تباينت أراء عدد من الخبراء المصرفيين حول تأثير نتيجة الاستفتاء على مسودة الدستور والتى جرت المرحلة الأولى منها فى 10 محافظات على المفاوضات الجارية مع إدارة صندوق النقد الدولي للحصول على القرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار. واشار البعض إلى أهمية خروج النتائج برفض المسودة، مبررين ذلك بانه سيعطى فرصة لتخفيف الاحتقان وحالة الاستقطاب التى يشهدها الشارع المصري حاليا، فضلا عن إعطائه صورة إيجابية عن الديموقراطية فى مصر أمام إدارة صندوق النقد والمجتمع الدولي بصفة عامة. بينما يعتقد البعض الآخر ضرورة خروج النتيجة بالموافقة على المسودة الحالية للدستور، لافتين إلى أنها ستخطو بمصر خطوات كبيرة نحو الاستقرار السياسي، والذى سينعكس بدوره على الاستقرار الاقتصادي وبدء مرحلة التعافى من خلال الحصول على قرض الصندوق، جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية، زيادة إيرادات السايحة وقناة السويس فضلا عن حصول الحكومة المصرية على ثقة المانحين الدوليين. من جانبه يري إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى السابق، ورئيس بنك مصر إيران، أن الوضع الاقتصادى بصفة عامة يتحسن فى ظل الاستقرار ويتدهور فى ظل عدم استقرار الأوضاع السياسية، مدللا على ذلك بارتفاع مؤشر البورصة اليوم بمجرد إجراء الاستفتاء وإقبال الشعب المصرى الكثيف عليه حتى قبل إعلان النتيجة سواء بنعم أو بلا. وأكد أن مسئولى إدارة الصندوق ليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بنتيجة الاستفتاء بحيث يجب على القوى السياسية المتنازعة إدارة خلافاتها بما لا يؤثر على استقرار البلاد. وحول عدم تدخل البنك المركزى إزاء ارتفاع سعر صرف الدولار خلال الفترة الماضية بسبب انخفاض الاحتياطى الأجنبى، أوضح حسن أن السبيل للتغلب على تلك الأزمة هو تقبل جميع الأطراف بنتيجة الاستفتاء سواء بالموافقة أو الرفض حتى تستقر الأمور ليتفرغ الشعب للانتاج وتزيد إيرادات الدولة من السياحة لزيادة الاحتياطى الأجنبى، مرجعاً تعافى الوضع الاقتصاد من جميع الجوانب إلى استقرار الأوضاع فى البلاد. من جانبه قال محمود نجم، نائب رئيس قطاع الاستثمار ببنك الاستثمار العربي، أن صندوق النقد الدولي لا يعنيه خروج نتيجة الاستفتاء على مسودة الدستور ب "نعم" أو ب "لا"، مشيرا أن استقرار ما بعد النتيجة هو ما يعنيه بالأساس حيث إنه لا ينتمي إلى أى من الأطراف المتنازعة حاليا على الساحة السياسية فى مصر. وأضاف أن الصندوق ينظر فى الأساس إلى مدى قدرة البلد المقترض على سداد القرض الحاصل عليه وتحصيل أمواله دون وجود أزمات بغض النظر عن هوية الجهة المدينة وأيدولوجياتها السياسية، لافتا إلى أن الاستقرار السياسي يعد من أهم الشروط التى يضعها صندوق النقد من اجل إقراض مصر خاصة فى ظل الظروف الراهنة التى تشهدها البلاد. وأشار نجم إلى إمكانية تدخل البنك المركزي المصري فى إنقاذ العملة المحلية حال حدوث رفض للقوى المدنية لنتيجة الاستفتاء وخروجها بمزيد من التظاهرات، مما سينعكس بدوره سلبا على الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية. واستطرد: "القطاع المصرفي حاليا فى حالة ترقب لما ستؤول إليه ردود الأفعال عقب صدور نتيجة الاستفتاء على المسودة، إذ إنه فى جميع الأحوال لن تتوقف البنوك عن مباشرة عملها إلا أنه بكل تأكيد تختلف أساليبها باختلاف المناخ المحيط بها حيث تحاول استخدام أمثل الأساليب الملاءمة للظروف التى تعمل تحت تأثيرها". ولفت نائب رئيس قطاع الاستثمار إلى أنه فى حال خروج نتيجة الاستفتاء ب "لا"، فسوف تعطى فرصة لالتقاط الأنفاس والتخفيف من حالة الاحتقان التى يشهدها الشارع المصري، فضلا عن إعطاء صورة إيجابية لإدارة الصندوق حول المشهد الديموقراطي فى مصر. كما توقع نجم أن يسهم رفض الأغلبية للمسودة فى إحداث نوع من التوازن للقطاع المصرفي، مشيرا إلى الاحتياطي النقدي، سعر صرف العملة الدولارية بالاضافة إلى سعر الفائدة، معتبرا إياهم بالسلسلة التى يصعب فصل أحد حلقاتها عن الاخرى. وفى المقابل توقع أحمد سليم، الخبير المصرفى، موافقة الناخب المصرى على مسودة الدستور الجديد وخروج نتيجة الاستفتاء بنعم، متوقعا تحسن الوضع الاقتصادى المصرى كثيراً فى حالة الموافقة على الدستور. وأضاف أنه فى حالة عدم الموافقة على الدستور سيضطر الشعب إلى انتظار تشكيل جمعية تأسيسية جديدة تضع دستورا فى عدة أشهر، ما سيؤثر سلباً على الاقتصاد خصوصاً مع استمرار نزيف الاحتياطى النقدى الأجنبى وضعف الاستثمارات وهو ما قد يؤدى إلى كارثة فى الوضع الاقتصادى. وأوضح سليم أن نسب حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى البالغ قيمته 4.8 مليار دولار ستزيد بنسبة كبيرة حال تقبل معظم الأطراف السياسية لنتيجة الاستفتاء. وتابع أن المسئولين فى صندوق النقد الدولى سيعترفون بنتيجة الاستفتاء في ظل وجود نوعاً من الديمقراطية بالبلاد، مشيرا ان التصويت بنعم سيؤدى إلى تمرير القرض وبالتالى حصول الحكومة المصرية على ثقة المانحين الدوليين وتعافى الاقتصاد المصرى كنتيجة مباشرة. ولفت سليم أن نشاط الجهاز المصرفى يتأثر مباشرة باستقرار الوضع السياسى، مطالباً القوى السياسية المتناحرة الاعتراف بنتيجة الاستفتاء لو جاءت بالموافقة واللجوء للبرلمان القادم لتعديل المواد المُختلف عليها.