اقترحت اللجنة السودانية العليا لسد النهضة تحويل آلية المفاوضات الحالية لمسار رباعي يمثل فيه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حيث تلعب الأطراف الأربعة دور الوسيط والمسهل في المفاوضات بدلًا عن الاكتفاء بدور المراقبين. وكان الاتحاد الأفريقي قد شكل لجنة من الخبراء لمراقبة المفاوضات، لكن بعد فشل عدد من جولات التفاوض خلال الفترة الأخيرة طالبت الخرطوم بمنح خبراء الاتحاد الأفريقي دورًا أكبر في تقريب وجهات النظر تفاديا لإطالة أمد التفاوض. وأفادت وكالة الأنباء السودانية "سونا" بأن اللجنة شددت على رفضها اتجاه إثيوبيا لتنفيذ الملء الثاني لبحيرة السد قبل التوصل لآلية تنسيق مشتركة بين البلدين، معتبرة أن ذلك يشكل تهديدًا مباشرًا لسد الروصيرص وبالتالي على منظومات الري وتوليد الكهرباء ومحطات مياه الشرب على طول النيل الأزرق والنيل الرئيسي، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي السوداني. وكانت إثيوبيا بدأت في ملء الخزان خلف السد بعد هطول أمطار الصيف العام الماضي، على الرغم من مطالب مصر والسودان بضرورة التوصل أولًا إلى اتفاق ملزم بشأن ملء الخزان وتشغيل السد، كما أعلنت أنها ستبدأ في عملية الملء الثاني لسد النهضة بمقدار 13.5 مليار متر مكعب، في موسم الأمطار بحلول يوليو المقبل، سواء جرى التوصل إلى اتفاق أو لا. فيما حذر السودان من أن إعلان إثيوبيا عزمها ملء بحيرة السد الثانية، سيتضرر منه 20 مواطن يقطنون على ضفاف النيل الأزرق، معلنًا تمسكه بضرورة التوصل لآلية تنسيق محكمة تضمن عدم حدوث أي أضرار لسدوده الواقعة على النيل الأزرق في حال الملء والتشغيل الأحادي لسد النهضة. ومن جانبه، شدد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزم قبل تنفيذ المرحلة الثانية من الملء، وذلك من خلال إطلاق مسار مفاوضات جاد، وبما يراعي مصالح الدول الثلاث، مؤكدًا أن الدولة المصرية عبرت عن إرادتها السياسية الخالصة للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحقق لإثيوبيا أهدافها التنموية، ويحفظ في الوقت ذاته حقوق مصر، ويؤمن دولتي المصب من مخاطر وأضرار هذا السد. ويثير سد النهضة الذي تقيمه إثيوبيا بالقرب من حدودها مع السودان توترًا إقليميًّا منذ عام 2011، خاصة بعد تعثر المفاوضات التي انخرطت فيها إثيوبيا مع مصر والسودان، والتي توقفت في فترات عديدة، بسبب خلافات مفاهيمية وقانونية كبيرة، حيث تتمسك القاهرةوالخرطوم باتفاق ملزم وفقًا لقواعد القانون الدولي ويتفق معهما في ذلك خبراء البنك الدولي والاتحاد الأفريقي، بينما تسعى أديس أبابا إلى حصر المسألة في الاتفاق على موجهات استرشادية لتشغيل وملء السد.