أنثى تحمل كل معانى التميز والإختلاف ، لها صوت يدفئنا فى الليالى الباردة وينعشنا فى أيام الصيف الحارة ، ولها طلة تجذب كل الأنظار اليها لجمال ملامحها وسحر ابتسامتها ، وفى كل حرف من اسمها معنى يميزها عن الأخرين ، هى إمبراطورة الطرب العربى السيدة وردة الجزائرية ، التى وقع فى حبها الملايين وصارت أغانيها أناشيد للحب ، فهى ببساطة معنى للمطربة العربية التى تخطت كل حدود الإبداع والتألق . ولدت الفنانة وردة 22 يوليو 1939 ، فى فرنسا ،لأب جزائري ينحدر من ولاية سوق اهراس بالجزائر وأم لبنانية من عائلة بيروتية تدعى يموت ، وبالرغمنمن انها كانت فى بلد غربية الا انها أصرت على اتقان اللغة العربية بل وكانت تقدم أغاني للفنانين المعروفين مثل أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، وأشرف علي تعليمها هذه الأغانى فى ذلك الوقت ، المغنى التونسى الراحل الصادق ثريا ، حيث كانت تقوم بأداء هذه الأغانى بداخل نادى والدها فى أبيها ، وبعد ذلك تم تخصيص فقرة لتكون خاصة بها ، و عندماعادت مع والدتها إلى لبنان قدمت مجموعة من الأغانى المختلفة الخاصة بها . جاءت الفنانة وردة الى مصر فى عام 1960 عندما دعاها المنتج والمخرج حلمى رفلة ، وقام بتقديمها فى أولى بطولتها السينمائية "ألمظ وعبده الحمولى "، التى شكلت أنطلاقة حقيقيه لها فى عالم الفن ، لتصبح بعد ذلك محل إهتمام الكثير من المخرجين والمنتجين ، لم يتوقف الأمر على التمثيل فقط ، ونظراً لصوتها الخلاب ، طلب الرئيس الراحل " جمال عبد الناصر " أن يضاف لها مقطع فى أوبريت " وطنى الأكبر " التى شارك فيه سلسلة كبيرة من نجوم الغناء فى الوطن العربى ومن بينهم الفنان الراحل عبد الحليم حفظ ، والفنانة شادية ، والفنانة صباح وغيرهم من عمالقة الفن والطرب .
وفى مطلع الستينات انتشرت العديد من الشائعات حول وجود علاقة تربط بين الفنانة وردة والمشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية فى ذلك الوقت ، وذلك نتيجه لمساعدته للفنانة وردة عندما كان عائداً لدمشق بعد رحلة إلى مصيف البلودان ، وفى نفس الوقت كانت وردة فى طريقها إلى دمشق فتعطلت سيارتها ،فأمر المشير بتوصيلها إلى المكان الذى تريده ، وأرادت وردة ان تقابل المشير لتقدم له الشكر والتقدير ، وبالفعل ذهبت لتقديم الشكر للمشير فى إستراحته ولم يكن بمفرده ولكن كان معه الرئيس الراحل أنور السادات واللواء أحمد علوى وعبد الحليم سراج وكان هذا الأمر فى وضح النهار . أثار هذا الموضوع الكثير من الجدل وعندما وصل للرئيس عبد الناصر تقرير على مكتبه يوحى بوجود علاقة بين وردة والمشير زادت الأمر سوء ، وقامت أجهزة المخابرات بالتحقيق حول هذه الشائعة وتم إبعادها خارج البلاد ومنع دخولها إلى مصر . وعادت وردة إلى الجزائر مرة أخرى وتزوجت من " جمال قصرى " ، وأنجبت إبنتها وداد وإبنها رياض نسبه إلى رياض السنباطى ، وكانت وردة دائمة الغناء فى بيتها كما كان يقال عنها ، وفى يوم من الأيام تفاجأت الفنانة "وردة " بدعوة الرئيس الجزائرى " هوارى بومدين " كى تغنى فى عيد الإستقلال العاشر لبلادها عام 1972 . وبعد ذلك إنفصلت الفنانة وردة عن زوجها لرفضه عودتها إلى الغناء ، فعادت الى القاهرة مرة أخرى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات وتزوجت من الموسيقار المصرى الراحل بليغ حمدى ، الذى وقف بجانبها ودعمها طوال رحلتها الفنية واستمر دعمه لها بالرغم من طلاقها منه عام 1979 . وفى عام 1979 أطلقت الفنانة وردة أغنيها الشهيرة "أوقاتى بتحلو" من خلال حفل فنى مباشر من ألحان سيد مكاوى ، وكان من المقرر أن تقوم كوكب الشرق ( أم كلثوم ) بأداء هذه الأغنية فى عام 1975 ، إلى انها انتقلت الى رحمه الله تعالى ، وظلت هذه الأغنية محفوظة لدى سيد مكاوى حتى قامت بغنائها وردة .
انطلقت وردة في الغناء لملحنين كبار آخرين مثل محمد عبد الوهاب الذي لحن لها " في يوم وليلة " وسيد مكاوي لحن لها " أوقاتي بتحلو " ومحمد الموجي لحن لها " أكذب عليك "... كما غنت لكل الملحنين العمالقة و من بينهم الموسيقار حلمي بكر الذي لحن لها أغاني جميلة جدا لاقت إقبالا طيبا لدى الجماهير العربية مثل " ماعندكش فكرة " و " على عيني " . في بداية التسعينات تغير الشكل الغنائي في الوسط الفني حيث أصبحت الأغاني القصيرة هي الرائدة في الشارع الغنائي فقررت السيدة وردة أن تتجدد وتغير من شكلها الغنائي و بعد سنة من البحث والتنقيب فاجئتنا الوردة بأربعة روائع لملحن شاب يدعى صلاح الشرنوبي من خلال شريط " بتونس بيك " الذي هز العالم العربي فواصلت وردة على هذا المنوال فأصدرت أغاني كانت كلها ناجحة مثل " نار الغيرة " و " حرمت أحبك " هذه الأغنية التي قلبت موازين الغناء العربي. أصيبت الفنانة وردة بالمرض الأمر الذي أبعدها شيئا فشيئا عن الوسط الفني رغم تعلق الجمهور بها وبعد عمليات جراحية كثيرة قررت وردة إعتزال الفن و فعلا سافرت إلى بلدها الجزائر واستقرت هناك و لكن عشاق فنها تابعوها إلى أن أعادوا لها الحنين فعادت في أول حفلاتها بلبنان فتكررت القصة من جديد مع جمهورها، وعادت وردة في حفلات ناجحة سواء في لبنان أو قطر المغرب والجزائر وتونس والكويت . غنت وردة في أكبر مسارح العالم و حصدت النجاح تلو الآخر وقد كانت أول مطربة عربية تغني في المسرح الشهير(( قصر المؤتمرات )) في باريس لمدة أسبوع متتابع . كان لوردة المزيد من التألق والإمتياز ، فلم توقف نجاحها على الغناء فقط ولكن شاركت فى العديد من الأفلام السينمائية ولعبت ادوار البطولة في ست أفلام من بينهم " لعبة الأيام ، أميرة العرب مع الفنان رشدى أباظة ، وصوت الحب مع الفنان حسن يوسف " ، وايضا شاركت فى ثلات مسلسلات ومسرحية تعاملت فيهم مع كبار المخرجين مثل المخرج المتميز حسن الإمام ، وخاضت النجمة تجربة الفيديوهات فصورت أغنيتها الشهيرة نار الغيرة التى أخرجها أشرف شيحة ، ويا سيدى لمخرجها طونى قهوجى . ورحلت إمبراطورة الطرب العربى السيدة وردة فى17 مايو 2012 ، أثر سكتة قلبية عن عمر يناهز ال73 عاماً فى منزلها بالقاهرة ، وتم نقل جثمانها إلى بلدها الجزائر ليتم دفنها بمقبرة العالية فى ضواحى العاصمة الجزائرية ، وبالرغم من فقداننا هذه الأسطورة الفنية الإ ان أعمالها محفورة .