في ظل تخبطات جماعة الإخوان المسلمين لحظة إحتضارها تحاول البقاء على الحياة إما عبر السياسة و الإتفاق أو عبر العنف و العمليات الجهادية و هذا ما يحدث الآن بمصر حيث تم الإنتقال من مرحلة المصالحة الميئوس منها من قِبل الطرفين إلى مرحلة الإغتيالات الجماعية و الشخصية و التي تكرر سيناريوهات العصر الملكي بعد إصطدام الجماعة بالملك فاروق ليتبع هذا الإصطدام عمليات إغتيالية طالت النقراشي و شهيد القضاء أحمد الخازندار مع إجهاض تفجير إحدى المؤسسات بمصر و تفجير محلات اليهود أثناء حرب فلسطين 1948. تطرقنا من قبل إلى مسألة محاولة الجماعة للم الشمل كما فعلت أقليات كثيرة كالزنوج الذين فروا لليبيريا من الولاياتالمتحدة وقت العنصرية في العام 1848 و الآن يتراقص مشهد من القرن التاسع عشر في العام 1897 و هو مشهد لم شمل اليهود عبر تيودور هرتزل في بازل بسويسرا و دعوته لإقامة دولة يهودية تضع نقطة فصل لحالة التشرذم التي دامت ألفي عام بين قارات العالم أجمع عبر العصور المختلفة ما بين القديم و الوسيط و الحديث. تعاود مدينة بازل الظهور مرةً أخرى في قرننا الحالي بصورة جديدة تستنسخ أهدافها من مؤتمر هرتزل و لكن مع جماعة الإخوان المسلمين و ذلك في الأسبوع الماضي بناءً على شرح اللواء حمدي بخيت الخبير الإستراتيجي في برنامج صباخ الخير يا مصر اليوم كاشفًا عن مخطط وأفكار جماعة الإخوان المسلمين لإعادة هيكلتها وفرض نفسها مرة أخرى، والتوصيات التي صدرت في مؤتمر بازل الأسبوع الماضي ويأتي على رأسها (الكفاح السياسي الهادئ من خلال الإبقاء على الحزب، وأنه إذا تعثر المحافظة على حزب الحرية والعدالة فلابد من التواجد تحت لافتة جديدة، وضرورة المصالحة الوطنية مع الشعب المصري واحتواء الأزمة وحالة الغضب، ومراجعة أدبيات وأفكار الجماعة، والتأكيد على أن أهداف الجماعة سلمية، وضرورة المشاركة الاجتماعية التربوية، وإعادة مراجعة خطط التمكين، وإعادة نشر كتاب "دعاة لا قضاة"، والرد القوي والفعلي بدراسة مستفيضة عن أفكار سيد قطب، والسعي لمحاولة حماية الكيان من التصدع أو فرط العقد، وتوثيق المشاهد الحالية، وزيادة الوعي الأمني لدى الجماعة، وإعادة هيكلة الكيان تنظيميا ابتداء من المناصب الإدارية، وإثبات الدور الوطني والتغيير للأخوات في إطار التغيير الحادث في المشهد السياسي والدعوى، وضرورة تدوير المناصب خاصة في ظل المحنة الحالية والضغوط الأمنية على قيادات التنظيم، ومحاولة إحتواء الشباب المنشق). إن فكرة إحياء كتاب (دعاة لا قضاة) للمرشد الثاني المستشار سيد الهضيبي كمحاولة اليهود بإحياء اللغة العبرية و هذا ما تصبو إليه الجماعة بأن تزيح الغبار عن مؤلف كان قيد الأرفف و التجاهل بعد إختراق أفكار مرشدهم الفكري سيد قطب قوام دعوتهم التي تحولت من الدعوة بالكلام إلى دعوة بالسلاح و الآن تحاول الجماعة عبر بازل أن تعكس المشهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. إن المرحلة القادمة في تاريخ الجماعة هو الإنتقال من القطبية إلى الهضيبية كقبلة حياة تحاول تلامس قوام الجماعة من أجل العودة للحياة المصرية من جديد و كأن المؤتمر يعطي للهضيبي ما فقده من إهتمام في ظل إختفاء الإعتناء به ما بين حسن البنا و سيد قطب هذا المستشار الذي إنضم للجماعة على كِبر متنازلاً عن منصبه القضائي ليكون حاله من حال عنوان مؤلفه الأوحد. هل ستنجح الجماعة في تفعيل و تنفيذ مخططها ببازل نقطة إلتقاء التائهون كما حدث لليهود بتكوين إسرائيل بعد واحد و خمسون عامًا من قيام المؤتمر أم يتخلى النجاح عن مدينة التائهون و يكتب لبازل الفشل في لم شمل الجماعة مضاهيًا نجاح هرتزل أبو الصهيونية؟!