حاسبات أسيوط تفتح باب القبول في الدبلومات المهنية لتكنولوجيا المعلومات    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 الثانوية العامة.. رابط موقع التنسيق    بماذا نأخذ سياسة هذه الجريدة؟    «الأطباء البيطريين» تدعو لعقد جمعيتها العمومية العادية في 29 أغسطس الجارى    القابضة للمياه تعقد عموميات الشركات التابعة لاعتماد الموازنة التقديرية 2025 - 2026    أسعار الإيجارات في مصر بعد عودة السودانيين لبلادهم.. مفاجآت في السوق العقاري    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    وزيرا الخارجية والاستثمار يبحثان آليات الترويج الفعّال للاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات    البيت الأبيض: ترامب يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر الدبلوماسية    ختام معسكر الفوج الثالث من حكام النخبة والمميزين بدوري المحترفين    ثروت سويلم: مراقب مباراة الأهلي ومودرن سبورت لم يُدون أي ملاحظات على الجمهور    الزمالك يصرف مقدمات عقود لاعبيه للموسم الجديد ويعد بالانتظام في المستحقات    عاجل.. الأهلي يتجه لطلب حكام أجانب لمباراته أمام بيراميدز بالدوري    النيابة تصرح بدفن جثمان شاب قتله بائع متجول في المنيا    السكة الحديد: خفض مؤقت لسرعات القطارات بسبب ارتفاع الحرارة    محافظ الغربية يتابع استعدادات امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة    وزير الثقافة يلتقي فتيات البرنامج الرئاسي «أهل مصر» لأبناء المحافظات الحدودية    من مقاومة الاحتلال والملكية إلى بناء الإنسان والجمهورية الجديدة.. معارك التنوير مستمرة    تعرف على لجنة تحكيم برنامج the voice kids    25 ألف.. هل سيتم سحب فيلم "المشروع X"؟    هنادي مهنا نجمة «بتوقيت 28».. ثاني قصص سلسلة «ما تراه ليس كما يبدو»    محافظ الدقهلية: تحقيق فوري مع المتغيبين بمستشفى تمى الأمديد وجراءات صارمة لرفع كفاءة المستشفيات    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    إسرائيل تحذر لبنانيين من الاقتراب إلى مناطقهم الحدودية جنوب البلاد    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    تعاون بين الثقافة والسياحة والآثار في فعاليات مبادرة النيل عنده كتير.. لعزة الهوية المصرية    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    السودان يرحب ببيان مجلس الأمن الذي يدين خطط الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    سعر الأسمنت اليوم الخميس 14- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    بسبب خلافات أسرية.. الإعدام شنقاً للمتهم بقتل زوجته وإضرام النيران في مسكنهما بالشرقية    «الأعلى للطاقة» يناقش توفير القدرة الكهربائية ل14 مشروعًا صناعيًا جديدًا    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    الائتلاف المصري يستعد لمراقبة انتخابات الإعادة: خطط عمل وأدوات رصد للتنافسية داخل 5 محافظات    خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    انطلاق منافسات نصف نهائى السيدات ببطولة العالم للخماسى الحديث تحت 15 عاما    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ما حكم اللطم على الوجه.. وهل النبي أوصى بعدم الغضب؟.. أمين الفتوى يوضح    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    بيان رسمي.. توتنهام يدين العنصرية ضد تيل بعد خسارة السوبر الأوروبي    درجة الحرارة اليوم.. احمي نفسك من مضاعفاتها بهذه الطرق    حصول معملي الوراثة الخلوية ووحدة المناعة بالمعهد القومي للأورام على الاعتماد الدولي    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    الداخلية تكشف تفاصيل إجبار سيدة على ركوب سيارة تحت تهديد السلاح    الداخلية تضبط عدة تشكيلات عصابية تخصصت في السرقات بالقاهرة    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلاميك نميمة شو
نشر في أموال الغد يوم 28 - 05 - 2013

حين تشاهد الآن ما يسمى بالقنوات الإسلامية تجد نفسك أمام نوع جديد من الإعلام. هو، كما يقولون، إعلام إسلامى؟ هو، كما يقولون، إعلام محافظ، إعلام دينى، إعلام من المفترض أن يهدى الناس. يظهر ذلك من أول ثانية من البرنامج بل من المقدمة التى تخلو من الموسيقى التى يحرمونها.
ولكن بدلا من الموسيقى يستخدمون أصواتا آدمية موزعة توزيعا إلكترونيا، فلا تعرف أيضحكون علينا أم على أنفسهم أم على الشريعة (راجع مقال الأسبوع السابق). ثم يبدأ الشيخ ذو الوجه السمح والصوت الرخيم بتلاوة آيات القرآن والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ثم يا سيدى كلها كام دقيقة وعينك ما تشوف إلا النور.
فبعد هذه المقدمة الوقورة المتدينة ينطلق المذيع وضيوفه فى سباق قد يستمر حتى صلاة الفجر من لمز وغمز ونميمة وخوض فى أعراض الناس. وقد يتطرقون إلى ما هو أبعد من ذلك فينشرون الإشاعات والأقاويل عن أعدائهم السياسيين. لا يهم هنا آية «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» فهم فى حرب على أعداء الدين فكل شىء مباح. لا يهم هنا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام فى صحيح مسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمعه». لا يهم ذلك إطلاقا، فتنتنشر على ألسنتهم عبارات مثل «قيل لى» و«واحد قاللى» و«واحد أقسملى»: إن فلان ماسونى، إن علان شاذ، إن ترتان مراته وبنته وأمه كذا وكذا وكذا. فيبدو أن الحديث عن أعراض الناس هى مادة مفضلة ودسمة فى حواراتهم. ليه تتكلم عن أفعال وأقوال شخص لما ممكن تتكلم عن مراته وأمه وبنته؟
تأملت كثيرا فى امر هذه البرامج. وقلت لنفسى: «طيب يا أخى هناك برامج أخرى ساخرة ربما يقال عليها مثل ذلك وتوجه لها نفس الانتقادات. من انت لتحكم على البرامج الدينية يا واطى يا صعلوك؟» لكن الإجابة فجأة خبطتنى فى رأسى. الحقيقة أنه لا أنا ولا غيرى نقدم برامج دينية ولا نحن نبدأ البرنامج بأغانى معدلة بعيدة عن المعازف ولا نقوم بإلقاء مقدمة عريضة مكونة من آيات قرآنية ومطعمة بالصلاة على النبى. ربما يقول قائل: «يا أخى مش ده أسلوبكم؟ اشربوا بقى» وهذه حجة مقبولة إذا كان طرفا الصراع قبلا ان ينزلا الساحة شتيمة بشتيمة، سبا بسب، إشاعة بإشاعة، تجريحا بتجريح. ولكن لدينا طرف هنا يدعى أن لديه التفوق الأخلاقى والدينى والروحانى. فإذا فسدت البوصلة الأخلاقية عند من يدعون الفضيلة والكلام بكتاب الله فكيف تدعى أنك أتيت لتهدى الناس إلى الإخلاق الفاضلة والخصال الحميدة وأنت تنزل بأسلوب الحوار إلى مستوى أكثر انحطاطا من معارضيك؟ أهذا هو الإعلام الإسلامى الذى تبشر به؟ أهذا هو المجتمع الإسلامى الذى أتيت مبلغا عنه؟ نميمة عن هذا واغتياب هذا والسخرية من هذا؟ طيب فرقت ايه عن البرامج السافلة التى تهاجمها؟
تعمقت فى هذا الموضوع أكثر لأعرف كيف اختلت البوصلة الأخلاقية لهؤلاء. فاكتشفت أنهم كانوا فى غاية الذكاء. لماذا يرهقون أنفسهم ويحاولون تغيير أخلاق شعب يعيش معظمه فى العشوائيات ويقضى وقته على المقاهى ويتشاجر بأقذع الألفاظ فى زحمة المرور؟ هم قدموا للناس الوجبة الدسمة من النميمة والسخرية والبذاءة وبذلك كسبوا الجمهور. ولم يحدث ذلك على مستوى البرامج بل حدث قبل ذلك فى المساجد والدروس الدينية فأصبح الدرس الدينى يعوضك عما تراه فى الإعلام الفاسد ولكنه يعطيه لك بصبغة دينية. فترى الشيخ يلعن ويسب ويقولك: «وماله النبى كان بيسب» ويستخدم الألفاظ على أنها جاءت فى القرآن فلا بأس. وليحلل هذا الخطاب الفاسد لا بد أن يبيع لك فكرة أن هناك عدوا متربصا بالإسلام والدين فيمكنك أن «تفش» غلك فيه. ولا تقلق فهناك الآية التى تحلل لك ذلك «يأيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم». مش خلاص أصبح الآخرون كفارا ومنافقين؟ يبقى حلال يا أخى. استحل عرضهم وسيرتهم واضحك وقهقه على كلام الشيخ، كله حلال يا عم.
إذن نحن أمام منتج إعلامى متكامل. عايز شتيمة وخوض فى الأعراض، موجود. عايز إشاعات وجلسات نميمة، موجود. عايز شتايم بل وتشبيهات جنسية برضة موجود. وكله فى إطار دينى محافظ حتى لا تشعر بالذنب أو تأنيب الضمير.
إذًا فهؤلاء الناس بما حباهم الله من علم وشريعة اختاروا الطريق الأقصر للوصول للناس. لا نحتاج لتغيير أخلاق الناس فهذا عمل صعب، ولكن يمكن أن نخاطبهم بنفس اللغة ونعمق هذا الانحطاط الأخلاقى واهى كلها تسلية، ولو سمحت ماتقوليش حرام، فنحن نذكر الله والرسول بين الجملة والأخرى.
وبذلك تتحول الشاشة التى تدعى أنها تعطيك حسنات بلا حدود إلى شاشة تجمع لك سيئات بلا حساب، وتأتى الشاشة التى تدعى أنها تأخذك إلى الجنة إلى شاشة ترمى بك فى قاع النار.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.