«لولاكم ما كنا هنا».. إسلام عفيفي: أشكر كل أسرة آمنت بمبادرة «المس حلمك»    أمريكا - روسيا.. إشارات متناقضة حول استئناف التجارب النووية    «أنيسة» رئيسًا للمكتب الصحفى بالجامعة العربية    كولومبيا توقع عقدًا لشراء 17 طائرة مقاتلة من طراز "جريبين" من شركة ساب السويدية    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادا لمباراة الرأس الأخضر    وفاة سائق ميكروباص حادث صحراوي المنيا الغربي.. والنيابة تصرح بالدفن    المخرج الصيني جوان هو: أحلم بتصوير فيلم على أرض مصر    "تلال الفسطاط" من بؤرة للمخلفات إلى واجهة حضارية في قلب القاهرة التاريخية| فيديو    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    وزير الصحة: السكان ليسوا عبئا بل هم رأس مالنا البشري    ما حقيقة مفاوضات الأهلي مع أسامة فيصل وموقف اللاعب؟    سلة - قبل مباراة الفريق الأول.. مرتبط الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي الدوري    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    «التموين» تطرح عبوة زيت في المجمعات الاستهلاكية بسعر 46.60 جنيهًا    سعر اليوان الصيني مقابل الجنيه في مصر اليوم السبت    الأوقاف: مسابقة كبار القراء والمبتهلين شراكة استراتيجية لترسيخ ريادة مصر    نتائج كأس العالم للناشئين.. بوركينا فاسو تطيح بألمانيا.. وتونس تودع    خالد عبدالغفار يشهد جلسة حوارية بعنوان دور الثقافة والرياضة في الهوية الوطنية    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    طوكيو تحتج على تحذير الصين رعاياها من السفر إلى اليابان    يوسف إبراهيم يتأهل لنهائي بطولة الصين المفتوحة 2025    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب لقناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدخلات السياسية ومعاناة الحياة الثقافية
نشر في صوت البلد يوم 16 - 02 - 2011

علي خلفية الأحداث المؤسفة التي شهدتها المنطقة العربية بعامة، والشارع المصري بخاصة، خلال الآونة الأخيرة من هياج شعبي يسعي إلي التحرر من قيود الظلم والفساد وكل أشكال المعاناة، ومختلف سبل تقييد الحريات، والتي فجرتها ثورة الياسمين بتونس، والمظاهرات الاحتجاجية التي يعيشها لبنان، وصولًا إلي السعار التظاهري الذي أصاب الشارع المصري فيما عرف بثورة "الغضب" أو ثورة "الشباب".
فعقب الثورة التي هزت عرش الدولة الخضراء والتي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، أبدي عدد من المثقفين والأدباء التونسيين استياءهم لعهد الرئيس المخلوع.. مؤكدين أنه خلال فترة حكمه لم يكن في استطاعتهم التعبير بحرية عن إبداعتهم، وأن تلك الفترة كانت مزيفة ولا تعكس الواقع الحقيقي للثقافة والفن.. لافتين إلي: "إننا كنا نختنق فنيا، ولا نقوي علي الإبداع"، وكذلك ثورة "الغضب" التي عصفت بالأمان الداخلي للشارع المصري، كل تلك الأحداث كشفت مدي نجاح التدخلات السياسية في إفشال أي تقدم ثقافي، أو إطفاء جذوة أي نشاط إبداعي في صدور المثقفين قبل أن تري النور، فضلًا عن جلاد قوانين الحكومات الذي يتهدد قلمهم بعد خروجها إلي الباحة الأدبية.
لذا ارتأت "صوت البلد" ضرورة فتح ملف تأثير الحكومات المتعاقبة علي عرش مصر في الحياة الثقافية، إذ إن كل نظام حكم يأتي لا شك له تأثيره القوي علي سير العملية الإبداعية بكل فنونها منذ قديم الازل، وإلي الآن.. وبتتبع الحقب التاريخية منذ انهيار الخلافة العباسية بسقوط بغداد علي يد التتار، والتي استمرت قرابة الستة قرون، يتراءي مدي التراجع الذي اتسم به الادب المصري، إذ تميزت هذه الحقبة بالاستبداد والفتن وتقييد حرية الفكر وتكبيل الابداع واضطراب الحياة الاجتماعية، وكان من نتائج استفحال الفساد آثاره السيئة علي الحياة الفكرية والادبية ولم تبق منه الا شعاع خافت في مصر.
إلا أن تلك الحال تبدلت في اواخر العقد الاخير من القرن الثامن عشر وذلك بقدوم الحملة الفرنسية والتي فتحت الأنظار علي حضارة جديدة ونهضة شاملة، استكملها محمد علي والي مصر بعد طرده الفرنسيين، فبدأ الانفتاح علي الثقافة والاطلاع علي الرؤي الفكرية العالمية من خلال الترجمة والاستفادة من وسائل المعرفة الحديثة كالمطبعة. أما الأدب بصورة خاصة فقد ظهر الشعر القصصي والتاريخي، وأسهم المستشرقون في خلق نهضة أدبية من خلال نشرهم عددًا من المخطوطات والكتب القديمة بعد تحقيقها ومراجعة اصولها والتنبيه الي قيمة التراث وضرورة حمايته.. وقد تم اثراء اللغة بمصطلحات علمية معربة والعناية بالأسلوب ورقة اللفظ، وسلاسته؛ فساعد نظام الحكم في هذا الوقت علي تطور الحركة الثقافية والادبية انذاك.
وباستثناء فترة حكم الرئيس الراحل محمد نجيب - إذ لم تتجاوز العام الواحد - فنستطيع أن نتعرض لفترة حكم عبد الناصر، والتي لم يسلم خلالها معظم المبدعين من السجن، والملاحقات الأمنية، أو التوقف عن العمل.. إذ تم فصل أنيس منصور عامًا ونصف العام، علي خلفية مقال له، وعندما عاد للعمل لم يستطع نقد عبد الناصر او مهاجمته، وعندما قرر نشر كتاب يذكر به اخطاءه، عمد إلي أن يكون الكتاب موضوعيا، وحمل الكتاب عنوان "عبد الناصر المفتري عليه والمفتري علينا"، هذا فضلًا عما لاقاه د. مصطفي محمود ايضا بسبب مقالاته عن هتلر والنازية، والتي عوقب علي أثرها بالمنع من الكتابة لمدة عام، وبعد عودته كان يريد أن يقول رأيه في الاشتراكية، ولكنه كان متخوفا فكتب كتاب "الإسلام والماركسية"، وحفظ ما كتبه حتي مات عبد الناصر وجاء عصر السادات، فأخرج الكتاب لينشر في "صباح الخير"، وقال السادات لوزير الاعلام آنذاك: "كتاب مصطفي محمود ينشر كاملاً وبصورة لائقة"؛ فالجميع بدءًا من إحسان عبد القدوس إلي مفيد فوزي حصلوا علي حصصتهم من القمع وتقييد الحريات علي يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
أما عصر الرئيس محمد أنور السادات، فتميز بمحطات تاريخية مهمة كان لها أكبر الأثر في تشكيل المجتمع؛ فالأحداث التي وقعت كانت مادة دسمة للإبداع المصري في الرواية، فكتبت العديد من الروايات وكان الكثير منها يشير إلي الرئيس بالاسم وبعضها يتحدث إليه رمزا.
والمتتبع للحراك الثقافي خلال العقود الثلاثة المنصرمة ليتراءي له مدي المعاناة التي أصابت الثقافة المصرية والفن المصري؛ إذ يكاد يجمع كتاب مصر ومثقفوها علي أن الفن والثقافة والإعلام في مصر حاليا في أسوأ حالاتهم.. ليبقي السؤال محيرًا: من المسئول عن الردة الثقافية في الشارع المصري؟.. هل الأنظمة الحاكمة أم الأنظمة الحاكمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.