قال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، أن الاقتصاد الأوروبي يكافح للخروج من حالة الركود التي تلت انهيار بنك ليمان برذرز، سنة 2009، أما هذه المرة فإن الهبوط يعزى إلى ضعف معدلات النمو إلى جانب هبوط أسعار الطاقة، وحالياً تتوقع الأسواق أن يعلن البنك المركزي الأوروبي إطلاق برنامج تسهيل كمي في اجتماعه القادم يوم 22 يناير الجاري. وأضاف التقرير، الذي حصلت "مباشر" على نسخة منه، أن معدل التضخم في مجموعة اليورو ككل هبط إلى مستوى سلبي حيث بلغ 0.2% سنوياً في شهر ديسمبر، وفق التقدير الأول لوكالة إحصائيات الاتحاد الأوروبي، حيث انخفض مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية إلى مستوى أدنى من توقعات الأسواق ليصل إلى 0.1% وكانت هذه المرة الأولى منذ شهر أكتوبر 2009 التي ينخفض فيها معدل التضخم إلى نطاق السلبية. واستمر مسلسل خسائر العملة الأوروبية على مدى الأسبوع الماضي لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ 9 سنوات، في وقت شهد انخفاض طلبيات المصانع الألمانية وتراجع معدل تضخم الأسعار الاستهلاكية في عموم منطقة اليورو إلى جانب تنامي المخاوف من أن تؤدي الانتخابات العامة التي ستشهدها اليونان يوم 25 يناير الجاري إلى مواجهة بين ألمانيا واليونان حول برنامج التقشف الذي كانت دول المجموعة قد فرضته على اليونان لإنقاذها من براثن الانهيار الاقتصادي، وكلها عوامل سلبية عززت مشاعر التشاؤم بشأن العملة الأوروبية الموحدة. وبالنسبة للدولار، شهد الأسبوع الماضي صعود العملة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ تسع سنوات ونصف السنة مقابل سلّة عملات رئيسية، وذلك بفضل تصريحات كان معظمها إيجابياً حول التوقعات بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، إلى جانب احتمال رفع أسعار الفائدة، وإن كان توقيت هذا الرفع لم يتضح بعد، علماً أن محاضر اجتماعات اللجنة الاتحادية للأسواق المفتوحة لم تقدم أي دلائل بهذا الشأن مع أن معظم المراقبين يتوقعون لجوء مجلس الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ الإجراء المنتظر في حوالي منتصف السنة، وقد استقر الدولار في نهاية الأسبوع عند مستوى 91.935 نقطة. أما الجنيه الاسترليني، فقد واصل هو الآخر التراجع خلال الأسبوع الماضي ليصل إلى 531.50 مقابل العملة الأمريكية، وهو أدنى مستوى للجنية منذ 18 شهراً. ويُعزى تراجع الجنية جزئياً إلى استمرار تدهور اقتصاديات دول منطقة اليورو والآثار الجانبية السلبية لضغوط الأزمة مع روسيا على الأوضاع الاقتصادية والأسواق المالية، ولعل ذلك كان السبب وراء عدم استغراب قيام بنك إنكلترا باتخاذ قرار بإبقاء سياسته النقدية بدون تغيير في ضوء الهبوط الحاد لمعدلات التضخم، كما أجّلت الأسواق توقيتها المتوقع لقيام بنك إنكلترا برفع أسعار الفائدة وذلك حتى أوائل سنة 2016. من ناحية أخرى، سجل مؤشر أداء صناعات الخدمات أدنى معدلات ارتفاعه خلال شهر ديسمبر في الولاياتالمتحدة، فيما يمكن أن يفسر بأنه دليل على أن الاقتصاد الأمريكي قد فقد بعضاً من قوة دفعه، فقد تراجع مؤشر أداء صناعات الخدمات الذي يديره معهد إدارة التوريد إلى مستوى 56.2 نقطة في ديسمبر مقارنة ب 59.3 نقطة في نوفمبر والذي كان ثاني أفضل أداء لهذا المؤشر منذ سنة 2005، ومع ذلك، فقد كان متوسط أداء المؤشر لسنة 2014 ككل هو الأعلى خلال السنوات التسع الماضية. وأشار التقرير إلى انخفاض عجز ميزان التجارة الأمريكي في شهر نوفمبر الماضي لأدنى مستوى له منذ 11 شهراً بفضل انخفاض فاتورة الاستيراد نتيجة لهبوط أسعار النفط، وذكرت وزارة التجارة خلال الأسبوع أن العجز تقلص بنسبة 7.7% ليصل إلى 39 مليار دولار، وهو الأدنى منذ شهر ديسمبر 2013، وكان العجز الذي سجله ميزان التجارة في شهر أكتوبر قد تمّت مراجعته بتخفيضه إلى 42.2 مليار دولار من التقدير الأولي الذي بلغ 43.4 مليار دولار للشهر المذكور، مقارنة بتوقعات الاقتصاديين بأن ينخفض العجز التجاري إلى 42.0 مليار دولار في أكتوبر. ومن جهة أخرى، كشف محضر اجتماع اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة لشهر ديسمبر والذي نشر الأسبوع الماضي، النقاب عن أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد بحث باهتمام كبير الهبوط الحاد لأسعار النفط وانكماش النشاط الاقتصادي في دول أوروبا عموما، وقرر أن تلك التوجهات السلبية لن تهز المعطيات الأساسية القوية للاقتصاد الأمريكي، إلا أن المحضر لم يتضمن أي إشارات يمكن أن يستدل من خلالها على توقيت بدء رفع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة. وسجل عدد العاملين في القطاعات غير الزراعية في الولاياتالمتحدة ارتفاعاً كبيراً بلغ 252 ألف عامل في شهر ديسمبر، في أداء فاق توقعات الأسواق وصاحبه تعديل بزيادة 50 ألف عامل على أعداد العاملين لكل من الشهرين السابقين، لينخفض بذلك معدل البطالة إلى 5.6% ليصل إجمالي الوظائف الجديدة التي نشأت نتيجة لتحسن الاقتصاد في خلال سنة 2014 إلى حوالي 3 ملايين وظيفة، أي ما يعادل حوالي 246 ألف وظيفة جديدة شهرياً. وبالمقابل، انخفضت الأجور بالساعة بنسبة 0.2% خلال ديسمبر الماضي مقارنة بالشهر السابق له مباشرة، بعكس ما كان يتوقعه المراقبون، وعلى ضوء هذا الانخفاض، قد لا تشعر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بالارتياح لفكرة البدء بتشديد السياسة النقدية في وقت مبكر من السنة الحالية على الرغم من النمو الكبير في عدد الوظائف وتراجع معدلات البطالة.