رغم امتلاكه خبرة مصرفية امتدت على مدار أربعة وثلاثين عاما عمل خلالها بجميع القطاعات المصرفىة بالعديد من المصارف المصرية والعربية والدولية، أبرزها بنك تشيس الأهلى، الكويت الوطنى، العربى، العربى الأفريقى الدولى، بنك اليوباف، وبنك التنمية الصناعية المصرى، فإن حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال الذى اختير مؤخراً عضوا شرفياً فى منظمة الدول الأعضاء بالبنك الإسلامى للتنمية "أدفيمى" خلفا لمهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، ليفخر به المصرين جميعا لم يحصل على لقب رئيس بنك حتى الآن رغم امتلاكه جميع المقومات التى تؤهله إلى إدارته بنجاح. "أموال الغد" التقت حسام ناصر الذى كشف لها عن استراتيجية مصرفه خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى كيفية اختياره لعضوية مؤسسة "أدفيمى" خلفا لمهاتير محمد إلى جانب تقديمه مجموعة من الحلول الاقتصادية من واقع خبرته المصرفية الخاصة بجذب الاستثمارات وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وإلى تفاصيل الحوار: تم اختيارك مؤخراً عضواً شرفياً لمؤسسة البنوك التنموية للدول الأعضاء فى البنك الإسلامى للتنمية "أدفيمى"، خلفا لمهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، ما دور تلك المؤسسة وأوجه نشاطاتها؟ البنك الإسلامى للتنمية يعتبر من أكثر البنوك نمواً على مستوى العالم، ويقرض ويساعد الدول الإسلامية الفقيرة ولديه مؤسسة (أدفيمى) التى تضم البنوك التنموية للدول الأعضاء فى هذا البنك وتساهم فيه حكومات مجموعة من الدول منها مصر، وتضطلع المؤسسة بدور ريادى فى إعداد البحوث الاقتصادية عن أوضاع الاقتصاديات الدولية والإقليمية بالإضافة الى تدريب وإعادة تأهيل الكوادر المصرفية من خلال عقد برامج تدريبية متخصصة للإدارات ويشارك فى تلك المؤسسة 25 دولة كأعضاء و57 بنكا تنمويا وبنك التنمية الصناعية أحد أعضائها . متى أصبحت عضواً بتلك المؤسسة، وماذا قدمت لها؟ تم اختيارى عضواً بتلك المؤسسة منذ خمس سنوات تحديداً فى عام 2006، ومنذ دخولى إليها قمت بتصحيح بعض المفاهيم التى ساهمت فى انتشارها ليس فقط فى مصر، ولكن على مستوى العديد من الدول التى انضمت لعضوية المؤسسة فى وقت سابق ليزيد عدد الأعضاء من 12 دولة فى 2006 إلى نحو 25 دولة الآن، بالإضافة إلى زيادة عدد البنوك فيها من 30 إلى 57 بنكا. وكيف تم اختيارك خلفا لمهاتير محمد ومن رشحك لتلك العضوية؟ المؤسسة دائماً تستعين فى عضويتها بعضوين شرفيين ساهموا فى تطوير بلادهم، ولهذا تم اختيار مهاتير محمد لهذا المنصب فى وقت سابق بصفته صانع ماليزيا الحديثة، إلى جانب اختيار العضو الآخر وهو الدكتور أحمد محمد على، رئيس مجموعة البنك الإسلامى، لإنجازات البنك وانتهت فترة عضويتهما، وكان يجب على كل دولة من الدول الأعضاء ترشيح أحد رجالاتها لتلك العضوية، ليتم التصويت عليهم من قبل الجمعية العمومية، ولكن الدولة الوحيدة التى استجابت لذلك تركيا، ورشحت نائب وزير الاقتصاد الذى ساهم فى بناء تركيا الحديثة، ولم يجد رئيس المؤسسة سوى مرشح وحيد، تم اختياره بالإجماع خلفا للدكتور أحمد محمد على، وقام رئيس المؤسسة بترشيحى نظراً للدور الكبير الذى قمت به خلال الفترة الماضية فى خدمة المؤسسة، وأثناء الجمعية العمومية تم التصويت، وحصلت على الموافقة بالإجماع، وأفخر بتلك الثقة لأكون خليفة مهاتير محمد. هل ترى أن الخريطة السياسية والاقتصادية فى مصر تتم إعادة رسمها من جديد؟ الفترة الحالية ستشهد إعادة رسم خريطة كل القطاعات خاصة السياسية وإن كان الاقتصاد يسير وفقا لنظام معين وفقا لمنظومة عالمية متماشياً مع اقتصاد السوق الحرة ولكن شهية الاستثمار ستكون ضعيفة جدا خلال الفترة المقبلة إذا استمرت حالة عدم الاستقرار السياسى أو الانفلات الأمنى . برأيك، هل تأثر القطاع المصرفى المصرى بالآثار السلبية لثورة 25 يناير؟ القطاع المصرفى من أكثر القطاعات استقراراً خلال الفترة الحالية، ويرجع ذلك إلى حرفية القائمين عليه سواء على مستوى مجالس إدارة البنوك أو العاملين بها، بالإضافة إلى القيادة الحكيمة للبنك المركزى المصرى لكنه كمعظم قطاعات الدولة الاقتصادية التى تأثرت بشكل ملحوظ من جراء الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير لعدم وجود استقرار سياسى وانفلات أمنى تأثر القطاع المصرفى بشكل طفيف خاصة أن التمويل مرتبط بحجم الأعمال والإنتاج، إلى جانب أن مصادر الدولة الرئيسية تأثرت بشكل كبير وأبرزها القطاع السياحى والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس، بالإضافة الى انعدام الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى 2011 لرؤية المستثمرين أن تلك المرحلة مرتفعة المخاطر، والذى انعكس سلباً على الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى لينخفض إلى نحو 26 مليار جنيه. إذا ما الحل من وجهة نظرك للخروج من تلك الأزمة؟ لابد من توفير استقرار سياسى سريع، وضبط للعملية الأمنية وإنهاء الاعتصامات والإضرابات، حتى ينخفض حجم المخاطر التى باتت تهدد جميع المستثمرين من الاستثمار فى مصر وتمثل عاملا قويا لطردهم . ما تقييمك لدور الحكومة الحالية فى ذلك الأمر؟ الحكومة تبذل قصارى جهدها للوصول الى ذلك لكن سقف المطالب يزداد يوماً بعد آخر، ويجب على المعتصمين وأصحاب المطالب أن يمنحوها الفرصة والوقت الكامل لحل تلك المشاكل خاصة أن الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا من وقت الى آخر . هل تدفع تلك الأحداث البنوك إلى التخوف من التوسع فى عملية الإقراض؟ لا يوجد تخوف من قبل البنوك فى منح الائتمان ولكن البنوك تدرس كل عميل وقطاع على حدة ولديها إدارة جيدة لقياس المخاطر وتعمل وفق مناهج ائتمانية منذ سنوات، ولم تغير تلك المناهج التى أثبتت قوتها ومتانتها أثناء الأزمات، ولم تشهد الفترة الماضية حالات تعثر فجة مثل التى حدثت فى أواخر التسعينيات، كما أن انخفاض حجم الائتمان خلال الأشهر السابقة، جاء بسبب عدم وجود طلب على الدخول فى استثمارات جديدة أو التوسع فى الاستثمارات الحالية، والجميع ينتظر استقرار الأوضاع داخلياً. هل ترى أن الابتعاد عن تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بسبب ارتفاع مخاطرها؟ إطلاقا خاصة أن مخاطر منح التمويل لتلك المشروعات خلال الفترة الحالية أقل من مخاطر المشروعات الكبرى التى تأثرت بشكل كبير بحالة التباطؤ التى تسيطر على السوق والتى تتراوح بين 35 و40%، وهذا التباطؤ سيكون له مردود أكثر سلبية على الشركات الكبرى لارتفاع حجم العمالة لديه ولا تستطيع مؤسسة فى تلك الظروف الاستغناء عن عامل واحد . ولكن كيف يمكن للحكومة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية للقيام بهذا الدور؟ إذا أبدت الدولة الاهتمام بتلك المشروعات فسيكون أمامها العديد من الحلول لتوفير هذا التمويل لتستفيد من منح وقروض الصندوق وتستطيع التغلب على مشكلة الانتشار من خلال توقيع اتفاقية مع هيئة البريد تتيح للصندوق التواجد بفروعه المنتشرة على كافة أنحاء الجمهورية، والتى تتعدى 3 آلاف فرع، وبذلك يستطيع الوصول إلى كافة مناطق الجمهورية . ولكن برأيك ما الدور الذى يجب أن تلعبه الدولة لإيجاد سبل التمويل المناسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ الدولة أمامها تجارب ناجحة يجب الاستفادة منها كما أنها تمتلك الصندوق الاجتماعى المنتشر بشكل جيد فى العديد من المحافظات ويحصل على قروض بأسعار فائدة منخفضة بالإضافة إلى منح لا ترد تمكنه من التوسع فى تمويل تلك المشروعات بأسعار فائدة منخفضة ولكن الصندوق يحصل على تلك الأموال ويقرضها للبنوك لتمويل القطاع ليحقق أرباحا بدون عمل فعلى وبذلك يكون تقاعس عن دوره الذى أنشئ من أجله . ولكن لماذا لجأت الدولة إلى الحديث عن تخصيص بنك لتمويل تلك المشروعات؟ لا أعتقد أن المقصود بتخصيص بنك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ولكن المشروعات متناهية الصغر هى المقصودة بذلك لأنها تمثل حجم المشروعات الأكبر داخل السوق ولا تركز البنوك على تمويلها وإنما يتم تمويلها من خلال جمعيات رجال الأعمال التى حققت نجاحات كبيرة جدا فى هذا القطاع خاصة جمعية رجال أعمال الإسكندرية والمنصورة إلى جانب وجود شركتين متخصصتين فى تمويل تلك المشروعات ولكن إمكانياتها محدودة إلى حد كبير . ما تقييمك لأداء القطاع الخاص ولماذا أصبح متخوفاً من الاستثمار فى مصر؟ القطاع الخاص ينكمش لتخوفه الشديد من تعرض أمواله للخسائر، خاصة أن رأس المال جبان كما يقولون، ولو رأى أنه سيضار من هذا الانفلات الأمنى وعدم الاستقرار على كافة المستويات فسيفكر كثيراً فى الخروج من السوق، ولا أستبعد أن يصفى بعض المستثمرين أعمالهم فى مصر بأن يضعوا جزءا منها فى الخارج، ويستثمروا جزءا آخر بأى دولة تتميز بالاستقرار، ومن الممكن أن يحدث ذلك إذا لم تستقر الأمور خلال الستة أشهر المقبلة . هل ترى أن بنك التنمية الصناعية والعمال يقوم بالدور الذى أنشئ من أجله؟ بالطبع لا؛ لأن البنك خرج عن الدور المنوط به خاصة أنه أنشئ عام 1947 وكان عبارة عن بنك معلومات وإعداد دراسات الجدوى ويقوم بدور إرشادى للمشروعات متناهية الصغر بالإضافة إلى منح التمويل ولم يتبق منه الآن سوى منح التمويل وظل البنك صغيراً وتحول إلى بنك تجارى وحاد عن هدفه الأساسى . وما السبب وراء ذلك؟ مجالس إدارات البنوك المتعاقبة عليه، والتى كان يتم اختيارها بمعايير مختلفة عن معايير اختيار القيادات المصرفية وكان يتقلد رئاسته دائما وزراء الاقتصاد السابقون بالإضافة إلى أشخاص ليس لهم علاقة بالعمل المصرفى، وكانت منظومة خاطئة يدار بها البنك، حيث إن الائتمان يدار بطريقة غير سليمة مما أدى إلى تآكل رأس المال أكثر من مرة ودخلنا فى دوامة الديون المتعثرة إلا أن الإصلاح بدأ داخل البنك منذ تولى الدكتور محمود أبوالعيون رئاسة البنك المركزى واستمرت أثناء رئاسة الدكتور فاروق العقدة له . وفى رأيك ما الحلول للخروج من تلك الأزمة؟ يجب أن يعود البنك مرة أخرى إلى الغرض الذى أنشئ من أجله وأن نبقى عليه، كبنك متخصص، ونحن فى أمس الحاجة خلال الفترة الحالية إلى هذا النوع من البنوك، ومعظم دول العالم لديها بنوك متخصصة، فبنك كريدى أجريكول المؤسسة المالية الضخمة المنتشرة على مستوى العالم متخصص فى التنمية الزراعية، بالإضافة إلى العديد من الأمثلة، وسيساهم تخصص البنك فى حل العديد من المشاكل أبرزها البطالة التى سيكون للمشروعات متناهية دور كبير فى توفير فرص العمل. وما أبرز القطاعات التى يركز البنك على تمويلها؟ لا نحجم عن تمويل قطاع بعينه، ونمول كافة القطاعات، وإن كان اهتمامنا أكثر بتمويل القطاعات التى لها تأثير مباشر على السلع المهمة فى المجتمع بالإضافة إلى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتى تمثل الجزء الأكبر من تمويلات البنوك، وتحصل على كافة التمويل الذى تطلبه ولكن يتم الخلط بين تلك المشروعات والمشروعات متناهية الصغر فيظهر أن البنوك لا تمولها خاصة أنه لا يوجد تعريف موحد لها. كما أن المشروعات الكبرى داخل السوق من واقع خبرتى فى القطاع لا تستحوذ على أكثر من 25% لكن المتناهى الصغر لم يأخذ حقه بعد . وماذا عن ملف الديون المتعثرة داخل البنك؟ قطعنا شوطاً كبيراً فى ملف الديون المتعثرة، فمنذ عملى بالبنك، وإشرافى على هذا القطاع كان لدينا نحو 1900 عميل متعثر، نجحنا فى تسوية نحو 1517 عميلا، ولم يتبق سوى 383 عميلا، بتحصيلات بلغت نسبتها نحو 80%، ما بين "كاش" وأصول عقارية وعينية . هل تدرسون زيادة رأسمال البنك حالياً؟ وزارة المالية هى المالكة للبنك، وصاحبة القرار فى ذلك ولكن يجب أن تقوم بزيادة رأسماله لكى يستطيع سد العجز فى المخصصات، ويقوم بالتوسع داخل السوق خاصة أن نسبة الإقراض لدينا تصل إلى 90% من حجم محفظة البنك، ومن المتوقع أن نحقق خسائر خلال العام الحالى 7 ملايين جنيه مقارنة بنحو 10 ملايين جنيه خلال العام الماضى والتى بلغت نسبتها خلال النصف الأول نحو 4 ملايين جنيه.