في فيلم “إيليبس” للمخرجين جو بلاند وكرانت مارتن، تحظر ثيمة الديستوبيا في بلاد وأرض مجهولة لكن الحال نفسها تتحوّل إلى كوكب ناء ينتقل إليه رائد الفضاء ويليامز (الممثل جوسيا أوثير) عندما يفقد السيطرة على المركبة، وينتهي به الأمر بالهبوط الاضطراري على كوكب مجهول، وهنا تبدأ معاناته في الكوكب المقفر وليس معه سوى كلبه. منذ المشاهد الأولى تتكشّف لنا بيئة تفيض جمالية، حيث تكمن العناية بالتصوير، خاصة في اللقطات العامة التي أظهرت مساحات واسعة من الطبيعة التي لا يوجد فيها سوى ويليامز وكلبه. وهذا الثلاثي: الفضائي والطبيعة والكلب، سوف ينفتح على انتماء نفسي وعاطفي ملفت للنظر، وكأننا نعود بالإنسان إلى سيرته الأولى وهو يكتشف الطبيعة ويكتشف النار، وهو ما كان يفعله ويليامز. سنفتّش في دفتر الذاكرة الذي يحمله ويليامز من ذكريات وماض، تلوح فيه امرأتان غارقتان في ضباب الذاكرة المشوّشة، الأم من جهة والحبيبة من جهة أخرى. مشاهد العودة إلى الماضي سوف تقدم لنا ويليامز مع حبيبته على الشاطئ وقد افترقا دون الكثير من الحوار ولا الثرثرة كما هو معتاد في مثل هذه المشاهد، لعلها إزاحة متكرّرة للوحدة والعزلة، وهو ما يلاحق ويليامز طويلًا خلال مساحة السرد الفيلمي، من هو؟ ماذا يريد؟ وبماذا يحلم وهو في عزلته ووحدته؟ واقعيًّا، اعتمد السرد الفيلمي على ثلاث شخصيات رئيسية، الحاضرة بشكل مباشر هي ويليام بكل تأكيد، فيما الزوجة والحبيبة غائبتان لا تستدعيهما سوى مشاهد العودة إلى الماضي (فلاش باك)، ولكن وفي وسط هذه العزلة لا بد من البحث عن وسيلة للنجاة، وهو ما يسعى إليه ويليامز، لكن من دون جدوى، فالاتصالات معطلة وإمكانية أن يجد سبيلًا للنجاة تتضاءل في كل مرة. يمكن رسم خريطة الحياة التي عاشها ويليامز في كنف الطبيعة على أنها نوع من الاتصال الشعوري والعاطفي الذي يفيض شاعرية من خلال اللقطات والمشاهد التي برع فيها عنصر التصوير والمونتاج في إبراز تلك الجماليات، وخلال ذلك حاول المخرجان وبقليل من الحوار أن يُسدّا الكثير من الثغرات التي تتعلق بعدم وجود شخصيات إضافية أخرى تظهر بشكل مباشر، ولهذا كان حوار الشخصية نوعًا من المناجاة الذاتية التي أراد من ورائها الخروج من الأزمة التي هو فيها. ومن جانب آخر، هناك الانتقالات المتلاحقة القائمة على فكرة اكتشاف المكان، حيث قدّم الفيلم سلسلة من الأماكن التي راح ويليامز يستكشفها تباعًا من الغابات إلى الصحارى وغيرها، وقد بذل فريق العمل مجهودًا في تلك الانتقالات وإبراز جمالية المكان. وفي ما يتعلق بذلك التنوع المكاني فقد ارتبط بشكل مباشر مع الحالة النفسية والإنسانية التي وجد ويليامز نفسه فيها، وهو يحاول النجاة من المأزق الذي وجد نفسه فيه، ولكن في المقابل كانت هنالك حاجة للمزيد من الإقناع في تلك الأحداث في حد ذاتها. ويبدو أن الحوار القائم بين ويليامز وأمه أو في استذكاره لحبيبته كان هو القناة الوحيدة التي صار يجد فيها خلاصه، وأنه جزء من هذا العالم بسبب العزلة التامة التي وجد نفسه فيها والتي كان لا بد من كسرها بوسيلة أو أخرى. لا شك أن خيار الممثل الواحد هو أحد أكثر الخيارات صعوبة في الدراما السينمائية، بل هو تحد لجأ إليه المخرجان ومن خلاله قدّما فيلمًا ينتمي إلى نوع الأفلام قليلة التكلفة، لكن هل كان ذلك ضروريًّا؟ وهل نجحا في المهمة؟ واقعيًّا، يكتسب هذا النوع من الدراما خاصية مهمة وهي إيجاد العديد من الحبكات الثانوية التي تصعّد الدراما من جهة، وتدفع الجمهور إلى المشاهدة والاستمتاع بما هو جديد من جهة أخرى، لكننا لم نجد في هذا الفيلم الكثير ممّا نبحث عنه. هناك ضعف واضح في السيناريو وعدم استثمار متعة الاكتشاف في ذلك المكان شبه الديستوبي لتحقيق مفاجآت وتحوّلات تنعش الأحداث، وتخرجها من رتابتها، فاليوميات التي تعيشها الشخصية كان لا بد من تطويرها باتجاهات متعددة تمنح الفيلم المزيد من المتعة في المشاهدة. وفي ما يتعلق بالرحلة عبر الفضاء، فلا شك أن هناك تبسيطًا بصريًّا ملحوظًا في هذا الجانب، فالمركبات الفضائية، بحسب ما تراكم من أفلام الخيال العلمي وغزو الفضاء، يتم بناؤها بشكل مختلف ومتطوّر على عكس ما ظهرت عليه في “إيليبس”، كما أن منظر الفضاء الخارجي صار مألوفًا، ولنا في سلسلة “ستارتيرك” خير نموذج، أما هنا فقد تخيّلنا للوهلة الأولى أن رحلة المركبة الفضائية لم تكن إلا لعبة من ألعاب الفيديو، وفي ذلك فقر في الجانب البصري. في فيلم “إيليبس” للمخرجين جو بلاند وكرانت مارتن، تحظر ثيمة الديستوبيا في بلاد وأرض مجهولة لكن الحال نفسها تتحوّل إلى كوكب ناء ينتقل إليه رائد الفضاء ويليامز (الممثل جوسيا أوثير) عندما يفقد السيطرة على المركبة، وينتهي به الأمر بالهبوط الاضطراري على كوكب مجهول، وهنا تبدأ معاناته في الكوكب المقفر وليس معه سوى كلبه. منذ المشاهد الأولى تتكشّف لنا بيئة تفيض جمالية، حيث تكمن العناية بالتصوير، خاصة في اللقطات العامة التي أظهرت مساحات واسعة من الطبيعة التي لا يوجد فيها سوى ويليامز وكلبه. وهذا الثلاثي: الفضائي والطبيعة والكلب، سوف ينفتح على انتماء نفسي وعاطفي ملفت للنظر، وكأننا نعود بالإنسان إلى سيرته الأولى وهو يكتشف الطبيعة ويكتشف النار، وهو ما كان يفعله ويليامز. سنفتّش في دفتر الذاكرة الذي يحمله ويليامز من ذكريات وماض، تلوح فيه امرأتان غارقتان في ضباب الذاكرة المشوّشة، الأم من جهة والحبيبة من جهة أخرى. مشاهد العودة إلى الماضي سوف تقدم لنا ويليامز مع حبيبته على الشاطئ وقد افترقا دون الكثير من الحوار ولا الثرثرة كما هو معتاد في مثل هذه المشاهد، لعلها إزاحة متكرّرة للوحدة والعزلة، وهو ما يلاحق ويليامز طويلًا خلال مساحة السرد الفيلمي، من هو؟ ماذا يريد؟ وبماذا يحلم وهو في عزلته ووحدته؟ واقعيًّا، اعتمد السرد الفيلمي على ثلاث شخصيات رئيسية، الحاضرة بشكل مباشر هي ويليام بكل تأكيد، فيما الزوجة والحبيبة غائبتان لا تستدعيهما سوى مشاهد العودة إلى الماضي (فلاش باك)، ولكن وفي وسط هذه العزلة لا بد من البحث عن وسيلة للنجاة، وهو ما يسعى إليه ويليامز، لكن من دون جدوى، فالاتصالات معطلة وإمكانية أن يجد سبيلًا للنجاة تتضاءل في كل مرة. يمكن رسم خريطة الحياة التي عاشها ويليامز في كنف الطبيعة على أنها نوع من الاتصال الشعوري والعاطفي الذي يفيض شاعرية من خلال اللقطات والمشاهد التي برع فيها عنصر التصوير والمونتاج في إبراز تلك الجماليات، وخلال ذلك حاول المخرجان وبقليل من الحوار أن يُسدّا الكثير من الثغرات التي تتعلق بعدم وجود شخصيات إضافية أخرى تظهر بشكل مباشر، ولهذا كان حوار الشخصية نوعًا من المناجاة الذاتية التي أراد من ورائها الخروج من الأزمة التي هو فيها. ومن جانب آخر، هناك الانتقالات المتلاحقة القائمة على فكرة اكتشاف المكان، حيث قدّم الفيلم سلسلة من الأماكن التي راح ويليامز يستكشفها تباعًا من الغابات إلى الصحارى وغيرها، وقد بذل فريق العمل مجهودًا في تلك الانتقالات وإبراز جمالية المكان. وفي ما يتعلق بذلك التنوع المكاني فقد ارتبط بشكل مباشر مع الحالة النفسية والإنسانية التي وجد ويليامز نفسه فيها، وهو يحاول النجاة من المأزق الذي وجد نفسه فيه، ولكن في المقابل كانت هنالك حاجة للمزيد من الإقناع في تلك الأحداث في حد ذاتها. ويبدو أن الحوار القائم بين ويليامز وأمه أو في استذكاره لحبيبته كان هو القناة الوحيدة التي صار يجد فيها خلاصه، وأنه جزء من هذا العالم بسبب العزلة التامة التي وجد نفسه فيها والتي كان لا بد من كسرها بوسيلة أو أخرى. لا شك أن خيار الممثل الواحد هو أحد أكثر الخيارات صعوبة في الدراما السينمائية، بل هو تحد لجأ إليه المخرجان ومن خلاله قدّما فيلمًا ينتمي إلى نوع الأفلام قليلة التكلفة، لكن هل كان ذلك ضروريًّا؟ وهل نجحا في المهمة؟ واقعيًّا، يكتسب هذا النوع من الدراما خاصية مهمة وهي إيجاد العديد من الحبكات الثانوية التي تصعّد الدراما من جهة، وتدفع الجمهور إلى المشاهدة والاستمتاع بما هو جديد من جهة أخرى، لكننا لم نجد في هذا الفيلم الكثير ممّا نبحث عنه. هناك ضعف واضح في السيناريو وعدم استثمار متعة الاكتشاف في ذلك المكان شبه الديستوبي لتحقيق مفاجآت وتحوّلات تنعش الأحداث، وتخرجها من رتابتها، فاليوميات التي تعيشها الشخصية كان لا بد من تطويرها باتجاهات متعددة تمنح الفيلم المزيد من المتعة في المشاهدة. وفي ما يتعلق بالرحلة عبر الفضاء، فلا شك أن هناك تبسيطًا بصريًّا ملحوظًا في هذا الجانب، فالمركبات الفضائية، بحسب ما تراكم من أفلام الخيال العلمي وغزو الفضاء، يتم بناؤها بشكل مختلف ومتطوّر على عكس ما ظهرت عليه في “إيليبس”، كما أن منظر الفضاء الخارجي صار مألوفًا، ولنا في سلسلة “ستارتيرك” خير نموذج، أما هنا فقد تخيّلنا للوهلة الأولى أن رحلة المركبة الفضائية لم تكن إلا لعبة من ألعاب الفيديو، وفي ذلك فقر في الجانب البصري.