الأساس الأخلاقي لرواية "مذلون مهانون".
ويلفت النظر في عنواني الروايتين "الفقراء" و"مذلون مهانون" أنهما يدلان على وجود علاقة داخلية بينهما. صفة الفقراء في الرواية الأولى متعددة المعاني – الأشخاص الفقراء ليسوا فقط أشخاصًا معوزين ومحرومين من وسائل العيش الضرورية، بل تشمل أيضًا الأشخاص التعساء والمهانين. وهم يثيرون العطف والرحمة والشفقة عليهم. وبهذا المعنى فإن مفاهيم "الفقراء" و"المذلون" و"المهانون" هي في الواقع مرادفات.
تدور أحداث الرواية في مدينة بطرسبوغ الروسية، ويراعي المؤلف الدقة التاريخية في ذكر أسماء الشوارع والجسور والساحات والأشخاص والتي تصور بطرسبورغ كمدينة كبيرة نموذجية في تلك الحقبة، مع ما تتسم به من تباين وتناقض اجتماعي. الفكرة المناهضة للرأسمالية التي فسرها المؤلف من منظور إنساني تسري في الرواية بأسرها. كلمات اخمينيف الهرم التي تعبر عن انطباعه عن رواية ايفان بتروفيتش "الفقراء" تشكل الجوهر الفكري أو الأيديولوجي للرواية. وهذه الكلمات كانت مصدر إلهام للناقد الروسي الكبير دوبرلوبوف، الذي كتب مراجعة حول رواية "مذلون مهانون" بعنوان "المضطهدون".
قصة الصبية اليتيمة نيللي، سمحت للمؤلف بتصوير الأحياء الشعبية وسكانها في بطرسبورغ ووصف حياة "قاع المجتمع" حيث يسود البؤس، والمرض، والرذيلة، والجريمة.
" الإنسان الصغير" التائه في هذه الأحياء البائسة محكوم عليه بالفقر والموت الجسدي والمعنوي. "لقد كانت قصة كئيبة" هكذا يصف ايفان يتروفيتش مصير نيللي المأساوي. وقصتها واحدة من قصص كثيرة ممائلة توجد على نحو غامض في الزوايا الخفية المظلمة لمدينة كبيرة، وسط الغليان المحموم للحياة الأنانية الغبية، والمصالح المتضاربة، والجرائم. وفي خضم جحيم هذه الفوضى حياة غير طبيعية لا معنى لها.
مصائر الأبطال الآخرين ليست أقل مأساوية. والدة نيللي وجدِّها لأمها يموتان بعد أن خدعهما وسرقهما الأمير فالكوفسكي. ووقعت مصائب على عائلة اخمينيف حيث دمرها وخربها فالكوفسكي أيضًا، كما تم تدمير الحياة الشخصية والمشاريع الأدبية لايفان بتروفيتش.
الأمير فالكوفسكي يمثل الشر القوي المنتصر الذي – كما لاحظ دوبرولبوف – إنسان "منزوع الضمير". فالكوفسكي منظر الأنانية الفردية والجشع الصريح. جميع خطوط الرواية تمتد إلى هذا الشرير المفترس. إنه السبب الرئيسي لمصائب المذلين والمهانين.
فلسفة المعاناة
في الصيف الماضي زرت متحف دوستويفسكي في موسكو، وأدهشني موقع المتحف. فهو يشغل زاوية صغيرة من زوايا للطابق الأرضي لمستشفى كبير، كان يسمى بمستشفى "الفقراء" في العهد القيصري. كان والد الكاتب طبيبًا في هذا المستشفي. وقد عاش دوستويفسكي هنا سنوات طفولته ومراهقته، وشاهد المرضى الفقراء المتألمين ومعاناتهم، وانطبع كل ذلك في ذاكرته إلى آخر يوم في حياته.
المعاناة الإنسانية هي الموضوع الرئيسي لرواية "مذلون مهانون" ومعظم أعماله الأخرى: معاناة الفرد، ومعاناة البشرية. ومن كان قادرًا على الفهم العميق لمعنى المعاناة، ووضع اليد على مصادرها، غير دوستويفسكي الذي عانى وتعذّب وتألم طوال حياته. فقد عانى من الفقر والوحدة والمرض، ومن موت أعزّ الناس عليه (والدته وابنته)، وخيانة الأصدقاء، وحسد الكتّاب، وظلم النقّاد، ناهيك عن الحكم عليه بالإعدام، والانتظار الرهيب للرصاصات القاتلة – وهو معصوب العينين ومقيد اليدين – واستبدال الإعدام في اللحظات الأخيرة بالسجن والنفي إلى سيبيريا المتجمدة. وفوق كل هذا كان يعاني من التوتر العصبي الشديد والعواطف الجياشة المدمرة.
ل م يكن يفارقه أبدًا التفكير الدائم العميق في معنى الحياة والوجود، وألغاز النفس البشرية، التي كرّس كل أعماله لدراستها. والغوص في أعماقها، مما أبهر علماء النفس والفلاسفة.
روايات دوستويفسكي تجري أحداثها في صميم الإنسان، الذي يولد مع الألم، ويموت مع الألم ويصاحب الألم الجسدي، عذاب روحي، وليس ثمة ما هو أسوأ وأكثر إيلاما من هذا.
ويرى دوستويفسكي، أن الأسباب الرئيسية للمعاناة هي الاضطهاد والظلم والإذلال. والتألم لآلام الآخرين، واليأس الروحي. ويتساءل: لماذا كل هذه المعاناة، وما معنى الوجود البشري على الأرض؟ يمكن تفسير معاناة الأشخاص (الكبار)، لأنهم لا يستحقون الحب، والمعاناة عقاب لهم. فهم قد عرفوا الخير والشر وارتكبوا الخطايا، ولكن الأطفال لم يرتكبوا ذنبًا وهم أبرياء تمامًا.
المعاناة، كما يرى دوستويفسكي، دعوة إلى مقاومة الشر والأشرار بوسائل أخلاقية بحتة، وهي احتجاج على الظلم ووسيلة للكشف عن إنسانية المذلين والمهانين.
المعاناة مفتاح لفهم مصائب الآخرين. والإنسان الذي عانى في الحياة لا يمكن أن يفكر في بناء سعادته على معاناة الآخرين. وقد توصل دوستويفسكي خلال معاناته الطويلة في السجن والنفي إلى أن المعاناة هي الطريق الوحيد للفهم والإدراك والوعي والمعرفة، وحالة روحية مضيئة وملهمة تكشف عن عمق وسمو الروح وتوحد البشر، ولها قوة تطهير عالية للنفس. وهي الطريق إلى السعادة بهذا المعنى.
دوستويفسكي لا يحب أبطال رواياته، إلا بمقدار ما يعانون من ألم وعذاب. وهم لا يستطيعون أن يحبوا حبًّا حقيقيًّا إلا عن طريق المعاناة. إنها أقوى برهان لهم على الوجود.
في عام 1846 كان دوستويفسكي في الرابعة والعشرين من العمر، حين نشر روايته الأولى "الفقراء"، وقد لقيت الرواية رواجًا عظيمًا، ورحب بها أشهر النقاد الروس من التيار الثوري الديمقراطي وعلى رأسهم، ناقد روسيا الكبير فيساريون بيلينسكي (1811-1848). ودفعت هذه الرواية بدوستويفسكي إلى الصف الأول بين أدباء روسيا. ولكن رواياته القصيرة اللاحقة "الشبيه"، و"ربة البيت"، و"نيتوشكا نزفانوفا"، و"حلم العم"، و"قرية ستيبانتشيكوفو" التي صدرت كلها قبل اعتقاله عام 1849، لم تلق رواجا كبيرا، ولم تبلغ المستوى الرفيع لرواية "الفقراء".
قضى دوستويفسكي أربع سنوات في معتقل للأشغال الشاقة، وست سنوات لاحقة في الخدمة العسكرية الإجبارية في المنفى في منطقة نائية بأقاصي سيبيريا، في ظروف بالغة القسوة. ويمكن القول إن هذه السنوات العشر من عام 1849 إلى عام 1859 كانت سنوات ضائعة في حياته الأدبية، وإن كان قد استخلص منها دروسًا عظيمة في الحياة. لم يكن بوسعه في تلك الظروف البائسة أن يواصل عمله الإبداعي، رغم أن خياله الخصب كان زاخرًا بأفكار ومشاريع لأعمال أدبية جديدة. ولكن غيابه الطويل عن الساحة الأدبية، أدى إلى خفوت نجمه.
" مذلون مهانون" أول رواية كبيرة، متعددة الأصوات لدوستويفسكي، بعد سنوات السجن في سيبيريا وعودته من المنفى، حيث أصبح على قناعة تامة بالعزلة المأساوية للمثقفين الثوريين الروس عن الواقع، والشك في مدى قدرتهم على تحقيق الأهداف التي ينادون بها.
الفكرة الرئيسية لرواية "مذلون مهانون" شغلت بال الكاتب أكثر من ثلاث سنوات. ففي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 1857 كتب دوستويفسكي من منفاه في بلدة سيميا بالاتينسكا رسالة إلى شقيقه ميخائيل يبلغه فيها عن نيته كتابة رواية عن الحياة في بطرسبورغ شبيهة برواية "الفقراء". وأن فكرة الرواية الجديدة ستكون أفضل من روايته الأولى.
بعد عودته إلى بطرسبورغ في ربيع عام 1860 باشر دوستويفسكي على الفور بكتابة روايته الجديدة. ويقول في رسالة إلى الممثلة المسرحية الكساندرا شوبرت في 3 مايو/آيار عام 1860 :
" عدت إلى بطرسبورغ وأنا في غمرة الحمّى. وروايتي الجديدة هي السبب. أريد أن أكتب على نحو جيد. أشعر أن ثمة في ما أكتبه شعر. فأنا أدرك أن مستقبلي الأدبي سيتوقف على مدى نجاح روايتي الجديدة. ينبغي لي أن أواظب على كتابتها ليل نهار لمدة ثلاثة أشهر. ولكن يا لها من مكافأة حين أنجزها: الهدوء، وصفاء الذهن، والوعي بأنني قد أنجزت - عن سبق إصرار - ما أردت القيام به.
ومع ذلك فإن العمل في الرواية كان يجري على نحو بطيء. وكتب في رسالة مؤرخة في العاشر من سبتمبر/أيلول 1860 إلى صديقه الكاتب والناقد الكساندر ميليوكوف يشكو فيها من بطأ العمل في الرواية: "لقد شرعت بكتابة الرواية، وما زلت لا أعرف، ماذا سيحدث، لكني قررت أن أعمل من دون كلل أو ملل".
نشرت رواية "مذلون مهانون"، لأول مرة، في مجلة "فريميا" عام 1861 في سبع حلقات متسلسلة تباعًا. وكانت مجلة "فريميا" وتعني بالروسية "الزمان" مجلة يصدرها دوستويفسكي بمعونة شقيقه ميخائيل. وكان الكاتب ملزمًا بكتابة حلقة جديدة في وقت محدد يتزامن مع التحضير لإصدار عدد جديد من المجلة.
أهدى دوستويفسكي روايته هذه إلى شقيقه ميخائيل. وحملت الرواية عند نشرها في المجلة عنوانًا فرعيًّا "من مذكرات كاتب فاشل". ذلك لأن دوستويفسكي بحلول الوقت الذي بدأ فيه بكتابة هذه الرواية، كان النقاد لا يتوقعون منه أن يكون قادرًا على خلق رواية بمستوى روايته الأولى "الفقراء". ولكن دوستويفسكي كان مصممًا على إنجاز رواية رائعة ومميزة. من أجل استعادة مكانته السابقة في الساحة الأدبية. وقد تعمّد إضافة هذا العنوان الفرعي، من أجل إثبات أنه قد تغلّب على الفشل - المزعوم - من قبل النقّاد الحاقدين. والذي بات جزءاً من الماضي. والحقيقة أن كل أعمال دوستويفسكي رائعة حتى ما نشر منها قبل اعتقاله.
استغرقت كتابة الرواية أكثر من عام واحد، حيث انتهى من كتابتها في التاسع من يوليو/ تموز 1861، كما جاء في خاتمة الحلقة الأخيرة من الرواية المنشورة في مجلة "فريميا".
عناصر السيرة الذاتية
الراوي في "مذلون مهانون" هو إيفان بتروفيتش، الكاتب الناشيء، وهو في الوقت نفسه أحد شخوص الرواية. وما يسرده إيفان عن نفسه هو في الواقع سيرة دوستويفسكي الشاب، ونظرته إلى الحياة والوجود في هذه المرحلة من حياته، حيث يتحدث إيفان عن ظهور روايته الأولى "الفقراء" والترحيب الحار والحماسي الذي قوبل به من قبل بيلينسكي، وعلاقة إيفان بناشر كتبه. هذه الحقائق وبعض الحقائق الأخرى هي من حياة دوستويفسكي نفسه.
لم يلتزم دوستويفسكي بالخلفية الزمنية أو التاريخية لأحداث الرواية. فعلى سبيل المثال تجري أحداث الرواية في فترة لا تزيد على سنة ونصف السنة منذ منتصف الأربعينيات، ولكن الراوي يذكر وقائع تاريخية واجتماعية وأدبية لاحقة حتى نهاية خمسينيات القرن التاسع عشر.
الانزياح الزمني سمح لدوستويفسكي بإنشاء عمل أدبي بتغطية أوسع من المقصود أصلًا للحياة الخاصة والعامة في روسيا في تلك الحقبة، وكذلك التعبير عن فكرة الاستمرارية في الحياة الأيديولوجية والثقافية الروسية.
إن المناقشات النظرية حول المشاكل ذات الطبيعة الفلسفية المجردة في رابطة "ليفينكا وبورينكا" التي كان يتردد عليها اليوشا - وهو أحد أبطال الرواية - تذكرنا برابطة "بتروشيفسكي" التي كان يزورها دوستويفسكي الشاب في أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر. مناقشات أصدقاء اليوشا حول القضايا الحديثة: "نحن نتحدث عن الانفتاح وعن الحب للإنسانية، وعن الشخصبات المعاصرة". كانت أيضاً سمة من سمات بيئة ديمقراطية روسية غير متجانسة في أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن التاسع عشر.
إن موقف أبطال "مذلون مهانون" من رواية دوستويفسكي الأولى "الفقراء" يمكن أن يكون بمثابة معيار لطبيعتهم الأخلاقية. والطابع الإنساني للرواية قريب من الرجل الطيب اخمينيف، ولكنه غريب تمامًا عن الأمير فالكوفسكي الأناني، الذي لا يمكنه إلا أن يشعر بالتعالي على الفقراء وازدرائهم. وهذا الشعور كان متأصلًا في الوسط الأرستقراطي الروسي.
الإشارة إلى رواية "الفقراء" وبيلينسكي وعصر الأربعينيات من القرن التاسع عشر أكثر من مرة، لم يكن مجرد صدفة. فقد كان الاتجاه الإنساني للأدب الروسي في أربعينيات القرن التاسع عشر مبنيًّا على الاعتقاد بأن آخر شخص منسي ومهمش في المجتمع الذي يعيش فيه، هو أيضًا إنسان، أخ لنا في البشرية. ويشكل هذا الاعتقاد أيضًا، الأساس الأخلاقي لرواية "مذلون مهانون".
ويلفت النظر في عنواني الروايتين "الفقراء" و"مذلون مهانون" أنهما يدلان على وجود علاقة داخلية بينهما. صفة الفقراء في الرواية الأولى متعددة المعاني – الأشخاص الفقراء ليسوا فقط أشخاصًا معوزين ومحرومين من وسائل العيش الضرورية، بل تشمل أيضًا الأشخاص التعساء والمهانين. وهم يثيرون العطف والرحمة والشفقة عليهم. وبهذا المعنى فإن مفاهيم "الفقراء" و"المذلون" و"المهانون" هي في الواقع مرادفات.
تدور أحداث الرواية في مدينة بطرسبوغ الروسية، ويراعي المؤلف الدقة التاريخية في ذكر أسماء الشوارع والجسور والساحات والأشخاص والتي تصور بطرسبورغ كمدينة كبيرة نموذجية في تلك الحقبة، مع ما تتسم به من تباين وتناقض اجتماعي. الفكرة المناهضة للرأسمالية التي فسرها المؤلف من منظور إنساني تسري في الرواية بأسرها. كلمات اخمينيف الهرم التي تعبر عن انطباعه عن رواية ايفان بتروفيتش "الفقراء" تشكل الجوهر الفكري أو الأيديولوجي للرواية. وهذه الكلمات كانت مصدر إلهام للناقد الروسي الكبير دوبرلوبوف، الذي كتب مراجعة حول رواية "مذلون مهانون" بعنوان "المضطهدون".
قصة الصبية اليتيمة نيللي، سمحت للمؤلف بتصوير الأحياء الشعبية وسكانها في بطرسبورغ ووصف حياة "قاع المجتمع" حيث يسود البؤس، والمرض، والرذيلة، والجريمة.
" الإنسان الصغير" التائه في هذه الأحياء البائسة محكوم عليه بالفقر والموت الجسدي والمعنوي. "لقد كانت قصة كئيبة" هكذا يصف ايفان يتروفيتش مصير نيللي المأساوي. وقصتها واحدة من قصص كثيرة ممائلة توجد على نحو غامض في الزوايا الخفية المظلمة لمدينة كبيرة، وسط الغليان المحموم للحياة الأنانية الغبية، والمصالح المتضاربة، والجرائم. وفي خضم جحيم هذه الفوضى حياة غير طبيعية لا معنى لها.
مصائر الأبطال الآخرين ليست أقل مأساوية. والدة نيللي وجدِّها لأمها يموتان بعد أن خدعهما وسرقهما الأمير فالكوفسكي. ووقعت مصائب على عائلة اخمينيف حيث دمرها وخربها فالكوفسكي أيضًا، كما تم تدمير الحياة الشخصية والمشاريع الأدبية لايفان بتروفيتش.
الأمير فالكوفسكي يمثل الشر القوي المنتصر الذي – كما لاحظ دوبرولبوف – إنسان "منزوع الضمير". فالكوفسكي منظر الأنانية الفردية والجشع الصريح. جميع خطوط الرواية تمتد إلى هذا الشرير المفترس. إنه السبب الرئيسي لمصائب المذلين والمهانين.
فلسفة المعاناة
في الصيف الماضي زرت متحف دوستويفسكي في موسكو، وأدهشني موقع المتحف. فهو يشغل زاوية صغيرة من زوايا للطابق الأرضي لمستشفى كبير، كان يسمى بمستشفى "الفقراء" في العهد القيصري. كان والد الكاتب طبيبًا في هذا المستشفي. وقد عاش دوستويفسكي هنا سنوات طفولته ومراهقته، وشاهد المرضى الفقراء المتألمين ومعاناتهم، وانطبع كل ذلك في ذاكرته إلى آخر يوم في حياته.
المعاناة الإنسانية هي الموضوع الرئيسي لرواية "مذلون مهانون" ومعظم أعماله الأخرى: معاناة الفرد، ومعاناة البشرية. ومن كان قادرًا على الفهم العميق لمعنى المعاناة، ووضع اليد على مصادرها، غير دوستويفسكي الذي عانى وتعذّب وتألم طوال حياته. فقد عانى من الفقر والوحدة والمرض، ومن موت أعزّ الناس عليه (والدته وابنته)، وخيانة الأصدقاء، وحسد الكتّاب، وظلم النقّاد، ناهيك عن الحكم عليه بالإعدام، والانتظار الرهيب للرصاصات القاتلة – وهو معصوب العينين ومقيد اليدين – واستبدال الإعدام في اللحظات الأخيرة بالسجن والنفي إلى سيبيريا المتجمدة. وفوق كل هذا كان يعاني من التوتر العصبي الشديد والعواطف الجياشة المدمرة.
ل م يكن يفارقه أبدًا التفكير الدائم العميق في معنى الحياة والوجود، وألغاز النفس البشرية، التي كرّس كل أعماله لدراستها. والغوص في أعماقها، مما أبهر علماء النفس والفلاسفة.
روايات دوستويفسكي تجري أحداثها في صميم الإنسان، الذي يولد مع الألم، ويموت مع الألم ويصاحب الألم الجسدي، عذاب روحي، وليس ثمة ما هو أسوأ وأكثر إيلاما من هذا.
ويرى دوستويفسكي، أن الأسباب الرئيسية للمعاناة هي الاضطهاد والظلم والإذلال. والتألم لآلام الآخرين، واليأس الروحي. ويتساءل: لماذا كل هذه المعاناة، وما معنى الوجود البشري على الأرض؟ يمكن تفسير معاناة الأشخاص (الكبار)، لأنهم لا يستحقون الحب، والمعاناة عقاب لهم. فهم قد عرفوا الخير والشر وارتكبوا الخطايا، ولكن الأطفال لم يرتكبوا ذنبًا وهم أبرياء تمامًا.
المعاناة، كما يرى دوستويفسكي، دعوة إلى مقاومة الشر والأشرار بوسائل أخلاقية بحتة، وهي احتجاج على الظلم ووسيلة للكشف عن إنسانية المذلين والمهانين.
المعاناة مفتاح لفهم مصائب الآخرين. والإنسان الذي عانى في الحياة لا يمكن أن يفكر في بناء سعادته على معاناة الآخرين. وقد توصل دوستويفسكي خلال معاناته الطويلة في السجن والنفي إلى أن المعاناة هي الطريق الوحيد للفهم والإدراك والوعي والمعرفة، وحالة روحية مضيئة وملهمة تكشف عن عمق وسمو الروح وتوحد البشر، ولها قوة تطهير عالية للنفس. وهي الطريق إلى السعادة بهذا المعنى.
دوستويفسكي لا يحب أبطال رواياته، إلا بمقدار ما يعانون من ألم وعذاب. وهم لا يستطيعون أن يحبوا حبًّا حقيقيًّا إلا عن طريق المعاناة. إنها أقوى برهان لهم على الوجود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.