"المستريح".. لقب كان يطلق فيما سبق على من اتسع رزقه، لكنه لم يحدد أسباب هذا الاتساع، ومن أين جاء بهذا الرزق ؟ لكن رغبة عدد كبير من الناس في جني الربح السريع والاعتماد على "نصاب" يسلمونه أموالهم، ووعوده البراقة لهم بتحقيق أرباح هائلة تبلغ أحيانا أضعاف أضعاف ما يقدمه البنوك في مصر، وضعت مفهوما جديدا لهذا المصطلح، وأصبح "المستريح" معادلا لفئة من "النصابين" الذين تبلغ عملياتهم الملايين من الجنيهات. كان عامل زي عفركوش بتاع الفانوس السحري"، بهذه الكلمات وصف عدد من أهالي قرية قفادة داخل مركز مغاغة بمحافظة المنيا، المشهد الذي رسمه ونفذه أحد أهالي القرية ويُدعى "ح"، والذي تمكن مع عدد من مساعديه من جمع أكثر من مليار جنيه، مقابل الحصول على أرباح شهرية تخطت ال10% شهريًا ووصلت للبعض إلى 25% وقد ألقت أجهزة الأمن القبض على المتهم، داخل إحدى قرى مركز العدوة شمالي محافظة المنيا. وقال أحمد محمد، أحد أهالي القرية: إن شخصًا يُدعى "ح"، والمعروف ب"المستر" أو "المسيو"، أوهم الأهالي بأنه لديه أعمالًا ومشروعات كبيرة وأنها تدر ربحًا كبيرًا مقارنة بالأرباح المتعارف عليها في السوق ، وأنه بالفعل نجح في جمع أكثر من مليار و500 مليون جنيه خلال ال4 سنوات الماضية. وأضاف الدكتور علي محمد : إن قصة "ح"، بدأت قبل 4 سنوات، بعد أن عاد من الصين التي كان يعمل فيها، بعد تخرجه في كلية الألسن قسم لغة صينية، إذ بدأ نشاطه في جمع الأموال بأرباح تراوحت ما بين 6% إلى 8% شهريًا؛ بحجة تشغيلها في مجال تصدير الرخام والجرانيت، مُستغلًا في ذلك إنشاء شركة وهمية لا عمل لها على أرض الواقع مقرها داخل محافظة بني سويف، وأخرى داخل القاهرة. وأضاف : نجح "ح" في جعل مندوبين له داخل جميع قرى مركز مغاغة، وكان يستهدف أُناسًا ذوي سمعة طيبة، ويصرف لهم أرباحًا طائلة وصلت إلى 25%، حتى يكونوا طُعمًا للآخرين، وهو ما حدث بالفعل، حتى تمكن المندوبون في إقناع الأهالي بالمشاركة بأموالهم ليحصلوا على الأرباح الكبيرة. "عمل نفسه من خلال الفيس"، بهذه الجملة قال مينا وليم، أحد سكان قرية مغاغة، أن "المستريح"، عقب عودته من الصين، استغل حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، من خلال نشر فيديوهات يوهم فيها الأهالي بأنه نجح في إنهاء عدد من الأعمال وحصوله على أرباح كبيرة؛ الأمر الذي دفع الأهالي لمنحه مبالغ طائلة. ومن جانبة أكد اللواء أشرف يعقوب، الخبير الأمني، أن أي مستريح لديه الذكاء الكبير في تحديد ضحيته، حيث إنه يمتلك استراتيجة في اختيار ضحاياه، موضحًا ان الضحية يختارها النصاب من نسيج مجتمعه. وأضاف "يعقوب": إن مثل هذه القضايا تظهر في مصر من فترة لأخرى، مؤكدًا أنه على المواطنين أن يحصلوا على الوعي الكامل في هذه القضايا، مشيرًا إلى أنه حال وجود عملية نصب من أحد الأشخاص، على الجريمة تحرير محضر، حيث إن تحرير عدد من المحاضر ضد الشخص يلفت الانتباه من قبل الدولة. وأوضح أنه على المواطنين الحذر من التعامل مع أي شخص يغريهم بالمال الكثيف، مؤكدًا على دور الاعلام في توعية المواطنين بخطورة هذه القضايا. كما حذر أيمن محسب، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب من انتشار ظاهرة المستريح في عدد من المحافظات على مستوى الجمهورية، فرغم تكرار الواقعة في أكثر من محافظة، إلا أن هناك بعض الأشخاص يمارسون أعمال النصب على المواطنين، وهناك من يقع ضحية وفريسة سهلة لهؤلاء الأشخاص، خاصة أولئك الباحثين عن المكاسب السريعة، في واحدة من أبرز مظاهر النصب على المواطنين. وأرجع عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب انتشار ظاهرة المستريح لعدم وجود رؤية من أرباب الأموال لاستثمار أموالهم، أو الخوف من المجازفة بإقامة مشاريع خاصة بهم يقومون بإدارتها لأنفسهم، ما يجعلهم عرضة للوقوع فريسة للنصابين المعروفين إعلاميا بالمستريح، ذلك الشخص الذي يمارس أعمال النصب العلنى على المواطنين طمعا في تحقيق مكاسب سريعة. وأوضح عضو مجلس النواب أن القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، نظم مزاولة نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة الذي يتم خارج القطاع المصرفي، كما أن الجهاز تضمن العديد من التيسيرات بشأن المنح والقروض والمساعدات للمشروعات الصغيرة، كل هذا بهدف دمج القطاع غير المصرفي في القطاع الرسمى للدولة، وعلى كل من يريد استثمار أمواله الاستعانة بهذا القانون الذي يعد نقلة كبيرة في مجال المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وعدم المجازفة بمنح النصابين أموالهم، خاصة أن الجهاز به العديد من الأفكار للمشروعات المختلفة التي تناسب كل الفئات والشرائح والإمكانيات المالية. وناشد عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الراغبين في استثمار أموالهم في إقامة مشروعات تعود بالنفع عليه في المقام الأول وعلى والمجتمع وتحقق مكاسب دون ضياع رأس ماله، جراء الوقوع فريسة للمستريحين.