قال الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، خلال كلمته بالاجتماع المشترك لوزراء الخارجية، ووزراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يحّضر للدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، إنه من أهم العوامل التي ساهمت في ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية هو انخفاض قدرة الدول العربية على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وأيضاً العربية، فقد شهد الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد إلى الدول العربية انخفاضاً من 68.6 مليار دولار عام 2010 إلى 43 مليار دولار عام 2011 بمعدل انخفاض 37.4%، وأضاف «كما أن الاستثمارات العربية البينية ليست أحسن حالاً، وإن كنا نتوقع أن تتحسن في المستقبل». وأوضح العربي، أن موضوع الاستثمار في الوطن العربي، مدرج على جدول أعمال هذه القمة، معتبراً أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بارتفاع معدلات البطالة وضعف نتائج برامج التشغيل في معظم الدول العربية، وقال «تشير الأرقام إلى أن متوسط معدل البطالة في الدول العربية وصل إلى نحو 16 في المائة عام 2011 وهو أكثر من ضعف معدل البطالة في العالم، ويقدر عدد العاطلين عن العمل نحو 17 مليون عاطل». واعتبر العربي، أنه من هنا تأتي الأهمية الكبيرة لتعديل الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال بالدول العربية لتتواءم مع المتغيرات الجديدة على الساحتين الدولية والإقليمية، وذلك لتوفير المناخ الملائم لزيادة الاستثمارات العربية البينية، والمساهمة في توجيه الاستثمارات العربية إلى داخل المنطقة العربية بدلاً من الخارج، فتوجيه تلك الاستثمارات إلى التنمية في الدول العربية من شأنه الحد من البطالة والفقر والارتقاء بمستوى رفاهية المواطن العربي إلى مستويات أفضل، ومن ثم المساهمة في استقرار المنطقة العربية. وأكد الأمين العام،على أهمية تطوير استخدامات الطاقة المتجددة، حيث شرعت الدول العربية في مواكبة التطورات العالمية المتمثلة في استخدام كافة البدائل المتاحة من مصادر الطاقة والتي يمكن الاعتماد عليها لمواجهة الطلب المتزايد. كما أكد «العربي» على أهمية موضوعات خفض الفقر والبطالة والتهميش والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الموضوعات التي تنضوى تحت المجالات الاجتماعية والتنموية، والتي كانت أسباباً رئيسية لما شهدته وما زالت تشهده عدد من دول المنطقة من تحولات ومطالب شعبية بالإصلاح والتطوير لمجتمعاتها، موضحا أن ذلك حدا بالمجالس الوزارية المتخصصة وخاصة مجلسي وزراء الشؤون الاجتماعية والصحة العرب إلى دراسة الموضوعات التي تمثل أولوية للعمل الاجتماعي والتنموي العربي المشترك، وبما ينعكس إيجاباً وبصورة مباشرة على المواطن العربي. وكرر «العربي» التأكيد على أهمية إيلاء مزيد من الاهتمام بالموضوعات الاجتماعية والتنموية لتحتل مكانة أكثر تقدماً في أولويات العمل العربي المشترك، لأنه رغم الانجازات التي تم تحقيقها لتنفيذ قرارات القمتين السابقتين إلا أنه ما زالت هناك صعوبات تواجه الدول الأعضاء، وخاصة الأقل نمواً منها، لتنفيذ البرنامج العربي للتشغيل والحد من البطالة في الدول العربية، وكذلك البرنامج العربي لخفض الفقر، والبرنامج العربي لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية. وعن الأهداف التنموية للألفية قال العربي: «لم يتبق سوى عامين لبلوغ عام 2015 وهو عام تنفيذ الالتزام الدولي بالأهداف التنموية للألفية، الأمر الذي استلزم وضع تصور للتحرك العربي المطلوب لبلوغ تلك الأهداف خلال الفترة المتبقية، خاصة وأنه وفقاً للتقارير العربية والدولية، لن يستطيع عدد من الدول العربية، وخاصة الأقل نمواً، بلوغ كل الأهداف بحلول هذا التاريخ. وكانت مبادرة مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بعقد المؤتمر العربي لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية، وما صدر عنه من توصيات هامة هي خطوة جادة نحو بلورة الرؤية العربية بشأن تنفيذ الأهداف التنموية للألفية لما بعد هذا التاريخ، وأخذها في الاعتبار في الحوار العالمي المنتظر حول التنمية المستدامة». وأوضح «العربي» في كلمته أنه في إطار الحرص على اشراك القطاع الخاص العربي في تلبية احتياجات التنمية والتكامل الحقيقي بين الدول العربية والذي يتزامن مع مرحلة مفصلية ودقيقة تحمل الكثير من التحديات، فقد استضافت المملكة هنا في مدينة الرياض يومي 12 و13 يناير الجاري "منتدى القطاع الخاص التحضيري للدورة الثالثة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية" تحت شعار "نحو مشاركة فاعلة للقطاع الخاص في مبادرات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي"، بتنظيم مشترك من الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية ومجلس الغرف السعودية والأمانة العامة، وانتهى ممثلو القطاع الخاص العربي إلى عدد من التوصيات الخاصة تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص وإزالة العقبات التي تواجهه، وإطلاق عدد من المبادرات والمشروعات العربية المشتركة. وأكد أنه انطلاقاً من ضرورة مواصلة جهود جامعة الدول العربية لإدماج الشباب ومنظمات المجتمع المدني في العملية التنموية، نظمت الأمانة العامة بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية منتدى الشباب العربي الثالث تحت عنوان "الشباب العربي: نحو تنمية مستدامة"، ومنتدى المجتمع المدني العربي الثالث تحت عنوان "منظمات المجتمع المدني المعنية بالتنمية الاجتماعية وعمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية" في القاهرة خلال الفترة من 6 إلى 10 يناير 2013، مشيراً إلى حرص الأمانة العامة على تنظيم أعمال هذين المنتديين بطريقة تختلف عن المنتديات السابقة، حيث شارك في أعمال هذين المنتديين، بالإضافة إلى الشباب ومنظمات المجتمع المدني، عدد من الوزراء وصانعي القرار والمسؤولين الحكوميين في الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن توصيات المنتدى سترفع إلى القادة في القمة لتبنيها ولتأكيد اهتمامهم بإعطاء المزيد من الاهتمام للقطاع الخاص والشباب ومنظمات المجتمع المدني بوصفهم شركاء في العملية التنموية، وعناصر رئيسية وهامة لابد من تعزيز دورها وصولاً إلى التنمية الشاملة في المنطقة العربية. كما توجه «العربي» بالتحية والشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وإلى المملكة العربية السعودية الذي حرص على انعقاد هذه القمة في موعدها، وفي خضم هذه التحولات الكبرى التي يعيشها العالم العربي، وما أفرزته من تداعيات وتحديات غير مسبوقة مما يتطلب من قادة الدول العربية اتخاذ المواقف المطلوبة لمواجهة هذه التحديات والتعامل معها وتعزيز التضامن والتكاتف العربي لتجاوزها. وأوضح العربي، أن اللجان المعنية بالإعداد والمتابعة عقدت عدة اجتماعات لدراسة الموضوعات والمشاريع التي ستعرض على هذه القمة الواعدة بإضافات هامة لترسيخ سنن التعاون الاقتصادي والاجتماعي العربي، وأكد على حرص الجامعة على المتابعة الحثيثة والأمينة لتنفيذ قرارات ونتائج القمم السابقة والعمل على ما يعترض مسيرة العمل العربي المشترك من عوائق وصعوبات، وإقناع المواطن العربي بمصداقية وأهمية العمل العربي الجماعي، وفي هذا الإطار، أعدت الأمانة العامة تقريرا مفصلا عن متابعة تنفيذ قمتي الكويت 2009 وشرم الشيخ 2011 مع إيضاح خطوات التنفيذ والمعوقات التي تعترض هذا التنفيذ والحلول المقترحة للتغلب عليها، وأوضح أن الأمانة العامة للجامعة خطت خطوات ملموسة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، لترجمة الإرادة السياسية إلى واقع عملي، مشيرا إلى أنه منذ إطلاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى عام 1996، تقوم الأمانة العامة للجامعة والدول الأعضاء في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمتابعة وضع الأطر والآليات اللازمة لاستكمال متطلبات المنطقة، والعمل على تنفيذها وفق الأطر الزمنية المحددة لذلك، وقال إنه ما زالت هناك، بعض المعوقات التي يتعين على الدول العربية الأعضاء معالجتها، ومن أهمها عدم الانتهاء من قواعد المنشأ العربية التي من شأنها العمل على تيسير التبادل التجاري بين الدول العربية الأعضاء. أما بالنسبة للاتحاد الجمركي، قال الأمين العام إن «الأمانة العامة تعمل بشكل مكثف مع اللجان الفنية المشكلة في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي لاستكمال كافة متطلبات إقامة الاتحاد الجمركي العربي، وعلى وجه الخصوص متابعة تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والوفاء بمتطلبات التحضير لإقامة الاتحاد الجمركي العربي تمهيدا لإطلاقه عام 2015». كما أوضح الأمين العام، خلال كلمته، أن الأمانة العامة للجامعة العربية تواصل متابعة تنفيذ قرارات القمم بشأن تطوير قطاع النقل العربي الذي يعد الركيزة الأساسية لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي، حيث يتم متابعة تنفيذ واستكمال وصلات الربط في مخطط الربط البري الطرقي والسككي، إضافة إلى تدعيم الربط البحري العربي من خلال تطوير الموانئ الرئيسية وتشغيل خطوط نقل بحرية للربط بين تلك الموانئ، وكذلك دعوة صناديق ومؤسسات التمويل العربية والإقليمية للمساهمة في تمويل الدراسات والاستشارات اللازمة لاستكمال شبكات الربط العربي. ودعا «العربي»، كافة الجهات المعنية كل في مجال تخصصه إلى تكريس خبراتهم لدعم هذا القطاع الهام من أجل تنفيذ وتحقيق الأهداف المرجوة من استكمال وتدعيم الربط بين شبكات النقل العربية برا وبحرا وجوا. واختتم العربي كلمته قائلا: «أدعو الله أن يوفقنا جميعاً إلى العمل على أن تسهم نتائج هذه القمة في تلبية طموحات وآمال الشعوب العربية».