اقتبست سينما الخيال العلمي من سلاسل الكوميكس الأميركية العديد من ثيماتها وميزاتها، ونتذكر هنا أفلاما تعود إلى عشرينات القرن الماضي ومنها التي حملت اسم “زورو” واستقت منها العديد من الأفلام في تلك الحقبة وحتى سبعينات القرن الماضي، تضاف إلى ذلك سلاسل الأفلام الأكثر شهرة وانتشارا في سينما الخيال العلمي كسلسلة “الرجل الوطواط” التي ظهرت بواكيرها في أربعينات القرن الماضي لتتواصل حتى يومنا هذا بمغامرات وشخصيات وأماكن وأزمنة جديدة، وسنتذكر أيضا سلاسل أفلام “كابتن أميركا” و”متسابق المتاهة” و”الرجل الحديدي” و”الرجل العنكبوت” و”إكس مين” و”الرجل النملة” وغيرها كثير. ويبدو أن السينما الفرنسية تحاول أن تجاري زميلتها الأميركية في الانتفاع من قصص الكوميكس الأكثر شعبية وتحويلها إلى قصص درامية من فصيلة أفلام الخيال العلمي، وها نحن أمام النموذج الأحدث من خلال فيلم “وحيدون” للمخرج ديفيد مورو، وهو فيلمه الثالث في سلسلة الأفلام الروائية. وتدور أحداث الفيلم حول خمسة مراهقين يفيقون في يوم ما في زمن غير محدد على هلاك الجميع ما عداهم، حيث تقفر البيوت والشوارع والأسواق من أيّ أحد، ومن دون إسهاب في عرض ما جرى ولماذا لم يشعروا هم بحقيقة فناء البشر بهذا الشكل المفاجئ. على وقع ذلك العالم الديستوبي الغامض تقود ليلى (الممثلة صوفيا لصفر) أصدقاءها في تلك المتاهة الغريبة متنقلين من مكان إلى آخر محاولين استجلاء ما حلّ بذويهم وأصدقائهم، وخلال ذلك تقع سلسلة من المفاجآت الغريبة كوجود قوة أو جهة ما تستهدفهم وتراقبهم في تنقلاتهم، ولكن من دون الإفصاح بشكل واضح عمّن تكون تلك الجهة، إلاّ أنه من بين ما ستلتقطه ليلى وصحبها أن جموعا غفيرة كانت تتجمع في أحد الملاعب قد هلكوا جميعا بسبب حريق مدمّر لم يُبقِ أحدا على قيد الحياة. تحاول ليلى بتفردها وقدرتها على اتخاذ القرار أن تنقذ أصدقاءها وأن تحافظ عليهم، يلاحظ هنا الخليط في العرقيّات ما بين ليلى التي من الواضح أنها من أصول عربية ودوجي ذو الأصول الأفريقية (الممثل ستيفان باك) مع أن هذا الأخير يتعرض للموت تارة والاحتضار تارة أخرى حتى التبس مسار الشخصية في حدّ ذاتها. وسعى المخرج جاهدا إلى زجّ أكثر من خط سردي وبثّ حبكات ثانوية، ولكنّ ذلك لم يغير من النمطية التي سارت عليها الأحداث، وربما كان الإشكال الجوهري في هذا الفيلم هو عدم حصول تطور ملموس للشخصيات في مسارها الدرامي، وهو ما أضعف من مسار السرد الفيلمي في خطّه الصاعد على فرض أننا أمام تحديّات وصراعات، فالمعتاد في أفلام الديستوبيا وهذا النوع من أفلام الخيال العلمي لما بعد الفناء هو مواجهة الناجين لقوى شرسة تمعن في مطاردتهم للاقتصاص منهم، لكن هذا لم يحدث. وربما كانت المواجهة بين ليلى وشخص ما اختطف فتاة واحتجزها هي المواجهة الوحيدة الملفتة للنظر، مع أن التباسا يقع في الزمن الفيلمي ولا سيما بعد أن تكتشف ليلى أنها هي وصحبها هم المختفون الميّتون والناس الآخرون هم الأحياء عندما تعثر على ملصقات تحمل صورهم وإعلان نعيهم. ولا شك أن إشكالية الزمن كانت شاخصة في هذا الفيلم، فعلاوة على طمس الحقبة الزمنية التي وقعت فيها الأحداث، فإن الزمن المرتبط بالشخصيات أو ما يعرف بالزمن النفسي أدخل الشخصيات نفسها في متاهة، ولم تكن تلك المعالجة كافية لدعم قوة الشخصيات دراميا، ما عدا ليلى التي بقيت محافظة على وتيرة أداء واحدة مع تصعيد وتحولات محدودة. ولعلّ ما يلفت النظر في الفيلم البناء المكاني واختيار زوايا ولقطات على درجة جمالية عالية، وخاصة اللقطات العامة والكبيرة والزوايا العليا، وهذا عنصر إضافي لتأكيد عزلة الشخصيات ووحدتها في ذلك العالم الكابوسي المجهول، لكن في المقابل كانت أكثر المشاهد الحوارية تتم إما في فنادق أو محلات تجارية كبيرة. ولم تكن هنالك عناية كافية بالحوار بين الشخصيات، التي لم يضف إليها المخرج الكثير كما لم يكشف لنا عن شخصيات بدوافع مختلفة إلى درجة التقاطع مع ليلى، هذا إذا استثنينا دوجي الذي هو في الأصل يعيش عالمه الخاص بعيدا عن الآخرين، مع أن ليلى تشعر بتعاطف كبير معه. وكما أشرنا في البداية، فالفيلم محاولة في فن الكوميكس، حفل بعيوب عديدة في السرد والدراما، مع أن عامل الغموض والترقب كان مميّزا فيه، لكن في المقابل كانت مساحة الاكتشاف والمغامرة هي النقاط التي لم يتمّ توظيفها بشكل متقن لمنح الشخصيات جاذبية أكثر، حتى أننا لو حذفنا شخصية أو اثنتين ما عدا ليلى ودوجي لم يكن ليتغير شيء، إلاّ أن المفارقة غير المفهومة أن يلتقي الناجون مع جموع غفيرة في مثل سنّهم لا نعلم هل هم ناجون، أم أنها جنان الفردوس على حدّ وصف ليلى، ليختتم الفيلم بعامل غموض آخر. اقتبست سينما الخيال العلمي من سلاسل الكوميكس الأميركية العديد من ثيماتها وميزاتها، ونتذكر هنا أفلاما تعود إلى عشرينات القرن الماضي ومنها التي حملت اسم “زورو” واستقت منها العديد من الأفلام في تلك الحقبة وحتى سبعينات القرن الماضي، تضاف إلى ذلك سلاسل الأفلام الأكثر شهرة وانتشارا في سينما الخيال العلمي كسلسلة “الرجل الوطواط” التي ظهرت بواكيرها في أربعينات القرن الماضي لتتواصل حتى يومنا هذا بمغامرات وشخصيات وأماكن وأزمنة جديدة، وسنتذكر أيضا سلاسل أفلام “كابتن أميركا” و”متسابق المتاهة” و”الرجل الحديدي” و”الرجل العنكبوت” و”إكس مين” و”الرجل النملة” وغيرها كثير. ويبدو أن السينما الفرنسية تحاول أن تجاري زميلتها الأميركية في الانتفاع من قصص الكوميكس الأكثر شعبية وتحويلها إلى قصص درامية من فصيلة أفلام الخيال العلمي، وها نحن أمام النموذج الأحدث من خلال فيلم “وحيدون” للمخرج ديفيد مورو، وهو فيلمه الثالث في سلسلة الأفلام الروائية. وتدور أحداث الفيلم حول خمسة مراهقين يفيقون في يوم ما في زمن غير محدد على هلاك الجميع ما عداهم، حيث تقفر البيوت والشوارع والأسواق من أيّ أحد، ومن دون إسهاب في عرض ما جرى ولماذا لم يشعروا هم بحقيقة فناء البشر بهذا الشكل المفاجئ. على وقع ذلك العالم الديستوبي الغامض تقود ليلى (الممثلة صوفيا لصفر) أصدقاءها في تلك المتاهة الغريبة متنقلين من مكان إلى آخر محاولين استجلاء ما حلّ بذويهم وأصدقائهم، وخلال ذلك تقع سلسلة من المفاجآت الغريبة كوجود قوة أو جهة ما تستهدفهم وتراقبهم في تنقلاتهم، ولكن من دون الإفصاح بشكل واضح عمّن تكون تلك الجهة، إلاّ أنه من بين ما ستلتقطه ليلى وصحبها أن جموعا غفيرة كانت تتجمع في أحد الملاعب قد هلكوا جميعا بسبب حريق مدمّر لم يُبقِ أحدا على قيد الحياة. تحاول ليلى بتفردها وقدرتها على اتخاذ القرار أن تنقذ أصدقاءها وأن تحافظ عليهم، يلاحظ هنا الخليط في العرقيّات ما بين ليلى التي من الواضح أنها من أصول عربية ودوجي ذو الأصول الأفريقية (الممثل ستيفان باك) مع أن هذا الأخير يتعرض للموت تارة والاحتضار تارة أخرى حتى التبس مسار الشخصية في حدّ ذاتها. وسعى المخرج جاهدا إلى زجّ أكثر من خط سردي وبثّ حبكات ثانوية، ولكنّ ذلك لم يغير من النمطية التي سارت عليها الأحداث، وربما كان الإشكال الجوهري في هذا الفيلم هو عدم حصول تطور ملموس للشخصيات في مسارها الدرامي، وهو ما أضعف من مسار السرد الفيلمي في خطّه الصاعد على فرض أننا أمام تحديّات وصراعات، فالمعتاد في أفلام الديستوبيا وهذا النوع من أفلام الخيال العلمي لما بعد الفناء هو مواجهة الناجين لقوى شرسة تمعن في مطاردتهم للاقتصاص منهم، لكن هذا لم يحدث. وربما كانت المواجهة بين ليلى وشخص ما اختطف فتاة واحتجزها هي المواجهة الوحيدة الملفتة للنظر، مع أن التباسا يقع في الزمن الفيلمي ولا سيما بعد أن تكتشف ليلى أنها هي وصحبها هم المختفون الميّتون والناس الآخرون هم الأحياء عندما تعثر على ملصقات تحمل صورهم وإعلان نعيهم. ولا شك أن إشكالية الزمن كانت شاخصة في هذا الفيلم، فعلاوة على طمس الحقبة الزمنية التي وقعت فيها الأحداث، فإن الزمن المرتبط بالشخصيات أو ما يعرف بالزمن النفسي أدخل الشخصيات نفسها في متاهة، ولم تكن تلك المعالجة كافية لدعم قوة الشخصيات دراميا، ما عدا ليلى التي بقيت محافظة على وتيرة أداء واحدة مع تصعيد وتحولات محدودة. ولعلّ ما يلفت النظر في الفيلم البناء المكاني واختيار زوايا ولقطات على درجة جمالية عالية، وخاصة اللقطات العامة والكبيرة والزوايا العليا، وهذا عنصر إضافي لتأكيد عزلة الشخصيات ووحدتها في ذلك العالم الكابوسي المجهول، لكن في المقابل كانت أكثر المشاهد الحوارية تتم إما في فنادق أو محلات تجارية كبيرة. ولم تكن هنالك عناية كافية بالحوار بين الشخصيات، التي لم يضف إليها المخرج الكثير كما لم يكشف لنا عن شخصيات بدوافع مختلفة إلى درجة التقاطع مع ليلى، هذا إذا استثنينا دوجي الذي هو في الأصل يعيش عالمه الخاص بعيدا عن الآخرين، مع أن ليلى تشعر بتعاطف كبير معه. وكما أشرنا في البداية، فالفيلم محاولة في فن الكوميكس، حفل بعيوب عديدة في السرد والدراما، مع أن عامل الغموض والترقب كان مميّزا فيه، لكن في المقابل كانت مساحة الاكتشاف والمغامرة هي النقاط التي لم يتمّ توظيفها بشكل متقن لمنح الشخصيات جاذبية أكثر، حتى أننا لو حذفنا شخصية أو اثنتين ما عدا ليلى ودوجي لم يكن ليتغير شيء، إلاّ أن المفارقة غير المفهومة أن يلتقي الناجون مع جموع غفيرة في مثل سنّهم لا نعلم هل هم ناجون، أم أنها جنان الفردوس على حدّ وصف ليلى، ليختتم الفيلم بعامل غموض آخر.