ارتفاع أرصدة القمح بميناء دمياط إلى 184 ألف طن    من غزة ولبنان إلى العراق والبحر الأحمر.. تحذيرات من اندلاع صراع متعدد الجبهات في الشرق الأوسط    التعادل 1-1 يحسم قمة السنغال ضد الكونغو الديمقراطية فى أمم أفريقيا    رئيس المركز الأوكراني للحوار: كييف تراقب بقلق تحركات ترامب قبل لقاء القمة مع بوتين    أكبر مفاجآت كأس مصر.. الأهلي يودع البطولة بخسارة مفاجئة أمام وي    أندية برازيلية تتحرك لخطف جناح النصر في يناير    قبل نوة عيد الميلاد.. سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة وانخفاض درجات الحرارة بالإسكندرية    تعرف على موعد عزاء وجنازة المخرج داود عبدالسيد    اليابان ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    رونالدو يقود النصر لاكتساح الأخدود بثلاثية في دوري روشن    وزير الشباب ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    عبدالحليم قنديل: الملك فاروق كان "ملك كوتشينة" وسلّم سيادة مصر ل6 دبابات إنجليزية    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    محافظ أسيوط يتفقد عملية التصويت بلجان الدائرة الثالثة بجولة الإعادة (فيديو)    إبراهيم عيسى يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد الملحد    باحثة فلكية: 2026 سنة الحصان النارى وحظوظ للجميع بدرجات متفاوتة    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    شعبة المستوردين: المشروعات القومية تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز في مصر    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    ترامب يطالب بكشف "الملفات السوداء" لإبستين ويتهم الديمقراطيين بالتورط    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    علاج حرقة المعدة المستمرة بالمنزل، ومتى تتحول إلى مرض مزمن؟    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    انطلاق مباراة بنين وبوتسوانا بأمم أفريقيا 2025    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    محافظ البحيرة: رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة الطقس غير المستقر    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يؤثر توقيت الوجبات على قوامك؟
نشر في صوت البلد يوم 13 - 03 - 2019

ثمة علاقة متشابكة بين الساعة البيولوجية للجسم وعملية التمثيل الغذائي والهضم. وقد أثبتت دراسات أن توقيت تناول الوجبات يلعب دورا في تحديد الوزن قد لا يقل أهمية عن دور أصناف الأطعمة وكمياتها.
أولى الباحثون اهتماما كبيرا بدراسة ظاهرة زيادة أوزان الكثير من الشباب لدى دخولهم الجامعة، وعللها البعض بزيادة إقبال الطلاب في هذه المرحلة على الوجبات السريعة والجاهزة بالتوازي مع تراجع النشاط البدني.
بينما أشار الكثيرون بأصابع الاتهام مؤخرا إلى اختلال إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم، بسبب الاعتياد على تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل، واحتساء الخمر، والنوم غير المنتظم.
وطالما سمعنا عن العلاقة الوثيقة بين الوزن الزائد وما يصاحبه من أمراض، كالنوع الثاني من داء السكري وأمراض القلب، وبين أنواع الأطعمة التي نتناولها وكمياتها وعدد السعرات الحرارية التي نحرقها من خلال ممارسة النشاط البدني. لكن أدلة جديدة أثبتت أن توقيت تناول الوجبات يسهم أيضا في زيادة الوزن أو فقدانه.
وقد ألقى بحث، نشر في عام 2013، الضوء على أهمية مواعيد تناول الوجبات في إنقاص الوزن. إذ أخضع البحث مجموعة من النساء البدينات وذوات الوزن الزائد إلى حمية غذائية لثلاثة أشهر. ولاحظ الباحثون أن المشاركات اللائي استهلكن معظم السعرات الحرارية في وجبة الإفطار فقدن وزنا يفوق ضعف ما فقدته المشاركات اللائي استهلكن معظم السعرات الحرارية في وجبة العشاء، رغم أن أفراد المجموعتين حصلن على نفس الكميات من السعرات الحرارية.
ويرجع الكثيرون اقتران تناول الطعام في أوقات متأخرة من الليل بزيادة الوزن إلى أن الجسم لا يجد وقتا كافيا لحرق هذه السعرات الحرارية، لكن الحقيقة أكثر تشابكا مما نظن. ويقول جوناثان جونستون، المتخصص في العلاقة بين الساعة البيولوجية والطعام بجامعة سَري في بريطانيا، إن "الناس يفترضون أحيانا أن التفاعلات الكيميائية في أجسامنا تتوقف أثناء النوم، لكن هذا ليس صحيحا".
وتشير بعض الأدلة إلى أن كمية الطاقة التي يستهلكها الجسم في معالجة الطعام الذي نتناوله في الصباح تفوق ما يستهلكه في معالجة الطعام الذي نتناوله في وقت متأخر من اليوم، أي أنك تحرق كميات أكبر من السعرات الحرارية إذا تناولت الطعام في ساعات مبكرة من النهار.
وثمة تفسير آخر مفاده أن تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل يقلص الوقت المتاح لأجهزتنا الهضمية لتستريح وتستعيد نشاطها، وكذلك الوقت المتاح لأجسامنا لحرق الدهون، إذ لا تحدث التفاعلات الكيميائية لحرق الدهون إلا عندما تدرك أعضاء الجسم أننا توقفنا عن تناول الطعام.
وقد أجرى ساتشين باندا، العالم البيولوجي بمعهد سالك بولاية كاليفورنيا الأمريكية ومؤلف كتاب "شفرة الإيقاع اليومي"، بحثا خلص فيه إلى أن الغالبية العظمى من الأمريكيين يتناولون الطعام على مدار 15 ساعة أو أكثر يوميا، ويستهلكون أكثر من ثلث السعرات الحرارية اليومية بعد السادسة مساء، وهذا يختلف عن نمط حياة أجدادنا قبل اختراع المصباح الكهربائي.
ويقول باندا إن طلاب الجامعات قلما يخلدون إلى النوم قبل منتصف الليل، وربما يأكلون ويشربون قبل النوم مباشرة. ويضطر الكثيرون للاستيقاظ مبكرا في اليوم التالي لحضور المحاضرات، وإذا تناولوا الإفطار بعد الاستيقاظ مباشرة، سيقلصون الفترة التي يفترض أن يمتنعوا فيها عن تناول الطعام.
وربما لا ينالون أيضا كفايتهم من النوم. وتزيد قلة النوم من احتمالات الإصابة بالسمنة وتضعف القدرة على اتخاذ القرارات والسيطرة على النفس، ومن ثم يقبلون على أطعمة قليلة النفع قد تزيد معدلات الهرمونات التي تدفعنا لتناول الطعام.
و قد بدا الآن واضحا أن الساعة البيولوجية ترتبط ارتباطا وثيقا بالهضم والتمثيل الغذائي بطرق عدة، من خلال مسارات نقل الإشارات بين الخلايا في الجسم.
إذ يوجد بداخل كل خلية في جسمك ساعة جزيئية تنظم توقيت جميع السلوكيات والعمليات الفسيولوجية تقريبا، بدءا من إطلاق الهرمونات والنواقل العصبية ووصولا إلى ضغط الدم ونشاط الخلايا المناعية وحتى الأوقات التي نشعر فيها بالنعاس أو النشاط أو الاكتئاب خلال اليوم.
وتنظم عمل هذه الساعات إشارات ترسلها النواة فوق التصالبية في الدماغ، للحفاظ على التناغم بين الساعات وبعضها وتطابقها مع التوقيت الخارجي. وتستشعر هذه الساعات النور والظلام في العالم الخارجي من خلال الخلايا العقدية المستقبلة للضوء في شبكية العين.
والهدف من كل هذه الساعات داخل الخلايا هو توقع الأنشطة التي تحدث بانتظام في بيئاتنا، مثل وصول الطعام، والاستعداد لها. ولهذا يفضل حدوث التفاعلات الكيميائية الحيوية في الجسم في مواعيد محددة على مدار اليوم حتى تستعيد أعضاء الجسم نشاطها وتنفذ الوظائف المختلفة.
وعندما نسافر إلى الخارج، تتغير مواعيد تعرضنا للضوء، وتتغير معها ساعات الجسم للتأقلم على المواعيد الجديدة، والنتيجة أننا نصاب بالإرهاق بسبب فارق التوقيت، وهو ما لا يجعلنا نشعر بالنعاس والنشاط في الأوقات الخاطئة فحسب، بل يؤدي أيضا إلى مشاكل في الهضم والتعب والضعف العام.
وبالإضافة إلى الضوء، يؤدي تغيير مواعيد الوجبات أيضا إلى تعديل الساعات البيولوجية في الكبد والجهاز الهضمي، رغم أنه لا يؤثر على الساعات في خلايا الدماغ. وتشير أدلة جديدة إلى أن مواعيد التمرينات الرياضية قد تؤثر أيضا على الساعات في خلايا العضلات.
و عندما نسافر بين المناطق الزمنية المختلفة، أو نأكل أو ننام أو نمارس التمرينات الرياضية في مواعيد غير منتظمة، يختل التناسق بين الساعات في خلايا أعضاء الجسم وأنسجته.
وقد خلصت دراسة حديثة إلى أن النوم في مواعيد غير منتظمة يزيد مقاومة الجسم للإنسولين ويؤدي إلى ارتفاع الالتهاب في الدم ويضاعف مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري وأمراض القلب.
وهذه المشكلات يعاني منها تحديدا كثيرو السفر والترحال والطلاب الذين اعتادوا على النوم في الساعات الأولى من النهار أو العاملين بنظام النوبات. إذ ارتبط العمل بنظام النوبات بأمراض عديدة، منها أمراض القلب والنوع الثاني من السكري والسمنة والاكتئاب. ويعزي العلماء ذلك إلى الخلل في إيقاع الساعة البيولوجية.
ويقول باندا إن 87 في المئة من الناس يغيرون أنماط نومهم في عطلات نهاية الأسبوع، وقد يؤخرون الإفطار في يوم العطلة ساعة على الأقل. وذكر باحثون أن هذا التغيير في أنماط تناول الإفطار له نفس تأثير السفر بين المناطق الزمنية على عملية التمثيل الغذائي.
وتبحث جيردا بوت، باحثة التغذية بجامعة كينغز كوليدج لندن، في مدى تأثير الاستهلاك غير المنتظم للسعرات الحرارية على الصحة على المدى الطويل. وتقول إن ما دفعها لإجراء هذه الأبحاث هو تأثرها بجدتها التي كانت تحرص على تناول الوجبات الأساسية والوجبات الخفيفة في مواعيد ثابتة يوميا، تبدأ بوجبة الإفطار في السابعة صباحا وتنتهي بوجبة العشاء في السادسة مساء. وترى بوت أن تمسك جدتها بمواعيد صارمة للوجبات ساعدها في التمتع بصحة جيدة حتى بلغت 95 عاما.
وثمة أسباب عديدة تفسر ذلك، منها أن الجسم يكون أكثر قدرة على الاستجابة لهرمون الإنسولين، الذي يسمح للغلوكوز بدخول الخلايا للاستفادة منه في الحصول على الطاقة، في الصباح. لكن إذا تناولنا الطعام في المساء، يظل الغلوكوز في الدم لفترة أطول، ومع الوقت قد يزيد من فرص إصابتنا بالنوع الثاني من داء السكري، وقد يضر أيضا بالأنسجة في الجسم، مثل الأوعية الدموية أو أعصاب العين والقدم.
قد اكتشفت بوت، في ضوء بيانات من المكتب الوطني للإحصاءات في بريطانيا، أن الأشخاص الذين اعتادوا تناول الوجبات في مواعيد غير منتظمة كانوا أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الأيض، وهي مجموعة من الأعراض التي تظهر في آن واحد، مثل ارتفاع ضغط الدم وتراكم الدهون حول الخصر وارتفاع الكوليسترول في الدم. وكل هذا يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية والنوع الثاني من داء السكري.
إذن، كيف نتفادى كل هذه الأضرار؟
أولا علينا أن نلتزم بمواعيد ثابتة للنوم وتناول الوجبات، حتى تعمل جميع ساعات الجسم في تناغم مع بعضها بعضا. ويعمل ضوء النهار على ضبط الساعة البيولوجية في الدماغ، ويساعد تناول الإفطار بعد الاستيقاظ بفترة وجيزة في إيصال الرسالة للساعات في خلايا الكبد والجهاز الهضمي لتؤدي وظائفها. ولهذا قد يلعب الإفطارالمشبع دورا أساسيا في الحفاظ على إيقاع الساعات البيولوجية في الجسم.
وقد خلصت دراسة إلى أن تخطي وجبة الإفطار أخل بالساعة البيولوجية في الجسم وأدى إلى رفع نسب الغلوكوز في الدم.
والأهم من ذلك أن نحاول الحصول على كفايتنا من النوم، حيث أن عدد ساعات النوم الموصى بها لمعظم البالغين 7 أو 8 ساعات يوميا. وقد أثبتت دراسات أن تخفيف الأضواء في المساء والتعرض للضوء الساطع خلال ساعات النهار يسهمان في إعادة ضبط الساعة البيولوجية الرئيسية في الدماغ لتتطابق مع التوقيت الخارجي.
وينصح البعض بالامتناع عن تناول الطعام كليا لمدة 12 ساعة أو ما يصل إلى 16 ساعة طوال الليل. وقد خلصت دراسة أجراها باندا وزملاؤه في عام 2012 إلى أن الفئران التي كان يسمح لها بتناول الطعام في فترة تتراوح ما بين 8 و12 ساعة فقط أثناء النهار لم تُصب بالأمراض التي أصابت أقرانها من الفئران في المجموعة الثانية التي كانت تتناول السكريات والدهون في أي وقت من النهار أو المساء، مثل السمنة وداء السكري وأمراض القلب والكبد، رغم أن كلا المجموعتين استهلكتا نفس المقدار من السعرات الحرارية. والأغرب من ذلك أن الفئران عندما خضعت لجدول يتيح لها تناول الطعام في فترات محددة على مدار اليوم، تعافت من هذه الأمراض.
وحتى الآن تبدو نتائج الأبحاث عن فوائد الامتناع عن تناول الطعام لساعات معينة مبشرة، وكان من بينها دراسة أجريت على ثمانية مصابين بمقدمات السكري، كانوا يتناولون جميع الوجبات بين الساعة الثامنة صباحا والثالثة ظهرا. ولاحظ الباحثون تحسنا في استجابة الجسم للإنسولين وانخفاض ضغط الدم.
ولعل الحل الأمثل كما يقول المثل الشائع "تناول فطورك كالملك وغداءك كالأمير، وعشاءك كالمعدم". وربما يجدر بك أن تضع قفلا على ثلاجتك طوال الليل.
ثمة علاقة متشابكة بين الساعة البيولوجية للجسم وعملية التمثيل الغذائي والهضم. وقد أثبتت دراسات أن توقيت تناول الوجبات يلعب دورا في تحديد الوزن قد لا يقل أهمية عن دور أصناف الأطعمة وكمياتها.
أولى الباحثون اهتماما كبيرا بدراسة ظاهرة زيادة أوزان الكثير من الشباب لدى دخولهم الجامعة، وعللها البعض بزيادة إقبال الطلاب في هذه المرحلة على الوجبات السريعة والجاهزة بالتوازي مع تراجع النشاط البدني.
بينما أشار الكثيرون بأصابع الاتهام مؤخرا إلى اختلال إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم، بسبب الاعتياد على تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل، واحتساء الخمر، والنوم غير المنتظم.
وطالما سمعنا عن العلاقة الوثيقة بين الوزن الزائد وما يصاحبه من أمراض، كالنوع الثاني من داء السكري وأمراض القلب، وبين أنواع الأطعمة التي نتناولها وكمياتها وعدد السعرات الحرارية التي نحرقها من خلال ممارسة النشاط البدني. لكن أدلة جديدة أثبتت أن توقيت تناول الوجبات يسهم أيضا في زيادة الوزن أو فقدانه.
وقد ألقى بحث، نشر في عام 2013، الضوء على أهمية مواعيد تناول الوجبات في إنقاص الوزن. إذ أخضع البحث مجموعة من النساء البدينات وذوات الوزن الزائد إلى حمية غذائية لثلاثة أشهر. ولاحظ الباحثون أن المشاركات اللائي استهلكن معظم السعرات الحرارية في وجبة الإفطار فقدن وزنا يفوق ضعف ما فقدته المشاركات اللائي استهلكن معظم السعرات الحرارية في وجبة العشاء، رغم أن أفراد المجموعتين حصلن على نفس الكميات من السعرات الحرارية.
ويرجع الكثيرون اقتران تناول الطعام في أوقات متأخرة من الليل بزيادة الوزن إلى أن الجسم لا يجد وقتا كافيا لحرق هذه السعرات الحرارية، لكن الحقيقة أكثر تشابكا مما نظن. ويقول جوناثان جونستون، المتخصص في العلاقة بين الساعة البيولوجية والطعام بجامعة سَري في بريطانيا، إن "الناس يفترضون أحيانا أن التفاعلات الكيميائية في أجسامنا تتوقف أثناء النوم، لكن هذا ليس صحيحا".
وتشير بعض الأدلة إلى أن كمية الطاقة التي يستهلكها الجسم في معالجة الطعام الذي نتناوله في الصباح تفوق ما يستهلكه في معالجة الطعام الذي نتناوله في وقت متأخر من اليوم، أي أنك تحرق كميات أكبر من السعرات الحرارية إذا تناولت الطعام في ساعات مبكرة من النهار.
وثمة تفسير آخر مفاده أن تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل يقلص الوقت المتاح لأجهزتنا الهضمية لتستريح وتستعيد نشاطها، وكذلك الوقت المتاح لأجسامنا لحرق الدهون، إذ لا تحدث التفاعلات الكيميائية لحرق الدهون إلا عندما تدرك أعضاء الجسم أننا توقفنا عن تناول الطعام.
وقد أجرى ساتشين باندا، العالم البيولوجي بمعهد سالك بولاية كاليفورنيا الأمريكية ومؤلف كتاب "شفرة الإيقاع اليومي"، بحثا خلص فيه إلى أن الغالبية العظمى من الأمريكيين يتناولون الطعام على مدار 15 ساعة أو أكثر يوميا، ويستهلكون أكثر من ثلث السعرات الحرارية اليومية بعد السادسة مساء، وهذا يختلف عن نمط حياة أجدادنا قبل اختراع المصباح الكهربائي.
ويقول باندا إن طلاب الجامعات قلما يخلدون إلى النوم قبل منتصف الليل، وربما يأكلون ويشربون قبل النوم مباشرة. ويضطر الكثيرون للاستيقاظ مبكرا في اليوم التالي لحضور المحاضرات، وإذا تناولوا الإفطار بعد الاستيقاظ مباشرة، سيقلصون الفترة التي يفترض أن يمتنعوا فيها عن تناول الطعام.
وربما لا ينالون أيضا كفايتهم من النوم. وتزيد قلة النوم من احتمالات الإصابة بالسمنة وتضعف القدرة على اتخاذ القرارات والسيطرة على النفس، ومن ثم يقبلون على أطعمة قليلة النفع قد تزيد معدلات الهرمونات التي تدفعنا لتناول الطعام.
و قد بدا الآن واضحا أن الساعة البيولوجية ترتبط ارتباطا وثيقا بالهضم والتمثيل الغذائي بطرق عدة، من خلال مسارات نقل الإشارات بين الخلايا في الجسم.
إذ يوجد بداخل كل خلية في جسمك ساعة جزيئية تنظم توقيت جميع السلوكيات والعمليات الفسيولوجية تقريبا، بدءا من إطلاق الهرمونات والنواقل العصبية ووصولا إلى ضغط الدم ونشاط الخلايا المناعية وحتى الأوقات التي نشعر فيها بالنعاس أو النشاط أو الاكتئاب خلال اليوم.
وتنظم عمل هذه الساعات إشارات ترسلها النواة فوق التصالبية في الدماغ، للحفاظ على التناغم بين الساعات وبعضها وتطابقها مع التوقيت الخارجي. وتستشعر هذه الساعات النور والظلام في العالم الخارجي من خلال الخلايا العقدية المستقبلة للضوء في شبكية العين.
والهدف من كل هذه الساعات داخل الخلايا هو توقع الأنشطة التي تحدث بانتظام في بيئاتنا، مثل وصول الطعام، والاستعداد لها. ولهذا يفضل حدوث التفاعلات الكيميائية الحيوية في الجسم في مواعيد محددة على مدار اليوم حتى تستعيد أعضاء الجسم نشاطها وتنفذ الوظائف المختلفة.
وعندما نسافر إلى الخارج، تتغير مواعيد تعرضنا للضوء، وتتغير معها ساعات الجسم للتأقلم على المواعيد الجديدة، والنتيجة أننا نصاب بالإرهاق بسبب فارق التوقيت، وهو ما لا يجعلنا نشعر بالنعاس والنشاط في الأوقات الخاطئة فحسب، بل يؤدي أيضا إلى مشاكل في الهضم والتعب والضعف العام.
وبالإضافة إلى الضوء، يؤدي تغيير مواعيد الوجبات أيضا إلى تعديل الساعات البيولوجية في الكبد والجهاز الهضمي، رغم أنه لا يؤثر على الساعات في خلايا الدماغ. وتشير أدلة جديدة إلى أن مواعيد التمرينات الرياضية قد تؤثر أيضا على الساعات في خلايا العضلات.
و عندما نسافر بين المناطق الزمنية المختلفة، أو نأكل أو ننام أو نمارس التمرينات الرياضية في مواعيد غير منتظمة، يختل التناسق بين الساعات في خلايا أعضاء الجسم وأنسجته.
وقد خلصت دراسة حديثة إلى أن النوم في مواعيد غير منتظمة يزيد مقاومة الجسم للإنسولين ويؤدي إلى ارتفاع الالتهاب في الدم ويضاعف مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري وأمراض القلب.
وهذه المشكلات يعاني منها تحديدا كثيرو السفر والترحال والطلاب الذين اعتادوا على النوم في الساعات الأولى من النهار أو العاملين بنظام النوبات. إذ ارتبط العمل بنظام النوبات بأمراض عديدة، منها أمراض القلب والنوع الثاني من السكري والسمنة والاكتئاب. ويعزي العلماء ذلك إلى الخلل في إيقاع الساعة البيولوجية.
ويقول باندا إن 87 في المئة من الناس يغيرون أنماط نومهم في عطلات نهاية الأسبوع، وقد يؤخرون الإفطار في يوم العطلة ساعة على الأقل. وذكر باحثون أن هذا التغيير في أنماط تناول الإفطار له نفس تأثير السفر بين المناطق الزمنية على عملية التمثيل الغذائي.
وتبحث جيردا بوت، باحثة التغذية بجامعة كينغز كوليدج لندن، في مدى تأثير الاستهلاك غير المنتظم للسعرات الحرارية على الصحة على المدى الطويل. وتقول إن ما دفعها لإجراء هذه الأبحاث هو تأثرها بجدتها التي كانت تحرص على تناول الوجبات الأساسية والوجبات الخفيفة في مواعيد ثابتة يوميا، تبدأ بوجبة الإفطار في السابعة صباحا وتنتهي بوجبة العشاء في السادسة مساء. وترى بوت أن تمسك جدتها بمواعيد صارمة للوجبات ساعدها في التمتع بصحة جيدة حتى بلغت 95 عاما.
وثمة أسباب عديدة تفسر ذلك، منها أن الجسم يكون أكثر قدرة على الاستجابة لهرمون الإنسولين، الذي يسمح للغلوكوز بدخول الخلايا للاستفادة منه في الحصول على الطاقة، في الصباح. لكن إذا تناولنا الطعام في المساء، يظل الغلوكوز في الدم لفترة أطول، ومع الوقت قد يزيد من فرص إصابتنا بالنوع الثاني من داء السكري، وقد يضر أيضا بالأنسجة في الجسم، مثل الأوعية الدموية أو أعصاب العين والقدم.
قد اكتشفت بوت، في ضوء بيانات من المكتب الوطني للإحصاءات في بريطانيا، أن الأشخاص الذين اعتادوا تناول الوجبات في مواعيد غير منتظمة كانوا أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الأيض، وهي مجموعة من الأعراض التي تظهر في آن واحد، مثل ارتفاع ضغط الدم وتراكم الدهون حول الخصر وارتفاع الكوليسترول في الدم. وكل هذا يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية والنوع الثاني من داء السكري.
إذن، كيف نتفادى كل هذه الأضرار؟
أولا علينا أن نلتزم بمواعيد ثابتة للنوم وتناول الوجبات، حتى تعمل جميع ساعات الجسم في تناغم مع بعضها بعضا. ويعمل ضوء النهار على ضبط الساعة البيولوجية في الدماغ، ويساعد تناول الإفطار بعد الاستيقاظ بفترة وجيزة في إيصال الرسالة للساعات في خلايا الكبد والجهاز الهضمي لتؤدي وظائفها. ولهذا قد يلعب الإفطارالمشبع دورا أساسيا في الحفاظ على إيقاع الساعات البيولوجية في الجسم.
وقد خلصت دراسة إلى أن تخطي وجبة الإفطار أخل بالساعة البيولوجية في الجسم وأدى إلى رفع نسب الغلوكوز في الدم.
والأهم من ذلك أن نحاول الحصول على كفايتنا من النوم، حيث أن عدد ساعات النوم الموصى بها لمعظم البالغين 7 أو 8 ساعات يوميا. وقد أثبتت دراسات أن تخفيف الأضواء في المساء والتعرض للضوء الساطع خلال ساعات النهار يسهمان في إعادة ضبط الساعة البيولوجية الرئيسية في الدماغ لتتطابق مع التوقيت الخارجي.
وينصح البعض بالامتناع عن تناول الطعام كليا لمدة 12 ساعة أو ما يصل إلى 16 ساعة طوال الليل. وقد خلصت دراسة أجراها باندا وزملاؤه في عام 2012 إلى أن الفئران التي كان يسمح لها بتناول الطعام في فترة تتراوح ما بين 8 و12 ساعة فقط أثناء النهار لم تُصب بالأمراض التي أصابت أقرانها من الفئران في المجموعة الثانية التي كانت تتناول السكريات والدهون في أي وقت من النهار أو المساء، مثل السمنة وداء السكري وأمراض القلب والكبد، رغم أن كلا المجموعتين استهلكتا نفس المقدار من السعرات الحرارية. والأغرب من ذلك أن الفئران عندما خضعت لجدول يتيح لها تناول الطعام في فترات محددة على مدار اليوم، تعافت من هذه الأمراض.
وحتى الآن تبدو نتائج الأبحاث عن فوائد الامتناع عن تناول الطعام لساعات معينة مبشرة، وكان من بينها دراسة أجريت على ثمانية مصابين بمقدمات السكري، كانوا يتناولون جميع الوجبات بين الساعة الثامنة صباحا والثالثة ظهرا. ولاحظ الباحثون تحسنا في استجابة الجسم للإنسولين وانخفاض ضغط الدم.
ولعل الحل الأمثل كما يقول المثل الشائع "تناول فطورك كالملك وغداءك كالأمير، وعشاءك كالمعدم". وربما يجدر بك أن تضع قفلا على ثلاجتك طوال الليل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.