" وزارة المالية تطلق لحيتها " هذا ما وصفه معظم الخبراء والمعنيون بوزارة المالية ، على ما يحدث من تصعيد للقيادات الإخوانية الجديدة والتى أصبحت تتقلد مناصب عليا لمجرد انتمائها إلى الجماعة في حين يتم إقصاء الخبرات والكفاءات التي تذخر بها مصر لخدمة مشروع التمكين. أكد العديد من المراقبون ، أن الوزارة أوشكت على السقوط في بئر الأخونة مثل غيرها من المؤسسات الحكومية العريقة والتى يمارس عليها ضغوطا من جانب الجماعة الحاكمة. ورغم نفي القيادات بالوزارة في أكثر من مرة عن حالة الغضب التي تعتريهم من غزو الإخوان للوزارة ، بعد قيام الوزير السابق المرسي حجازي بتعيين أعضاء اللجنة الاقتصادية بالحرية والعدالة بالوزارة، والاستغناء عن القيادات الموجودة كعقاب لهم عن إدارة السياسة المالية خلال النظام السابق وتسهيل المصالح الاقتصادية له. وأصبحت أخونة وزارة المالية، كما تكشفها "أموال الغد" بالوقائع والأسماء، لا تقتصر على الوظائف القيادية داخل الوزارة فقط، ولكن أيضاً على السياسات المالية التى تتبناها الوزارة لخدمة وتمكين جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة ، إلي جانب أن لسان حال المسئول في مصر أصبح يردد " لو لم أكن إخوانياً..لوددت أن أكون إخوانياً". وأكدت مصادر مطلعة داخل الوزارة أن عبد الله شحاتة ، المستشار الاقتصادي للوزير ورئيس وحدة التحليل الاقتصادي ، يتدخل في اتخاذ جميع القرارات داخل الوزارة وكان السبب وراء الاستغناء عن هاني قدري، المفاوض الابرز مع صندوق النقد والرئيس السابق لوحدة التحليل الاقتصادي. وكان تعيين الدكتور أحمد النجار، مستشاراً لوزير المالية ، ومسئولا عن ملف الصكوك متعمدا للاستغناء عن سامي خلاف رئيس وحدة إدارة الدين العام، والمسئول عن ملف الصكوك مع ممتاز السعيد فضلا عن تعيين حمدي سمير، مسئول عن وحدة الدين، كان أيضا تمهيدا لتقليص دور "خلاف" في الوزارة وتهميشه مما دفعه إلي تقديم استقالته قبل انتهاء مدة تعاقده، كما تم مؤخراُ الاطاحة بأحمد كوجك المسئول داخل وحدة الدين وممثل مصر في البنك الدولي. و أثار مجىء ماجد شبيطة ليتولى منصب المستشار القانوني الجديد لوزير المالية جدلا داخل الوزارة نظرا لصغر سنه بالإضافة إلي توليه الإشراف علي وحدة تبسيط الإجراءات ( إرادة)، إلي جانب تعيينه مستشار وزير الاستثمار الجديد ، يحيي حامد. واعتبر البعض أن قدوم شبيطة رغم عدم انتماءه للجماعة يعد مكافأة له على دوره فى الجمعية التأسيسية للدستور حيث كان عضوا فعالا بالجمعية بجانب عضويته فى لجنتى نظام الحكم والصياغة، مشيرين إلي أنه يفتقر للخبرة والكفاءة لصغر سنه. وتستكمل جماعة الإخوان سيناريو التمكين وتغدق بالمناصب القيادية علي من قدموا الدعم لها خلال فترة الانتخابات الرئاسية، حيث تم انتداب كمال الدين أحمد، من محكمة الاستئناف، بالإضافة إلي وليد شرابي ، المتحدث باسم قضاة من أجل مصر ، للعمل مستشارا قانونيا للوزير بمباركة من مكتب الارشاد وكمكافأة له عن إعلان الحركة نتيجة الانتخابات الرئاسية قبل إعلان اللجنة العليا للانتخابات، فضلا عن تصفية المستشارين في الوحدة القانونية التابعة لمكتب الوزير والتي بدأت بالاستغناء عن المستشار محمد الدكروري ومصطفى حسين . في حين تم تفصيل منصب علي مقاس محمد المكاوى عضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، ليتم تعينيه مستشاراً لشئون العلاقات الدولية بوزارة المالية . وأكدت المصادر أن مصطفى نصر، مستشار رئيس الجمهورية للشئون المالية ومساعد وزير المالية، هو الرجل الحقيقي الذي يدير الوزارة بالفعل مع عبد الله شحاتة ، وأن الوزير مجرد ديكور لتنفيذ السياسات المالية والاقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين، كما أن نصر يملك صلاحيات أيمن جوهر، رئيس قطاع مكتب الوزير والذراع اليمني للوزير الأسبق، ويتعمد تهميش دوره لحين الإطاحة به. وجاء دفع الجماعة بنصر في وزارة ممتاز السعيد، بعد الانتخابات الرئاسية تمهيدا لوضع مخطط الغزو الكبير من الإخوان للوزارة. وتشير الأنباء إلي أن جماعة الإخوان تستعد للإطاحة ب10 قيادات داخل الوزارة وتعيين بدلا منهم من داخل الوزارة بشرط أن يدينون بتنفيذ السياسات المالية للحزب خلال المرحلة القادمة ويأتي علي رأس المستبعدين ، عاطف ملش رئيس قطاع الموازنة العامة للدولة. ومن ناحيته حذر د. حازم الببلاوي، وزير المالية الأسبق، من تداعيات أخونة الوزارة خاصة علي السياسات المالية والاقتصادية خلال الفترة القادمة، متهما الجماعة بتسريح مجموعة من الخبرات الهامة بالوزارة واستبدالها بمجموعة من رجال الجماعة بشكل عشوائي ينذر عن جهلها بطبيعة الوزارة. وقال " توجد العديد من القرائن الموضحة لرغبة النظام الحالي في إحكام السيطرة والهيمنة على مقلدات الأمور المالية والاقتصادية بالبلاد ولكنه يفتقر إلي الخبرات والكفاءات التي تستطيع إحداث نقلة نوعية للنهوض بالاقتصاد المصري، وظهر هذا جلياً في القرارات التي يتم اتخاذها والرجوع فيها" . قال محمد أحمد، رئيس النقابة المستقلة للعاملين بمصلحة الضرائب العامة، أن تغلل جماعة الإخوان داخل وزارة المالية لم يضف جديدا إلي السياسات الإدارية المتبعة في التعامل مع العاملين بالوزارة وتشبه بشكل كبير السياسات المتبعة من النظام السابق، وهو ما اتضح من رفضهم الاستجابة للمطالب المشروعة للعاملين بمصلحة الضرائب. وأوضح أن النقابة تقدمت بمقترحاتها والتي لم ينفذ أي منها حتي الآن بناءاً علي طلب كل من الدكتور عبدالله شحاتة مستشار الوزير الاقتصادي ومصطفى نصر، مستشار الوزير المالي. أوضح احد المستشارين المُقالين من الوحدة القانونية بوزارة المالية،ورفض ذكر اسم، أن المستشارين الجدد بالوحدة لا يتمتعون بالخبرة الكافية لإدارة الملفات الاقتصادية خلال الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، حيث أن طبيعية عمل الوحدة تتطلب الكفاءة القانونية العالية التي تتراكم من الاحتكاك المستمر. وأشار أنه نتيجة لذلك يتأثر العمل داخل الوحدة بشكل خاص وفي الوزارة بشكل عام حيث أن الخبرة لا تكتسب بين يوم وليل، منتقدا الاختيارات التي تعتمد علي إقصاء الكفاءات الموجودة داخل الوزارة وتمكين أشخاص من الخارج لمجرد أنهم إخوان.