نظم الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب بالتعاون مع إتحاد المصارف العربية وهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان أمس المنتدى المصرفي المتخصص تحت عنوان "دائرة الامتثال لدى المصارف والمؤسسات المالية- تجربة لبنان والتشريعات النهائية الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية حول قانون الإمتثال الضريبي الأميركي". وشارك في فعاليات افتتاح المنتدى خبراء ومتخصصون لبنانيون وعرب من مسؤولين وحدات الإمتثال لمكافحة تبييض الأموال لدى المصارف. وتناول الدكتور جوزيف طربيه، رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب واللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية وجمعية مصارف لبنان خلال مشاركته بالمنتدى دور ومهام دائرة الامتثال لدى المصارف والمؤسسات المالية وتجربة لبنان على هذا الصعيد، قائلاً "أنه في ضوء القرارات الدولية والقوانين الملزمة والتي يمكن أن ينتج عن عدم تطبيقها عقوبات مالية أو غير مالية، كان ولا بد من تعديل دور دائرة الإمتثال التي أصبح لها دور كبير ليس فقط على صعيد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بل تعداه لأن يكون لها آلية الإلتزام بالقرارات". وأوضح أنه لهذه الأسباب كان لابد من تعميم مصرف لبنان للقرار رقم 11323 تاريخ 12 يناير 2013 لتنظيم عمل هذه الدائرة، وإعطائها القوة والإستقلالية عن الأعمال والأنشطة الأخرى للمصرف أو المؤسسة المالية وعن وحدات المصرف أو المؤسسة المالية كافة، بما فيها وحدة التدقيق الداخلي، وكذلك عن وحدات الدائرة القانونية، على أن لا يمنح أي من العاملين لدى دائرة الإمتثال أية مسؤوليات تنفيذية أو مهام أخرى داخل المصرف أو المؤسسة المالية، وذلك بهدف أن تكون المصارف اللبنانية على مستوى الإلتزام الدولي. وأشار إلى أنه بالعودة إلى قرار مصرف لبنان، فإن على المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان إنشاء دائرة إمتثال تتألف من وحدة الإمتثال القانوني والتي يتعين عليها القيام بإستشعار المخاطر القانونية والتحوط لها بإتخاذ التدابير اللازمة للإحاطة بهذه المخاطر والحد منها، إضافة إلى وحدة التحقق، والتي عليها التحقق من تطبيق الإجراءات والقوانين المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن ضمان الإستقلالية التامة للدائرة . وأوضح طربية أن القرار شدد أيضاً على ضرورة وضع نظام يحدد دور الدائرة ومسئوليتها بشكل واضح، وأن يتم تعزيزها بجهاز بشري ملائم يراعى في تكوينه حجم المصرف أو المؤسسة المالية وتنوع أنشطتها وتشعب عملياتها، وأن يتمتع بمؤهلات وخبرات متنوعة وفهم شامل للقوانين والأنظمة المصرفية والمالية. وأضاف أن القرار منح دائرة الإمتثال الصلاحيات الكافية لتتمكن من تنفيذ مهامها وخصوصاً عند حصول أية تجاوزات على القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، فضلاً عن منحها حق الإتصال بأي مسؤول أو أي إدارة والإطلاع على الملفات والمعلومات اللازمة. وذكر أن مهام دائرة الإمتثال تتمثل بعضها في إعداد برنامج عمل منسجم مع حجم وطبيعة تعقيدات عمليات المصرف أو المؤسسة المالية يحدد فيها خطة العمل لمراجعة إمتثالهما للقوانين والأنظمة المرعية، إضافة إلى تحديد وتقييم مخاطر عدم الإمتثال المرتبطة بنشاط المصرف أو المؤسسة المالية لا سيما مخاطر عدم الإمتثال المرتبطة بالمنتجات والنشاطات الجديدة والعمل على تقييم مدى فعالية الإجراءات المتخذة لإكتشاف التجاوزات، والتأكد من مدى تقيّد العاملين بالسياسات الموضوعة من خلال إجراء الإختبارات المناسبة. وتناول الدكتور طربية أيضاً خلال فعاليات المنتدى قانون الفاتكا، موضحاً أنه أثار حفيظة المسؤولين في المصارف والمؤسسات المالية في بلدان عدة أوروبية وآسيوية وعربية، معتبرين أن تنفيذ القانون قد يكون مكلفاً من الناحية المالية، إضافة إلى أن أحكام هذا القانون والتي تخالف السرية المصرفية المعمول بها في بلدان كثيرة، فضلاً عن العديد من التساؤلات التي يثيرها حول إمكانية تطبيقه لاسيما في ظل عدم وضوح أحكامه بالكامل، والنقص في الموارد البشرية لدى بعض المصارف والمؤسسات المعنية. ولفت إلى أن القانون يطرح تحديات كبرى وصعوبات حقيقية للمؤسسات المالية والحكومات العربية، حيث تواجه هذه المؤسسات تحديات متشابكة منها الهيكلي والتنظيمي والقانوني والتجاري والمالي والتي تحتاج العديد منها وخاصة تلك التي تزاول أنشطة إقليمية ودولية، إلى إجراء تغييرات على أنظمتها وآلياتها لتتمكن من تطبيق القانون الجديد. وأشار إلى أن القانون أيضاً يثير بعض التحفظات بشأن الجهات الحكومية وخاصة السلطات المشرفة على القطاع المالي والسلطات الضريبية، والتي تواجه تحديات احترام الالتزامات التي تفرضها القوانين أو الاتفاقيات الدولية، في حين تواجه السلطات الضريبية تحديات على المستوى القانوني تتعلق بوجود نصوص تمنع الكشف عن المعلومات المصرفية وتبادلها فضلاً عن وجود تساؤلات بشأن مدى قانونية اقتطاع ضريبة لمصلحة حكومة أجنبية. وأنهي طربية حديثه بشأن قانون الفاتكا بأن هناك اتجاها لتأجيل تنفيذ قانون الامتثال الضريبي، من منتصف العام الحالي إلى بداية العام المقبل، مع تأجيل تحصيل الضريبة إلى العام 2015، مرجعاً ذلك إلى عدم استعداد الكثير من المصارف على مستوى العالم لتطبيق القانون. من جانبه ألقى الدكتور محمد بعاصيري، نائب حاكم مصرف لبنان، كلمته خلال المنتدى والتي عرض من خلالها الصلة القائمة بين موقف لبنان "مصرف لبنان والمصارف والسلطة السياسية" والتعميم رقم 128 الصادر عن مصرف لبنان بإنشاء دائرة الامتثال الضريبي، موضحاً أن هناك ترابط وعلاقة اساسية بين مسألتين أولاهما رابط عضوي ورابط ثقافي ورابط ثقة وإرادة سياسية. وأوضح ان لبنان كان البلد العربي الأول الذي بادر الى مناقشة موضوع الفاتكا مع السلطات الأمريكية وأجرى اول إتصال مباشر مع مصلحة الضرائب الأميركية منذ سنة تقريبا، وأن التوجه الذي اتخذته الدولة هو الذهاب لعلاقة مباشرة مع مصلحة الضرائب الأميركية من خلال مصرف لبنان. وأشار إلى أن الهدف الأساسي من انشاء دائرة الامتثال هو تأكيد إلتزام لبنان بالقوانين المصرفية الدولية والتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية الدولية وإحترام القوانين في دول المصارف المراسلة. وختم إن مصرف لبنان يستهدف من خلال التعميم رقم 318 وتعاميم اخرى ذات صلة زيادة حماية القطاع المصرفي اللبناني من مخاطر السمعة وتعزيز الحوكمة والإدارة الرشيدة للمصارف وتأكيد إلتزام لبنان بالقوانين والأنظمة المالية والمصرفية الدولية. هذا وشهدت فعاليات المنتدى عقد أربعة جلسات عمل تناولت دور ومهام وحدة الامتثال لمكافحة تبييض الاموال لدى المصارف، الإطار القانوني لدائرة الإمتثال في المصارف اللبنانية وتعميم مصرف لبنان رقم 128 – الإتجاهات العالمية – واقع التصنيف والتحديات التي تواجه المصارف