نظرا لضعف البنية التحتية وتفتت الاسواق وشدة المنافسة تقدم افريقيا مكاسب وأخطارا محتملة على السواء لشركات الاتصالات الباحثة عن النمو في بلدان مثل نيجيريا الغنية بالنفط وبلدان قامت فيها ثورات مثل ليبيا وتونس. وفي ظل توقعات بنمو المبيعات بفضل استخدام الهواتف الذكية الجديدة الرخيصة ونمو سوق الشركات واستخدام معظم العملاء في افريقيا للهاتف المحمول للدخول الى الانترنت وممارسة الاعمال أصبحت العديد من شركات الاتصالات تبحث عن أهداف للاستحواذ في افريقيا. وقد تتوسع فرانس تليكوم وفودافون اللتان تعملان حاليا في افريقيا لكنهما ستواجهان منافسة من لاعبين جدد من الاسواق الناشئة مثل فيمبلكوم الروسية وام.تي.ان الجنوب افريقية وبهارتي ايرتل الهندية. وقد تقرر شركات صينية تبيع حاليا أجهزة اتصالات في افريقيا شراء مشغلين أو رخص تشغيل. وفي عام 2010 خسرت تشاينا موبايل في منافسة مع بهارتي ايرتل اقتنصت فيها الشركة الهندية وحدات للاتصالات في 16 دولة افريقية مقابل 10.7 مليار دولار. لكن تحقيق المكاسب في افريقيا -احدى اخر أسواق الاتصالات الناشئة التي لم تكتمل بعد- ثبت أنه صعب للغاية كما اكتشف بعض اللاعبين الحاليين. فالسوق مجزأة ومفتتة في 56 دولة بعضها يضم عشرات المشغلين ويميل المستهلكون في افريقيا الى انفاق ما بين دولار وعشرة دولارات شهريا على الاتصالات وهو أقل كثيرا مما ينفق في أوروبا أو الولاياتالمتحدة لكنه أكثر مما في الهند. وقال مسؤولون تنفيذيون لرويترز هذا الاسبوع في المؤتمر العالمي للهاتف المحمول في برشلونة ان المشغلين أدركوا أن تكلفة تشغيل الشبكات مرتفعة بسبب ضعف البنية التحتية. وأصبح المشغلون ومنهم فرانس تليكوم يدرسون سبلا لاقتسام التكاليف من خلال اتفاقات للمشاركة في الشبكات. وقال سونيل ميتال رئيس مجلس ادارة بهارتي ان افريقيا سوق أصعب من الهند في نواح عدة. وقال خلال احدى جلسات المؤتمر "هناك وجهان للاختلاف بين ما رأيناه في الهند وافريقيا ... أحدهما ان تكلفة التشغيل مرتفعة للغاية وهذه كانت مفاجأة كبيرة لنا والثانية أنه لا توجد طبقة وسطى." وأضاف "اما أن تجد حفنة من الناس في شريحة ثرية من المجتمع أو تجد الكثير من الناس الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة الخدمة." وأقر كولن بريريتون خبير الاتصالات لدى شركة برايس ووتر هاوس كوبرز للاستشارات بأن افريقيا فيها فرص وفيها مخاطر للمشغلين. وقال "افريقيا موجودة حيث هي ... هذا لا يعني أنها ستكون سهلة أو سلسة في الاجل القصير. سيستغرق الامر فترة طويلة وسيكون صعبا." ومن بين أكثر الاسواق جاذبية ليبيا وتونس اذ من المتوقع أن تفتحا أبوابهما بعد الربيع العربي. وتوجد في ليبيا التي تكافح لاستعادة الاستقرار بعد الحرب الدموية التي شهدتها العام الماضي شركتان لتشغيل الهاتف المحمول مملوكتان للدولة هما المدار وليبيانا. ومن المتوقع أن تفتح الحكومة الجديدة هذا القطاع من خلال بيع رخص جديدة أو حصص في الشركتين القائمتين. وقالت شركة كيوتل القطرية واتصالات الاماراتية ورجل الاعمال المصري نجيب ساويرس في مقابلات مع رويترز انهم مهتمون بليبيا. وقد ينضم اليهم اخرون أيضا. وتونس مهيأة للتطور أيضا اذ انها من البلدان الموسرة التي فيها بنية تحتية جيدة. ويوجد ثلاثة مشغلين للهاتف المحمول في تونس اثنان منهم مملوكان جزئيا لفرانس تليكوم وكيوتل. وهم يرغبون في طرح هواتف ذكية وخدمات جديدة. وقد تحيي الحكومة الجديدة أيضا الادراج المزمع لاسهم شركة اتصالات تونس المملوكة للدولة والذي ألغي في أوائل عام 2011 في ظل الاضطرابات السياسية الناجمة عن الثورة. في الوقت نفسه قد تستشعر فودافون وفرانس تليكوم جاذبية نيجيريا لان هذا البلد الغني بالنفط هو ثالث أكبر اقتصاد في افريقيا بعد جنوب افريقيا ومصر ويقدم حجما كبيرا اذ يبلغ عدد العملاء المحتملين 160 مليونا. ويجري الحديث منذ فترة طويلة عن شركة جلوباكوم ليمتد التي تعمل في نيجيريا وجمهورية بنين وغانا وساحل العاج كهدف محتمل اذا قررت عائلة ادينوجا التي أسستها أن تبيع. وقال مصرفي ان فودافون أجرت فحصا فنيا لجلوباكوم في عام 2009 لكنها أحجمت عن ابرام صفقة. وقال المصرفي "هناك فرصة حقيقية لصفقة في نيجيريا ... اذا حدث شيء كبير فسيحدث هناك لكن الشركات الاجنبية لديها مشاعر متباينة تجاهها لانها قلقة بشأن سلامة موظفيها." وقالت فودافون وفرانس تليكوم انهما قد تشتريان أصولا صغيرة لتعزيز وجودهما الحالي. وقد عززت فرانس تليكوم وجودها في افريقيا خلال السنوات القليلة الماضية حيث اشترت ميديتل المغربية وموبينيل المصرية لكنها لمحت في الفترة الاخيرة الى انها ستبطئ وتيرة التوسع هذا العام. وقال ايلي جيرار رئيس الاستراتيجية والتطوير في الشركة "اذا سنحت فرصة في عام 2012 فسندرسها لكننا لا نعتزم المبادرة الى البحث عن صفقات كبيرة." وأضاف أنه سيكون من المجدي جدا لفرانس تليكوم أن تعمل في بوركينا فاسو وبنين وتوجو. لكن بالرغم من الجاذبية الواضحة للنمو السريع في افريقيا هناك العديد من التحديات. فقد حاولت بهارتي تنشيط السوق من خلال خفض الاسعار للمستهلكين لكنها فوجئت بأن ذلك لم يؤثر الا قليلا من حيث ارتفاع عدد المكالمات أو الرسائل القصيرة. وقال ميتال خلال المؤتمر العالمي للمحمول "وجدنا أنه في كل مرة نوفر فيها أموالا في الاتصالات (للمستهلك) تنفق الاموال على الغذاء." وهناك مسألة أخرى تدعو للاحجام وهي طبيعة القواعد التنظيمية التي يصعب التنبؤ بها. فقد أبلغت اتصالات قطر (كيوتل) التي اقتنصت أصولا في 16 دولة من الجزائر الى اندونيسيا في اطار خطة توسع مدتها عشرة أعوام أنها بوجه عام تفضل العمل في اسيا والشرق الاوسط. وقال الرئيس التنفيذي ناصر معرفية "نتلقى دعوات كثيرة للذهاب الى افريقيا والعمل هناك ... يبدو أنه ليس هناك تحكم في عدد الرخص التي تصدر. نحن مندهشون." ودفعت هذه التحديات بعض الشركات للبحث عن وسيلة للتخارج اذ تدرس شركة اتصالات الاماراتية بيع عملياتها الاضعف في سبع أسواق في غرب افريقيا الناطق بالفرنسية. وقال مصرفي على دراية بالشركة "ليس الامر انهم يريدون البيع لانهم يحتاجون الى الاموال لكنهم غير راضين عن السوق الافريقية. "لم تبدأ عملية للبيع حتى الان لكن حالما يعرضون البيع سيجدون مشترين." المصدر رويترز