ألقت ثورة 25 يناير بظلالها على المشهد الفني المصري بكل قطاعاته أسوة بما أحدثته من تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية، وإن كان المشهد الفني بقطاعاته السينمائية والمسرحية والتلفزيونية والغنائية أكثر تأثراً لارتباطه بعجلة الإنتاج والتعاقدات السابقة وأزمة الإعلان التي باتت تواجه مأزقاً خطيراً بعد حبس مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الممولين لحركة الإعلان.. وينتظر المنتجون شهر رمضان "بفارغ الصبر" لتعويض خسائرهم طوال العام الفنى. وبموجب هذه المتغيرات فإن الإنتاج الدرامي المصري، وفقا لتقديرات الخبراء، شهد تراجعاً كمياً في حجم الإنتاج من 60 مسلسلا إلى 15 مسلسلا فقط ، كما تشهد سوق الدراما المصرية عدة متغيرات أخرى في مقدمتها التراجع الكبير في أجور نجوم الفنانين البارزين، بجانب التغيرات المتوقعة في الموضوعات التي ستعالجها الدراما المصرية والتي ستتجه نحو التعبير عن قضايا الشارع المصري والعربي الأكثر حرية وجدية بحثا عن الكرامة والعدالة الاجتماعية وبعيدا عن مفاهيم الإثارة. وقد خلفت هذه المتغيرات عدة ظواهر أخرى على الساحة الفنية، من بينها لجوء بعض الفنانين المصريين إلى الدراما السورية، ومنهم الفنانان حسن حسنى وطلعت زكريا، حيث يشاركان في المسلسل السوري "صايعين ضايعين" مع عدد من نجوم لبنان وسورية. ومن بينها أيضا اضطرار معظم المنتجين لاختصار مسلسلات رمضان المقبل لتصبح في معظمها 15 حلقة بدلا من 30 حلقة بسبب المشاكل المالية التي تعانيها سوق الإنتاج الدرامي. ويقول المنتج جمال العدل "اتخذنا قراراً هذا العام بإنتاج مسلسلات درامية لا تزيد حلقاتها على 15 حلقة لتخفيض التكلفة وضيق الوقت المتبقي على الشهر الكريم حتى نلحق بالموسم الدرامي". المخطط الإنتاجي لدراما رمضان كانت ميزانيتها محددة بنحو 1.5 مليار جنيه، هي حجم ميزانية 30 مسلسلاً تم البدء في تصويرها والاستعداد لعرضها في موسم دراما 2011، بينما كانت ميزانية المسلسل الواحد منها تتراوح بين 50 إلى 75 مليون جنيه، لكن بعد رسم هذا المخطط جاءت الثورة لتطيح بهذا الإنتاج المرتقب وتحوله إلى رماد، خاصة بعد حبس وزير الإعلام الأسبق أنس الفقي وأسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق أيضا الذي كان يستعد للتعاقد على جميع مسلسلات هذا العام. قال عادل مغربي، صاحب ستوديو تصوير تلفزيوني والشريك المصرى لتركي الشبانة مدير روتانا خليجية،: "كنا متعاقدين مع المنتج محمد شعبان ليصور أعماله لدينا، وهي مسلسلان رمضانيان، الأول من بطولة خالد صالح، والثاني بطولة شريف منير، الا ان ثورة 25 يناير ألقت بظلالها على المشهد الفني بكل قطاعاته أسوة بما أحدثته من تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية". وأضاف: "إن كان المشهد الفني بقطاعاته السينمائية والمسرحية والتلفزيونية والغنائية أكثر تأثرا لارتباطه بعجلة الإنتاج والتعاقدات السابقة وأزمة الإعلان التي باتت تواجه مأزقاً خطيراً بعد حبس مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الممولين لحركة الإعلان". وبموجب هذه المتغيرات السريعة فإن مغربى يرى ان الدراما التلفزيونية المصرية باتت في مهب الريح ويبدو أنها لن تستطع اللحاق بركاب المنافسة الرمضانية المعتادة بعد التقلص الكبير والمتوقع في الإنتاج الدرامي الذى لن يقل معدل انخفاضه عن 30%. وتأثراً بالوضع الاقتصادى المتردى، بات من المستحيل أن ينفق قطاع الانتاج بالتليفزيون المصرى جنيه واحد على عمل فني بدون علم الجهات الرقابية ورئيس الحكومة الانتقالية الدكتور عصام شرف، وعلى ذلك فإن المسلسلات التي كان يجري التعاقد عليها ومنها مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" لعادل إمام أصبح بلا مستقبل واضح. كان قطاع الإنتاج شارك بالفعل في إنتاج عدد من المسلسلات، هي "الصفعة" و"ذات" و "دوران شبرا" التي يتم إنتاجها بالاشتراك مع أفلام مصر العالمية وتلفزيون "BBC" ومسلسل "المحكمة"، فضلا عن تعاقد القطاع على إنتاج ستة مسلسلات بشكل منفرد، وهي مسلسلات "أهل الهوى" وهو مسلسل تاريخي عن حياة الراحل بيرم التونسي و"شجرة الدر"، "الميراث الملعون"، "الدم والعصافير"، "أزواج في ورطة"، ومسلسل "أسماء بنت أبي بكر" الذي بدأ تصويره فعلا، وبذلك فإن المصير المجهول هو الذي بات يواجه هذه المسلسلات الرمضانية. ولأن الفوضى لا تزال هي سيدة الموقف حتى الآن في السوق الفنية المصرية، فإن علامات الاستفهام تدق الأبواب بقوة في ظل تصريحات هنا أو هناك، حيث يقول المنتج تامر مرسي إن تسويق مسلسلاته لم يتأثر بالظروف المحيطة، حيث إنه تعاقد على تسويق مسلسلاته الثلاثة "فرقة ناجي عطا الله" للتلفزيون المصري، و"مسيو رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" لقناة بانوراما دراما، موضحا أنه حصل على الدفعات الأولى من التلفزيون مقابل بيع مسلسل عادل إمام، فضلا عن أنه يتم التسويق حاليا لعدد من الفضائيات العربية. توقع السيناريست أيمن سلامة أن يتم الاكتفاء بالمسلسلات التي تم البدء في تصويرها وسرعة تسويقها خارج مصر، خاصة بعد اعتذار تلفزيون قناة الحياة والتلفزيون الرسمي عن شراء أي مسلسلات لهذا العام مشيرا إلى أن المسلسلات التي تم تسويقها هذا العام لم تتجاوز خمسة مسلسلات، من بينها مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" و"سمارة" و "الشحرورة" الذي يحكي سيرة المطربة الكبيرة صباح. وتتفق هذه الرؤية مع تهديد نحو ستة مسلسلات بالتأجيل وخروجها من منافسات رمضان ومنها مسلسلات: بين الشوطين، بطولة نور الشريف ومعالي زايد للسيناريست عبدالرحيم كمال وإخراج عمر عبدالعزيز، مسلسل قضية معالي الوزيرة لإلهام شاهين والتي تدور أحداثه تحت قبة البرلمان، بالرغم من قيام مؤلفه محسن الجلاد بإجراء تعديلات على احداث الجارية ومواكبة ثورة 25 يناير، وكذلك مسلسل "ابن أمه". الأمر الأكثر تأثيراً هو القائمة السوداء التي وضع فيها بعض الفنانين الذين أيدوا الرئيس السابق حسني مبارك تلقي بظلالها على تسويق أي عمل فني يتم تسويقه في الفترة المقبلة، فإن الفترة المقبلة ستشهد تحولاً كبيراً في لغة الخطاب الفني من الابتذال والإثارة إلى لغة جادة تعبر عن العمق في التحول الاجتماعي والسياسي عبر إتاحة الفرص أمام شباب مؤلفين للتعبير عن المرحلة الجدية نحو سيناريوهات أكثر وعيا بالمرحلة كما يقول السيناريست مجدي صابر من جانبه، يري الفنان أحمد عيد، وهو أحد الفنانين الذين لازموا الثورة في ميدان التحرير، أن قيم الثورة لا بد وأن ترتسم بها الحركة الفنية في مصر، أولى الخطوات الواجب اتخاذها هو تقليص أجور الفنانين، معتبرا ذلك واجبا وطنيا. بينما يؤكد الفنان محمد صبحي أن الثورة لا بد أن تعمل على إعادة تقييم الفن المصري ليواكب توجهاتها في التغيير والإصلاح بدءا من إعادة تقييم أجور الفنانين مرورا بمحاربة كل ما يخدش الحياء ويهدر القيم الأخلاقية وصولا إلى إتاحة الفرصة لجيل جديد من المؤلفين الذين يعبرون عن الواقع المصري الجديد. وكما للثورة من السلبيات سيكون لها من الإيجابيات على الإنتاج الدرامي مستقبلاً وقدرته على المنافسة الرمضانية المعتادة. وترتبط الانعكاسات السلبية على مستقبل الإنتاج الدرامي لعدة عوامل، منها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وما ترتب عليها من خفض التكاليف في شتى القطاعات الاقتصادية، بجانب إلغاء وزارة الإعلام والتي كانت تسهم بنصيب وافر من الإنتاج الدرامي عبر التلفزيون المصري الذي لم يتحدد مستقبله حتى الآن. fb:comments title="دراما رمضان ترفع شعار " إلحقنى شكراً "" href="http://www.amwalalghad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=32360:دراما-رمضان-ترفع-شعار-إلحقنى-شكراً&catid=1152:2010-09-25-17-07-20&Itemid=278" num_posts="1" width="700" publish_feed="true" colorscheme="light"